مصباح الناسك في شرح المناسك المجلد 2

اشارة

نام كتاب: مصباح الناسك في شرح المناسك

موضوع: فقه فتوايي

نويسنده: قمّي، سيد تقي طباطبايي

تاريخ وفات مؤلف: ه ق

زبان: عربي

قطع: وزيري

تعداد جلد: 2

ناشر: انتشارات محلاتي

تاريخ نشر: 1425 ه ق

نوبت چاپ: اول

مكان چاپ: قم- ايران

شابك: 4- 19- 7455- 964

محقق/ مصحح: غالب سيلاوي

[بقية واجبات عمرة التمتع]

[بقية الواجب الأول من واجبات عمرة التمتّع الإحرام]

[تتمة تروك الإحرام]

[17- الادهان]
اشارة

17- الادهان

[(مسألة 257): لا يجوز للمحرم الادهان و لو كان بما ليست فيه رائحة طيّبة]

(مسألة 257): لا يجوز للمحرم الادهان و لو كان بما ليست فيه رائحة طيّبة و يستثني من ذلك ما كان لضرورة أو علاج (1).

______________________________

(1) امّا عدم جواز الادهان حال الاحرام فتدلّ عليه جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك و لا عنبر من أجل ان رائحته تبقي في رأسك بعد ما تحرم و ادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم فاذا احرمت فقد حرم عليك الدهن حتي تحل «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تمس شيئا من الطيب و أنت محرم و لا من الدهن، الحديث، و قال في آخره و يكره للمحرم الادهان الطيبة الا المضطر الي الزيت يتداوي به «2» و في المقام جملة من النصوص تدل علي جواز الادهان قبل الاحرام منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

الرجل يدهن بأي دهن شاء إذا لم يكن فيه مسك و لا عنبر و لا زعفران و لا ورس قبل أن يغتسل للاحرام قال: و لا تجمّر ثوبا لاحرامك «3» و منها ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه كان لا يري بأسا بأن تكتحل المرأة و تدهن و تغتسل بعد هذا كله للاحرام «4».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 29 تروك الاحرام، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) الباب 30 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(4) الوسائل: الباب 30 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 6

______________________________

و منها ما رواه محمد بن مسلم قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا بأس بأن يدهن الرجل قبل أن يغتسل لاحرام و بعده و كان يكره الدهن الخاثر الذي يبقي «1» و منها ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل المحرم يدهن بعد الغسل قال: نعم فادهنا عنده بسليخة بان و ذكر ان أباه كان يدهن بعد ما يغتسل للاحرام و انه يدهن بالدهن ما لم يكن غالية أو دهنا فيه مسك أو عنبر «2»، و منها ما رواه هشام بن سالم قال: قال له ابن أبي يعفور ما تقول في دهنة بعد الغسل للاحرام فقال قبل و بعد و مع ليس به بأس قال: ثم دعا بقارورة بان سليخة ليس فيها شي ء فامرنا فادهنا منها الحديث «3» و لا تعارض بين الطائفتين فان المنع عن الادهان بعد تحقق الاحرام و نصوص الجواز ناظرة الي الادهان قبل الاحرام فلا تعارض و اما جواز الادهان حال الاحرام لاجل التداوي فتدل عليه جملة من الروايات منها ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا خرج بالمحرم الخراج أو الدمّل فليبطّه و ليداوه بسمن أو زيت «4» و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: سألته عن محرم شقّقت يداه قال: فقال يدهنهما بزيت أو سمن أو اهالة «5» و منها ما رواه أبو الحسن الاحمسيّ قال: سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام سعيد بن يسار عن المحرم تكون به القرحة أو البثرة أو الدمّل فقال: اجعل عليه

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 6.

(4) الوسائل: الباب 31 من أبواب تروك الاحرام،

الحديث 1.

(5) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 7

______________________________

البنفسج و اشباهه ممّا ليس فيه الريح الطيبة «1» و منها ما رواه الحميري عن صاحب الزمان عليه السّلام انه كتب إليه يسأله عن المحرم هل يجوز له أن يصير علي ابطيه المرتك أو التوتيا لريح العرق أم لا يجوز فاجاب عليه السّلام يجوز ذلك و باللّه التوفيق «2» فالنتيجة ان الادّهان بعد الاحرام لا يجوز و اما قبل الاحرام فيجوز.

ثم انه هل يجوز الادهان قبل الاحرام بحيث يبقي اثره بعد الاحرام أو لا يجوز الحق هو الاول و ذلك للنص علي جواز الادهان قبل الاحرام و بعد الغسل و الحال انه بحسب الطبع الاولي تبقي دسومته و يبقي اثره و كان المولي في مقام البيان و لم يأمر بازالته بعد الاحرام و ربما يقال لا بدّ من رفع اليد عن اطلاق ما يدل علي الجواز بما رواه محمد بن مسلم «3» فانه قد نهي عن الادهان بالدهن الغليظ الذي يبقي فيلزم تقييد الاطلاق بهذا المقيد و يرد عليه ان الكراهة لا تدل علي الحرمة و الّا يلزم ان يكون جميع المكروهات حراما و هو كما تري فالنتيجة هي الجواز علي الاطلاق ثم انه يجوز الادهان بعد الاحرام اذا كان للعلاج أو الضرورة، أمّا بالنسبة الي العلاج فتدلّ عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه هشام و محمد بن مسلم و أبو الحسن الاحمسي «4» و اما بالنسبة الي الضرورة فيمكن الاستدلال عليه بحديث الحميري المتقدم آنفا اذا كان المراد من المذكور فيه الدهن، و اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) لاحظ ص 6.

(4) لاحظ ص 6.

مصباح الناسك في

شرح المناسك، ج 2، ص: 8

[(مسألة 258): كفارة الادهان شاة إذا كان عن علم و عمد]

(مسألة 258): كفارة الادهان شاة إذا كان عن علم و عمد و إذا كان عن جهل فإطعام فقير علي الأحوط في كليهما (1).

______________________________

(1) ربما يقال تجب لما نقل عن معاوية بن عمّار في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج قال ان كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين و ان كان تعمّد فعليه دم شاة يهريقه «1» فان المستفاد من الحديث وجود دم شاة في صورة العمد و ان كان بجهالة فعليه اطعام مسكين و يرد عليه أولا ان الحديث غير مروي عن الامام عليه السّلام و لا اظهار فيه كي يقال برجوعه الي مخزن الوحي و من الواضح ان فتوي ابن عمّار لا يكون حجة بالنسبة إلينا و ثانيا ان الحديث وارد في دهن بنفسج لا في مطلق الدهن فعلي فرض الاغماض عن الاشكال الاول لا يتم المدعي اضف الي ذلك انه يمكن ان يكون الوجه في الكفارة لاجل كون البنفسج ذا رائحة طيبة فوجوب الكفارة مبني علي الاحوط الاولي فلاحظ و امّا حديث علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السّلام قال: لكل شي ء خرجت من حجك فعليه فيه دم تهريقه حيث شئت «2» فلا اعتبار بسنده.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحدث 5.

(2) الوسائل: الباب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحدث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 9

[18- ازالة الشعر عن البدن]
اشارة

18- ازالة الشعر عن البدن

[(مسألة 259): لا يجوز للمحرم ان يزيل الشعر عن بدنه أو بدن غيره المحرم أو المحل]

(مسألة 259): لا يجوز للمحرم ان يزيل الشعر عن بدنه أو بدن غيره المحرم أو المحل و تستثني من ذلك حالات أربع:

1- ان يتكاثر القمل علي جسد المحرم و يتأذي بذلك. 2- أن تدعو ضرورة إلي إزالته كما إذا أوجبت كثرة الشعر صداعا أو نحو ذلك. 3- أن يكون الشعر نابتا في اجفان العين و يتألم المحرم بذلك.

4- أن ينفصل الشعر من الجسد من غير قصد حين الوضوء أو الاغتسال (1).

______________________________

(1) ادعي عدم الخلاف في حرمة ازالة المحرم الشعر عن بدنه و عن التذكرة و المنتهي نقل الاجماع علي الحرمة و العمدة النصوص الواردة في الباب بل يدل علي المدعي في الجملة قوله تعالي: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لٰا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّٰي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذٰا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ شَدِيدُ الْعِقٰابِ «1»، و من النصوص الواردة في المقام ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يحتجم قال: لا الّا أن لا يجد بدّا فليحتجم و لا يحلق مكان المحاجم «2» و المستفاد من الحديث حرمة حلق الشعر بلا فرق بين

______________________________

(1) البقرة: 196.

(2) الوسائل: الباب 62 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 10

______________________________

الأعضاء إذ الحجامة لا تختص بموضع

خاص من البدن و يدل علي حرمة الحلق و القطع ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس أن يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقطع الشعر «1» بل يمكن أن يقال ان المستفاد من حديث حريز حرمة مطلق الازالة فان القطع بما له من المفهوم يشمل جميع أقسام الازالة من الجز و النتف و القص و امثالها و يدل علي المدعي أيضا بالتقريب المذكور ما رواه معاوية بن عمّار قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم كيف يحك رأسه قال: باظافيره ما لم يدم أو يقطع الشعر «2» و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس بحك الرأس و اللحية ما لم يلق الشعر و يحك الجسد ما لم يدمه «3» فإن المستفاد من الحديث ان ازالة الشعر بأي نحو كانت حرام و هل يمكن الاستدلال علي المدعي بالنص الدال علي وجوب الكفارة علي من يزيل الشعر عن بدنه كما يأتي في (مسألة رقم 260) أم لا الحق هو الثاني فان وجوب الكفارة اعم من حرمة موجبها هذا كله بالنسبة الي ازالة الشعر عن بدنه و أما حرمة ازالة المحرم الشعر عن بدن غيره فان كان ذلك محلا فيدل عليها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

لا يأخذ المحرم من شعر الحلال «4» و أما اذا كان محرما فيمكن الاستدلال علي المدعي بالفحوي و الاولوية فانه اذا ثبت النهي عن الازالة بالنسبة الي المحل، يفهم عرفا بالاولوية الحرمة بالنسبة الي المحرم مضافا الي دعوي عدم الخلاف بل ادعي

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 5.

(2) الباب

73 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) نفس الباب، الحديث 2.

(4) الوسائل: الباب 63 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 11

______________________________

الاجماع علي الحرمة و استدل سيدنا الاستاد قدّس سرّه علي المدعي بوجه آخر و هو ان المولي اذا حكم بحكم شامل لافراد يفهم عرفا انه لا فرق بين المباشرة و التسبيب كما لو قال المولي لعبيده و خدمه لا تدخلوا عليّ في هذا اليوم فانه يفهم من كلامه ان دخول كل شخص عليه مبغوض لديه فلا يجوز للعبيد ادخال غير الخدم علي المولي و ما افاده مشكل اذ تارة يفهم العموم و الشمول ببركة قرينة من القرائن فلا كلام و لا اشكال فان الظهورات حجة بلا كلام انما الاشكال في مورد لا يفهم العموم و المقام كذلك فان الاحكام الشرعية لا تقاس بغيرها كما هو ظاهر واضح ثم انه في المقام فروع:

الفرع الأول: أنه يجوز ازالة الشعر اذا كان في الرأس قمل توجب ايذاء صاحبه و يدل علي المدعي النص الخاص لاحظ ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مرّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم علي كعب بن عجرة الانصاري و القمّل يتناثر من رأسه فقال: أ تؤذيك هوامك فقال: نعم قال: فانزلت هذه الآية فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فامره رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم بحلق رأسه و جعل عليه الصيام ثلاثة أيام و الصدقة علي ستة مساكين لكل مسكين مدّان و النسك شاة قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام و كل شي ء في القرآن

«أو» فصاحبه بالخيار يختار ما شاء و كلّ شي ء في القرآن «فمن لم يجد» فعليه كذا فالاول بالخيار «1» و لاحظ ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال اللّه تعالي في كتابه فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فمن عرض له اذي أو وجع فتعاطي ما لا ينبغي للمحرم اذا كان صحيحا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 12

______________________________

فالصيام ثلاثة أيّام و الصدقة علي عشرة مساكين يشبعهم من الطعام و النسك شاة يذبحها فيأكل و يطعم و انّما عليه واحد من ذلك «1» و لاحظ ما ارسله الصدوق قال:

مرّ النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم علي كعب بن عجرة الانصاري و هو محرم و قد أكل القمل رأسه و حاجبيه و عينيه فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: ما كنت أري ان الأمر يبلغ ما أري فأمره فنسك نسكا لحلق رأسه لقول اللّه عزّ و جلّ فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فالصيام ثلاثة أيام و الصدقة علي ستة مساكين لكل مسكين صاع من تمر «2» بل لقائل أن يقول يكفي للاستدلال علي المدعي نفس الآية الشريفة وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لٰا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّٰي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذٰا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ

الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ شَدِيدُ الْعِقٰابِ «3».

و الشاهد علي المدعي ان صاحب الحدائق قدّس سرّه استدل بنفس الآية، حيث قال:

الثانية الظاهر انه لا خلاف في جوازه مع الضرورة و ان وجبت الفدية، و يدل علي الجواز الاصل و نفي الحرج و قوله عزّ و جلّ فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحدث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) البقرة: 196.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 13

______________________________

رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ «1»، هذا اذا لم يكن بمقدار يوجب الحرج و اما معه فيمكن الاستدلال بقاعدة نفيه.

الفرع الثاني: أنه يجوز عند الضرورة كما لو اوجب بقاء الشعر صداعا و في هذه الصورة اذا وصل الامر الي الحرج فالأمر ظاهر كما تقدم آنفا و أما اذا لم يصل الي حد الحرج فان كان بحدّ أوجب الاذي يمكن الاستدلال علي الجواز بنفس الآية الشريفة كما تقدم الكلام في الفرع الأول و لا نعيد و أما اذا لم يكن مؤذيا فالحكم بالجواز في غاية الاشكال.

الفرع الثالث: أنه لو كان الشعر نابتا في اجفان العين و يتألم المحرم من ذلك يجوز ازالة ذلك الشعر و الكلام فيه هو الكلام في سابقه أي تارة يوجب الحرج فالامر ظاهر و أما اذا لم يكن كذلك فلا وجه للجزم بالجواز.

الفرع الرابع: أنه يجوز الوضوء لمن يعلم بانفصال الشعر من جسده بلا اختيار له و المدرك في الحكم المذكور ما رواه الهيثم بن عروة التميمي

قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يريد اسباغ الوضوء فتسقط من لحيته الشعرة أو الشعرتان فقال: ليس بشي ء مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ «2» و ألحق الشهيد قدّس سرّه في الدروس الغسل بالوضوء كما ان سيدنا الاستاد اجري الحكم في الغسل أقول: يرد علي ما افاده أولا انه لا وجه للالحاق اذ المفروض ان الدليل قائم علي الحرمة و الجواز في كل مورد يحتاج الي الدليل و غاية ما يمكن ان يستدل علي الالحاق بأن التحفظ علي عدم الانفصال أمر حرجيّ نوعي فيكون مرتفعا في الشريعة و فيه أولا انا لا نري حرجا في التحفظ لا شخصا و لا نوعا هذا أولا و ثانيا ان الظاهر من

______________________________

(1) الحدائق الناظرة: ج 15 ص 512- 513.

(2) الوسائل: الباب 16 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 14

______________________________

دليل نفي الحرج الحرج الشخصي إذ كل حكم يترتب علي الموضوع المقرر وجوده و مع عدم الحرج الشخصي لا مجال لترتب الحكم و دعوي ان المراد بالحرج هو النوعي بلا بينة و برهان و أما الحديث المشار إليه فالظاهر منه ان المكلف اذا أراد الاسباغ تسقط من لحيته الشعرة أو الشعرتان فأجاب عليه السّلام بعدم البأس معللا بعدم الحرج الي الحكم بالحرمة مع استحباب الاسباغ أمر حرجيّ فلا يكون الازالة و الانفصال حراما و هذا حكم وارد في اطار خاص فلو فرض ان الاسباغ يوجب انفصال الاكثر من الشعرتين كما لو كان موجبا لانفصال الثلاثة لا يجوز إذ لا وجه للجواز مع وجود الدليل علي المنع الا أن يقال في نسخة عطف لفظ الشعرات علي شعرتين و في مقام

التردد بين الزيادة و النقيصة يؤخذ بالزيادة فلا فرق بين المصاديق السابقة هذا من ناحية و من ناحية اخري ان الاسباغ ليس أمرا واجبا فمقتضي القاعدة ان المكلف يتركه كي لا يبتلي بالحرام، ثم انه لو فرض ان الغسل استلزم انفصال شعرات عن البدن فما هو الحكم الشرعي الذي يختلج بالبال ان يقال يدخل المقام في باب التزاحم إذ المكلف لا يقدر علي الجمع بين الطهارة المائية و التحفظ عن الانفصال فلا بد من رعاية ما يكون مرجحا في ذلك الباب و حيث ان المرجح الوحيد في ذلك الباب الأهمية لا بد من اختيار الطهارة المائية فانه اهم من مفسدة الازالة فان الصلاة عمود الدين و ثلثها الوضوء و لا صلاة الا بطهور ان قلت المفروض ان الطهارة المائية لها البدل و هي الطهارة الترابية فعند الدوران يقدم ما لا بدل له و هو حرمة الازالة قلت: تارة يكون البدل عرضيا و اخري يكون طوليا أما علي الأول فلا تزاحم اذ الواجب هو الجامع الذي لا يزاحمه شي ء و اما علي الثاني فلا وجه للمدعي بل اللازم رعاية ما يكون اهم في نظر المولي و المفروض ان بدلية التراب عن الماء طولي فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 15

[(مسألة 260): اذا حلق المحرم رأسه من دون ضرورة]

(مسألة 260): اذا حلق المحرم رأسه من دون ضرورة فكفارته شاة و اذا حلقه لضرورة فكفارته شاة أو صوم ثلاثة أيام أو اطعام ستة مساكين لكل واحد مدّان من الطعام و اذا نتف المحرم شعره النابت تحت ابطيه فكفارته شاة و كذا اذا نتف احد ابطيه علي الأحوط و اذا نتف شيئا من شعر لحيته و غيرها فعليه ان يطعم مسكينا بكف من الطعام و

لا كفارة في حلق المحرم رأس غيره محرما كان أم محلا (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: ان المحرم اذا حلق رأسه من دون ضرورة فكفارته شاة و اذا حلق لضرورة فكفارته شاة أو صوم ثلاثة أيام أو اطعام ستة مساكين لكل واحد مدّان من الطعام و التفصيل بين الصورتين يستفاد من نصوص الباب لاحظ حديثي زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من حلق رأسه أو نتف ابطه ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شي ء عليه و من فعله متعمدا فعليه دم «1» و زرارة بن أعين قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من نتف ابطه أو قلّم ظفره أو حلق رأسه ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء و من فعله متعمدا فعليه دم شاة «2» فان المستفاد من الحديث الأول أنه لو حلق رأسه بلا عذر تجب عليه اراقة دم و المستفاد من الحديث السادس من الباب وجوب اراقة دم شاة و بقانون حمل المطلق علي المقيد نلتزم بوجوب اراقة دم شاة هذا بالنسبة الي من لا عذر له و اما بالنسبة الي من له عذر فيدل علي الخيار بين

______________________________

(1) الوسائل: الباب 10 من أبواب بقية أبواب كفارات الاحرام، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 10 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 16

______________________________

الامور الثلاثة ما رواه حريز «1» و أما حديث عمر بن يزيد «2» فلا اعتبار بسنده فان محمد بن عمر بن يزيد لم يوثق.

الفرع الثاني: أنه اذا نتف المحرم الشعر النابت تحت ابطيه أو احدهما فما حكمه المستفاد من حديث حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا نتف الرجل ابطيه بعد الاحرام فعليه

دم «3» وجوب الكفارة في نتف كلا ابطيه و لكن في نسخة اخري ذكر الابط مفردا فيدخل المقام تحت كبري دوران الامر بين الزيادة و النقيصة و الترجيح مع الزيادة فيلزم الكفارة في نتف كليهما مضافا الي انه يمكن ان يقال اذا قيل فلان نتف تحت ابطه يتبادر المجموع الي الذهن و ان شئت فقل ان هذه الجملة ظاهرة في نتف كليهما فلا فرق بين الافراد و التثنية و ان ابيت عن التقريب المذكور نقول مقتضي القاعدة الاخذ بالزيادة فلا تترتب الكفارة الا في صورة نتف كليهما و بهذه الرواية نقيد الاطلاق الوارد في حديث زرارة بن أعين قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من نتف ابطه أو قلّم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء و من فعله متعمدا فعليه دم شاة «4» فانه ذكر في هذه الرواية الابط بصيغة الافراد فيحمل علي ما ذكر فيه بلفظ التثنية كما ان الدم المذكور في حديث حريز المتقدم آنفا يقيد بالشاة المذكورة

______________________________

(1) لاحظ ص 11.

(2) لاحظ ص 11.

(3) الباب 11 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(4) الوسائل: الباب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 17

______________________________

في حديث زرارة «1» ان قلت مفهوم الشرطية التي رتب وجوب الكفارة فيها علي نتف كلا الابطين يقتضي نفي الكفارة أعم من صورة انتفاء النتف و صورة نتف الابط الواحد فلما ذا هذا العموم لا يخصّص بحديث ايجاب الكفارة علي مطلق نتف الابط؟

قلت: يرد علي التقريب المذكور ان النسبة بين الحديثين عموم

من وجه لا المطلق فان مفهوم الشرطية تفترق عن ذلك الحديث في صورة نتف كلا الابطين و ذلك الحديث يفترق عن مفهوم الشرطية في مورد انتفاء النتف بالكلية و يقع التعارض بينهما فيما لو نتف احد الابطين فتكون النسبة تباينا جزئيا و قد بينا في محله ان مثله لا بد ان يعامل معه معاملة التعارض و حيث ان المرجح في مرامنا الأحدثية يكون الترجيح مع الشرطية فإن ذلك الحديث مروي عن الباقر روحي فداه و الشرطية صادرة عن الصادق روحي فداه ان قلت سلّمنا الأمر بالنسبة الي ما يصدر عن الباقر روحي فداه اذ الترجيح بالاحدثية مع الشرطيّة و لكن لا يتمّ الأمر بالنسبة الي حديث الصدوق باسناده الي حريز فان حديث الصدوق اذا كان حديثا مستقلا في قبال ذلك الحديث لا يتمّ فيه الأمر فما الحيلة؟ قلت: لا مجال لرفع اليد عن المفهوم في المقام و تخصيصه بالحديث الآخر و الوجه فيه انه يلزم اللغوية في المنطوق فان المنطوق يدل علي كون نتف الابطين علة منحصرة فاذا رفعنا اليد عن المفهوم و قلنا نتف احد الابطين أيضا علة، معناه رفع اليد عن المنطوق بالكلية و بعبارة واضحة تارة تخصيص المفهوم يوجب رفع اليد عن العلية المنحصرة كما في مثال خفاء الاذان و الجدران و هذا ممكن و أما اذا صار موجبا لرفع اليد عن أصل العلية فلا مجال للالتزام به ان قلت غاية الأمر يصير من افراد اثبات الحكم لفردين و لا تنافي بين

______________________________

(1) لاحظ ص 16.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 18

______________________________

الاثباتين قلت القياس مع الفارق فان الشرطية تدل بالمفهوم علي النفي فيلزم اللّغوية فلا تغفل و ببيان أوضح انه لو رفع

اليد عن المفهوم لا يبقي للمنطوق مصداق اصلا اذ المفروض الموضوع للحكم طبيعي النتف و ان شئت فقل يصير المقام نظير كل طائر يطير بجناحيه الخ.

بقي شي ء و هو انّ كلام الماتن مطلق من حيث العمد و عدمه أي يظهر من كلامه ان ترتّب الكفارة علي نتف الشعر النابت تحت الابط غير مقيد بصورة العمد و الحال ان الأمر ليس كذلك لاحظ ما رواه زرارة «1» و لاحظ ما رواه أيضا «2».

الفرع الثالث: أنه اذا نتف المحرم شيئا من لحيته يجب عليه ان يطعم مسكينا بكف من الطعام و الدليل ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان نتف المحرم من شعر لحيته و غيرها شيئا فعليه ان يطعم مسكينا في يده «3».

الفرع الرابع: أنه لو حلق المحرم رأس غيره محلا كان أو محرما لا كفارة عليه و ذلك لعدم الدليل و مقتضي الأصل الأولي البراءة.

______________________________

(1) لاحظ ص 16.

(2) لاحظ ص 15.

(3) الوسائل: الباب 16 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 9.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 19

[(مسألة 261): لا بأس بحك المحرم رأسه ما لم يسقط الشعر عن رأسه و ما لم يدمه]

(مسألة 261): لا بأس بحك المحرم رأسه ما لم يسقط الشعر عن رأسه و ما لم يدمه و كذلك البدن و اذا امرّ المحرم يده علي رأسه أو لحيته عبثا فسقطت شعرة أو شعرتان فليتصدق بكف من طعام و أما اذا كان في الوضوء و نحوه فلا شي ء عليه (1).

______________________________

(1) تعرض في هذه المسألة لثلاثة فروع:

الفرع الأولي: أنه لا بأس بحك المحرم رأسه ما دام لم يسقط الشعر عن رأسه و ما لم يدمه و كذلك البدن و الدليل ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم

كيف يحك رأسه قال بأظافيره ما لم يدم أو يقطع الشعر «1» و الحديث يختص بحكّ الرأس و الظاهر ان وجه ذكر البدن في مقابل الرأس كون الادماء حراما عنده و يصرح به بعد ذلك فانتظر لكن يبقي الاشكال بالنسبة الي سقوط الشعر.

الفرع الثاني: انه اذا امرّ يده علي رأسه أو لحيته عبثا فسقطت شعرة أو شعرتان فالواجب عليه التصدق بكف من الطعام و الدليل حديث معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: المحرم يعبث بلحيته فتسقط منها الشعرة و الثنتان قال:

يطعم شيئا «2» و للاشكال علي الماتن مجال اذ المذكور في النص لم يقيد بمقدار الكف و لا يخفي انه لا تعارض بين هذه الرواية و بقية روايات الباب اذ هذه الرواية واردة لبيان حكم العبث باللحية و أما بقية الروايات فغير مقيدة بهذا القيد و يرد علي الماتن أيضا أنه لا وجه لذكر الرأس في قبال اللحية.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 71 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 16 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 20

[19- ستر الرأس للرجال]
اشارة

19- ستر الرأس للرجال

[(مسألة 262): لا يجوز للرجل المحرم ستر رأسه و لو جزء منه بأي ساتر كان حتي مثل الطين]

(مسألة 262): لا يجوز للرجل المحرم ستر رأسه و لو جزء منه بأي ساتر كان حتي مثل الطين بل و بحمل شي ء علي الرأس علي الأحوط نعم لا بأس بستره بحبل القربة و كذلك تعصيبه بمنديل و نحوه من جهة الصداع و كذلك لا يجوز ستر الاذنين (1).

______________________________

الفرع الثالث: أنه لو كان سقوط الشعر أثناء الوضوء و نحوه لا شي ء عليه و قد تقدم الكلام حول الفرع فلا نعيد.

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه لا يجوز للرجل المحرم ان يستر رأسه عن الحدائق ان الحكم مما لا خلاف فيه و عن العلامة في المنتهي أنه يحرم علي الرجل حال الاحرام تغطية رأسه و هو قول علماء الامصار لا نعلم فيه خلافا مضافا الي الارتكاز الشرعي و السيرة الجارية بين اهل الشرع و تضاف الي ما ذكر النصوص الواردة في المقام منها ما رواه عبد اللّه بن ميمون عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: المحرمة لا تتنقب لان الاحرام المرأة في وجهها و احرام الرجل في رأسه «1» و منها ما رواه حريز قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن محرم غطي رأسه ناسيا قال: يلقي القناع عن رأسه و يلبّي و لا شي ء عليه «2» و منها ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام الرجل المحرم يريد ان ينام يغطي وجهه من الذباب قال: نعم و لا يخمّر رأسه و المرأة لا بأس ان

______________________________

(1) الوسائل: الباب 55 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 21

______________________________

تغطي وجهها كله «1» و منها ما رواه الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه

عليه السّلام عن المحرم يغطي رأسه ناسيا أو نائما فقال يلبّي اذا ذكر «2» و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لأبي و شكا إليه حرّ الشمس و هو محرم و هو يتأذّي به فقال تري ان استتر بطرف ثوبي فقال: لا بأس بذلك ما لم يصبك رأسك «3».

فلا اشكال في أصل الحكم من حيث النص و الفتوي ثم انه في المقام جهات من البحث:

الجهة الأولي: ان المراد بالرأس منبت الشعر في مقابل الوجه و الاذن و الرقبة و غيرها و هذا لا اشكال فيه بحسب المتفاهم العرفي في امثال المقام.

الجهة الثانية: أنه هل يحرم ستر جميع الرأس أو يحرم علي الاطلاق فيحرم ستر بعضه المستفاد من حديث ابن سنان حرمة ستر البعض فان اصابة طرف من الثوب تصدق بستر بعض الرأس و العرف ببابك و لسيدنا الاستاذ قدّس سرّه كلام في المقام و هو ان مقتضي القاعدة الاولية المستفادة من النصوص حرمة ستر جميع الرأس و أما ستر بعضه فلا يستفاد كونه حراما من النصوص و انما التزمنا بالحرمة بلحاظ حديث ابن سنان المتقدم آنفا فلا بد من التحفظ علي الخصوصية و هي ان الستر يكون مقصودا بنفسه و أما اذا لم يكن مقصودا فلا بأس به و الظاهر انه لا بأس بالتقريب المذكور.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 55 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 5.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

(3) الباب 67 من هذه الأبواب، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 22

______________________________

الجهة الثالثة: أنه لا فرق في الساتر بين انواعه فلا فرق بين كونه ثوبا أو طينا أو فلزا أو غيرها فإن الميزان صدق عنوان الستر و

الوجه فيه اطلاق النصوص من هذه الناحية.

الجهة الرابعة: في أنه هل يعمّ الحكم ما لو وضع علي رأسه طبقا أو نحوه فنقول تارة يستلزم الستر جميع الرأس فلا اشكال في الحرمة و اما لو لم يكن كذلك كما هو الحال في وضع الطبق علي الرأس فالقاعدة تقتضي الجواز اذ تقدم آنفا ان ستر بعض الرأس غير ممنوع و المفروض ان الستر بالطبق و امثاله لا يكون ساترا لتمام الرأس فلا وجه للحرمة.

الجهة الخامسة: أنه يجوز ستر الرأس من الصداع و الدليل عليه ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس بان يعصب المحرم رأسه من الصداع «1» و يجوز أيضا وضع عصام القربة علي الرأس و الدليل عليه ما رواه محمد بن مسلم أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يضع عصام القربة علي رأسه اذا استسقي فقال: نعم «2» و اسناد الصدوق الي ابن مسلم ضعيف لكن لا نحتاج الي النص في الحكم بالجواز اذ قد تقدم انه لا دليل علي حرمة ستر بعض الرأس الّا فيما يكون الستر مقصودا بالأصالة.

الفرع الثاني: أنه لا يجوز للمحرم ستر الاذنين و الدليل عليه ما رواه عبد الرحمن قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المحرم يجد البرد في اذنيه يغطيهما

______________________________

(1) الوسائل: الباب 56 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 57 من أبواب تروك الاحرام.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 23

[(مسألة 263): يجوز ستر الرأس بشي ء من البدن كاليد و الأولي تركه]

(مسألة 263): يجوز ستر الرأس بشي ء من البدن كاليد و الأولي تركه (1).

______________________________

قالا: لا «1» و قال سيدنا الاستاد قدّس سرّه في هذا المقام ان عبد الرحمن و ان كان مشتركا بين عدة اشخاص و

لكن المشهور الذي ينصرف إليه اللفظ عند الاطلاق هو عبد الرحمن بن الحجاج الذي هو ثقة ثقة.

(1) تارة يستر تمام الرأس بالعضو الآخر من البدن و اخري يستر بعضه ببعضه أما الصورة الثانية فلا اشكال فيها اذ لم يقم دليل علي حرمة ستر بعض الرأس الّا فيما يكون الداعي الستر كما تقدم و أما الصورة الأولي فما يمكن ان يقال أو قيل في تقريب الجواز وجوه:

الوجه الأول: دعوي انصراف دليل حرمة الستر عن صورة كون الساتر من اعضاء البدن و عهدة اثبات هذه الدعوي علي مدعيها و الانصاف انه لا وجه للانصراف و مقتضي الاطلاق عدم الفرق.

الوجه الثاني: ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس بأن يضع المحرم ذراعه علي وجهه من حرّ الشمس و لا بأس ان يستر بعض جسده ببعض «2» بتقريب انّ مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين الرأس و غيره من الاعضاء فيجوز ستر الرأس باليد مثلا و يرد عليه ان غاية ما في الباب ان مقتضي الاطلاق عدم الفرق و فيه انه يلزم رفع اليد عن الاطلاق بما دل علي حرمة ستر الرأس حال الاحرام.

الوجه الثالث: أنه النسبة بين دليل حرمة الستر و دليل جوازه بالعضو الآخر

______________________________

(1) الباب 55 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 67 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 24

[(مسألة 264): لا يجوز للمحرم الارتماس في الماء]

(مسألة 264): لا يجوز للمحرم الارتماس في الماء و كذلك في غير الماء علي الأحوط و الظاهر انه لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة (1).

______________________________

عموم من وجه فإن ما به الافتراق من ناحية حرمة الستر ما لو ستره بالثوب و نحوه و

ما به الافتراق من ناحية جواز الستر ببعض الاعضاء ما ستر غير الرأس و محل الاجتماع و التعارض ما لو ستره باليد مثلا و بعد التعارض و عدم تميز الاحدث يتساقطان فتصل النوبة الي الاصل و مقتضاه البراءة فلاحظ.

(1) ادعي عدم الخلاف في الحرمة و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: لا تمس الريحان و انت محرم- الي أن قال- و لا ترتمس في ماء تدخل فيه رأسك «1».

و منها ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: و لا يرتمس المحرم في الماء «2».

و منها ما رواه حريز أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و لا يرتمس المحرم في الماء و لا الصائم «3».

و منها ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يرتمس المحرم في الماء و لا الصائم «4».

و منها ما أرسله حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يرتمس المحرم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 58 تروك الاحرام، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 25

______________________________

في الماء «1».

و منها ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام هل يدخل الصائم رأسه في الماء قال: لا و لا المحرم و قال: مررت ببركة بني فلان و فيها قوم محرمون يترامسون فوقفت عليهم فقلت لهم: انكم تصفون ما لا يحل لكم «2» فأصل الحكم مما لا اشكال فيه و هل تختص الحرمة بالارتماس في الماء أو تعم غيره الحق

هو الأول لأن الدليل وارد في الارتماس في الماء فلا وجه للتسرية و لا فرق في هذا الحكم بين الرجل و المرأة لانّ حرمة الارتماس ليس من باب ستر الرأس كي يختص الحكم بالرجل بل حكم للمحرم فلا فرق بينهما.

ثم انه هل يحرم ادخال الرأس في الماء أم لا، الحق هو الثاني إذ الارتماس إما يتحقق بادخال جميع البدن في الماء و إما خصوص الرأس فلا يصدق عليه العنوان و أما حديث اسماعيل بن عبد الخالق المتقدم آنفا فلا اعتبار بسنده فلا يحرم و الظاهر ان الوجه في الاشكال في السند ناش عن الاشكال في محمد بن خالد و لكن رجعنا و قلنا ان مقتضي القاعدة كون الرجل ثقة، ثم انه هل يجوز ستر الرأس وقت النوم لا دليل علي الجواز نعم لا اشكال في انّ بعض الرأس يصير مستورا وقت النوم لكن قد تقدم انه لا دليل علي حرمة ستر بعض الرأس و اما ستر جميع الرأس فالظاهر حرمته لاطلاق الأدلّة بل يدل علي الحرمة ما رواه الحلبي «3» فان الأمر بالتلبية عند الذكر و ارتفاع النسيان يدل علي الحرمة الا أن يقال وجوب التلبية لا يستلزم

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 5.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

(3) لاحظ ص 21.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 26

______________________________

حرمة العمل نعم يمكن الاستدلال علي الحرمة بأن الحرمة كانت مرتكزة في ذهن السائل و الامام قرره علي مرتكزه لكن يعارضه ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السّلام في المحرم قال: له ان يغطي رأسه و وجهه اذا اراد أن ينام «1»، و يدل علي الحرمة ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت المحرم يؤذيه الذباب حين

يريد النوم يغطي وجهه قال: نعم و لا يخمّر رأسه و المرأة المحرمة لا بأس بأن تغطي وجهها كلّه عند النوم «2» و حيث انه لا يميز الأحدث يكون المرجع اطلاق دليل المنع و يمكن ان يقال أنه لا اشكال في تخصيص العام بالمخصص أعم من أن يكون قديما أو حادثا و بعد القطع بتخصيص العام كيف يمكن الاخذ بالعموم فالنتيجة الشك في الجواز و التحريم فالمرجع اصالة البراءة ثم انه هل تجب التلبية بعد الستر كما امر بها في حديث الحلبي «3» و غيره «4» مقتضي القاعدة وجوبها الّا أن يقال ان الالتزام بالوجوب خلاف الارتكاز الشرعي.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 56 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

(2) الباب 59 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) لاحظ ص 21.

(4) لاحظ ص 20.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 27

[(مسألة 265): اذا ستر المحرم رأسه فكفارته شاة علي الأحوط]

(مسألة 265): اذا ستر المحرم رأسه فكفارته شاة علي الأحوط و الظاهر عدم وجوب الكفارة في موارد جواز الستر و الاضطرار (1).

______________________________

(1) مقتضي القاعدة الأولية عدم وجوب الكفارة فإن الالتزام بالوجوب يحتاج الي قيام دليل معتبر و الظاهر انه لا دليل عليها و ما ذكر في المقام عدة أمور:

الأول: الاجماع و فيه الاشكال الجاري في جميع الاجماعات المنقولة و المحصلة.

الثاني: مرسلة الخلاف قال: إذا حمل علي رأسه مكتلا أو غيره لزمه الفداء «1» و لا اعتبار بالمرسلات، الثالث: حديث علي بن جعفر «2» و فيه انه لا اعتبار بسنده فلا يعتد به، الرابع: ما رواه الحلبي قال: المحرم اذا غطي رأسه فليطعم مسكينا في يده الحديث «3»، و هذه الرواية لا تكون بهذا المضمون في التهذيب و ذكر فيه بدل لفظ الرأس الوجه هكذا تكون العبارة «المحرم اذا

غطي وجهه فليطعم مسكينا في يده» فالنتيجة انه لا دليل علي الكفارة في ستر الرأس ثم انه لو فرضنا وجوب الكفارة في ستر الرأس فهل تختص بحال العمد أو تجب حتي في حال العذر فنقول اذا كان المدرك و الدليل الاجماع فلا بد من الاقتصار علي صورة العمد إذ الاجماع دليل لبّي و ان كان المدرك بقية الوجوه فأيضا يمكن القول بعدم الوجوب في صورة العذر إذ العذر اما هو الجهل و اما النسيان و أما الحرج و أما الاضطرار و اما الاكراه أما في صورة الجهل فيدل علي عدمها حديث عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه قال لرجل اعجميّ أحرم في قميصه أخرجه من رأسك فانه ليس عليك بدنة و ليس عليك الحج من قابل أيّ رجل ركب امرا بجهالة فلا شي ء

______________________________

(1) كتاب الخلاف، المسألة 82 من كتاب الحج.

(2) لاحظ ص 8.

(3) الوسائل: الباب 5 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 28

______________________________

عليه الحديث «1» فان نفي الشي ء علي الاطلاق يقتضي عدم الفرق بين الآثار و ان كان النسيان أو غيره من الامور المذكورة فترتفع بحديث رفع النسيان و قاعدة نفي الحرج و حديث رفع الاضطرار و الاكراه بل ورد الدليل علي عدمها في صورة النسيان لاحظ ما رواه حريز قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن محرم غطي رأسه ناسيا قال: يلقي القناع عن رأسه و يلبّي و لا شي ء عليه «2» و لقائل أن يقول اذا فرض ان الدليل قاعدة نفي الحرج و جوزنا الستر بتلك القاعدة لم يكن وجه لسقوط الكفارة إذ قاعدة نفي الحرج انما تقتضي ارتفاع الحرمة

بلحاظ الحرج و أما رفع الكفارة فلا يرتبط بتلك القاعدة و ان شئت فقل لا تختص الكفارة بصورة كون الفعل حراما بل لا تنافي بين الكفارة و جواز الفعل فلا مقتضي لارتفاعها إذا كان دليل ارتفاع الحرمة قاعدة نفي الحرج. و يرد علي التقريب المذكور ان مقتضي الاطلاق رفع جميع الآثار مضافا الي انّه لا وجه للتفريق بين كون الرفع بقاعدة نفي الحرج أو ببقيّة القواعد فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 3.

(2) الباب 5 من هذه الأبواب، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 29

[20- ستر الوجه للنساء]
اشارة

20- ستر الوجه للنساء

[(مسألة 266): لا يجوز للمرأة المحرمة ان تستر وجهها بالبرقع أو النقاب أو ما شابه ذلك]

(مسألة 266): لا يجوز للمرأة المحرمة ان تستر وجهها بالبرقع أو النقاب أو ما شابه ذلك و الأحوط أن لا تستر وجهها بأي ساتر كان كما أن الأحوط أن لا تستر بعض وجهها أيضا نعم يجوز لها أن تغطي وجهها حال النوم و لا بأس بستر بعض وجهها مقدمة لستر الرأس في الصلاة و الأحوط رفعه عند الفراغ منها (1).

______________________________

(1) يقع البحث في هذه المسألة أولا في بيان أصل الحكم بالنسبة الي ستر المرأة وجهها و ثانيا: في الجهات الراجعة الي الحكم المذكور فنقول اما اصل الحكم أي حرمة ستر المرأة وجهها فلا مجال للاشكال فيه فقد نقل عن المنتهي أنه قول علماء الامصار و عن الجواهر عدم الخلاف فيه و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه عبد اللّه بن ميمون عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: المحرمة لا تتنقب لان احرام المرأة في وجهها و احرام الرجل في رأسه «1» و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مرّ أبو جعفر عليه السّلام بامرأة متنقبة و هي محرمة فقال احرمي و اسفري و ارخي ثوبك من فوق رأسك فانك ان تنقبت لم يتغيّر لونك فقال رجل الي أين ترخيه قال: تغطي عينيها قال: قلت تبلغ فمها قال: نعم «2» و ما رواه أحمد بن محمد عن أبي الحسن عليه السّلام قال: مرّ أبو جعفر عليه السّلام بامرأة محرمة قد استترت بمروحة فاماط المروحة بنفسه عن وجهها «3» فلا اشكال في اصل الحكم انما الكلام في جملة من الجهات:

______________________________

(1) الوسائل: الباب 48 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح

الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 30

______________________________

الجهة الأولي: أنه هل تختص الحرمة بالقناع و البرقع و أمثالهما أو يعم كل ساتر الحق هو الثاني لاحظ ما رواه ابن ميمون «1» فان المستفاد من الحديث ببركة عموم العلة عموم الحكم مضافا الي ان مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي ذلك.

الجهة الثانية: أنه هل يختص الحكم بما يكون الساتر من قبيل الثوب أو يعم كل ساتر حتي لو كان من قبيل الطين و نحوه الحق هو الثاني لما تقدم من عموم التعليل مضافا الي حديثي البزنطي و الحلبي «2».

الجهة الثالثة: أنه هل يجوز ستر بعض وجهها أم لا، فيمكن ان يقال ان مقتضي حديث ابن ميمون حرمة ستر وجهها علي الاطلاق اذ المستفاد منه ان احرامها في وجهها كما إنّ احرام الرجل في رأسه و قد علم من الدليل حرمة ستر بعض الرأس اضف الي ذلك ما رواه الحلبي المتقدم آنفا فان المستفاد من الحديث وجوب الاسفار و من الظاهر ان الاسفار بماله من المفهوم لا يصدق علي اسفار بعض الوجه فالنتيجة وجوب كشف جميع الوجه و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما رواه احمد ابن محمد البزنطي المتقدم آنفا إذ لو كان ستر بعض الوجه جائزا كيف يمكن ان الامام عليه السّلام يتصدّي لكشف الساتر عن جميع الوجه و في المقام جملة من النصوص لا بدّ من ملاحظة دلالتها.

______________________________

(1) لاحظ ص 29.

(2) لاحظ ص 29.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 31

______________________________

الأول: ما رواه الحلبي «1» و المستفاد من الحديث جواز ارخاء الثوب بمقدار يغطّي العينين بل يجوز حتي يبلغ الفم.

الثاني: ما رواه حريز قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المحرمة تسدل الثوب علي وجهها الي

الذقن «2» و المستفاد من هذه الرواية جواز الاستدلال بمقدار يصل الثوب الي الذقن و اسناد الصدوق الي حماد مخدوش لان حماد مشترك بين شخصين و اسناد الصدوق الي أحدهما ضعيف.

الثالث: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّ المحرمة تسدل ثوبها الي نحرها «3» و المستفاد من الحديث جواز الاستدلال الي النحر.

الرابع: ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: تسدل المرأة الثوب علي وجهها من اعلاها الي النحر اذا كانت راكبة «4».

و مقتضي هذه الرواية جواز الاسدال في صورة الركوب فيقع التعارض بينها و حيث لا يميز الحادث عن القديم لا يمكن الترجيح و لكن الاسدال الي الفم جائز قطعا فبهذا المقدار نلتزم بالجواز و في غيره لا بد من الاخذ بإطلاق دليل حرمة الستر و بعبارة واضحة يمكن ان يقال انه يجوز ستر الوجه لها الي النحر ببركة حديث الركوب و اما في غير حال الركوب يكون مقتضي الجمع بين النصوص جواز الستر الي الفم و اللّه العالم.

______________________________

(1) لاحظ ص 29.

(2) الوسائل: الباب 48 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 6.

(3) نفس المصدر، الحديث 7.

(4) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 32

______________________________

الجهة الرابعة: أنه يجوز للمرأة ان تستر وجهها عند النوم لاحظ ما رواه زرارة «1».

بقي شي ء و هو أنه علي القول بحرمة ستر الوجه علي الاطلاق يقع التزاحم بين حكمين بالنسبة الي المرأة التي تريد أن تصلي اذ يجب عليها أن تستر بدنها فلا بدّ من ستر مقدار من الوجه كي يتحقّق الامتثال بالنسبة الي الستر الواجب و أيضا يحرم عليها أن تستر وجهها مطلقا فلا بد من اسفار مقدار يحتمل

كونه من الوجه فيقع التعارض بين الحكمين فما الحيلة؟ فربما يقال بتقديم وجوب الستر لكون الصلاة اهم و ربما يقال بالتخيير و أورد علي تقريب الأهمية سيدنا الاستاد علي ما في تقريره الشريف بأنه لا مجال لتقريب الأهمية إذ لا تزاحم بين حرمة الستر و وجوب الصلاة بل التزاحم بين حرمة الستر و وجوب الستر في الصلاة و من الظاهر ان تقريب الاهمية غير جار و الانصاف ان ما أفاده لا يمكن تصديقه إذ وجوب الستر بما هو لا دليل عليه و انما يجب بحكم العقل من باب وجوب الصلاة المتقيّدة بهذا القيد علي كون التقيد داخلا و القيد خارجا و ان شئت فقل لا مجال للقول بوجوب الستر علي القول بكون اجزاء المركب الواجب واجبات ضمنية لان جزء المركب التقيد الذي يكون جزء عقليا مضافا الي انه لا مجال للالتزام بالوجوب الضمني كما تعرضنا لنفيه في محله و اورد علي القول بالتخيير بان المسألة مورد الابتلاء العمومي و السيرة الخارجية جارية بين النساء المحرمات علي الستر حال الصلاة بلا نكير فلا تصل النوبة الي التخيير اذا عرفت ما تقدم نقول الحق ان المقام داخل في باب التزاحم و الترجيح مع دليل وجوب الستر في الصلاة فان الصلاة مع القيد المذكور أهم.

______________________________

(1) لاحظ ص 26.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 33

[(مسألة 267): للمرأة المحرمة أن تتحجب من الأجنبي]

(مسألة 267): للمرأة المحرمة أن تتحجب من الأجنبي بأن تنزل ما علي رأسها من الخمار أو نحوه إلي ما يحاذي انفها أو ذقنها و الأحوط أن تجعل القسم النازل بعيدا عن الوجه بواسطة اليد أو غيرها (1).

[(مسألة 268): كفارة ستر الوجه شاة علي الأحوط]

(مسألة 268): كفارة ستر الوجه شاة علي الأحوط (2).

______________________________

(1) لا يخفي أنه لا تنافي بين الاسفار و ستر الوجه عن الاجنبي بان تجعل بينهما و بينه حاجزا و مانعا عن الرؤية مع التحفظ علي الوظيفة الشرعية حال الاحرام من عدم ستر الوجه و يدل علي المدعي ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه سأله عن المحرمة فقال: ان مرّ بها رجل استترت منه بثوبها و لا تستتر بيدها من الشمس الحديث «1» بل يمكن أن يقال ان المستفاد من الحديث المذكور جواز ستر وجهها كاملا فإن المولي في مقام بيان وظيفة المحرمة و يجوز ان تستر وجهها من الأجنبي بالثوب و لم يقيد الموضوع بقيد فيجوز ان تستر وجهها و ان شئت فقل ان الرواية مخصصة لدليل حرمة ستر الوجه فلا تصل النوبة بما أفاده في المتن من جواز الستر بالنحو المذكور.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن لا وجه لالزامه إذ لا دليل علي الوجوب و مقتضي الاصل عدمه و اما حديث علي بن جعفر «2» فسنده مخدوش مضافا الي ان النسخة فيه مختلفة و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 48 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 10.

(2) لاحظ ص 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 34

[21- التظليل للرجال]
اشارة

21- التظليل للرجال

[(مسألة 269): لا يجوز للرجل المحرم التظليل حال مسيره بمظلة أو غيرها]

(مسألة 269): لا يجوز للرجل المحرم التظليل حال مسيره بمظلة أو غيرها و لو كان بسقف المحمل أو السيارة أو الطائرة و نحوها و لا بأس بالسير في ظل جبل أو جدار أو شجر و نحو ذلك من الأجسام الثابتة كما لا بأس بالسير تحت السحابة المانعة من شروق الشمس و لا فرق في حرمة التظليل بين الراكب و الراجل علي الأحوط و الأحوط بل الأظهر حرمة التظليل بما لا يكون فوق رأس المحرم بأن يكون ما يتظلل به علي أحد جوانبه نعم يجوز للمحرم أن يتستر من الشمس بيديه و لا بأس بالاستظلال بظل المحمل حال المسير و كذلك لا بأس بالاحرام في القسم المسقوف من مسجد الشجرة (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه لا يجوز للرجل المحرم التظليل حال سيره أقول: المعروف بين القوم حرمة الاستظلال علي المحرم و نقل الاجماع عليه و عدم الخلاف فيه و تدل علي المدعي جملة من النصوص.

منها ما رواه عبد اللّه بن المغيرة قال: قلت لأبي الحسن الأول عليه السّلام أظلل و انا محرم قال: لا قلت: أ فأظلل و اكفّر قال: لا قلت فان مرضت قال: ظلل و كفّر ثم قال:

أ ما علمت ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: ما من حاج يضحي ملبيا حتي تغيب الشمس الا غابت ذنوبه معها «1» و منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت

______________________________

(1) الوسائل: الباب 64 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 35

______________________________

أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل المحرم و كان اذا اصابته الشمس شق عليه و صدع فيستتر منها فقال: هو

أعلم بنفسه إذا علم انه لا يستطيع أن تصيبه الشمس فليستظلّ منها «1» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن المحرم يظلل عليه و هو محرم قال: لا الّا مريض أو من به علة و الذي لا يطيق الشمس «2» و منها ما عن محمد بن منصور عنه قال: سألته عن الظلال للمحرم فقال: لا يظلل الّا من علة أو مرض «3» و منها ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: هل يستتر المحرم من الشمس فقال: لا الّا أن يكون شيخا كبيرا أو قال ذا علة «4» و منها ما رواه عبد اللّه بن المغيرة قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الظلال للمحرم فقال أضح لمن احرمت له قلت: أني محرور و انّ الحر يشتدّ عليّ فقال أ ما علمت ان الشمس تغرب بذنوب المحرمين «5» و في قبال هذه النصوص طائفة من الروايات ربما يتوهم منها التعارض مع نصوص المنع منها ما رواه الحلبي قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يركب في القبة فقال: ما يعجبني ذلك الّا أن يكون مريضا «6» و منها ما رواه جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس بالظلال للنساء و قد رخص فيه للرجال «7» و منها ما رواه علي بن جعفر قال: سألت أخي عليه السّلام

______________________________

(1) الوسائل: الباب 64 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 6.

(2) نفس المصدر، الحديث 7.

(3) نفس المصدر، الحديث 8.

(4) نفس المصدر، الحديث 9.

(5) نفس المصدر، الحديث 11.

(6) نفس المصدر، الحديث 5.

(7) نفس المصدر، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2،

ص: 36

______________________________

أظلل و أنا محرم فقال: نعم و عليك الكفارة قال: فرأيت عليّا اذا قدم مكة ينحر بدنة لكفارة الظلّ «1» و لكن الظاهر عدم التعارض بين الطرفين أما الحديث الأول فغاية ما يستفاد منه عدم الحرمة لا الجواز و بعبارة اخري قوله عليه السّلام ما يعجبني أعم من الحرمة و الكراهة و أما الحديث الثاني و الثالث فغاية ما يستفاد منهما الاطلاق فان مقتضاه عدم الفرق بين وجود العذر و عدمه فيقيد بما دل علي التفصيل فلا مجال لتوهّم التعارض فالنتيجة انّ أصل الحكم مسلم انما الكلام في الجهات الراجعة الي البحث.

الفرع الثاني: أنه لا بأس بالسير تحت الاجسام الثابتة كالجبل و الجدار و الاشجار كما لا بأس بالسير تحت السحاب المانع عن شروق الشمس.

أقول: الانصاف يقتضي عدم الجزم بما ذكر إذ لو فرض عدم الدليل علي التخصيص و من ناحية أخري يكون مقتضي اطلاق دليل المنع عدم الفرق كيف يمكن الالتزام بالتخصيص اللهم الا أن يتم الأمر بالسيرة الخارجيّة إذا كان الأمر كذلك و الظاهر أنه يمكن الالتزام بتحقق السيرة بالنسبة الي الاستظلال بالسحاب.

الفرع الثالث: أنه لا فرق في حرمة الاستظلال بين الراكب و الراجل فان مقتضي اطلاق دليل التحريم عدم الفرق نعم يستفاد من حديث محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: كتبت الي الرضا عليه السّلام هل يجوز للمحرم أن يمشي تحت ظلّ المحمل فكتب نعم الحديث «2» جواز مشي المحرم تحت ظل المحمل و لكن هذا موضوع خاص في دائرة مخصوصة و عليه لا وجه لابتناء المسألة علي الاحتياط و اما حديث

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 2.

(2) الوسائل: الباب 67 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

مصباح

الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 37

______________________________

الاحتجاج قال: سأل محمد بن الحسن أبا الحسن موسي عليه السّلام بمحضر من الرشيد و هم بمكة فقال له: أ يجوز للمحرم أن يظلل عليه محمله فقال له موسي عليه السّلام:

لا يجوز له ذلك مع الاختيار فقال له محمد بن الحسن أ فيجوز أن يمشي تحت الظلال مختارا فقال له نعم فتضاحك محمد بن الحسن من ذلك فقال له أبو الحسن عليه السّلام: أتعجب من سنة النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم و تستهزئ بها أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم كشف ظلاله في احرامه و مشي تحت الظلال و هو محرم ان أحكام اللّه يا محمد لا تقاس فمن قاس بعضها علي بعض فقد ضلّ سواء السبيل فسكت محمد بن الحسن لا يرجع جوابا «1» الدال علي الجواز بالنسبة الي الراجل مطلقا فلا اعتبار بسنده للارسال.

الفرع الرابع: أنه يحرم التظليل بما لا يكون فوق الرأس بأن يكون ما يتظلل به علي أحد جوانبه و الوجه أنه قد أمر في بعض النصوص بقلع السقف لاحظ ما رواه قاسم بن الصيقل قال: ما رأيت أحدا كان أشدّ تشديدا في الظل من أبي جعفر عليه السّلام كان يأمر بقلع القبة و الحاجبين إذا احرم «2» و أمر في بعض آخر بالاضحاء لاحظ ما رواه عثمان بن عيسي الكلابي قال: قلت لأبي الحسن الأول عليه السّلام: ان علي بن شهاب يشكو رأسه و البرد شديد و يريد أن يحرم فقال: إن كان كما زعم فليظلل و أما أنت فاضح لمن أحرمت له «3» مضافا الي أنه يصدق علي التظليل المحرم به العنوان الذي نهي عنه فلاحظ.

______________________________

(1)

الوسائل: الباب 66 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 6.

(2) الباب 64 من هذه الأبواب، الحديث 12.

(3) نفس المصدر، الحديث 13.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 38

[(مسألة 270): المراد من الاستظلال التستر من الشمس أو البرد]

(مسألة 270): المراد من الاستظلال التستر من الشمس أو البرد أو الحر أو المطر أو الريح و نحو ذلك فاذا لم يكن شي ء من ذلك بحيث كان وجود المظلة كعدمها فلا بأس بها و لا فرق فيما ذكر بين الليل و النهار (1).

______________________________

الفرع الخامس: أنه يجوز أن يستتر المحرم بعض جسده ببعضه الآخر و استدل علي الجواز بما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس بأن يضع المحرم ذراعه علي وجهه من حرّ الشمس و لا بأس أن يستر بعض جسده ببعض «1» و يعارضه ما رواه سعيد الأعرج انه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يتستر من الشمس بعود و بيده قال: لا الّا من علة «2» و حيث ان نسبة حديث الاعرج الي حديث ابن عمّار نسبة الخاص الي العام يقيد المطلق بالمقيد فالنتيجة عدم الجواز.

الفرع السادس: أنه يجوز الاحرام في القسم المسقوف من مسجد الشجرة و يمكن أن يستدل علي الجواز بما دل علي جواز الاستظلال في المنزل مضافا الي السيرة الجارية عليه بلا نكير.

(1) الظاهر أن ما أفاده بالنسبة الي المراد من الاستظلال تام كما يظهر من اللغة و موارد الاستعمال فلا يختص بخصوص الشمس و يدلّ علي المدعي أو يؤيده و يؤكده جملة من النصوص منها ما رواه علي بن محمد قال: كتبت إليه: المحرم هل يظلل علي نفسه اذا آذته الشمس أو المطر أو كان مريضا أم لا، فان ظلل هل يجب عليه الفداء

أم لا فكتب: يظلّل علي نفسه و يهريق دما ان شاء اللّه «3».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 67 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) الوسائل: الباب 6 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 39

______________________________

و منها ما رواه محمد بن اسماعيل قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الظل للمحرم من أذي مطر أو شمس فقال: أري أن يفديه بشاة و يذبحها بمني «1».

و منها ما رواه ابراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرضا عليه السّلام: المحرم يظلّل علي محمله و يفدي اذا كانت الشمس و المطر يضرّان به؟ قال: نعم قلت: الفداء قال: شاة «2».

و منها ما رواه ابن بزيع عن الرضا عليه السّلام قال: سأله رجل عن الظلال للمحرم من أذي مطر أو شمس و أنا أسمع فامره أن يفدي شاة و يذبحها بمني «3» و منها ما رواه ابن بزيع أيضا عن أبي الحسن عليه السّلام مثله الّا أنه قال في أذي من مطر أو شمس أو قال من علة ثم زاد و قال: نحن اذا أردنا ذلك ظللنا و فدينا «4».

و أما لو لم يكن شي ء من المذكورات و يكون الاستظلال كعدمه فهل يكون جائزا أم لا؟ اختار في المتن الجواز و يشكل إذ المستفاد من جملة من النصوص المنع و النهي عن ركوب المحرم القبة و الكنيسة منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: سألته عن المحرم يركب القبة فقال: لا قلت: فالمرأة المحرمة قال: نعم «5».

و منها ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يركب في القبّة

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 3.

(2) نفس

المصدر، الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 6.

(4) نفس المصدر، الحديث 7.

(5) الوسائل: الباب 64 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 40

______________________________

قال: ما يعجبني الّا أن يكون مريضا قلت: فالنساء قال: نعم «1».

و منها ما رواه هشام بن سالم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يركب في الكنيسة فقال: لا و هو للنساء جائز «2» فان المستفاد من هذه الروايات أن كون المحرم تحت السقف حرام عند الشارع و بعبارة اخري المستفاد من هذه الأحاديث أن كون المحرم تحت السقف بنفسه له موضوعية عند الشارع الأقدس.

بقي شي ء و هو أنه لا فرق في حكم الاستظلال و كذلك الكون تحت السقف بين اليوم و الليلة و الوجه فيه أنه لا دليل علي خصوصيّة اليوم أو الليل و عليه نقول اما الاستظلال بمعناه العام في كل مورد يتحقق مصداقه فيكون حراما لما تقدم من النصوص نعم الاستظلال من الشمس لا موضوع له في الليل و أما الكون تحت السقف فيكون حراما علي الاطلاق لاطلاق النص لاحظ النص الدال علي المنع عن الركوب في القبة.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 41

[(مسألة 271): لا بأس بالتظليل تحت السقوف للمحرم بعد وصوله إلي مكة]

(مسألة 271): لا بأس بالتظليل تحت السقوف للمحرم بعد وصوله إلي مكة و إن كان بعد لم يتخذ بيتا كما لا بأس به حال الذهاب و الاياب في المكان الذي ينزل فيه المحرم و كذلك فيما اذا نزل في الطريق للجلوس أو لملاقاة الاصدقاء أو لغير ذلك و الأظهر جواز الاستظلال في هذه الموارد بمظلة و نحوها أيضا و إن كان الأحوط الاجتناب عنه (1).

______________________________

(1) ادعي عليه عدم الخلاف و

الاجماع لكن قد ثبت في محله الاشكال في اعتبار الاجماع المحصل فكيف بالمنقول منه و اضعف منه الاستدلال بعدم الخلاف و قد ذكرت لاثبات المدعي عدة روايات منها ما رواه محمد بن الفضيل و بشير بن اسماعيل قال: قال لي محمد ألا أسرك يا ابن مثني فقلت: بلي فقمت إليه فقال لي:

دخل هذا الفاسق آنفا فجلس قبالة أبي الحسن عليه السّلام ثم أقبل عليه فقال: يا أبا الحسن ما تقول في المحرم يستظلّ علي المحمل فقال له لا، قال: فيستظلّ في الخباء فقال له: نعم فأعاد عليه القول شبه المستهزئ يضحك يا أبا الحسن فما فرق بين هذا فقال يا أبا يوسف ان الدين ليس يقاس كقياسكم أنتم تلعبون أنا صنعنا كما صنع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و قلنا كما قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يركب راحلته فلا يستظل عليها و تؤذيه الشمس فيستر بعض جسده ببعض و ربما يستر وجهه بيده و إذا نزل استظل بالخباء و في البيت و بالحدار «1» و الحديث ضعيف سندا بالخطيب و منها ما رواه محمد بن فضيل قال: كنا في دهليز يحيي بن خالد بمكة و كان هناك أبو الحسن موسي عليه السّلام و أبو يوسف فقام إليه أبو يوسف و تربع بين يديه فقال: يا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 66 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 42

______________________________

أبا الحسن جعلت فداك المحرم يظلل قال: لا قال: فيستظل بالجدار و المحمل و يدخل البيت و الخباء قال: نعم قال: فضحك أبو يوسف شبه المستهزئ

فقال له أبو الحسن عليه السّلام يا أبا يوسف ان الدين ليس يقاس كقياسك و قياس أصحابك ان اللّه عزّ و جلّ أمر في كتابه بالطلاق و اكّد فيه شاهدين و لم يرض بهما الّا عدلين و امر في كتابه بالتزويج و أهمله بلا شهود فأتيتم بشاهدين فيما ابطل اللّه و ابطلتم شاهدين فيما أكد اللّه عزّ و جلّ و أجزتم طلاق المجنون و السكران حج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فاحرم و لم يظلل و دخل البيت و الخباء و استظل بالمحمل و الجدار فقلنا كما فعل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فسكت «1» و الحديث ضعيف بسهل و منها ما رواه حسين بن مسلم عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام أنه سئل ما فرق بين الفسطاط و بين ظل المحمل فقال: لا ينبغي أن يستظل في المحمل و الفرق بينهما ان المرأة تطمث في شهر رمضان فتقضي الصيام و لا تقضي الصلاة قال صدقت جعلت فداك «2» و الحديث ضعيف بحسين بن مسلم و منها مرسلا عثمان بن عيسي و الطبرسي: قال: قال أبو يوسف للمهدي و عنده موسي بن جعفر عليه السّلام أ تأذن لي أن أسأله عن مسائل ليس عنده فيها شي ء فقال له: نعم فقال لموسي بن جعفر عليه السّلام اسألك قال: نعم قال: ما تقول في التظليل للمحرم قال: لا يصلح قال: فيضرب الخباء في الأرض و يدخل البيت قال: نعم قال: فما الفرق بين هذين قال أبو الحسن عليه السّلام: ما تقول في الطامث أ تقضي الصلاة قال: لا، قال: فتقضي الصوم قال: نعم قال: و لم قال هكذا جاء،

فقال أبو الحسن عليه السّلام: و هكذا جاء هذا فقال المهدي لأبي يوسف: ما أراك صنعت شيئا

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 43

[(مسألة 272): لا بأس بالتظليل للنساء و الأطفال]

(مسألة 272): لا بأس بالتظليل للنساء و الأطفال و كذلك للرجال عند الضرورة و الخوف من الحر أو البرد (1).

______________________________

قال: رماني بحجر دامغ «1» و المرسل لا اعتبار به و منها ما رواه البزنطي عن الرضا عليه السّلام قال: قال أبو حنيفة ايش فرق ما بين ظلال المحرم و الخباء فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ان السنة لا تقاس «2» و الحديث تام سندا لكن لا يستفاد منه العموم المذكور في كلام الماتن الا أن يتم الأمر بالسيرة و لا يبعد أن تكون السيرة جارية عليه بلا نكير مضافا الي ما في ارتكاز المتشرعة هذا كله بالنسبة الي غير المظلة التي في يد المحرم و أما بالنسبة إليها فيشكل الحكم بالجواز بل اشكل اللهم ان يثبت الجواز بالسيرة.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه يجوز الاستظلال للنساء لاحظ ما رواه جميل بن درّاج «3».

الفرع الثاني: أنه يجوز الاستظلال للأطفال، أقول: لا مقتضي للحرمة بالنسبة الي الاطفال كي نحتاج في الحكم بالجواز الي الدليل فان الاستظلال فعل محرّم علي المحرم و لا يكون عدمه دخيلا في صحة الحج و من الواضح أن غير البالغ لا يكون مكلفا بالتكاليف الشرعية فالجواز علي مقتضي القاعدة الأولية فان القلم مرفوع عن الصبي.

الفرع الثالث: أنه يجوز للرجال عند الضرورة و الدليل علي المدعي جملة من

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) لاحظ ص 35.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 44

[(مسألة 273): كفارة التظليل شاة]

(مسألة 273): كفارة التظليل شاة و لا فرق في ذلك بين حالتي الاختيار و الاضطرار و إذا تكرّر التظليل فالأحوط التكفير عن كل يوم و إن كان الاظهر كفاية كفارة واحدة في كل احرام (1).

______________________________

النصوص منها

ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «1» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار «2» و منها ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق «3» مضافا الي انه لو كان حرجيا ترتفع الحرمة بمقتضي قاعدته و أيضا اذا كان مضطرا إليه يجوز لحديث رفع الاضطرار و هذا واضح ظاهر.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: ان كفارة التظليل شاة الروايات في هذا المقام مختلفة ففي بعضها ذكر عنوان الدم علي الاطلاق لاحظ ما رواه علي بن محمد «4» و بعضها يدل علي وجوب الكفارة بلا تعيين جنسها لاحظ ما رواه سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن المحرم يظلل علي نفسه فقال: أ من علة فقلت:

يؤذيه حرّ الشمس و هو محرم فقال: هي علة يظلل و يفدي «5» و بعضها ذكرت فيه الشاة لاحظ ما رواه محمد بن اسماعيل «6» و لاحظ ما رواه ابن بزيع «7» و في بعضها

______________________________

(1) لاحظ ص 34- 35.

(2) لاحظ ص 35.

(3) لاحظ ص 35.

(4) لاحظ ص 38.

(5) الوسائل: الباب 6 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 4.

(6) لاحظ ص 39.

(7) لاحظ ص 39.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 45

______________________________

أمر بمد لكل يوم لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سألته عن المرأة يضرب عليها الظلال و هي محرمة قال: نعم قلت: فالرجل يضرب عليه الظلال و هو محرم قال: نعم إذا كانت به شقيقة و يتصدق بمد لكل يوم «1» أما حديث أبي بصير فلا اعتبار به لاجل البطائني و أما الدال علي المطلق و كذلك الدال علي الدم يحملان علي الشاة بقانون حمل المطلق علي المقيد و اما فعل علي بن جعفر «2» فلا

اعتبار به فالنتيجة ان الواجب الشاة فلاحظ.

الفرع الثاني: انه لا فرق في وجوب الكفارة بين المختار و المضطر و ذلك للاطلاق لاحظ ما رواه علي بن جعفر المتقدم آنفا مضافا الي التصريح بها بالنسبة الي المعذور في جملة من النصوص منها ما رواه علي بن محمد المتقدم قريبا و منها ما رواه محمد بن اسماعيل المتقدم قريبا و منها ما رواه سعد بن سعد الاشعري المتقدم قريبا و منها ما رواه ابراهيم بن أبي محمود «3» و منها ما رواه ابن بزيع «4».

الفرع الثالث: أنه لو تكرر التظليل فالأحوط التكفير عن كل يوم و الظاهر انه لا دليل علي ما ذكر بل الامر دائر بين وجوبها لكل احرام و وجوبها لكل فرد منه و الحق بمقتضي الصناعة هو الثاني فان التداخل في الاسباب كالتداخل في المسببات علي خلاف القاعدة فيجب الكفارة لكل تظليل نعم قد دل حديث أبي علي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 8.

(2) لاحظ ص 35.

(3) لاحظ ص 39.

(4) لاحظ ص 39.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 46

[22- اخراج الدم من البدن]

22- اخراج الدم من البدن لا يجوز للمحرم اخراج الدم من جسده و إن كان ذلك بحك بل بالسواك علي الأحوط و لا بأس به مع الضرورة أو دفع الأذي و كفارته شاة علي الأحوط الاولي (1).

______________________________

بن راشد قال: قلت له عليه السّلام: جعلت فداك انه يشتد عليّ كشف الظلال في الاحرام لانّي محرور يشتدّ عليّ حرّ الشمس فقال ظلّل و أرق دما فقلت له دما أو دمين قال: للعمرة قلت: انا نحرم بالعمرة و ندخل مكة فنحلّ و نحرم بالحج قال: فارق دمين «1» علي ان الكفارة لكل احرام

و لكن الحديث ضعيف لاحتمال كون المراد بمحمد بن عيسي، العبيدي، و قد تكلمنا حول الرجل و اخترنا كونه غير موثّق و مثله في عدم الاعتبار مرسل محمد بن يحيي: قال: سألته عن محرم ظلّل في عمرته قال:

يجب عليه دم قال: و ان خرج الي مكة و ظلّل وجب عليه أيضا دم لعمرته و دم لحجته «2» فالحق وجوبها لكل استظلال فلاحظ.

(1) تارة يقع الكلام في الحجامة و اخري في مطلق الادماء فهنا فرعان:

الفرع الأول: أنه لا يجوز الاحتجام للمحرم و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي «3» و منها ما رواه الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في المحرم يحتجم قال: لا الّا أن يخاف التلف و لا يستطيع الصلاة و قال إذا أذاه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 7 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) لاحظ ص 9.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 47

______________________________

الدم فلا بأس به و يحتجم و لا يحلق الشعر «1» و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لا يحتجم المحرم الّا أن يخاف علي نفسه ان لا يستطيع الصلاة «2» و مقتضي هذه النصوص عدم جوازها اختيارا و بلا عذر و جوازها مع العذر.

الفرع الثاني: أنه لا يجوز للمحرم اخراج الدم من بدنه و يدل عليه ما رواه معاوية بن عمّار «3» فان المستفاد من الحديث بحسب الفهم العرفي حرمة الادماء بلا خصوصية للرأس و بعبارة اخري انه يفهم من الرواية ان الادماء حرام فيجوز حك الرأس الّا فيما يوجب الادماء.

بقي شي ء و هو أنه هل يجوز الاستياك و لو مع الادماء أم لا فنقول يدل

حديث الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يستاك قال: نعم و لا يدمي «4» علي عدم الجواز و يدل حديث معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام في المحرم يستاك قال: نعم قلت: فان أدمي يستاك قال: نعم هو من السنة «5» علي الجواز و حيث ان المتأخر من الحديثين غير معلوم يقع المقام تحت كبري عدم تميز الحجة عن غيرها فيكون المرجع اطلاق حرمة الادماء و يؤيد المدعي حديث علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السّلام قال: سألته عن المحرم هل يصلح له أن يستاك قال: لا بأس

______________________________

(1) الوسائل: الباب 62 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) لاحظ ص 10.

(4) الوسائل: الباب 73 من هذه الأبواب، الحديث 3.

(5) الباب 92 من هذه الأبواب، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 48

[23- التقليم]
اشارة

23- التقليم لا يجوز للمحرم تقليم ظفره و لو بعضه الّا أن يتضرر المحرم ببقائه كما اذا انفصل بعض ظفره و تألم من بقاء الباقي فيجوز له حينئذ قطعه و يكفر عن كل ظفر بقبضة من الطعام (1).

______________________________

و لا ينبغي ان يدمي فمه «1» ثم انه ربّما يقال يجوز اخراج الدم لدفع الاذي لاحظ ما رواه الحسن الصيقل «2» و الحديث ضعيف سندا بالصيقل فالمرجع اطلاق دليل حرمة الادماء نعم اذا صار الامساك حرجيّا أو اضطرّ المكلف إليه يجوز و الّا فيشكل و اللّه العالم و أما الكفارة فلا دليل عليها و الاحتياط طريق النجاة.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه لا يجوز للمحرم تقليم ظفره قال في الجواهر بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه بل في المنتهي

و التذكرة نسبته الي علماء الامصار و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل المحرم تطول اظفاره قال: لا يقصّ شيئا منها ان استطاع فان كانت تؤذيه فليقصها و ليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام «3».

و منها ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن رجل احرم فنسي أن يقلّم اظفاره قال: فقال يدعها قال: قلت: انها طوال قال: و ان كانت قلت فان رجلا افتاه ان يقلمها و يغتسل و يعيد احرامه ففعل قال: عليه دم «4» و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم تطول اظفاره أو

______________________________

(1) الوسائل: الباب 73 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 5.

(2) لاحظ ص 46.

(3) الباب 77 من هذه الأبواب، لا حديث 1.

(4) الوسائل: الباب 77 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 49

[(مسألة 274): كفارة تقليم كل ظفر مدمن الطعام و كفارة تقليم اظافير اليد جميعها في مجلس واحد شاة]

(مسألة 274): كفارة تقليم كل ظفر مدمن الطعام و كفارة تقليم اظافير اليد جميعها في مجلس واحد شاة و كذلك الرجل و إذا كان تقليم أظافير اليد و أظافير الرجل في مجلس واحد فالكفارة أيضا شاة و إذا كان تقليم أظافير اليد في مجلس و تقليم أظافير الرجل في مجلس آخر فالكفارة شاتان (1).

______________________________

ينكسر بعضها فيؤذيه قال: لا يقص منها شيئا ان استطاع فان كانت تؤذيه فليقصها و ليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام «1» فلا اشكال في حرمة التقليم علي الاطلاق.

الفرع الثاني: أنه لا يجوز تقليم المحرم ظفره اذا تضرّر ببقائه كما اذا انفصل بعض اظفاره و تألم من

بقائه لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «2».

الفرع الثالث: أنه لو قطعه يكفر عن كل ظفر بقبضة من الطعام و الدليل عليه ما رواه ابن عمّار.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: ان كفارة تقليم كل ظفر مد من الطعام لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قصّ ظفرا من اظافيره و هو محرم قال: عليه في كل ظفر قيمة مد من طعام حتي يبلغ عشرة فان قلم اصابع يديه كلها فعليه دم شاة فان قلم اظافير يديه و رجليه جميعا فقال: ان كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم و إن كان فعله متفرقا في مجلسين فعليه دمان، و رواه الصدوق عن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 4.

(2) لاحظ ص 48.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 50

______________________________

أبي بصير نحوه الا أنه قال عليه مدّ من طعام «1» هذا حسب رواية الصدوق و أما حسب رواية الشيخ ان الواجب قيمة مدّ من الطعام فيدخل المقام تحت كبري دوران الامر بين الزيادة و النقيصة و المقرر الاخذ بالزيادة فالواجب قيمة مد من الطعام و الظاهر أنه لا يتوجه اشكال علي هذا التقدير و لا مجال لان يقال التخيير بين الاقل و الأكثر غير معقول إذ لا تخيير بل الواجب قيمة مد من الطعام فإذا فرضنا ان قيمة مدّ من الشعير مثلا دينار يكون الواجب علي المكلف الدينار و من الظاهر انه لا يكون فيه اشكال و لقائل أن يقول لا يكون المقام من دوران الأمر بين الزيادة و النقيصة فان الدوران بين الأمرين يتصور في مورد يكون الرواية واحدة و انما نقلت بنحوين و

اما لو كانت الرواية مروية عن الامام بسندين يكون المورد داخلا في المتعارضين و حيث ان الاحدث غير معلوم لا يمكن الاخذ باحدهما بل يكون المورد من موارد العلم الاجمالي و لا بدّ من اعمال قانونه و بعبارة واضحة لا اشكال في انّ احد الحديثين متأخر عن الآخر فلا بد من الأخذ به و حيث انه مردّد بين المتباينين لا بدّ من الاحتياط علي مسلك المشهور في باب العلم الاجمالي و علي مسلكنا يجوز التبعيض في الامتثال و الاكتفاء ببعض اطرافه.

الفرع الثاني: ان كفارة تقليم اظافير اليد جميعها في مجلس واحد شاة و كذلك الرجل و لا أدري ما الوجه في تقييد الماتن تقليم جميع الاظفار بالمجلس الواحد فان المستفاد من النص الوارد في المقام لا يكون كذلك لاحظ ما رواه أبو بصير المتقدم آنفا فان المستفاد من هذه الرواية ان تقليم اصابع اليدين يوجب الكفارة و هي دم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 51

[(مسألة 275): إذا قلم المحرم أظافيره فأدمي اعتمادا علي فتوي من جوّزه]

(مسألة 275): إذا قلم المحرم أظافيره فأدمي اعتمادا علي فتوي من جوّزه وجبت الكفارة علي المفتي علي الأحوط (1).

______________________________

شاة الا أن يقال لا بدّ أن يكون في مجلس واحد و الّا يترتب عليه المد أو القيمة و بعبارة واضحة لو كان التقليم تدريجيا و لم يكن في مجلس واحد لا يكون موضوعا لوجوب الدم هذا من ناحية و من ناحية اخري التقسيم قاطع للشركة فلا بد من التفريق بين تقليم الجميع و تقليم البعض.

الفرع الثالث: أنه لو قلم أظافير اليد و الرجل في مجلس واحد فالكفارة شاة أيضا و اذا كان تقليم أظافير اليد في مجلس و تقليم أظافير

الرجل في مجلس آخر فالكفارة شاتان لاحظ ما رواه أبي بصير «1» و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

اذا قلّم المحرم اظفار يديه و رجليه في مكان واحد فعليه دم واحد و ان كانتا متفرقتين فعليه دمان «2».

(1) في المقام حديثان:

الحديث الأول: ما رواه اسحاق الصيرفي قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السّلام ان رجلا أحرم فقلّم اظفاره فكانت له اصبع عليلة فترك ظفرها لم يقصّه فأفتاه رجل بعد ما احرم فقصّه فأدماه فقال علي الذي أفتي شاة «3» و الحديث ضعيف سندا بالبزّاز و زكريّا فلا يعتد به.

الحديث الثاني ما رواه اسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل نسي ان يقلّم اظفاره عند احرامه قال: يدعها قلت: فإن رجلا من أصحابنا افتاه بان

______________________________

(1) لاحظ ص 49.

(2) الوسائل: الباب 12 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 6.

(3) الباب 13 من هذه الأبواب، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 52

[24- قلع الضرس]
اشارة

24- قلع الضرس

[(مسألة 276): ذهب جمع من الفقهاء إلي حرمة قلع الضرس علي المحرم]

(مسألة 276): ذهب جمع من الفقهاء إلي حرمة قلع الضرس علي المحرم و ان لم يخرج به الدم و أوجبوا له كفارة شاة و لكن في دليله تأملا بل لا يبعد جوازه (1).

______________________________

يقلّم اظفاره و يعيد احرامه ففعل قال عليه دم يهريقه «1» و الظاهر من الحديث ان الكفارة علي المحرم فان الظاهر من الحديث رجوع الضمير في قوله عليه السّلام (عليه) الي الرجل لا الي المفتي مضافا الي انه ليس في الحديث ذكر من الادماء.

(1) لاحظ ما رواه محمد بن عيسي مرسلا عن رجل من أهل خراسان ان مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شي ء محرم قلع ضرسه فكتب عليه السلام يهريق دما «2» و الحديث ضعيف سندا فلا يعتد به و مقتضي القاعدة الجواز تكليفا و عدم الكفارة وضعا بشرط عدم الادماء و هذا مطلب آخر.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 13 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 2.

(2) الباب 19 من هذه الأبواب.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 53

[25- حمل السلاح]
اشارة

25- حمل السلاح

[(مسألة 277): لا يجوز للمحرم حمل السلاح]

(مسألة 277): لا يجوز للمحرم حمل السلاح كالسيف و الرمح و غيرهما ممّا يصدق عليه السلاح عرفا و ذهب بعض الفقهاء إلي عموم الحكم لآلات التحفظ أيضا كالدرع و المغفر و هذا القول أحوط (1).

[(مسألة 278): لا بأس بوجود السلاح عند المحرم إذا لم يكن حاملا له]

(مسألة 278): لا بأس بوجود السلاح عند المحرم إذا لم يكن حاملا له و مع ذلك فالترك أحوط (2).

______________________________

(1) المشهور عند القوم عدم جواز لبس المحرم السلاح و الظاهر أنّ الأمر كذلك لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام أ يحمل السلاح المحرم؟ فقال: اذا خاف المحرم عدوّا أو سرقا فليلبس السلاح «1».

و لاحظ ما رواه ابن سنان أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المحرم اذا خاف لبس السلاح «2» فانّ مقتضي الشرطية التي تكون ذات مفهوم حرمة لبس المحرم السلاح الا عند الضرورة و هذا واضح ظاهر ثم انه هل يكون الحكم شاملا لآلات التحفظ أم لا الظاهر أنه لا يشمل إذ لا يصدق عنوان السلاح علي آلات التحفظ و مع الشك يحكم بعدم الصدق كما تكرر منا من أنّ الاستصحاب يجري في الشبهات المفهومية و الاحتياط طريق النجاة.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط و أما مقتضي الصناعة فلا يشمله الحكم و مقتضي القاعدة جوازه لعدم صدق الموضوع علي ما يكون عنده.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 54 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 54

[(مسألة 279): تختص حرمة حمل السلاح بحال الاختيار]

(مسألة 279): تختص حرمة حمل السلاح بحال الاختيار و لا بأس به عند الاضطرار (1).

[(مسألة 280): كفارة حمل السلاح شاة علي الأحوط]
اشارة

(مسألة 280): كفارة حمل السلاح شاة علي الأحوط (2).

إلي هنا انتهت الامور التي تحرم علي المحرم.

______________________________

(1) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «1» فانه صرح بالجواز في صورة العذر مضافا الي انه لو تحقق عنوان الضرورة ترتفع الحرمة فان الضرورات تبيح المحذورات.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن لا موجب له بحسب الصناعة نعم يستفاد من حديث عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّ المحرم إذا خاف العدوّ يلبس السلاح فلا كفارة عليه «2» وجوب الكفارة و بعبارة اخري المستفاد من الحديث وجوب الكفارة علي اطلاقها و لا خصوصية للشاة.

______________________________

(1) لاحظ ص 53.

(2) الوسائل: الباب 54 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 55

[الصيد في الحرم و قلع شجره و نبته]

الصيد في الحرم و قلع شجره و نبته و هناك ما تعم حرمته المحرم و المحل و هو أمران:

أحدهما: الصيد في الحرم فإنه يحرم علي المحل و المحرم كما تقدم

ثانيهما: قلع كل شي ء نبت في الحرم أو قطعه من شجر و غيره و لا بأس بما يقطع عند المشي علي النحو المتعارف كما لا بأس بأن تترك الدواب في الحرم لتأكل من حشيشه و يستثني من حرمة القلع أو القطع موارد:

1- الإذخر و هو نبت معروف، 2- النخل و شجر الفاكهة، 3- الاعشاب التي تجعل علوفة للإبل، 4- الأشجار أو الأعشاب التي تنمو في دار نفس الشخص أو في ملكه أو يكون الشخص هو الذي غرس ذلك الشجر أو زرع العشب و أما الشجرة التي كانت موجودة في الدار قبل تملكها فحكمها حكم سائر الأشجار (1).

______________________________

(1) في المقام فروع:

الفرع الأول: أنه يحرم قلع كل شي ء نبت في الحرم أو

قطعه من شجر و غيره، قال في الحدائق: الظاهر أنه لا خلاف بين أصحابنا في أنه يحرم علي المحرم قطع شجر الحرم و الحشيش النابت عدا ما يأتي استثنائه في المقام ان شاء اللّه تعالي الي آخر كلامه رفع في علو مقامه و تدل علي المدعي في الجملة أو بالجملة جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: المحرم ينحر بعيره أو يذبح شاته قال: نعم قلت له: أن يحتش لدابته و بعيره قال: نعم و يقطع ما شاء من

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 56

______________________________

الشجر حتي يدخل الحرم فاذا دخل الحرم فلا «1» و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: قلت: المحرم ينزع الحشيش من غير الحرم قال: نعم قلت: فمن الحرم قال: لا «2» و منها ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كل شي ء ينبت في الحرم فهو حرام علي الناس أجمعين «3» و منها ما رواه جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: رآني علي بن الحسين عليه السّلام و أنا أقلع الحشيش من حول الفساطيط بمني فقال: يا بني ان هذا لا يقلع «4» و منها ما رواه هارون بن حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان علي بن الحسين عليه السّلام كان يتقي الطاقة من العشب ينتفها من الحرم قال: و رأيته و قد نتف طاقة و هو يطلب ان يعيدها مكانها «5» و منها ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كل شي ء ينبت في الحرم فهو حرام علي الناس أجمعين الّا

ما أنبته أنت و غرسته «6» و منها ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: لا ينزع من شجر مكة شي ء الّا النخل و شجر الفاكهة «7» و منها ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يقلع الشجرة من مضر به أو داره في الحرم فقال: إن كانت الشجرة لم تزل قبل أن يبني الدار أو

______________________________

(1) الوسائل: الباب 85 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) الباب 86 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 2.

(5) نفس المصدر، الحديث 3.

(6) نفس المصدر، الحديث 4.

(7) الوسائل: الباب 87 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 57

______________________________

يتخذ المضرب فليس له أن يقلعها و ان كانت طريّة عليه فله قلعها «1» و منها ما رواه حماد بن عثمان أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم فقال: ان بني المنزل و الشجرة فيه فليس له أن يقلعها و ان كانت نبتت في منزله و هو له فليقلعها «2» و منها ما رواه زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: حرم اللّه حرمه بريدا في بريد أن يختلا خلاه أو يعضد شجرة الّا الإذخر أو يصاد طيره و حرّم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم المدينة ما بين لابتيها و حرّم ما حولها بريدا في بريد أن يختلي خلاها أو يعضد شجرها الّا عودي الناضح «3» و منها ما رواه اسحاق بن يزيد أنه سأل أبا جعفر عليه السّلام عن الرجل يدخل مكة فيقطع من

شجرها قال: اقطع ما كان داخلا عليك و لا تقطع ما لم يدخل منزلك عليك «4» و منها ما رواه زرارة قال:

سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: حرّم اللّه حرمه ان يختلا خلاه أو يعضد شجره الّا الإذخر أو يصاد طيره «5» و منها ما رواه حماد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: انّ الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم قال: ان بني المنزل و الشجرة فيه فليس له أن يقلعها و إن كانت نبتت في منزله و هو له فليقلعها «6» فلا اشكال في أصل الحكم.

الفرع الثاني: أنه لا بأس بما ينقطع عند المشي علي نحو المتعارف و يمكن أن

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

(5) نفس المصدر، الحديث 7.

(6) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 58

______________________________

يستدل عليه بانصراف دليل الحرمة عن هذه الصورة مضافا الي السيرة الجارية عليه اضف الي ذلك انه لو كان حراما لبان و ظهر و لم يكن للبحث حوله مجال و يضاف الي ذلك كله ان التحفظ عنه قبل تبليط الشوارع، كان حرجا و الحرج منفي في الشريعة و لكن الوجه الأخير اخص من المدعي فلاحظ.

الفرع الثالث: أنه لا يجب منع الحيوان عن التعلّف و الوجه فيه عدم صدق الموضوع المحرم بل ورد النص بالخصوص في جواز التخلية عن البعير ليأكل ما شاء لاحظ ما رواه حريز بن عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يخلّي عن البعير في الحرم يأكل ما شاء «1» بل يدل حديث محمد بن حمران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن النبت الذي

في أرض الحرم أ ينزع فقال: أما شي ء تأكله الابل فليس به بأس أن تنزعه «2» علي جواز الأخذ لأكل الابل.

الفرع الرابع: أنه يجوز قلع الإذخر و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه زرارة «3» و منها ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر عليه السّلام قال: رخص رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم في قطع عودي المحالة و هي البكرة التي يستقي بها من شجر الحرم و الإذخر «4» و منها ما رواه زرارة أيضا «5».

الفرع الخامس: أنه يجوز قلع شجر النخل و الفاكهة لاحظ ما رواه سليمان

______________________________

(1) الوسائل: الباب 89 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) لاحظ ص 57.

(4) الباب 87 من هذه الأبواب، الحديث 5.

(5) لاحظ ص 57.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 59

[(مسألة 281): الشجرة التي يكون أصلها في الحرم و فرعها في خارجه أو بالعكس]

(مسألة 281): الشجرة التي يكون أصلها في الحرم و فرعها في خارجه أو بالعكس حكمها حكم الشجرة التي جميعها في الحرم (1).

[(مسألة 282): كفارة قلع الشجرة قيمة تلك الشجرة]

(مسألة 282): كفارة قلع الشجرة قيمة تلك الشجرة و في القطع منها قيمة المقطوع و لا كفّارة في قلع الأعشاب و قطعها (2).

______________________________

ابن خالد «1».

الفرع السادس: أنه يجوز قطع الاعشاب التي تجعل علوفة للابل لاحظ ما رواه محمد بن حمران «2».

الفرع السابع: أنه يجوز قطع أو قلع الأشجار أو الأعشاب التي تنمو في دار نفس الشخص أو في ملكه أو يكون الشخص هو الذي غرس ذلك الشجر أو زرع العشب لاحظ أحاديث حماد بن عثمان «3» و اسحاق بن يزيد «4».

الفرع الثامن: ان الشجرة التي كانت موجودة في الدار قبل تملكها يكون حكمها حكم سائر الأشجار و الوجه فيه انّ مقتضي إطلاق دليل الحرمة حرمة التصرف فيها بالقلع و القطع و التخصيص يتوقف علي قيام الدليل عليه.

(1) لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن شجرة اصلها في الحرم و فرعها في الحل فقال: حرم فرعها لمكان أصلها قال: قلت: فان اصلها في الحل و فرعها في الحرم فقال: حرم أصلها لمكان فرعها «5».

(2) الظاهر أنه لا كفارة في قطع الشجرة أو قلعها لعدم الدليل عليها نعم

______________________________

(1) لاحظ ص 56.

(2) لاحظ ص 58.

(3) لاحظ ص 57.

(4) لاحظ ص 57.

(5) الوسائل: الباب 90 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 60

أين تذبح الكفارة؟ و ما مصرفها

[مسألة 283 في محل ذبح الكفارات]

(مسألة 283): اذا وجبت علي المحرم كفارة لأجل الصيد في العمرة فمحل ذبحها مكة المكرمة و إذا كان الصيد في احرام الحج فمحل ذبح الكفارة مني (1).

______________________________

حديث سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يقطع من الأراك الذي بمكة قال: عليه ثمنه يتصدق

به و لا ينزع من شجر مكة شيئا الّا النخل و شجر الفواكه «1» لا بأس به سندا لكن دلالته خاصة بمورد خاص و أما حديث منصور بن حازم أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الاراك في الحرم فاقطعه قال: عليك فداؤه «2» و موسي بن القاسم قال: روي أصحابنا عن أحدهما عليهما السّلام أنه قال: اذا كان في دار الرجل شجرة من شجر الحرم لم تنزع فان أراد نزعها كفّر بذبح بقرة يتصدق بلحمها علي المساكين «3» فلا اعتبار بسنديهما أما الأول فلضعف اسناد الصدوق الي منصور بن حازم و أما الثاني فبالارسال هذا تمام الكلام بالنسبة الي الشجرة و أما قلع الاعشاب فلا كفارة فيه لعدم الدليل و اللّه العالم.

(1) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من وجب عليه فداء صيد اصابه و هو محرم فان كان حاجّا نحر هديه الذي يجب عليه بمني و ان كان معتمرا نحره بمكة قبالة الكعبة «4» و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: في المحرم إذا أصاب صيدا فوجب عليه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 18 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) الوسائل: الباب 49 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 61

______________________________

الفداء فعليه ان ينحره ان كان في الحج بمني حيث ينحر الناس فان كان في عمرة نحره بمكة، الحديث «1» و منها ما رواه محمد بن اسماعيل قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الظل للمحرم من أذي مطر أو شمس فقال أري أن

يفديه بشاة يذبحها بمني «2» مضافا الي ما نقل عن المدارك ان هذا مذهب الاصحاب لا أعلم فيه مخالفا و في قبال هذه النصوص روايات ربما يتوهم انها تعارض ما تقدم من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: يفدي المحرم فداء الصيد من حيث اصابه «3» و هذه الرواية لا اعتبار بها إذ لم ينقل الحديث عن الامام عليه السّلام و رأي ابن عمّار لا يفيدنا و منها ما رواه أبو عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا أصاب المحرم الصيد و لم يجد ما يكفّر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوّم جزاؤه من النعم دراهم ثم قوّمت الدراهم طعاما لكل مسكين نصف صاع فإن لم يقدر علي الطعام صام لكل نصف صاع يوما «4» بتقريب انّ المستفاد من الحديث ان مكان الذبح موضع الاصابة و فيه انه لا دلالة في الخبر علي بيان موضع الذبح مضافا الي انّ تعين الذبح في محل الاصابة لم ينقل عن أحد من الأصحاب و انما المنقول عن المحقق الأردبيلي جواز التقويم و منها مرسلة المفيد قال: و قال عليه السّلام: المحرم يهدي فداء الصيد من حيث صاده «5» و فيه ان المرسل لا اعتبار به مضافا الي انّ الفداء ليس بمعني الذبح و منها ما رواه ابن

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) الباب 51 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(4) الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(5) الباب 3 من هذه الأبواب، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 62

______________________________

مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اهدي إليه حمام اهليّ جي ء به و هو في

الحرم محلّ قال: ان أصاب منه شيئا فليتصدّق مكانه بنحو من ثمنه «1» و يرد عليه انّ الحديث في مقام بيان حكم الحرم و كلامنا في بيان حكم المحرم بما هو محرم و إن لم يكن في الحرم مضافا الي انّ الحديث في مقام بيان الثمن و كلامنا في محل الذبح أضف الي ذلك ان المقصود من المكان في الحديث عوض الصيد لا ما هو محل الكلام في المقام و يضاف الي ذلك كله ان المذكور في الحديث عنوان المحل و كلامنا في المحرم اللهم الا أن يقال إذا ثبت الحكم في المحل يثبت في المحرم بالأولوية فلاحظ فما أفاده المشهور هو الصحيح و يضاف الي ما تقدم من الأدلة الدالة علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الأرنب يصيبه المحرم فقال شاة «هديا بالغ الكعبة» «2» و منها ما رواه الحلبي أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أصاب بيض نعام و هو محرم فعليه أن يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الابل فانه ربّما فسد كلّه و ربّما خلق كله و ربما صلح بعضه و فسد بعضه فما نتجت الابل فهديا بالغ الكعبة «3» و منها ما رواه أبو الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن محرم وطئ بيض نعام فشدخها فقال: قضي فيها أمير المؤمنين عليه السّلام أن يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الابل الاناث فما لقح و سلم كان النتاج هديا بالغ الكعبة، الحديث «4» و منها ما رواه الكناني أيضا عن

______________________________

(1) الباب 10 من هذه الأبواب، الحديث 10.

(2) الوسائل: الباب 4 من

أبواب كفارات الصيد، الحديث 2.

(3) الباب 23 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 63

[(مسألة 284): إذا وجبت الكفارة علي المحرم بسبب غير الصيد فالأظهر جواز تأخيرها إلي عودته من الحج فيذبحها أين شاء]

(مسألة 284): إذا وجبت الكفارة علي المحرم بسبب غير الصيد فالأظهر جواز تأخيرها إلي عودته من الحج فيذبحها أين شاء و الأفضل انجاز ذلك في حجّه و مصرفها الفقراء و لا بأس بالأكل منها قليلا مع الضمان (1).

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث أنه قال في رجل وطئ بيض نعامة ففدغها و هو محرم فقال: قضي فيه علي عليه السّلام أن يرسل الفحل علي مثل عدد البيض من الابل فما لقح و سلم حتي ينتج كان النتاج هديا بالغ الكعبة «1».

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: في بيان موضع ذبح الكفارة التي تجب علي المحرم بسبب غير الصيد.

الفرع الثاني: في بيان مصرف الكفارة: أما الفرع الأول فنقول يقع الكلام حوله في ثلاثة مواضع:

الموضع الأول: ما إذا كان الثابت في العمرة المفردة و حكم كفارتها التخيير بين مكة و مني لكن الأفضل جعلها بمكة و الدليل علي المدعي ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن كفارة العمرة المفردة أين تكون فقال: بمكة الّا أن يشاء صاحبها ان يؤخّرها الي مني و يجعلها بمكة أحبّ إلي و أفضل «2» و لا اضطراب في متن الحديث فإن جواز التأخير الي مني لا يستلزم ارتباط العمرة بمني كي يلزم كون المراد من العمرة الواردة في مورد السؤال عمرة التمتع فان التخيير المذكور في الحديث أمر قابل في مقام الثبوت و قد دل الدليل عليه في مقام الاثبات

______________________________

(1) الوسائل: الباب 23 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 4.

(2) الباب 49 من

هذه الأبواب، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 64

______________________________

ان قلت يقع التعارض بين هذا الحديث الذي يدل علي وجوب الذبح بمني اذا كان الكفارة للتظليل لاحظ ما رواه محمد بن اسماعيل «1» فانه يقع التعارض بينهما في المحرم للعمرة المفردة إذا ظلل قلت: لا بد من الأخذ بما عن أبي الحسن عليه السّلام للأحدثية فالنتيجة ان كفارة التظليل لا بد أن تذبح بمني و أما علي تقدير عدم تقديم الأحدث يكون مقتضي القاعدة عدم التقديم و بعد عدم التقديم يسقط كلا المتعارضين بالتعارض و يبقي وجوب الكفارة و لزوم القيد ينتفي بالأصل.

الموضع الثاني: ما يكون واجبا في عمرة التمتع و حكمها التخيير بين مكة و مني و الدليل ما رواه معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من ساق هديا في عمرة فلينحره قبل أن يحلق و من ساق هديا و هو معتمر نحر هديه في المنحر و هو بين الصفا و المروة و هي بالحرورة، قال: و سألته عن كفارة المعتمر أين تكون قال:

بمكة الا أن يؤخّرها الي الحج فتكون بمني و تعجيلها أفضل و أحبّ إليّ «2».

فحكم الكفارة في عمرة التمتع كحكمها في العمرة المفردة و ان شئت فقل مقتضي هذا الحديث التخيير في كفارة العمرة علي الاطلاق و بلا فرق بين المفردة و التمتع و لا تنافي بين هذه الرواية و حديث منصور بن حازم «3» فان المستفاد من حديث منصور حكم العمرة المفردة و المستفاد من هذا الحديث حكم مطلقها.

الموضع الثالث: في محل ذبح ما يجب في الحج و ما يكون في الحج تارة تكون

______________________________

(1) لاحظ ص 39.

(2) الوسائل: الباب 4 من أبواب الذبح، الحديث 4.

(3)

لاحظ ص 63.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 65

______________________________

الكفارة للتظليل و اخري لغيره أما إذا كان للتظليل فيجب ذبحها في مني و الدليل علي المدعي حديثا ابن بزيع «1» و أمّا اذا كانت لغير التظليل فالظاهر جواز التأخير الي ان يرجع الي أهله قال في الحدائق نقلا عن سيد المدارك ان النصوص تختص بكفارة الصيد و أما غيرها فلا دليل علي التقييد فلو قيل بجواز ذبحه حيث كان لم يكن بعيدا للاصل الي آخر كلامه و الأمر كما أفاده إذ مع عدم الدليل علي التقييد تكون اصالة البراءة عن الخصوصية محكمة بل يمكن الاستدلال علي المدعي بحديث اسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له الرجل يخرج من حجته شيئا يلزمه منه دم يجزيه ان يذبحه إذا رجع الي أهله فقال: نعم و قال: فيما اعلم يتصدق به قال اسحاق و قلت لابي ابراهيم عليه السّلام الرجل يخرج من حجته ما يجب عليه الدم و لا يهريقه حتي يرجع الي أهله قال: يهريقه في أهله و يأكل منه الشي ء «2» فان مقتضي صريح الرواية جواز تأخير الذبح الي أن يرجع الي أهله و صفوة القول أنه لم يرد دليل دال علي مكان معين للذبح إذا كانت الكفارة ترتبط بالحج و مقتضي القاعدة جواز ذبحها في كل مكان و مقتضي حديث ابن عمّار التصريح لجواز التأخير فلا يجب الذبح في خصوص مني و يضاف الي ما تقدم مفهوم حديث ابن سنان «3» فان مقتضي مفهوم الشرطية انتفاء الجزاء عند انتقاء المقدم و هو المطلوب و بعبارة اخري وجوب الذبح في مني أو مكة يختص بكفارة الصيد، لكن الحق ان الاستدلال بالحديث

علي المدعي في غير محلّه اذ الشرطية فيه سيقت لبيان الموضوع فلا تعرض

______________________________

(1) لاحظ ص 39.

(2) الوسائل: الباب 5 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(3) لاحظ ص 60.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 66

______________________________

فيه لغير الصيد فلاحظ.

و صفوة القول ان الكفارة ان كانت للتظليل يجب ذبحها بمني لحديث ابن بزيع عن الرضا عليه السّلام و يقدم علي معارضه بالأحدثية و في غير التظليل ان كانت في العمرة مفردة كانت أو متعة يكون المكلف مخيرا بين مكة و مني و ما يتعلق بالحج يجوز تأخيره الي أن يرجع الي محله.

الفرع الثاني: في مصرفها و مصرفها الفقراء لاحظ ما رواه اسحاق بن عمّار «1» فانه اشرب في مفهوم التصدق أن يكون الآخذ فقيرا مضافا الي أنه يكفي الشك بالتقييد فانه لو شك في ان التصدق بما له من المفهوم هل يصدق علي مورد يكون الآخذ غنيا أم لا فلا بد من الالتزام بالتضيق و هل يجوز الأكل منها مقتضي القاعدة الأولية عدم الجواز إذ يلزم التصدق بها و أما من حيث النص الخاص فيدل ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: إذا أكل الرجل من الهدي تطوّعا فلا شي ء عليه و إن كان واجبا فعليه قيمة ما أكل «2» علي أن الهدي إذا كان تطوّعا يجوز الأكل منه بلا بدل و أما إذا كان واجبا فعليه قيمة ما أكل و الحديث ضعيف سندا و يدل علي عدم الجواز ما رواه عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الهدي ما يؤكل منه أ شي ء يهديه في المتعة أو غير ذلك قال: كل هدي من نقصان الحج فلا تأكل منه و كل

هدي من تمام الحج فكل «3» و يدل حديث اسحاق بن عمّار المتقدم آنفا علي جواز الأكل منه قليلا.

______________________________

(1) لاحظ ص 65.

(2) الوسائل: الباب 40 من أبواب الذبح، الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 67

[الواجب الثاني من واجبات عمرة التمتع الطواف]

[شرائط الطواف]

اشارة

شرائط الطواف الطواف هو الواجب الثاني في عمرة التمتع و يفسد الحج بتركه عمدا سواء كان عالما بالحكم أو كان جاهلا به أو بالموضوع و يتحقّق الترك بالتأخير إلي زمان لا يمكنه ادراك الركن من الوقوف بعرفات ثم أنه إذا بطلت العمرة بطل احرامه أيضا علي الأظهر و الأحوط الأولي حينئذ العدول إلي حج الافراد و علي التقديرين تجب اعادة الحج في العام القابل و يعتبر في الطواف أمور:

[الأول: النية]

الأول: النية فيبطل الطواف إذا لم يقترن بقصد القربة.

[الثاني: الطهارة من الحدثين الأكبر و الأصغر]
اشارة

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مصباح الناسك في شرح المناسك، دو جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1425 ه ق مصباح الناسك في شرح المناسك؛ ج 2، ص: 67

الثاني: الطهارة من الحدثين الأكبر و الأصغر فلو طاف المحدث عمدا أو جهلا أو نسيانا لم يصح طوافه (1).

______________________________

(1) في المقام فروع:

الفرع الأول: ان الطواف هو الواجب الثاني في عمرة التمتع لا اشكال و لا كلام في كون الطواف من واجبات عمرة التمتع و اجزائها قال سيدنا الاستاد قدّس سرّه بل هو ركن فيها اجماعا و ضرورة و لم يختلف فيه أحد من المسلمين و يدل عليه مضافا الي ما ذكر قوله تعالي: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ «1» و لا أدري بأي تقريب تدل الآية الشريفة علي المدعي إذ الطواف جزء من اعمال الحج فالظاهر ان الآية وحدها لا تكون دليلا علي المدعي المذكور فلاحظ.

______________________________

(1) الحج: 29.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 68

______________________________

الفرع الثاني: أنه يفسد الحج بتركه عمدا و هذا علي طبق القاعدة الأولية فإن كل مركب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه أو أحد شرائطه و هذا واضح ظاهر و لا فرق في الفساد بالترك العمدي بين العالم بالحكم و الجاهل به كما انه لا فرق من هذه الجهة بين العالم بالموضوع و الجاهل به فالنتيجة أنه لو ترك الطواف عمدا يكون حجه باطلا بلا فرق بين العالم و الجاهل و أما الناسي فيتعرض الماتن لحكمه فانتظر.

الفرع الثالث: ان الترك يتحقق بالتأخير الي زمان لا يمكنه ادراك الوقوف بعرفات إذ الوقوف بعرفات مترتب علي اتمام عمرة التمتع فاذا ترك الطواف الي زمان

عدم ادراك الوقوف بعرفات يكون مرجعه الي ترك الطواف.

الفرع الرابع: انه إذا بطلت العمرة بترك الطواف يبطل احرامه أيضا و هذا أمر علي طبق القاعدة الأولية فان كل جزء من المركب الاعتباري مشروط بوجود الاجزاء و مع بطلان جزء من المركب الموجب لبطلان المركب كما هو كذلك لا مجال لبقاء جزء علي صحته و ان شئت فقل الصحة تنتزع من انطباق المأمور به علي المأتي به هذا من ناحية و من ناحية اخري ان كل جزء مرتبط ببقية الأجزاء فبطلان جزء واحد يستلزم بطلان بقية الأجزاء و عليه لا نحتاج الي المحلل و صفوة القول ان احرام الحج و العمرة كإحرام الصلاة بالتكبير و عن الكركي قدّس سرّه بقاء احرامه علي حاله الي أن يأتي بالفعل الفائت في السنة الآتية فنسأل ان مثل هذا الشخص يأتي ببقية الأعمال في السنة الآتية بالاحرام الأول أو بالاحرام المأتي به في السنة الآتية أما علي الأول فيلزم جواز الاتيان بالحج الواحد في سنتين و بعبارة اخري يلزم جواز

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 69

______________________________

التبعيض و هذا خلاف الاجماع و أما علي الثاني فينافي بقائه علي احرامه فان تجديد الاحرام معناه بطلان الاحرام الأول و بعبارة اخري تحصيل الحاصل محال أضف الي ذلك النص الخاص لاحظ ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل جهل ان يطوف بالبيت طواف الفريضة قال: إن كان علي وجه جهالة في الحج أعاد و عليه بدنة «1» و انما يتوهم ان مقتضي استصحاب بقاء الاحرام عدم بطلانه و يرد عليه أولا مع وجود الدليل لا مجال للاصل و المفروض قيام الدليل علي بطلانه و تقدم بيانه و

ثانيا: ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد أضف الي ذلك انه ما المراد من المستصحب فان كان المراد منه الأحكام المترتبة علي الاحرام فان الشك فيها ناش من بقاء الاحرام و عدمه و لا مجال لاستصحاب الحكم مع الشك في موضوعه و ان كان المراد به صحة الاحرام و بقائه فمتي كان موجودا و صحيحا فان المفروض انه مرتبط بالطواف و قد فرض عدم تحققه و مع ذلك كله مقتضي الاحتياط العدول الي حج الافراد و الاحلال و إن كان العدول خلاف القاعدة الأولية و لا اشكال في وجوب اعادة الحج في العام القابل إذ المفروض أنه لم يتحقق الامتثال.

الفرع الخامس: أنه يشترط في الطواف النية و المراد منها القربة و لا اشكال في اعتبارها فيه فان الطواف من العبادات و اشتراط العبادة بالقربة أوضح من أن يخفي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 56 من أبواب الطواف، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 70

______________________________

و استدل سيدنا الاستاد علي المدعي بوجهين أحدهما قوله تعالي: وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا «1» فان ما يكون له تعالي لا بدّ فيه من الانتساب إليه و يرد عليه أولا ان النذر جعل المتعلق له تعالي علي المكلف و الحال ان النذر لا يوجب عبادية المتعلق و ثانيا انه لا يفهم من كون الشي ء له تعالي الا أنه ملك له و هذا امر جامع بين جميع الواجبات ثانيهما: ما دل علي ان الاسلام بني علي الخمس و الحج منها و ما يكون مبنيا عليه الاسلام أمر قربي و يرد عليه أنه مصادرة بالمطلوب و لا نري تلازما بين الأمرين.

الفرع السادس: أنه يشترط

في الطواف الطهارة من الحدث الأكبر و الأصغر قال في الحدائق ان العلامة نقل في المنتهي اجماع العلماء كافة علي وجوب الطهارة في الطواف الواجب فلو طاف المحدث عمدا أو جهلا أو نسيانا لم يصح طوافه إذ مع فرض الاشتراط لو انتفي الشرط ينتفي المشروط و لا فرق فيه بين العمد و الجهل و النسيان و أما دليل الاشتراط فمضافا الي الاجماع المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أحدهما عليهما السّلام عن رجل طاف طواف الفريضة و هو علي غير طهور قال: يتوضأ و يعيد طوافه و إن كان تطوعا توضّأ و صلّي ركعتين «2» و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن رجل طاف بالبيت و هو جنب فذكر و هو في الطواف قال: يقطع الطواف و لا يعتد

______________________________

(1) آل عمران: 97.

(2) الوسائل: الباب 38 من أبواب الطواف، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 71

______________________________

بشي ء ممّا طاف و سألته عن رجل طاف ثم ذكر انه علي غير وضوء قال: يقطع طوافه و لا يعتد به «1» و منها ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام أنه سئل أ ينسك المناسك و هو علي غير وضوء فقال: نعم الّا الطواف بالبيت فان فيه صلاة «2» و منها ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: رجل طاف علي غير وضوء فقال: إن كان تطوّعا فليتوضّأ و ليصل «3» و منها ما رواه علي بن الفضل الواسطي عن أبي الحسن عليه السّلام قال: إذا طاف الرجل بالبيت و هو علي غير وضوء

فلا يعتد بذلك الطواف و هو كمن لم يطف «4» و بما تقدم من النصوص يخصّص ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل طاف بالبيت علي غير وضوء قال: لا بأس «5».

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

(3) نفس المصدر، الحديث 8.

(4) نفس المصدر، الحديث 11.

(5) نفس المصدر، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 72

[(مسألة 285): إذا أحدث المحرم أثناء طوافه]

(مسألة 285): إذا أحدث المحرم أثناء طوافه فللمسألة صور: (1)

الأولي: أن يكون ذلك قبل بلوغه النصف ففي هذه الصورة يبطل طوافه و تلزمه اعادته بعد الطهارة.

الثانية: أن يكون الحدث بعد اتمامه الشوط الرابع و من دون اختياره ففي هذه الصورة يقطع طوافه و يتطهر و يتمه من حيث قطعه.

الثالثة: أن يكون الحدث بعد النصف و قبل تمام الشوط الرابع أو يكون بعد تمامه مع صدور الحدث عنه بالاختيار و الأحوط في هذين الفرضين أن يتم طوافه بعد الطهارة من حيث قطع ثم يعيده و يجزئ عن الاحتياط المذكور أن يأتي بعد الطهارة بطواف كامل يقصد به الأعم من التمام و الاتمام و معني ذلك أن يقصد الاتيان بما تعلق بذمته سواء أ كان هو مجموع الطواف أم هو الجزء المتمم للطواف الأول و يكون الزائد لغوا.

______________________________

(1) الصورة الأولي: أن يكون الحدث قبل بلوغه النصف و المعروف عند الأصحاب بل لا خلاف بينهم في أنّه لو أحدث في طوافه قبل بلوغ النصف بطل طوافه.

أقول: اذا وصلت النوبة الي الشك أي لو شك في أنّه هل يشترط في صحة الطواف عدم تخلل الحدث يكون مقتضاه عدم البطلان.

و بعبارة اخري: لو شك في الاشتراط و عدمه يكون مقتضي الأصل أي الاستصحاب عدم الاشتراط كما

انّ مقتضي البراءة عدم التقييد ان قلت: التقابل بين

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 73

______________________________

الاطلاق و التقييد بالتضاد فكما ان التقييد يتوقف علي اللحاظ كذلك الاطلاق يتوقف عليه فاصالة عدم الاشتراط لا يثبت الاطلاق.

مضافا الي أنّه علي القول بالاثبات يكون استصحاب عدم الاطلاق مثبتا للتقييد.

قلت: الأمر كما تقول لكن يكفي للاكتفاء بأصل الطواف و لو مع تخلل الحدث حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان و قد بنينا علي الاكتفاء بالأقل في الشك بين الأقلّ و الأكثر الارتباطيين علي البيان المذكور و قلنا الاكتفاء بالأقل بالبراءة العقلية.

لكن رجعنا عن هذه المقالة و قلنا: انّ وجوب الاحتياط مانع عن الأخذ بحكم العقل.

و بعبارة اخري: أدلة وجوب الاحتياط قابلة للبيان فلا مجال لجريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان.

ان قلت: قد تقدم أنّ النصوص دالة علي اشتراط الطواف بالطهارة.

قلت: لا تنافي بين الأمرين فإن مقتضي الاشتراط تقارن الأجزاء المأتي بها مع الطهارة و أما لزوم بقاء الطهارة و تقارنها مع الأنات المتخللة فلا يستفاد من دليل الاشتراط.

و ان شئت فقل: انّ الشرطية لا تلازم كون الحدث قاطعا نعم مع قيام الدليل علي القاطعية نلتزم بالاشتراط حتي في الآنات المتخللة كما أنّ الأمر كذلك في الصلاة.

إذا عرفت ما تقدم يلزم أن نري و نلاحظ أنّه هل يكون دليل دالا علي

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 74

______________________________

المدعي و ما يمكن الاستدلال به علي المدعي وجوه:

الوجه الأول: اشتراط الطواف بالطهارة فيبطل بحدوث الحدث أثنائه.

و قد تقدم الجواب عن الوجه المذكور.

الوجه الثاني: ما رواه حمران بن أعين عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن رجل كان عليه طواف النساء وحده فطاف منه خمسة أشواط ثمّ غمزه بطنه فخاف أن يبدره

فخرج الي منزله فنفض ثمّ غشي جاريته قال: يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان قد بقي عليه من طوافه و يستغفر اللّه و لا يعود و إن كان طاف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثمّ خرج فغشي فقد أفسد حجّه و عليه بدنة و يغتسل ثم يعود فيطوف أسبوعا «1».

بتقريب: أنّ الحكم إذا ثبت في طواف النساء يثبت في طواف العمرة و الحج بالأولوية لأنّ طواف النساء لا يكون جزءا للحج.

و الجواب: أنّه حكم وارد في مورد خاص مضافا الي أنّ المفروض في مورد الحديث فوات الموالات و الكلام في المقام من ناحية اشتراط الطهارة بالنسبة الي الآنات المتخللة اضف الي ذلك ان مفاد الحديث لا ينطبق علي المدعي إذ المستفاد من الحديث ان حجه يفسد و الكلام في فساد خصوص الطواف فتأمل.

الوجه الثالث: مرسل جميل عن أحدهما عليهما السّلام في الرجل يحدث في طواف الفريضة و قد طاف بعضه قال: يخرج و يتوضّأ فإن كان جاز النصف بني علي طوافه و إن كان أقل من النصف أعاد الطواف «2» و المرسل لا اعتبار به.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 40 من أبواب الطواف، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 75

______________________________

الوجه الرابع: جملة من الروايات منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا حاضت المرأة و هي في الطواف بالبيت و بين الصفا و المروة فجاوزت النصف فعلمت ذلك الموضع فاذا طهرت رجعت فأتمت بقية طوافها من الموضع الذي علمته فإن هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله «1» و منها ما رواه

أحمد بن عمر الحلال عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن امرأة طافت خمسة أشواط ثم اعتلت قال: إذا حاضت المرأة و هي في الطواف بالبيت أو بالصفا و المروة و جاوزت النصف علمت ذلك الموضع الذي بلغت فاذا هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها ان تستأنف الطواف من أوله «2».

منها ما رواه ابراهيم بن اسحاق عمن سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة طافت أربعة أشواط و هي معتمرة ثم طمثت قال: تتم طوافها و ليس عليها غيره و متعتها تامة و لها ان تطوف بين الصفا و المروة لأنّها زادت علي النصف و قد قضت متعتها فلتستأنف بعد الحج و ان هي لم تطف الّا ثلاثة اشواط فلتستأنف الحج فان اقام بها جمّالها بعد الحج فلتخرج الي الجعرانة أو الي التنعيم فلتعتمر «3»، فانّ المستفاد من النصوص المشار إليها التفصيل بين التجاوز عن النصف و ما لم يتجاوزه فحكم بالصحة في الأول و الفساد في الثاني و يرد عليه أنها واردة في بيان حكم الحائض و بعبارة اخري حكم خاص في اطار مخصوص مضافا الي انّ الكلام في المقام بالنسبة الي حدوث الحدث اثناء الطواف و الحال أنّه في مورد نصوص الحائض

______________________________

(1) الباب 85 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 76

______________________________

تفوت الموالاة و المفروض ان الموالاة معتبرة في أشواط الطواف و بعبارة اخري انتفاء الموالات بنفسه يوجب الفساد و الكلام في المقام لا يكون من هذه الجهة مضافا الي ضعف اسنادها و يضاف الي ذلك كله انها معارضة بحديث محمد بن مسلم قال:

سألت أبا عبد اللّه

عليه السّلام عن امرأة طافت ثلاثة أشواط أو أقلّ من ذلك ثم رأت دما قال: تحفظ مكانها فاذا طهرت طافت و اعتدّت بما مضي «1» فانقدح انه لا يمكن اثبات المدعي بالنص لكن كيف يمكن الذهاب الي خلاف ما عليه المشهور و الحال انّ صاحب الجواهر قدّس سرّه يقول بلا خلاف معتد به أجده كما اعترف به غير واحد بل في المدارك هذا الحكم مقطوع به في كلام الاصحاب و ظاهر المنتهي الاجماع عليه و عن الخلاف الاجماع علي الاستئناف قبل تجاوز النصف.

الصورة الثانية: أن يكون الحدث بعد اتمامه الشوط الرابع و من دون اختيار ففي هذه الصورة يقطع طوافه و يتطهّر و يتمّه من حيث قطعه و ما يمكن أن يكون وجها للبطلان أحد أمرين أحدهما ان الطهارة شرط في الطواف فيبطل بحدوث الحدث اثنائه و الجواب عنه أنه قد تقدم عدم الدليل علي اشتراط الآنات المتخللة بالطهارة.

ثانيهما: أن تجديد الطهارة في الاثناء ينافي الموالاة الواجبة في الأشواط و فيه انّ المقدار القليل كدقيقة أو دقيقتين مثلا لا يوجب فوات الموالات العرفية فالحكم بالصحة في الصورة المفروضة علي طبق القاعدة أضف الي ذلك التسالم من الأصحاب و يؤيد المدعي مرسل جميل «2» و تؤيده عدة روايات واردة في حكم

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 3.

(2) لاحظ ص 74.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 77

______________________________

حدوث الحيض اثناء الطواف و انه لا يبطله و الحال أن عدم البطلان بالحدث الأصغر أولي.

الصورة الثالثة: أن يكون الحدث بعد النصف و قبل تمام الشوط الرابع و مقتضي القاعدة كما تقدم منا عدم البطلان بل يجدد الوضوء و يأتي بالباقي إذ لا موجب للبطلان.

الصورة الرابعة: أن يكون الحدث بعد الشوط الرابع

بالاختيار و ذهب جماعة من الفقهاء الي البطلان في هذه الصورة و الذي يختلج بالبال أن يقال لا وجه للبطلان بل القاعدة تقتضي الصحة كما تقدم منا إذ لا دليل علي اشتراط الآنات المتخللة بالطهارة، ان قلت يستفاد من جملة من الروايات ان الخروج عن المطاف اختيارا يوجب بطلانه منها ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام فيمن كان يطوف بالبيت فيعرض له دخول الكعبة فدخلها قال: يستقبل طوافه «1» و منها ما رواه حبيب بن مظاهر قال: ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطا واحدا فاذا انسان قد اصاب انفي فادماه فخرجت فغسلته ثم جئت فابتدأت الطواف فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: بئس ما صنعت كان ينبغي لك أن تبني علي ما طفت ثم قال: أما انه ليس عليك شي ء «2» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط ثم وجد من البيت خلوة فدخله كيف يصنع قال:

يعيد طوافه و خالف السنة «3» و منها ما رواه ابن مسكان قال: حدثني من سأله عن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 41 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 78

______________________________

رجل طاف بالبيت طواف الفريضة ثلاثة أشواط وجد خلوة من البيت فدخله قال:

نقض طوافه و خالف السنة فليعد «1» و منها ما رواه أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل طاف شوطا أو شوطين ثم خرج مع رجل في حاجته قال: ان كان طواف نافلة بني عليه و إن كان طواف فريضة لم يبن «2» و منها

ما رواه أبو الفرج قال: طفت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام خمسة أشواط ثم قلت اني أريد أن أعود مريضا فقال: احفظ مكانك ثم اذهب فعده ثم ارجع فاتم طوافك «3»، و منها ما رواه أبان بن تغلب قال:

كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام في الطواف فجاء رجل من اخواني فسألني ان امشي معه في حاجته ففطن بي أبو عبد اللّه عليه السّلام فقال: يا أبان من هذا الرجل قلت: رجل من مواليك سألني ان اذهب معه في حاجته قال: يا أبان اقطع طوافك و انطلق معه في حاجته فاقضها له فقلت: اني لم أتم طوافي قال: احص ما طفت و انطلق معه في حاجته فقلت: و ان كان طواف فريضة فقال: نعم و إن كان طواف فريضة الي أن قال لقضاء حاجة مؤمن خير من طواف و طواف حتي عدّ عشر أسابيع فقلت له: جعلت فداك فريضة أم نافلة فقال: يا أبان انما يسأل اللّه العباد عن الفرائض لا عن النوافل «4».

و منها ما أرسله النخعي و جميل عن أحدهما عليهما السّلام قال في الرجل يطوف ثم تعرض له الحاجة قال: لا بأس أن يذهب في حاجته أو حاجة غيره و يقطع الطواف

______________________________

(1) الوسائل: الباب 41 من أبواب الطواف، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 6.

(4) نفس المصدر، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 79

______________________________

و ان أراد أن يستريح و يقعد فلا بأس بذلك فاذا رجع بني علي طوافه و إن كان نافلة بني علي الشوط أو الشوطين و إن كان طواف فريضة ثم خرج في حاجة مع رجل لم يبن و لا في حاجة نفسه «1»

و منها ما رواه عمران الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أطواف في الفريضة ثم وجد خلوة من البيت فدخله قال: يقضي طوافه و قد خالف السنة فليعد طوافه «2» و منها ما رواه أبو عنزة قال: مرّ بي أبو عبد اللّه عليه السّلام و أنا في الشوط الخامس من الطواف فقال لي:

انطلق حتي نعود هاهنا رجلا فقلت له: انّما انا في خمسة أشواط من اسبوعي فاتم اسبوعي قال: اقطعه و احفظه من حيث تقطعه حتي تعود الي الموضع الذي قطعت منه فتبني عليه «3» قلت: تجديد الوضوء لا يتوقف علي الخروج عن المطاف فالقاعدة تقتضي الصحّة و لكن مقتضي الاحتياط في هذه الصورة و الصورة الثالثة ان يحتاط بما ذكره في المتن فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 8.

(2) نفس المصدر، الحديث 9.

(3) نفس المصدر، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 80

[(مسألة 286): إذا شك في الطهارة قبل الشروع في الطواف أو في أثنائه]

(مسألة 286): إذا شك في الطهارة قبل الشروع في الطواف أو في أثنائه فإن علم أنّ الحالة السابقة كانت هي الطهارة و كان الشك في صدور الحدث بعدها لم يعتن بالشك و إلّا وجبت عليه الطهارة و الطواف أو استينافه بعدها (1).

______________________________

(1) تتصور في المقام صور:

الصورة الأولي: أن يكون المكلف محرزا للطهارة سابقا و يشك في بقائها و في هذه الصورة لا اشكال في جريان استصحاب الطهارة.

الصورة الثانية: أن يكون المكلف محرزا للحدث السابق و حكمه استصحاب الحدث بقاء.

الصورة الثالثة: توارد الحالتين و قد حقق في محله انه يتعارض الاصلان و يتساقطان و بعد التساقط لا بدّ من الاحتياط هذا اذا كان قبل الشروع في العمل و اما اذا كان الشك عارضا بعد الشروع في

العمل أي كان في اثناء الطواف فعن الجواهر أنه قال يمكن جريان قاعدة الفراغ بالنسبة الي ما مضي من الاشواط و تجديد الطهارة و الاتيان بالباقي و أورد عليه سيدنا الاستاد و لم افهم كلامه إذ في مقام الردّ أفاد أنّه لا يقاس ما نحن فيه بمن يشك بين الظهر و العصر في الطهارة بالنسبة الي الظهر فانه تجري قاعدة الفراغ بالنسبة الي الظهر و يجدّد الوضوء بالنسبة الي العصر و الوجه في بطلان القياس ان اشتراط وقوع العصر بعد الظهر ليس اشتراطا واقعيا بل الاشتراط ذكري فلو كان الظهر فاسدا واقعا يصح العصر واقعا في صورة عدم الظهر و اما في المقام فكل شوط تتوقف صحته علي الشوط المتقدم اشتراطا واقعيا و يرد عليه ان الامر و إن كان كذلك لكن مع ذلك لا يتمّ ما افاده اذ لا نري مانعا عن جريان القاعدة في كلّ جزء من المركب اذا شك في صحته مثلا لو

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 81

[(مسألة 287): إذا شك في الطهارة بعد الفراغ من الطواف لم يعتن بالشك]

(مسألة 287): إذا شك في الطهارة بعد الفراغ من الطواف لم يعتن بالشك و إن كانت الاعادة أحوط و لكن تجب الطهارة لصلاة الطواف (1).

______________________________

قرأ الحمد و شرع في السورة و شك في صحة الحمد هل يكون مانع عن جريان القاعدة في صحته مع ان كل جزء من المركب مشروط بصحة الجزء الآخر واقعا و الوجه فيما ذكر اطلاق دليل القاعدة أي يصدق ان المكلف خرج من الجزء السابق و شك في تماميته فلاحظ.

(1) أما عدم الاعتناء بالشك في صحة الطواف فلقاعدة الفراغ الجارية فيه ان قلت الشك في الصحة ناش من الشك في تحقق الطهارة و الاصل الجاري في السبب مقدم

و حاكم علي الاصل الجاري في المسبب فلو كان المكلف محدثا سابقا، و يشك بعد الطواف انه تطهر أم لا يكون مقتضي استصحاب بقاء الحدث بطلان الطواف فلا تصل النوبة الي جريان قاعدة الفراغ قلت: علي مقتضي هذا البيان نري انه في أي مورد تجري القاعدة مثلا إذا توضأ المكلف ثم يشك في صحة وضوئه طبعا يكون شكه ناشئا عن الشك في جزء أو شرط و مقتضي الاستصحاب عدمه و إن شئت فقل اذا كان البيان المذكور تاما لا تتم القاعدة في مورد من الموارد أو يكون موردها أقل قليل و اما وجوب الطهارة لصلاة الطواف فلعدم احراز الطهارة فلا بد من تحصيلها لصلاة الطواف التي تكون مشروطة بها و ان شئت فقل قاعدة الفراغ لا تحرز تحقق الطهارة بل تقتضي صحة الطواف فما أفاده في المتن تام و بعبارة واضحة مقتضي قاعدة الفراغ احراز صحة الطواف لا احراز الطهارة هذا من ناحية و من ناحية اخري قاعدة الفراغ لا تثبت اللوازم العقلية و لا تنافي بين ما ذكر و بين كونها من الامارات إذ لا دليل علي ان كل أمارة تثبت اللوازم و لذا نقول الاستصحاب أمارة

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 82

[(مسألة 288): إذا لم يتمكن المكلف من الوضوء يتيمّم و يأتي بالطواف]

(مسألة 288): إذا لم يتمكن المكلف من الوضوء يتيمّم و يأتي بالطواف و إذا لم يتمكن من التيمم أيضا جري عليه حكم من لم يتمكن من أصل الطواف فاذا حصل له اليأس من التمكن لزمته الاستنابة للطواف و الأحوط الأولي أن يأتي هو أيضا بالطواف من غير طهارة (1).

______________________________

حيث لا أمارة و مع ذلك لا يكون مثبتا للوازم العقلية بقي شي ء: و هو انّ القاعدة لا تجري الّا بعد الدخول

في الغير فلا بدّ في جريانها في الطواف من الدخول في غيره.

(1) إذ التيمم بدل طولي عن الوضوء فاذا لم يتمكن من الطهارة المائية تصل النوبة الي الطهارة الترابية و اذا فرض عدم تمكنه من الطهارة الترابية أيضا تصل النوبة الي الاستنابة فإنه نتعرض تبعا للماتن إن شاء اللّه تعالي أنه مع امكان الطواف مباشرة تصل النوبة الي الاستنابة و ربما يقال أنه مع عدم الطهارة لا بدّ من الطواف بلا طهارة كما ان الامر كذلك في الصلاة هذا من ناحية و من ناحية اخري الطواف بالبيت صلاة و يرد عليه أنه لا سند معتبر لهذه الرواية «1».

و مقتضي القاعدة وصول الأمر الي الاستنابة إذ المفروض ان الشرط غير مقدور و المركب ينتفي بانتفاء شرطه فيكون المقام داخلا في غير المتمكن من الطواف و حكمه الاستنابة فالنتيجة أنه ما دام يتمكّن من التيمم يتعيّن و لا تصل النوبة الي الاستنابة بلا فرق بين المحدث بحدث الأصغر أو المحدث بحدث الأكبر كالجنب و ربما يقال ما عن الفخر بانه لا يجوز للجنب التيمم و الطواف بنفسه بل اللازم الاستنابة بتقريب انه لا يجوز للجنب التيمّم لدخول المسجدين و لا لاجل أن يلبث في سائر

______________________________

(1) الحدائق: ج 16 ص 85.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 83

[(مسألة 289): يجب علي الحائض و النفساء بعد انقضاء أيامهما]

(مسألة 289): يجب علي الحائض و النفساء بعد انقضاء أيامهما و علي المجنب الاغتسال للطواف و مع تعذر الاغتسال و اليأس من التمكن منه يجب الطواف مع التيمم و الأحوط الأولي حينئذ الاستنابة أيضا و مع تعذر التيمّم تتعين الاستنابة (1).

______________________________

المساجد فلا يجوز له الطواف و يرد عليه انا قد ذكرنا في محله ان المستفاد من الادلة ان الطهارة الترابية

بدل عن الطهارة المائية و يترتب علي البدل كل حكم يترتب علي المبدل منه فان التراب أحد الطهورين يكفيك عشر سنين.

(1) قد تقدم في ذيل المسألة السابقة ما يكون شرحا و دليلا لهذه المسألة فلا وجه للاعادة و راجع ما ذكرناه هناك.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 84

[(مسألة 290): اذا حاضت المرأة في عمرة التمتع حال الاحرام أو بعده]

(مسألة 290): اذا حاضت المرأة في عمرة التمتع حال الاحرام أو بعده و قد وسع الوقت لأداء أعمالها صبرت إلي ان تطهر فتغتسل و تأتي بأعمالها و ان لم يسع الوقت فللمسألة صورتان:

الأولي: أن يكون حيضها عند إحرامها أو قبل أن تحرم ففي هذه الصورة ينقلب حجها إلي الافراد و بعد الفراغ من الحجّ تجب عليها العمرة المفردة إذا تمكّنت منها.

الثانية: أن يكون حيضها بعد الاحرام ففي هذه الصورة تتخيّر بين الاتيان بحجّ الافراد كما في الصورة الأولي و بين أن تأتي بأعمال عمرة التمتع من دون طواف فتسعي و تقصر ثم تحرم للحج و بعد ما ترجع إلي مكة بعد الفراغ من أعمال مني تقضي طواف العمرة قبل طواف الحج و فيما اذا تيقنت ببقاء حيضها و عدم تمكنها من الطواف حتي بعد رجوعها من مني استنابت لطوافها ثم أتت بالسعي بنفسها ثمّ انّ اليوم الذي يجب عليها الاستظهار فيه بحكم أيام الحيض فيجري عليه حكمها (1).

______________________________

(1) المرأة التي تحيض حال الاحرام لعمرة التمتع أو بعده تارة يمكنها الصبر و الاتيان بأعمال العمرة و أخري لا يسع الوقت أما علي الأول فلا بد من الصبر و الإتيان بما هي وظيفتها عن عمرة التمتع و هذا علي طبق القاعدة الأولية و لا يحتاج الي الاستدلال و أما إذا لم يسع الوقت فتارة يكون حيضها عند احرامها

أو قبل أن تحرم و أخري يكون بعد الاحرام فهنا صورتان:

أما الصورة الأولي فوظيفتها انقلاب حجها الي الافراد لاحظ ما رواه جميل

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 85

______________________________

ابن درّاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة الحائض إذا قدمت مكة يوم التروية قال: تمضي كما هي إلي عرفات فتجعلها حجّة ثم تقيم حتي تظهر فتخرج الي التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة قال ابن أبي عمير كما صنعت عائشة «1».

و هذه الرواية تدل علي المدعي و مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين حدوث الحيض عند الاحرام أو قبله و لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام ان اسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر فأمرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم حين أرادت الاحرام من ذي الحليفة ان تحتشي بالكرسف و الخرق و تهلّ بالحج فلما قدموا و قد نسكوا المناسك و قد أتي لها ثمانية عشر يوما فأمرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم أن تطوف بالبيت و تصلي و لم ينقطع عنها الدم ففعلت ذلك «2»، و هذه الرواية أيضا تدل علي المدعي و المفروض في الحديث أن الحيض حادث عند الاحرام فالدليل علي حكم الصورتين أي الفرعين تام سندا و دلالة و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: اضمر في نفسك المتعة فان ادركت متمتعا و الّا كنت حاجّا «3» فان المستفاد من الحديث أنه مع الترديد في الإدراك يحرم للعمرة فان ادرك فهو و الّا يكون حجّه حج الافراد و يدل علي المدعي أيضا ما رواه الحلبي قال: سألت أبا

عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اهلّ بالحج و العمرة جميعا ثم قدم مكة و الناس بعرفات فخشي أن هو طاف و سعي بين الصفا و المروة أن يفوته الموقف

______________________________

(1) الوسائل: الباب 21 من أبواب اقسام الحج، الحديث 2.

(2) الوسائل: الباب 91 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(3) الوسائل: الباب 21 من أبواب اقسام الحج، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 86

______________________________

قال: يدع العمرة فاذا أتم حجّه صنع كما صنعت عائشة و لا هدي عليه «1» و تقريب الاستدلال واضح و يؤيد المدعي ما عن الشيخ: قال: و قد روي أصحابنا و غيرهم ان المتمتع اذا فاتته عمرة المتعة اعتمر بعد الحج و هو الذي أمر به رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم عائشة قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قد جعل اللّه في ذلك فرجا للناس «2» و قالوا: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المتمتع إذا فاتته عمرة المتعة أقام لاي هلال المحرم و اعتمر فاجزأت عنه مكان عمرة المتعة «3» اضف الي ما تقدم ما عن صاحب الجواهر من قوله لا خلاف في جواز العدول من التمتع الي الافراد مع ضيق الوقت أو حيض بل الاجماع بقسميه عليه انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في علو مقامه و ممّا يمكن الاستدلال به علي المدعي ما روي عن الرضا عليه السّلام أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السّلام قال: قلت له: جعلت فداك كيف نصنع بالحج فقال: أما نحن فنخرج في وقت ضيق تذهب فيه الايام فافرد فيه الحج قلت: أ رأيت ان أراد المتعة كيف يصنع قال: ينوي المتعة و يحرم بالحج «4».

هذا

كله بالنسبة الي المرأة التي تصير حائضا قبل الاحرام أو أثنائه و هي الصورة الأولي و أما اذا حدث الحيض بعد الاحرام و قبل الطواف و هي الصورة الثانية فالنصوص متعارضة لاحظ ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن المرأة تجي ء متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت حتي تخرج الي

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 6.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 5.

(4) نفس المصدر، الحديث 16.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 87

______________________________

عرفات قال: تصير حجّة مفردة قلت: عليها شي ء قال: دم تهريقه و هي أضحيتها «1» فان المستفاد من هذه الرواية انه اذا كان الطمث قبل الطواف تنقلب متعتها الي حج الافراد و في قبالها جملة من النصوص تدل علي بقائها علي عمرتها و قضاء الطواف و الصلاة بعد قضاء المناسك، منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج و علي بن رئاب و عبد اللّه بن صالح كلهم يروونه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المرأة المتمتعة إذا قدمت مكة ثم حاضت تقيم ما بينها و بين التروية فان طهرت طافت بالبيت و سعت بين الصفا و المروة و إن لم تطهر الي يوم التروية اغتسلت و احتشت ثم سعت بين الصفا و المروة ثم خرجت الي مني فاذا قضت المناسك و زارت بالبيت طافت بالبيت طوافا لعمرتها ثم طافت طوافا للحج ثم خرجت فسعت فاذا فعلت ذلك فقد احلّت من كل شي ء يحلّ منه المحرم الّا فراش زوجها فاذا طافت طوافا آخر حل لها فراش زوجها «2» و منها ما رواه عجلان أبو صالح قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة متمتعة قدمت مكة

فرأت الدم قال: تطوف بين الصفا و المروة ثم تجلس في بيتها فان طهرت طافت بالبيت و إن لم تطهر فاذا كان يوم التروية أفاضت عليها الماء و أهلت بالحج من بينها و خرجت الي مني و قضت المناسك كلها فاذا قدمت مكة طافت بالبيت طوافين ثم سعت بين الصفا و المروة فاذا فعلت ذلك فقد حلّ لها كل شي ء ما خلا فراش زوجها «3».

و منها ما رواه عجلان بن صالح أيضا انه سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 13.

(2) الوسائل: الباب 84 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 88

______________________________

اعتمرت المرأة ثم اعتلت قبل أن تطوف قدمت السعي و شهدت المناسك فإذا طهرت و انصرفت من الحج قضت طواف العمرة و طواف الحج و طواف النساء ثم احلّت من كل شي ء «1» و منها ما رواه عجلان أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام متمتعة قدمت فرأت الدم كيف تصنع قال: تسعي بين الصفا و المروة و تجلس في بيتها فان طهرت طافت بالبيت و إن لم تطهر فاذا كان يوم التروية أفاضت عليها الماء و أهلت بالحج و خرجت الي مني فقضت المناسك كلها فاذا فعلت ذلك فقد حلّ لها كل شي ء ما عدا فراش زوجها، قال: و كنت أنا و عبيد اللّه بن صالح سمعنا هذا الحديث في المسجد فدخل عبيد اللّه علي أبي الحسن عليه السّلام فخرج إليّ فقال: قد سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رواية عجلان فحدثني بنحو ما سمعنا من عجلان «2».

و منها ما رواه يونس بن يعقوب عن رجل أنه سمع أبا عبد

اللّه عليه السّلام يقول:

و سئل عن امرأة متمتعة طمثت قبل أن تطوف فخرجت مع الناس الي مني أو ليس هي علي عمرتها و حجتها فلتطف طوافا للعمرة و طوافا للحج «3» و منها ما رواه عجلان بن أبي صالح قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتعة دخلت مكة فحاضت قال: تسعي بين الصفا و المروة ثم تخرج مع الناس حتي تقضي طوافها بعد «4».

فلا بد من العلاج و الترجيح مع الطائفة الأولي التي تدل علي الانقلاب الي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 84 من أبواب الطواف، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

(3) نفس المصدر، الحديث 8.

(4) نفس المصدر، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 89

______________________________

حج الافراد بالأحدثية لاحظ ما رواه البزنطي «1» هذا كله فيما امكن الاتيان بالسعي و التقصير، و أما مع عدم الامكان فلا اشكال في الانقلاب الي الأفراد لاطلاق حديث جميل و غيره ثم ان الماتن أفاد هذا فيما يمكنها الطواف بعد الرجوع من مني و أما مع عدم تمكنها منه لبقاء حيضها استنابت للطواف و تسعي مباشرة.

ثم ان الماتن أفاد أيضا بأنّه بعد العود من مني و الرجوع الي مكة تقضي طواف العمرة قبل طواف الحج و يدل علي ما أفاد ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام «2» فانه أرواحنا فداه صرح في هذه الرواية بقوله طافت بالبيت لعمرتها ثم طافت طوافا للحج و افاد أخيرا بأن يوم الاستظهار بحكم أيام الحيض و الظاهر أنّ ما أفاده تام إذ أيام الحيض لو كان لها حكم و بالحكومة لحق بها يوم يكون ذلك اليوم بحكم ذلك الأيام فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 86.

(2) لاحظ ص 87.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2،

ص: 90

[(مسألة 291): إذا حاضت المحرمة أثناء طوافها]

(مسألة 291): إذا حاضت المحرمة أثناء طوافها فالمشهور علي انّ طروء الحيض إذا كان قبل تمام أربعة أشواط بطل طوافها و إذا كان بعده صح ما أتت به و وجب عليها اتمامه بعد الطهر و الاغتسال و الأحوط في كلتا الصورتين ان تأتي بطواف كامل تنوي به الأعم من التمام و الاتمام هذا فيما إذا وسع الوقت و الّا سعت و قصرت و أحرمت للحج و لزمها الاتيان بقضاء طوافها بعد الرجوع من مني و قبل طواف الحج علي النحو الذي ذكرناه (1).

______________________________

(1) عروض الحيض أثناء الطواف تارة يكون قبل النصف و اخري بعده و المشهور فصلوا بين الصورتين و التزموا بالبطلان في الصورة الاولي و بالصحة في الثانية و خالف الصدوق المشهور و التزم بالصحة علي الاطلاق و منشأ الخلاف النصوص الواردة في المقام فنقول من النصوص ما رواه أبو بصير «1» و الحديث ضعيف بسلمة و منها ما رواه أحمد بن عمر الحلال «2»، و الحديث ضعيف بأحمد و الارسال و منها ما رواه ابراهيم بن اسحاق «3» و الحديث ضعيف بابراهيم و منها ما رواه سعيد الأعرج قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة طافت بالبيت أربعة اشواط و هي معتمرة ثم طمثت قال: تتمّ طوافها فليس عليها غيره و متعتها تامة فلها أن تطوف بين الصفا و المروة و ذلك لأنها زادت علي النصف و قد مضت

______________________________

(1) لاحظ ص 75.

(2) لاحظ ص 75.

(3) لاحظ ص 75.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 91

[(مسألة 292): إذا حاضت المرأة بعد الفراغ من الطواف و قبل الاتيان بصلاة الطواف صح طوافها]

(مسألة 292): إذا حاضت المرأة بعد الفراغ من الطواف و قبل الاتيان بصلاة الطواف صح طوافها و أتت بالصلاة بعد طهرها و اغتسالها و ان ضاق

الوقت سعت و قصرت و قضت الصلاة قبل طواف الحج (1).

______________________________

متعتها و لتستأنف بعد الحج «1» و السند ساقط عن الاعتبار بمحمد بن سنان و منها ما رواه ابو اسحاق صاحب اللؤلؤ قال: حدثني من سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في المرأة المتمتعة إذا طافت بالبيت أربعة أشواط ثم حاضت فمتعتها تامة و تقضي ما فاتها من الطواف بالبيت و بين الصفا و المروة و تخرج الي مني قبل أن تطوف الطواف الآخر «2».

و السند ضعيف بأبي اسحاق و منها ما رواه محمد بن مسلم «3» و الحديث تام سندا و دلالة و الصدوق أفتي بمضمونه و لم يفصل فيه بالتفصيل الذي يستفاد من تلك الطائفة فالصحيح ما أفاده الصدوق و ما أفاده في المتن من طريق الاحتياط تام و أما ما أفاده في المتن من التفصيل بين سعة الوقت و ضيقه فالظاهر أنه تام فان الظاهر من الحديث النظر الي فرض سعة الوقت و أما مع عدم سعته فيدخل في الفرع السابق و هو عدم تمكنها من العمل بالوظيفة.

(1) حكم الماتن بعدم بطلان الطواف بحدوث الحيض بعده و ما أفاده تام لاحظ ما رواه زرارة قال: سألته عن امرأة طافت بالبيت فحاضت قبل أن تصلي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 86 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) لاحظ ص 76.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 92

______________________________

الركعتين فقال: ليس عليها إذا طهرت الّا الركعتين و قد قضت الطواف «1»، فان المستفاد من الحديث بالصراحة عدم بطلان الطواف بحدوث الحيض بعده و لاحظ ما رواه أبو الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة طافت بالبيت في حجّ أو عمرة

ثم حاضت قبل ان تصلي الركعتين قال: إذا طهرت فلتصل الركعتين عند مقام ابراهيم و قد قضت طوافها «2» لكن هذه الطائفة لا تدل الّا علي عدم البأس بالفصل بين الطواف و صلاته و بعبارة اخري المستفاد من هذه الطائفة الحكم الحيثي فلا مجال للاستدلال بها علي جواز تأخير الصلاة الي زمان الرجوع من مني و بعبارة واضحة لا بد من التحفظ علي جميع الأمور الواجبة الّا الموالاة بين الطواف و صلاته و علي هذا الأساس نقول يمكن أن يقال ان الحج ينقلب الي الافراد بمقتضي ما هو المستفاد من النص من ان من لا يتمكن من الاتيان بعمرة التمتع ينقلب حجه الي الافراد لاحظ ما رواه الحلبي «3» فان المستفاد من هذا الحديث ان من لا يتمكن من الاتيان بالطواف و السعي حجه يكون افرادا و من الواضح أن المطلوب الطواف و السعي بتمام اجزائهما و شرائطهما و المفروض في المقام ان هذه المرأة التي مورد الكلام لا يمكنها الاتيان بالطواف و السعي فيكون حجها حج الافراد.

ايقاظ: و هو انّ المستفاد من النصوص الواردة في الحائض ان وظيفتها عند العذر لا تنتقل الي البدل و لا تجب عليها الاستنابة لاحظ حديث زرارة «4» فان

______________________________

(1) الوسائل: الباب 88 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) لاحظ ص 85.

(4) لاحظ ص 85.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 93

[(مسألة 293): إذا طافت المرأة و صلت ثم شعرت بالحيض و لم تدر أنه كان قبل الطواف أو قبل الصلاة]

(مسألة 293): إذا طافت المرأة و صلت ثم شعرت بالحيض و لم تدر أنه كان قبل الطواف أو قبل الصلاة أو في أثنائها أو أنه حدث بعد الصلاة بنت علي صحة الطواف و الصلاة و إذا علمت ان حدوثه كان قبل الصلاة و ضاق الوقت

سعت و قصرت و اخّرت الصلاة إلي أن تطهر و قد تمت عمرتها (1).

______________________________

الاستنابة لو كانت كافية لكان الواجب عليها ان تستنيب و الحال ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لم يأمرها بالاستنابة و لاحظ حديث اسحاق بن عمّار «1» و التقريب هو التقريب الا أن يقال ان مقتضي ادلة بدلية الاستنابة عن المباشرة لزومها عند العذر و انما ترفع اليد عنها في كل مورد قام الدليل علي خلافها و الانصاف أنه لا مجال لهذا البيان فإن المستفاد من النص ان وظيفة هذه المرأة أن تأتي حجة بهذا النحو و لا دليل علي جواز الاستنابة.

(1) تارة تشك في أنّ الحيض حدث قبل الصلاة أو أثنائها أو بعدها و اخري تعلم بانه حدث قبل الصلاة أما في الصورة الأولي فلا اشكال في صلاتها لاستصحاب الطهارة و لا مجال لقاعدة الفراغ إذ الشك في الصحة ناش و مسبب من الشك في بقاء الطهارة و الاستصحاب يقتضي بقائها و لا تصل النوبة الي الأصل المسببي مع جريان الأصل السببي كما في المقام إن قلت الاستصحاب ساقط في مورد جريان القاعدة قلت: هذا فيما يكون الاستصحاب معارضا مع القاعدة و أما في مورد المطابقة كما في المقام فلا وجه لعدم جريان الأصل.

إن قلت: استصحاب عدم تحقق الصلاة الي زمان حدوث الحيض يقتضي

______________________________

(1) لاحظ ص 86.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 94

[(مسألة 294): إذا دخلت المرأة مكة و كانت متمكنة من أعمال العمرة و لكنها أخّرتها إلي أن حاضت حتي ضاق الوقت مع العلم و العمد]

(مسألة 294): إذا دخلت المرأة مكة و كانت متمكنة من أعمال العمرة و لكنها أخّرتها إلي أن حاضت حتي ضاق الوقت مع العلم و العمد فالظاهر فساد عمرتها و الأحوط أن تعدل إلي حجّ الأفراد و لا بدّ لها من إعادة الحج في

السنة القادمة (1).

[(مسألة 295): الطواف المندوب لا تعتبر فيه الطهارة فيصح بغير طهارة]

(مسألة 295): الطواف المندوب لا تعتبر فيه الطهارة فيصح بغير طهارة و لكن صلاته لا تصح الّا عن طهارة (2).

______________________________

بطلان الصلاة فيعارض استصحاب بقاء الطهارة قلت: استصحاب عدم حدوث الصلاة إلي زمان الحدث لا يقتضي وقوع الصلاة في زمان الحيض الّا علي القول بالمثبت الذي لا نقول به و أما إذا علمت بحدوث الحيض قبل الصلاة فيدخل المقام في المسألة السابقة و قد تقدم الكلام حولها فلاحظ.

(1) الأمر كما أفاده فانّ الأحكام العذرية لا تشمل الاعذار الاختيارية. فان بقيت الاستطاعة الي السنة القادمة يجب عليها الحجّ.

(2) تدلّ علي المدّعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا بأس أن يقضي المناسك كلّها علي غير وضوء الّا الطواف بالبيت و الوضوء أفضل «1» و منها ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: لا بأس أن يطوف الرجل النافلة علي غير وضوء ثم يتوضّأ و يصلي فان طاف متعمدا علي غير وضوء فليتوضّأ و ليصل و من طاف تطوعا و صلّي ركعتين علي غير وضوء فليعد الركعتين و لا يعد الطواف «2» و منها ما رواه حريز عن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 38 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 95

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل طاف تطوعا و صلّي ركعتين و هو علي غير وضوء فقال:

يعيد الركعتين و لا يعيد الطواف «1» و منها ما رواه عبيد بن زرارة «2» و منها ما رواه أيضا عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: اني اطوف طواف النافلة و

أنا علي غير وضوء قال: توضّأ و صلّ و إن كنت متعمدا «3» و منها ما رواه زيد الشحام «4» فما أفاده تام بحسب النصوص المشار إليها بل يمكن أن يقال أن القاعدة تقتضي ذلك و لو لم يكن نص دالا عليه بتقريب انّ الصلاة مشروطة بالطهارة و لا صلاة إلّا بطهور و قوله عليه السّلام ثلثها الطهور فلا اشكال في اشتراط صلاة الطواف بالطهارة و أما الطواف فلا دليل علي اشتراطه بالطهارة علي نحو الاطلاق و إن شئت فقل قيام الدليل علي الاشتراط في الطواف الواجب بالاصالة لا يقتضي الاشتراط الّا في اطار خاص و دائرة مخصوصة و صفوة القول أنه بعد تقييد المطلق بالمقيد تكون النتيجة هو التفصيل كما ذكر.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 7.

(2) لاحظ ص 71.

(3) نفس المصدر، الحديث 9.

(4) لاحظ ص 71.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 96

[(مسألة 296): المعذور يكتفي بطهارته العذرية كالمجبور و المسلوس]

(مسألة 296): المعذور يكتفي بطهارته العذرية كالمجبور و المسلوس أما المبطون فالأحوط أن يجمع مع التمكن بين الطواف بنفسه و الاستنابة و أما المستحاضة فالأحوط لها أن تتوضأ لكل من الطواف و صلاته إن كانت الاستحاضة قليلة و أن تغتسل غسلا واحدا لهما و تتوضّأ لكل منهما إن كانت الاستحاضة متوسطة و أما الكثيرة فتغتسل لكل منهما من دون حاجة إلي الوضوء إن لم تكن محدثة بالأصغر و إلّا فالأحوط ضم الوضوء إلي الغسل (1).

______________________________

(1) حكم قدّس سرّه أولا بأن المعذور يكتفي بطهارته العذرية و الأمر كما أفاده فانّ الطهارة العذرية كالطهارة الترابية و الطهارة المائية الجبيرية تقوم مقام الطهارة المائية الاختيارية و بعبارة اخري جعل البدل يستلزم قيامه مقام المبدل منه و هذا لا اشكال فيه ثم تعرض لحكم المبطون و

احتاط فيه بالجمع بين الطواف بنفسه و الاستنابة و لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن مقتضي الصناعة الاكتفاء بالاستنابة و الحكم الشرعي تعبدي و لا يمكننا اعمال النظر فيه فان مقتضي النص وجوب الاستنابة لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال:

المبطون و الكسير يطاف عنهما و يرمي عنهما «1» فان مقتضي الحديث لزوم الاستنابة و لو مع قدرة المنوب عنه علي المباشرة فلاحظ ثم تعرض لحكم المستحاضة و أفاد بأن المستفاد من حديث عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المستحاضة أ يطؤها زوجها و هل تطوف بالبيت الي أن قال: قال تصلي كل صلاتين بغسل واحد و كل شي ء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها

______________________________

(1) الوسائل: الباب 49 من أبواب الطواف، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 97

[الثالث: من الأمور المعتبرة في الطواف الطهارة من الخبث]
اشارة

الثالث: من الأمور المعتبرة في الطواف الطهارة من الخبث فلا يصح الطواف مع نجاسة البدن أو اللباس و النجاسة المعفو عنها في الصلاة كالدم الأقل من الدرهم لا تكون معفوا عنها في الطواف علي الأحوط (1).

______________________________

و لتطف بالبيت «1» انّ الطهارة المعتبرة في الصلاة بعينها معتبرة في الطواف فان كانت قليلة تتوضّأ لكل من الطواف و الصلاة و إن كانت متوسطة تغتسل غسلا واحدا لهما و تتوضّأ لكل منهما و إن كانت كثيرة تغتسل لكل واحد من الطواف و الصلاة و في هذه العجالة لا يخطر ببالي اشكال فيما أفاده.

(1) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه يونس بن يعقوب قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رأيت في ثوبي شيئا من دم و أنا أطوف قال: فاعرف الموضع

ثم أخرج فاغسله ثم عد فابن علي طوافك «2» و السند مخدوش بضعف اسناد الصدوق الي يونس و منها ما رواه يونس بن يعقوب أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل يري في ثوبه الدم و هو في الطواف قال: ينظر الموضع الذي رأي فيه الدم فيعرّفه ثم يخرج و يغسله ثم يعود فيتم طوافه «3» و السند مخدوش ببنان بن محمد و بغيره أيضا.

و منها ما أرسل من انّ الطواف بالبيت صلاة الا أن اللّه أحلّ فيه النطق «4».

و المرسل لا اعتبار به فالنتيجة انه لا دليل علي المدعي و مقتضي القاعدة عدم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 91 من أبواب الطواف، الحديث 3.

(2) الوسائل: الباب 52 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) الوسائل: الباب 52 من أبواب الطواف، الحديث 2.

(4) مستدرك الوسائل: الباب 38 من أبواب الطواف، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 98

[(مسألة 297): لا بأس بدم القروح و الجروح فيما يشق الاجتناب عنه]

(مسألة 297): لا بأس بدم القروح و الجروح فيما يشق الاجتناب عنه و لا تجب ازالته عن الثوب و البدن في الطواف كما لا بأس بالمحمول المتنجس و كذلك نجاسة ما لا تتم الصلاة فيه (1).

______________________________

الاشتراط و يؤيد عدم الاشتراط مرسل البزنطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له رجل في ثوبه دم مما لا تجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه فقال: أجزأه الطواف ثم ينزعه و يصلي في ثوب طاهر «1».

ثم انه لو قلنا بالاشتراط لا يكون المعفو عنه في الصلاة معفوا عنه في الطواف إذ لا دليل علي الاستثناء فلا بد أن يعمل علي طبق العموم أو الاطلاق نعم لو كان المدرك للاشتراط المرسل الدال علي الطواف بالبيت صلاة يكون حكم الطواف كحكم

الصلاة فيكون الدم المعفو عنه في الصلاة معفوا عنه في الطواف أيضا.

(1) مما تقدم ظهر أنه لا موقع للبحث حول هذه المسألة إذ قد علم مما تقدم عدم دليل علي اعتبار الطهارة في الطواف فلا وجه للتفصيل و البحث كما هو ظاهر.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 99

[(مسألة 298): إذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه ثم علم بها بعد الفراغ من الطواف]

(مسألة 298): إذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه ثم علم بها بعد الفراغ من الطواف صح طوافه فلا حاجة إلي اعادته و كذلك تصح صلاة الطواف إذا لم يعلم بالنجاسة إلي أن فرغ منها (1).

[(مسألة 299): إذا نسي نجاسة بدنه أو ثيابه ثم تذكرها بعد طوافه]

(مسألة 299): إذا نسي نجاسة بدنه أو ثيابه ثم تذكرها بعد طوافه صح طوافه علي الاظهر و إن كانت اعادته أحوط و إذا تذكرها بعد صلاة الطواف اعادها (2).

______________________________

(1) أما بالنسبة الي الطواف فالأمر ظاهر لعدم الاشتراط و أما بالنسبة الي الصلاة فأيضا مقتضي قاعدة لا تعاد الصحة إذا علم بالنجاسة بعد الصلاة.

(2) التفصيل بين الطواف و الصلاة علي القاعدة فان الطواف مع العلم بالنجاسة صحيح فكيف مع النسيان و أما الصلاة فتحتاج الي الاعادة لما قرر في محله من ان النجاسة المنسية مانعة عن الصحة و لا يخفي انه لو لم تكن الطهارة عن الخبث شرطا للطواف فمقتضي الاحتياط ان يصلي صلاة الطواف ثم يعيد الطواف مع صلاته كي يحفظ عن الموالاة.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 100

[(مسألة 300): إذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه و علم بها أثناء الطواف أو طرأت النجاسة عليه قبل فراغه من الطواف]

(مسألة 300): إذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه و علم بها أثناء الطواف أو طرأت النجاسة عليه قبل فراغه من الطواف فإن كان معه ثوب طاهر مكانه طرح الثوب النجس و أتم طوافه في ثوب طاهر و إن لم يكن معه ثوب طاهر فإن كان ذلك بعد اتمام الشوط الرابع من الطواف قطع طوافه و لزمه الاتيان بما بقي منه بعد ازالة النجاسة و إن كان العلم بالنجاسة أو طروها عليه قبل اكمال الشوط الرابع قطع طوافه و ازال النجاسة و يأتي بطواف كامل بقصد الأعم من التمام و الاتمام علي الاحوط (1).

[الرابع: الختان للرجال]
اشارة

الرابع: الختان للرجال و الأحوط بل الأظهر اعتباره في الصبي المميز أيضا إذا احرم بنفسه و أما إذا كان الصبي غير مميز أو كان احرامه من وليّه فاعتبار الختان في طوافه غير ظاهر و إن كان الاعتبار أحوط (2).

______________________________

(1) لا موقع للبحث حول هذه المسألة إذ تقدم منا انّه لا دليل علي اعتبار الطهارة الخبثية في الطواف لا بالنسبة الي بدن المكلف و لا بالنسبة الي لباسه.

(2) قال في الحدائق و هو مقطوع به في كلام الاصحاب و موضع وفاق كما يظهر من المنتهي الي آخر كلامه و يدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الأغلف لا يطوف بالبيت و لا بأس ان تطوف المرأة «1» و منها ما رواه ابراهيم بن ميمون عن أبي عبد اللّه في الرجل يسلم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 33 من أبواب مقدمات الطواف، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 101

______________________________

فيريد ان يحج و قد حضر الحج أ يحج أم يختن قال: لا يحج

حتي يختتن «1» و منها ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس ان تطوف المرأة غير المخفوضة فأما الرجل فلا يطوف الا و هو مختتن «2» و منها ما رواه حنان بن سدير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن نصراني أسلم و حضر الحج و لم يكن اختتن أ يحج قبل أن يختتن قال: لا و لكن يبدأ بالسنة «3» هذا بالنسبة الي الرجل البالغ و أما الصبي المميز فتارة يطوف بنفسه و اخري يطاف به أي وليه يطوف به أما علي الأول فلا بد من الختان إذ المفروض أنه نهي الأغلف عن الطواف فلا يصحّ طوافه و أمّا علي الثاني فلا مانع إذ لا دليل علي الاشتراط في الفرض المذكور و مقتضي الأصل عدم الاشتراط و قس عليه غير المميز الذي يطوف به وليه، و لقائل أن يقول التقابل بين الاطلاق و التقييد في مقام الثبوت تقابل الضدين و اصالة عدم التقييد و الاشتراط يعارضها اصالة عدم الاطلاق فلا بدّ من الاحتياط الا أن يقال يكفي لعدم الاشتراط اطلاق جواز الاطافة بالصبي فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 33 من أبواب مقدمات الطواف، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 102

[(مسألة 301): إذا طاف المحرم غير مختون بالغا كان أو صبيا مميزا]

(مسألة 301): إذا طاف المحرم غير مختون بالغا كان أو صبيا مميزا فلا يجتزي بطوافه فإن لم يعده مختونا فهو كتارك الطواف يجري فيه ماله من الأحكام الآتية (1).

[(مسألة 302): إذا استطاع المكلف و هو غير مختون]

(مسألة 302): إذا استطاع المكلف و هو غير مختون فإن امكنه الختان و الحج في سنة الاستطاعة وجب ذلك و الا أخر الحج إلي السنة القادمة فإن لم يمكنه الختان اصلا لضرر أو حرج أو نحو ذلك فاللازم عليه الحج لكن الأحوط أن يطوف بنفسه في عمرته و حجه و يستنيب أيضا من يطوف عنه و يصلي هو صلاة الطواف بعد طواف النائب (2).

______________________________

(1) هذا من الواضحات فان المشروط ينتفي بانتفاء شرطه ففاقد الشرط كالعدم فما أفاده تام.

(2) أما وجوب الحج في سنة الاستطاعة و امكان الختان فهو علي طبق القاعدة الأولية إذ الختان شرط الواجب و بحكم العقل يجب تحصيل ما هو دخيل في الواجب و أما اذا فرضنا انه لا يمكن أو أمكن و لكن كان حرجيا أو ضرريا ففصّل الماتن بين امكانه في السنوات القادمة و عدمه فعلي الأول أوجب التأخير و علي الثاني يسقط الاشتراط و تصل النوبة الي الاستنابة و يرد عليه أولا ان التفصيل في غير محله لأن الاستنابة إن كانت علي طبق القاعدة فتجب في السنة الأولي اذ المفروض ان الحج واجب فوري و من ناحية اخري ان غير المتمكن من الطواف يجب عليه ان يستنيب فيجب الحج في السنة الأولي مع الاستنابة في الطواف.

و ثانيا: أنه لا دليل علي الاستنابة و إن شئت فقل ان الاستنابة علي خلاف

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 103

[الخامس: ستر العورة حال الطواف علي الأحوط]

الخامس: ستر العورة حال الطواف علي الأحوط و يعتبر في الساتر الإباحة و الأحوط اعتبار جميع شرائط لباس المصلي فيه (1).

______________________________

القاعدة و يجب علي كل مكلف أن يقوم بالواجب بنفسه و جواز الاستنابة في كل مورد يتوقف علي قيام دليل عليه و

الا فلا تجوز هذا من ناحية و من ناحية اخري الحج بجميع أجزائه و شرائطه واجب ارتباطي و لا يمكن الالتزام بتعدد المطلوب فيه و عليه يكون مقتضي القاعدة سقوط وجوب الحج عند تعذر بعض اجزائه أو شرائطه الا أن يقوم اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم علي خلافه.

(1) قال سيدنا الاستاد قدّس سرّه المعروف وجوب ستر العورة في الطواف و ناقش فيه بعضهم و ذهب الي العدم انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في مقامه و استدل علي المدعي بجملة من الروايات منها ما رواه ابن عباس في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم بعث عليا عليه السّلام ينادي لا يحج بعد هذا العام مشرك و لا يطوف بالبيت عريان، الحديث «1» و منها ما رواه محمد بن الفضيل عن الرضا عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم أمرني عن اللّه أن لا يطوف بالبيت عريان و لا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد هذا العام «2» و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم بعث عليا عليه السّلام بسورة براءة فوافي الموسم فبلّغ عن اللّه و عن رسوله بعرفة و المزدلفة و يوم النحر عند الجمار و في أيام التشريق كلّها ينادي بَرٰاءَةٌ مِنَ اللّٰهِ وَ رَسُولِهِ إِلَي الَّذِينَ عٰاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ و لا يطوفنّ بالبيت عريان «3» و منها ما رواه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 53 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر،

الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 104

______________________________

أبو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: فلمّا قدم علي عليه السّلام مكة و كان يوم النحر بعد الظهر و هو يوم الحج الأكبر الي أن قال و قال و لا يطوفنّ بالبيت عريان و لا مشرك «1» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: خطب علي عليه السّلام الناس و اخترط سيفه و قال: لا يطوفنّ بالبيت عريان و لا يحجنّ البيت مشرك، الحديث «2»، و منها ما رواه حكيم بن الحسين عن علي بن الحسين عليه السّلام في حديث ان عليا عليه السّلام نادي في الموقف ألا لا يطوف بعد هذا العام عريان و لا يقرب المسجد الحرام بعد هذا العام مشرك «3»، و منها ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حدث براءة ان عليا عليه السّلام قال: لا يطوف بالبيت عريان و لا عريانة و لا مشرك «4»، و في حديث محمد بن مسلم أن عليا عليه السّلام قال: لا يطوفنّ بالبيت عريان «5» و هذه الروايات كلها ضعيفة سندا و لا تكون متواترة كي يقال لا نحتاج الي صحّة أسنادها مضافا الي النقاش في دلالتها إذ لا منافاة بين كون الطائف مستورا و غير عريان و مع ذلك لا تكون عورته مستورة و بعبارة اخري بين العاري و مكشوف العورة عموم من وجه و أما النبوي «6» فقد تقدم منا ان سنده مخدوش بالارسال ثم انه لو اغمضنا عما تقدم فهل يشترط الاباحة في الساتر أم لا حكم سيدنا الاستاد قدّس سرّه بالاشتراط بلحاظ

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 4.

(2) نفس المصدر،

الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 6.

(4) نفس المصدر، الحديث 7.

(5) نفس المصدر، الحديث 8.

(6) لاحظ ص 97.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 105

______________________________

الطواف بنفسه تصرف في المغصوب و لا يمكن اتحاد الامر و النهي في مورد لاستحالة اجتماع الضدين و يرد عليه ان المنهي عنه الطواف عريانا أي يلزم و يشترط في الطواف أن لا يكون العورة مكشوفة فاذا فرضنا ان الساتر كان غصبا لا يتّحد مورد الأمر و النهي إذ مع فرض كون الساتر غصبا تكون العورة مستورة فيكون التركيب انضماميا بل لنا أن نقول انه لو كان الشرط الستر بالساتر لا يلزم البطلان إذ المطلوب التقيّد بالساتر و التقيد جزء عقلي لا خارجي و لا ملازمة بين حرمة التصرف في القيد و حرمة التقيّد و لكن الحق مع ما أفاده سيدنا الاستاد قدّس سرّه اذ لا اشكال في أنّ الطواف بنفسه تصرف في الساتر المغصوب فيكون مبغوضا فلا يمكن أن يكون محبوبا و صفوة القول ان ما ذكرناه و إن كان تامّا في المقام و في باب الساتر في الصلاة لكن الإشكال من ناحية أن الطواف تصرف في المغصوب فيكون حراما و أما بقية شرائط لباس المصلي فلا دليل علي اعتبارها الّا في الساتر.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 106

[واجبات الطواف]

اشارة

واجبات الطواف تعتبر في الطواف أمور تسعة:

[الأول: الابتداء من الحجر الأسود]

الأول: الابتداء من الحجر الأسود و الأحوط الأولي ان يمرّ بجميع بدنه علي جميع الحجر و يكفي في الاحتياط أن يقف دون الحجر بقليل فينوي الطواف من الموضع الذي تتحقّق فيه المحاذاة واقعا علي أن تكون الزيادة من باب المقدمة العلمية.

[الثاني: الانتهاء في كل شوط بالحجر الأسود]

الثاني: الانتهاء في كل شوط بالحجر الأسود و يحتاط في الشوط الأخير بتجاوزه عن الحجر بقليل علي أن تكون الزيادة من باب المقدمة العلمية (1).

______________________________

(1) عن الحدائق انه موضع وفاق مضافا الي انّ السيرة الخارجية جارية عليه اضف إليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من اختصر في الحجر في الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود الي الحجر الأسود «1» فلا اشكال في أصل الحكم و أما في مقام الامتثال فيكفي فيه الصدق العرفي و بعبارة واضحة لا بد من صدق عنوان الابتداء بالحجر الأسود و الانتهاء إليه و لا تلزم المداقة العقلية نعم مقتضي الاحتياط ما افاده في المتن ابتداءً و انتهاء.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 31 من أبواب الطواف، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 107

[الثالث: جعل الكعبة علي يساره في جميع أحوال الطواف]

الثالث: جعل الكعبة علي يساره في جميع أحوال الطواف فاذا استقبل الطائف الكعبة لتقبيل الاركان أو لغيره أو ألجأه الزحام إلي استقبال الكعبة أو استدبارها أو جعلها علي اليمين فذلك المقدار لا يعد من الطواف و الظاهر انّ العبرة في جعل الكعبة علي اليسار بالصدق العرفي كما يظهر ذلك من طواف النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم راكبا و الأولي المداقة في ذلك و لا سيما عند فتحي حجر اسماعيل و عند الأركان (1).

______________________________

(1) ما يمكن أن يستدل به عليه وجوه:

الوجه الأول: الاجماع و فيه انّ المنقول منه غير حجة و المحصل منه علي فرض كونه محصلا و علي فرض كونه حجة محتمل المدرك فلا اثر له.

الوجه الثاني: انّ النبي كان يطوف علي النحو المذكور و قال صلي اللّه عليه و آله و سلم: خذوا

عني مناسككم «1» و فيه انّ مجرد فعله لا يقتضي الوجوب و الخبر الدال علي وجوب اخذ المناسك منه و التأسي به لا يكون تاما من حيث السند.

الوجه الثالث: السيرة القطعية بحيث يكون خلافها مستنكرا و هذا هو العمدة في اشتراط الطواف به.

الوجه الرابع: جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا كنت في الطواف السابع فائت المتعوّذ و هو اذا قمت في دبر الكعبة حذاء الباب فقل «اللهم البيت بيتك و العبد عبدك و هذا مقام العائذ بك من النار،

______________________________

(1) الحدائق: ج 16 ص 102.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 108

______________________________

اللهم من قبلك الروح و الفرج» ثم استلم الركن اليماني ثم ائت الحجر فاختم به «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا فرغت من طوافك و بلغت مؤخّر الكعبة و هو بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل فابسط يديك علي البيت و الصق بدنك و خدّك بالبيت و قل «اللهمّ البيت بيتك و العبد عبدك و هذا مكان العائذ بك من النار» ثم اقرّ لربّك بما عملت فانه ليس من عبد مؤمن يقرّ لربّه بذنوبه في هذا المكان الّا غفر اللّه له ان شاء اللّه، و تقول «اللهمّ من قبلك الروح و الفرج و العافية اللهم ان عملي ضعيف فضاعفه لي و اغفر لي من اطلعت عليه مني و خفي علي خلقك ثم تستجير باللّه من النار و تخيّر لنفسك من الدعاء ثم استلم الركن اليماني ثم ائت الحجر الأسود «2».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام

قال: ثم تطوف بالبيت سبعة أشواط الي أن قال: فإذا انتهيت الي مؤخّر الكعبة و هو المستجار دون الركن اليماني بقليل في الشوط السابع فابسط يديك علي الأرض و الصق خدّك و بطنك بالبيت ثم قل «اللهم البيت بيتك و العبد عبدك و هذا مكان العائذ بك من النار» ثم اقرّ لربّك بما عملت من الذنوب فانه ليس عبد مؤمن يقرّ لربه بذنوبه في هذا المكان الّا غفر له ان شاء اللّه، فان أبا عبد اللّه عليه السّلام قال لغلمانه اميطوا عنّي حتي اقرّ لربّي بما عملت و يقول «اللهمّ من قبلك الروح و الفرج و العافية اللهمّ انّ عملي ضعيف فضاعفه لي و اغفر لي ما اطلعت عليه مني و خفي علي خلقك و تستجير من النار و تخيّر لنفسك من الدعاء ثم استقبل الركن اليماني و الركن الذي فيه الحجر

______________________________

(1) الوسائل: الباب 26 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 109

[الرابع: إدخال حجر اسماعيل في المطاف]

الرابع: إدخال حجر اسماعيل في المطاف بمعني ان يطوف حول الحجر من دون أن يدخل فيه (1).

______________________________

الأسود و اختم به فان لم تستطع فلا يضرّك و تقول اللهم قنعني بما رزقتني و بارك لي فيما آتيتني الحديث «1» فانّ المستفاد من هذه الطائفة أنّ جعل الكعبة اثناء الطواف علي اليسار امر مفروض عنه أي ان الامام عليه السّلام بعد فرضه ان الكعبة علي اليسار أمر بجملة من الآداب فلا تنافي بين كون هذه الامور مستحبة و وجوب كون الكعبة كذلك و لكن الانصاف أن يقال لو لا السيرة الخارجية و التزام اهل الشرع بالاتيان بالطواف علي النحو المذكور يشكل اتمام الأمر بالنصوص فالعمدة في

مستند الحكم السيرة الجارية من أهل الشرع بحيث يكون خلاف النحو المشار إليه مستنكرا عندهم و القول بالجواز يقرع الاسماع فالنتيجة ان اشتراط كون الكعبة حال الطواف علي اليسار الطائف أمر مسلم غير قابل للخدش و عليه لو استقبل الطائف الكعبة لتقبيل الاركان أو لوجه آخر في جزء من الطواف لا يحسب من الواجب بل لا بد من تداركه و لا يخفي ان الاشتراط المذكور كبقية المفاهيم العرفية أمره راجع ال العرف و يكفي الصدق العرفي و لا يتوقّف علي المداقة العقلية و يدل علي المدعي ما نقل من انّ النبي الأكرم ارواحنا فداه كان يطوف راكبا.

(1) عن الجواهر في هذا المقام شرحا لكلام الماتن بلا خلاف اجده بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكي منهما مستفيض كالنصوص انتهي.

و قال سيدنا الاستاد في هذا المقام هذا أيضا أمر متسالم عليه عند المسلمين و النصوص فيه مستفيضة و يمكن الاستدلال علي المدعي بالسيرة و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحجر

______________________________

(1) الوسائل: الباب 26 من أبواب الطواف، الحديث 9.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 110

______________________________

أ من البيت هو أو فيه شي ء من البيت فقال: لا و لا قلامة ظفر و لكن اسماعيل دفن أمّه فيه فكره أن يوطأ فجعل عليه حجرا و فيه قبور أنبياء «1» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الحجر فقال: انكم تسمّونه الحطيم و انما كان لغنم اسماعيل و انما دفن فيه أمه و كره ان يوطأ قبرها فحجر عليه و فيه قبور أنبياء «2» و منها ما رواه الحلبي أيضا

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر قال: يعيد ذلك الشوط «3» و منها ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يطوف بالبيت فيختصر في الحجر قال: يقضي ما اختصر من طوافه «4» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «5» و منها ما رواه ابراهيم بن سفيان قال: كتبت الي أبي الحسن الرضا عليه السّلام امرأة طافت طواف الحج فلما كانت في الشوط السابع اختصرت و طافت في الحجر و صلت ركعتي الفريضة و سعت و طافت طواف النساء ثم أتت مني فكتب عليه السلام تعيد «6» فإن المستفاد من هذه النصوص انه يلزم كون الطواف خارج الحجر و بعبارة اخري يستفاد من هذه الروايات لزوم كون الحجر في المطاف و ان شئت فقل انه لا اشكال بحسب الفهم العرفي ان الامام عليه السّلام في مقام بيان انه يلزم كون الحجر في المطاف.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 30 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 10.

(3) الباب 31 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 2.

(5) لاحظ ص 106.

(6) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 111

[الخامس: خروج الطائف عن الكعبة و عن الصفة التي في أطرافها المسماة بشاذروان]

الخامس: خروج الطائف عن الكعبة و عن الصفة التي في أطرافها المسماة بشاذروان (1).

______________________________

(1) إذ المفروض ان الواجب الطواف حول الكعبة فيلزم كون الطائف خارج الكعبة كما انه يلزم خروجه عن الصفة التي تسمي بشاذروان فان المستفاد من اللغة ان الشاذروان جزء من البناء فيلزم أن يكون داخل المطاف و لو شك في كونه داخلا في البيت و جزءا من البناء المقدس فأفاد سيدنا الاستاد أن الأصل يقتضي لزوم

كونه من المطاف إذ مع الشك لا بد من احراز الامتثال و لا يحرز الّا بكون الطواف حوله أيضا و اصالة عدم كونه من البيت لا يثبت و لا تحرز كون الطواف طوافا بالبيت الّا علي القول بالمثبت الذي لا نقول به.

أقول: الذي يختلج بالبال أن يقال يمكن اجراء الأصل بتقريبين التقريب الأول ان ما شكّ في كونه جزءا من البيت إذا احرز عدمه بالاستصحاب يكون موضوع الوجوب محدودا كما لو قال المولي اكرم العلماء علي نحو العام المجموعي فلو شك في كون فرد عالما لا مانع عن جريان الاصل فيه و احراز كونه خارجا عن اطار التكليف.

التقريب الثاني: أنه نقول لا اشكال في وجوب هذا المقدار و الاكثر منه مشكوك فيه فتجري البراءة عن وجوب الزائد و الظاهر انه تام و لا غبار عليه نعم علي مسلك المشهور من كون العلم الاجمالي منجز بالجملة يجب الاحتياط إذ المقام من مصاديق الاقل و الاكثر الارتباطيين فلا بد من الاتيان بالاكثر إذ بعد تعارض الأصل الجاري في الأكثر مع الأصل الجاري في الأقل و تساقطهما لا محيص عن الاحتياط و أما علي مسلكنا فيكتفي بالأقل إذ قد ذكرنا في محله من الأصول انه لا مانع عن جريان الأصل في بعض الأطراف و الاتيان بالباقي و تفصيل الكلام

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 112

[السادس: أن يطوف بالبيت سبع مرات متواليات عرفا]
اشارة

السادس: أن يطوف بالبيت سبع مرات متواليات عرفا و لا يجزئ الأقل من السبع و يبطل الطواف بالزيادة علي السبع عمدا كما سيأتي (1).

______________________________

موكول الي مجال آخر و من أراده فليراجع ما ذكرناه في كتابنا الموسوم ب آراؤنا في أصول الفقه و لا يخفي ان المشهور قائلون بجريان البراءة عن الأكثر و

يكتفون بالاتيان بالأقل و نحن أوردنا عليهم و قلنا تارة يكون الشك في الأقل و الأكثر غير الارتباطي و اخري في الارتباطي أما علي الأول فلا اشكال في جريان البراءة عن وجوب الأكثر و أما علي الثاني فقع التعارض بين الأصل الجاري في الأقل و الأصل الجاري في الأكثر و ان شئت فقل لا تيقّن في البين بل الأمر دائر بين أمرين و تفصيل البحث بكماله موكول الي مجال آخر.

(1) أما كون الطواف سبعا فأمر ظاهر واضح لا مجال للريب فيه و السيرة جارية عليه من جميع المسلمين مضافا الي جملة من النصوص منها ما رواه حماد بن عمرو و انس بن محمد عن أبيه جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السّلام في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم لعلي عليه السّلام قال: يا علي ان عبد المطلب سنّ في الجاهلية خمس سنن أجراها اللّه عزّ و جلّ له في الاسلام حرّم نساء الآباء علي الابناء الي ان قال و لم يكن للطواف عدد عند قريش فسنّ لهم عبد المطلب سبعة أشواط فأجري اللّه عزّ و جلّ ذلك في الاسلام «1» و منها ما رواه أبو حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليه السّلام قال: قلت لأي علة صار الطواف سبعة أشواط فقال: ان اللّه قال للملائكة إِنِّي جٰاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فردوا عليه و قالوا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ الدِّمٰاءَ

______________________________

(1) الوسائل: الباب 19 من أبواب الطواف، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 113

______________________________

فقال: إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لٰا تَعْلَمُونَ و كان لا يحجبهم عن نوره فحجبهم عن نوره سبعة آلاف عام فلا ذوا بالعرش سبعة آلاف

سنة فرحمهم و تاب عليهم و جعل لهم البيت المعمور في السماء الرابعة و جعله مثابة و جعل البيت الحرام تحت البيت المعمور و جعله مثابة للناس و أمنا فصار الطواف سبعة أشواط واجبا علي العباد لكل ألف سنة شوطا واحدا «1».

و منها ما رواه أبو خديجة أنه سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في حديث ان اللّه امر آدم أن يأتي هذا البيت فيطوف به أسبوعا و يأتي مني و عرفة فيقضي مناسكه كلها فأتي هذا البيت فطاف به اسبوعا و أتي مناسكه فقضاها كما أمره اللّه فقبل منه التوبة و غفر له قال فيجعل طواف آدم لما طافت الملائكة بالعرش سبع سنين فقال جبرئل هنيئا لك يا آدم لقد طفت بهذا البيت قبلك ثلاثة آلاف سنة الحديث «2» هذا بالنسبة الي العدد و أما بالنسبة الي وجوب الموالاة فظاهر الاصحاب علي ما في الجواهر وجوبها و عن الدروس انه جعلها الحادي عشر من واجبات الطواف و استدل عليها بفعل المعصومين عليهم السّلام و بعموم التنزيل أي قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم الطواف بالبيت صلاة «3» و يرد علي الدليل الأول ان فعلهم و التزامهم أعم من الوجوب و أما النبوي فغير تام سندا لكن يكفي للاستدلال علي المدعي الانسباق فانه لو امر المولي بمركب و لم يقم دليل علي جواز الفصل بين اجزائه يفهم عرفا لزوم الموالاة مثلا لو امر المولي عبده بقراءة سورة الحمد لا يجوز للعبد أن يقرأ آية منها ثم بعد ساعة يقرأ آية اخري

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) المستدرك الباب 38 من هذه الأبواب، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2،

ص: 114

[(مسألة 303): اعتبر المشهور في الطواف أن يكون بين الكعبة و مقام ابراهيم عليه السّلام]

(مسألة 303): اعتبر المشهور في الطواف أن يكون بين الكعبة و مقام ابراهيم عليه السّلام و يقدّر هذا الفاصل بستة و عشرين ذراعا و نصف ذراع و بما ان حجر اسماعيل داخل في المطاف فمحل الطواف من الحجر لا يتجاوز ستة أذرع و نصف ذراع و لكن الظاهر كفاية الطواف في الزائد علي هذا المقدار أيضا و لا سيما لمن لا يقدر علي الطواف في الحد المذكور أو أنه حرج عليه و رعاية الاحتياط مع التمكن أولي (1).

______________________________

و هكذا بل يفهم عرفا أن يأتي بالقراءة متوالية و هذا العرف ببابك و يدل علي الشرط المذكور في الجملة بعض النصوص منها ما رواه ابان بن تغلب «1» و أما عدم اجزاء الأقل فعلي طبق القاعدة إذ المفروض ان الواجب العدد الخاص و سقوطه باقل من ذلك العدد خلاف القاعدة و يحتاج الي الدليل و ان شئت فقل مقتضي الاطلاق بقاء الأمر الي زمان الامتثال فلاحظ و أما بطلانه بالزيادة العمدية فنتكلّم حوله عند تعرض الماتن له.

(1) الذي يظهر من الكلمات ان هذا القول هو المشهور بين الأصحاب و ادعي عليه الاجماع و يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن حدّ الطواف بالبيت الذي من خرج عنه لم يكن طائفا بالبيت قال: كان الناس علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يطوفون بالبيت و المقام و انتم اليوم تطوفون ما بين المقام و بين البيت فكان الحدّ موضع المقام اليوم فمن جازه فليس بطائف و الحدّ قبل اليوم و اليوم واحد قدر ما بين المقام و بين البيت من نواحي البيت كلها فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد

من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد لانه طاف في غير حدّ

______________________________

(1) لاحظ ص 78.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 115

[الخروج عن المطاف إلي الداخل أو الخارج]

اشارة

الخروج عن المطاف إلي الداخل أو الخارج

[(مسألة 304): إذا خرج الطائف عن المطاف فدخل الكعبة]

(مسألة 304): إذا خرج الطائف عن المطاف فدخل الكعبة بطل طوافه و لزمته الاعادة و الأولي اتمام الطواف ثم اعادته إذا كان الخروج بعد تجاوز النصف (1).

______________________________

و لا طواف له «1» و الحديث ضعيف سندا و عمل المشهور به علي فرض تحققه لا يوجب اعتباره و في قبال المشهور ما ذهب إليه الصدوق قدّس سرّه و يدل علي مذهبه ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الطواف خلف المقام قال ما احبّ ذلك و ما أري به بأسا فلا تفعله الّا أن لا تجد منه بدّا «2» و الحديث تامّ سندا و دلالة و اعراض المشهور عنه لا يسقطه عن الاعتبار، و لتوضيح المدّعي نقول لا اشكال في انّ العبادة محبوبة للشارع فيكون المراد من قوله عليه السّلام ما احبّ قلّة الثواب و علي تقدير الامكان لا تترك المرتبة العالية و الّا تصل النوبة الي المرتبة النازلة و ان أبيت و قلت الحديث مجمل، أقول: يكفي للجواز اطلاق دليل الطواف فان مقتضاه كفايته خلف المقام.

(1) إذا خرج الطائف عن المطاف و دخل الكعبة يبطل طوافه مطلقا لاحظ ما رواه حفص بن البختري «3» فان مقتضي الحديث بطلان الطواف بدخول الكعبة بلا فرق بين كون دخوله قبل ثلاثة أشواط أو بعدها و بلا فرق بين فوات الموالاة العرفية و عدمه و لا تنافي بين اطلاق الحديث و حديثي ابن مسكان «4» و عمران

______________________________

(1) الوسائل: الباب 28 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) لاحظ ص 77.

(4) لاحظ ص 77.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 116

[(مسألة 305): إذا تجاوز عن مطافه إلي الشاذروان بطل طوافه]

(مسألة 305): إذا تجاوز عن مطافه إلي الشاذروان بطل طوافه بالنسبة إلي المقدار الخارج

عن المطاف و الأحوط اتمام الطواف بعد تدارك ذلك المقدار ثم اعادته و الأحوط ان لا يمد يده حال طوافه من جانب الشاذروان إلي جواز الكعبة لاستلام الأركان أو غيره (1).

______________________________

الحلبي «1» اذ لا تنافي بين الاثباتين الّا فيما يكون السبب واحدا و المقام ليس كذلك فلاحظ. و أما وجه الأولوية التي ذكرها في ذيل المسألة فلكون التفصيل المذكور ذهب إليه بعض فالاحتياط لاجل الخروج عن شبهة الخلاف.

(1) إذ المفروض انّ الشاذروان جزء من البيت فيلزم أن يكون داخل المطاف في كل جزء من كل شوط و هذا واضح ظاهر نعم علي فرض وصول النوبة الي الشك في كونه من البيت أم لا، فقد تقدم من ان مقتضي القاعدة ترتب حكم خارج البيت عليه و أما اصل الطواف فالوجه في بطلانه احتمال كون التجاوز الي الشاذروان مصداقا للدخول في البيت و قد تقدم ان دخول البيت يوجب بطلان اصل الطواف و لكن الاحتمال المذكور بمراحل عن الواقع فانه بالتجاوز إليه لا يصدق ان الطائف دخل البيت و العرف ببابك و مع الشك يكون مقتضي الاصل عدم الصدق و اما وجه الاحتياط المذكور في المتن في عدم مدّ اليد فلاجل ان اليد تكون داخل البيت فلا يصدق الطواف حول البيت و لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن مقتضي الصناعة عدم البأس إذ بخروج اليد عن المطاف لا يختل عنوان المأمور به و بعبارة اخري لا اشكال في أنه يصدق عرفا انه يطوف حول البيت و هذا العرف ببابك فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 79.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 117

[(مسألة 306): إذا دخل الطائف حجر اسماعيل بطل الشوط الذي وقع ذلك فيه]

(مسألة 306): إذا دخل الطائف حجر اسماعيل بطل الشوط الذي وقع ذلك فيه فلا بد من

اعادته و الأولي إعادة الطواف بعد اتمامه هذا مع بقاء الموالاة و اما مع عدمها فالطواف محكوم بالبطلان و إن كان ذلك عن جهل أو نسيان و في حكم دخول الحجر التسلق علي حائطه علي الأحوط بل الأحوط أن لا يضع الطائف يده علي حائط الحجر أيضا (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة الأولي: أنه لو دخل الطائف حجر اسماعيل يبطل الشوط الذي وقع ذلك فيه فلا بد من اعادته و تدل علي المدعي حديثا الحلبي «1» و حفص بن البختري «2»، و في قبال هذين الحدثين حديث معاوية بن عمّار «3» يدل علي بطلان اصل الطواف و حمل الحديث الأخير علي بطلان نفس الشوط الذي وقع فيه بقرينة الحديثين الآخرين لا وجه له و حيث ان المتأخر من المتعارضين غير معلوم لا يمكن ترجيح أحد الطرفين علي الطرف الآخر لكن لا اشكال في تأخر أحد الطرفين فيشكّ في أنه هل يبطل أصل الطواف أو خصوص ذلك الشوط و بعبارة اخري ترفع اليد من الدليل الاجتهادي و تصل النوبة الي الأخذ بالأصل العملي و مقتضاه عدم بطلان اصل الطواف و بعبارة اخري يدخل المقام في كبري الأقل و الأكثر و حقّق في محله أن المرجع هي البراءة و قد تقدم منا انّ مقتضي مسلك المشهور و هو تنجز العلم

______________________________

(1) لاحظ ص 110.

(2) لاحظ ص 110.

(3) لاحظ ص 106.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 118

______________________________

الاجمالي بالجملة، لزوم الاحتياط في موارد دوران الأمر بين الأقل و الأكثر الارتباطيين.

الجهة الثانية: انّ الأولي اعادة أصل الطواف و الوجه فيه ظهر مما تقدم آنفا فانه يحتمل بطلان أصل الطواف.

الجهة الثالثة: انّ عدم البطلان و الاكتفاء باعادة ذلك الشوط

مشروط بعدم فوات الموالاة إذ مع فوات الموالاة بطل الطواف من تلك الجهة إن قلت مقتضي دليل الاكتفاء بإعادة خصوص ذلك الشوط عدم الفرق بين فواتها و عدمه قلت: دليل الاكتفاء ناظر الي الحكم الحيثي و لا اطلاق فيه من هذه الجهة و من بقية الجهات و لا فرق في البطلان بفوات الموالاة بين العالم و الجاهل و الناسي فانّ المشروط ينتفي بانتفاء شرطه و قيده و اجزاء غير المأمور به عنه يحتاج الي الدليل.

الجهة الرابعة: أنّ في حكم دخول الحجر التسلّق علي حائطه علي الأحوط.

أقول: إذا كان حائطه جزءا منه لا بد من جعله داخل المطاف لما تقدم من وجوب جعل الحجر داخل المطاف و أما إذا شك في كونه جزءا منه أم لا يكون مقتضي الأصل عدم كونه جزءا منه كما تقدم نظيره في الشاذروان و الاحتياط في محله.

الجهة الخامسة: انّ الأحوط أن لا يضع الطائف يده علي حائط الحجر و لا اشكال في حسن الاحتياط لكن لزومه لا وجه له أما علي تقدير عدم كون الحائط جزءا من البيت أو الشك فيه فالأمر ظاهر و أما علي تقدير كونه جزءا منه فأيضا لا بأس به لما تقدم نظيره و قلنا يصدق الطواف حول البيت و الحجر و لا يضاده خروج اليد و أيضا لا موجب للبطلان من حيث دخول الحجر إذ بوضع اليد علي حائطه لا يصدق أنه دخل الحجر فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 119

[(مسألة 307): إذا خرج الطائف من المطاف إلي الخارج قبل تجاوزه النصف من دون عذر]

(مسألة 307): إذا خرج الطائف من المطاف إلي الخارج قبل تجاوزه النصف من دون عذر فإن فاتته الموالاة العرفية بطل طوافه و لزمته اعادته و إن لم تفت الموالاة أو كان خروجه بعد تجاوز

النصف فالأحوط اتمام الطواف ثم اعادته (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه لو خرج الطائف عن المطاف و فاتت الموالاة يبطل الطواف لانّ الطواف عمل و مركب واحد و يلزم فيه الموالاة بين أجزائه.

الفرع الثاني: أن يكون الخروج قبل تجاوز النصف مع عدم فوات الموالاة و في هذه الصورة يكون مقتضي القاعدة عدم البطلان و مقتضي حديث أبان «1» هو البطلان لكن الموضوع في الحديث تحقق الشوط أو الشوطين و أما الأزيد فلا تعرض للحديث له و الجزم بعدم الفرق في غير محله.

الفرع الثالث: أن يكون الخروج بعد تجاوز النصف و في هذه الصورة تارة لا تفوت الموالاة و اخري تفوت أما في الصورة الأولي فلا وجه للبطلان إذ لا دليل علي بطلان الطواف بمجرد الخروج و أما مع فوات الموالاة فمقتضي حديث صفوان الجمّال قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يأتي أخاه و هو في الطواف فقال: يخرج معه في حاجته ثم يرجع و يبني علي طوافه «2» عدم البطلان لكن حديث صفوان مخدوش سندا فان طريق الصدوق إليه مخدوش بموسي بن عمر فانه مشترك بين الثقة و غيره فالنتيجة هو البطلان و بعبارة اخري لو كان الخروج بعد شوط أو شوطين

______________________________

(1) لاحظ ص 78.

(2) الوسائل: الباب 42 من أبواب الطواف، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 120

[(مسألة 308): إذا أحدث أثناء طوافه جاز له أن يخرج و يتطهّر ثم يرجع و يتم طوافه]

(مسألة 308): إذا أحدث أثناء طوافه جاز له أن يخرج و يتطهّر ثم يرجع و يتم طوافه علي ما تقدم و كذلك الخروج لازالة النجاسة من بدنه أو ثيابه و لو حاضت المرأة أثناء طوافها وجب عليها قطعه و الخروج من المسجد الحرام فورا و قد مرّ حكم طواف هؤلاء في

شرائط الطواف (1).

[(مسألة 309): إذا التجأ الطائف إلي قطع طوافه و خروجه عن المطاف لصداع أو وجع في البطن أو نحو ذلك]

(مسألة 309): إذا التجأ الطائف إلي قطع طوافه و خروجه عن المطاف لصداع أو وجع في البطن أو نحو ذلك فإن كان ذلك قبل اتمامه الشوط الرابع بطل طوافه و لزمته اعادته و إن كان بعده فالأحوط ان يستنيب للمقدار الباقي و يحتاط بالاتمام و الاعادة بعد زوال العذر (2).

______________________________

يبطل الطواف بلا فرق بين فوات الموالاة و عدمه و إن كان الخروج بعد ما زاد علي شوطين فلا بد من التفصيل بين فوات الموالاة و عدمه فعلي الأول يبطل و أما علي الثاني فلا يبطل.

(1) تقدم الكلام حول الفروع المذكورة فراجع.

(2) المشهور التفصيل بين قطع الطواف قبل الشوط الرابع و قطعه بعده بالالتزام بالبطلان في الأول و الصحة في الثاني و اكماله بعد رفع العذر و الكلام يقع حول الفرع تارة علي ما هو مقتضي القاعدة و اخري علي مقتضي المستفاد من النصوص أما الكلام من حيث القاعدة فلا بد أن يفصل بين فوات الموالاة و عدمه بأن يقال يبطل الطواف في الصورة الأولي و يصح في الثانية بلا فرق بين محل القطع و الوجه فيه ما تقدّم منّا من أنّ العرف يفهم لزوم التّوالي و الموالاة بين أجزاء

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 121

______________________________

المركب الواحد الّا مع قيام دليل علي عدم لزومها كما انّ الأمر كذلك في الغسل الترتيبي و أما من حيث النص الخاص فربما يتسدل علي التفصيل بما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا طاف الرجل بالبيت ثلاثة أشواط ثم اشتكي اعاد الطواف يعني الفريضة «1» بتقريب انّ الوصف و إن لم يكن ذا مفهوم لكن لو لم يكن الامام عليه السّلام في مقام

التحديد و التفصيل كان ذكر الوصف لغوا و عليه يدل الحديث بالمفهوم علي عدم البأس و عدم البطلان لو كان الأشواط أربعة و يرد عليه انه لو كان الأمر كذلك ففي كل مورد لا بد من الالتزام بالمفهوم و الحال أنه ثبت في الأصول ان الوصف لا مفهوم له و إن شئت فقل ذكر الوصف يكون لعناية في الموصوف و لا تعرض فيه للنفي عن غيره أضف الي ذلك الحديث في الكافي ليس كما في الوسائل بل المذكور فيه هكذا (أشواطا) فيدل علي البطلان علي الاطلاق و ربما يستدل علي المدعي بما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام في رجل طاف طواف الفريضة ثم اعتدل علة لا يقدر معها علي اتمام الطواف فقال: إن كان طاف أربعة أشواط امر من يطوف عنه ثلاثة أشواط فقد تم طوافه و إن كان طاف ثلاثة أشواط و لا يقدر علي الطواف فان هذا مما غلب اللّه عليه فلا بأس بان يؤخّر الطواف يوما و يومين فان خلّته العلة عاد فطاف اسبوعا و إن طالت علّته أمر من يطوف عنه اسبوعا و يصلي هو ركعتين و يسعي عنه و قد خرج من احرامه و كذلك يفعل في السعي و في رمي الجمار «2».

و هذه الرواية ضعيفة بكلا سنديها و ربما يستدل عليه بما رواه يونس بن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 45 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 45 من أبواب الطواف، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 122

[(مسألة 310): يجوز للطائف أن يخرج من المطاف لعيادة مريض أو لقضاء حاجة لنفسه أو لأحد اخوانه المؤمنين]

(مسألة 310): يجوز للطائف أن يخرج من المطاف لعيادة مريض أو لقضاء حاجة لنفسه أو لأحد اخوانه المؤمنين و لكن تلزمه الاعادة إذا كان الطواف فريضة و

كان ما أتي به شوطا أو شوطين و أما إذا كان خروجه بعد ثلاثة أشواط فالأحوط أن يأتي بعد رجوعه بطواف كامل يقصد به الأعم من التمام و الاتمام (1).

______________________________

يعقوب «1» بتقريب انّ المستفاد من الحديث جواز القطع لضرورة شرعية فيدل علي الجواز بالأولوية عند ضرورة خارجية و فيه انّ اسناد الصدوق الي يونس ضعيف علي ما أفاده الحاجياني زيد عمره و ربما يستدل بحديث صفوان «2» بتقريب انّ المستفاد من الحديث جواز القطع علي الاطلاق و البناء عليه بعد رفع الحاجة و فيه انّ المستفاد من الحديث جواز القطع علي الاطلاق و البناء عليه بعد رفع الحاجة و فيه انّ الحدث ضعيف بضعف اسناد الصدوق الي الجمال فالنتيجة انّ الطواف يبطل بقطعه و لا أثر للاستنابة و لا بالاتمام الّا في صورة واحدة و هي صورة عدم فوات الموالاة العرفية إذ بعد فوات الموالاة و بطلان الطواف و عدم الدليل علي الجبران لا بالاستنابة و لا بالاتمام لا تصل النوبة إليهما نعم الاحتياط بالجمع بين الأمور الثلاثة حسن بلا اشكال.

(1) في المقام عدة نصوص تدل علي الجواز و عدم البطلان بالقطع لقضاء الحاجة منها ما رواه أبو الفرج «3» و منها ما رواه أبان بن تغلب «4» و منها ما أرسله

______________________________

(1) لاحظ ص 97.

(2) لاحظ ص 119.

(3) لاحظ ص 78.

(4) لاحظ ص 78.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 123

______________________________

جميل «1» و منها ما رواه عمران الحلبي «2» و منها ما رواه صفوان الجمال «3» و منها ما عن الصادق عليه السّلام قضاء حاجة المؤمن أفضل من طواف و طواف و طواف حتي عدّ عشرا «4» و منها ما رواه أبو أحمد قال: كنت

مع أبي عبد اللّه عليه السّلام في الطواف و يده في يدي إذ عرض لي رجل إليّ حاجة فأومأت إليه بيدي فقلت له كما أنت حتي افرغ من طوافي فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام ما هذا فقلت: أصلحك اللّه رجل جاءني في حاجة فقال لي: أ مسلم هو قلت: نعم فقال لي: اذهب معه في حاجته فقلت له:

أصلحك اللّه فأقطع الطواف قال: نعم قلت: و إن كنت في المفروض قال: نعم و إن كنت في المفروض، قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من مشي مع أخيه المسلم في حاجة كتب اللّه له ألف ألف حسنة و محا عنه ألف ألف سيئة و رفع له ألف ألف درجة «5» و منها ما رواه أبان بن تغلب قال: كنت أطوف مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فعرض لي رجل من أصحابنا كان سألني الذهاب معه في حاجة فبينما أنا أطوف إذ أشار إليّ فرآه أبو عبد اللّه عليه السّلام فقال: يا أبان ايّاك يريد هذا قلت: نعم قال: فمن هو قلت: رجل من أصحابنا قال: هو علي مثل الذي أنت عليه قلت: نعم قال: فاذهب إليه و اقطع الطواف قال: نعم قلت: و إن كان طواف الفريضة قال: نعم فذهبت معه، الحديث «6».

______________________________

(1) لاحظ ص 78.

(2) لاحظ ص 79.

(3) لاحظ ص 119.

(4) الوسائل: الباب 42 من أبواب الطواف، الحديث 2.

(5) الوسائل: الباب 42 من أبواب الطواف، الحديث 3.

(6) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 124

[(مسألة 311): يجوز الجلوس أثناء الطواف للاستراحة]

(مسألة 311): يجوز الجلوس أثناء الطواف للاستراحة و لكن لا بد أن يكون مقداره بحيث لا تفوت به الموالاة العرفية فإن زاد علي ذلك بطل

طوافه و لزمه الاستئناف (1).

______________________________

و هذه الروايات كلها ضعيفة سندا فلا يعتد بها و مقتضي القاعدة التفصيل بين صورة فوات الموالاة و عدمه.

(1) الكلام في هذه المسألة هو الكلام في سابقتها و هو التفصيل بين فوات الموالاة و عدمه هذا ما تقتضيه القاعدة الأولية و أما بحسب النص الخاص ففي المقام حديثان لاحظ ما رواه علي بن رئاب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يعيي في الطواف أله أن يستريح قال: نعم يستريح ثم يقوم فيبقي علي طوافه في فريضة أو غيرها و يفعل ذلك في سعيه و جميع مناسكه «1» و لاحظ ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه سئل عن الرجل يستريح في طوافه فقال: نعم انا قد كانت توضع لي مرفقة فاجلس عليها «2» و الحديث الأول من الباب تام سندا و دلالة و هل يمكن أن يقال ان مقتضي الحديث جواز الاستراحة ثم البناء علي الطواف و لو مع فوات الموالاة الانصاف أنه مشكل إذ الاستراحة لا تلازم فوات الموالاة علي نحو الاطلاق بل في بعض الاحيان تفوت و في بعض لا تفوت فيكون الحكم بلحاظ الاستراحة أثناء الطواف و لا تعرض لأمر آخر و لا أقل من عدم امكان الجزم به و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 46 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 125

[النقصان في الطواف]

اشارة

النقصان في الطواف

[(مسألة 312): اذا نقص من طوافه عمدا]

(مسألة 312): اذا نقص من طوافه عمدا فإن فاتت الموالاة بطل طوافه و الّا جاز له الاتمام ما لم يخرج من المطاف و قد تقدم حكم الخروج من المطاف متعمدا (1).

[(مسألة 313): إذا نقص من طوافه سهوا]

(مسألة 313): إذا نقص من طوافه سهوا فإن تذكره قبل فوات الموالاة و لم يخرج بعد من المطاف أتي بالباقي و صح طوافه و أما إذا كان تذكره بعد فوات الموالاة أو بعد خروجه من المطاف فإن كان المنسي شوطا واحدا أتي به و صح طوافه أيضا و إن لم يتمكن من الاتيان به بنفسه و لو لأجل أن تذكره كان بعد ايابه إلي بلده استناب غيره و إن كان المنسي أكثر من شوط واحد و أقل من أربعة رجع و أتم ما نقص و الأولي اعادة الطواف بعد الاتمام و إن كان المنسي أربعة أو أكثر فالأحوط الاتمام ثم الاعادة (2).

______________________________

(1) اذا فرضنا أنه نقص من طوافه عمدا فان لم تفت الموالاة و لم يخرج عن المطاف جاز له الاتمام و لا يبطل الطواف اذ لا وجه لبطلانه و بعبارة اخري مجرد قصد عدم الاتيان بما نقص لا يوجب بطلان المركب فاذا أتم يتم الأمر و يتحقق الامتثال و أما إذا فاتت الموالاة يبطل الطواف لاشتراطها في أجزاء المركب الواحد و أما إذا خرج عن المطاف فقد تقدم الكلام حوله فراجع.

(2) أما في صورة التذكر قبل فوات الموالاة و تدارك الناقص فلا اشكال في صحة طوافه لعدم الدليل علي البطلان و أما إذا كان تذكره بعد فوات الموالاة أو بعد خروجه عن المطاف فإن كان الفائت شوطا واحدا يأتي به إذا تمكن و إن لم يتمكن

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 126

______________________________

يستنيب

و يدل علي المدعي ما رواه الحسن بن عطية قال: سأله سليمان بن خالد و أنا معه عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و كيف طاف ستة أشواط قال: استقبل الحجر و قال: اللّه أكبر و عقد واحدا فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

يطوف شوطا فقال سليمان فانه فاته ذلك حتي أتي أهله قال: يأمر من يطوف عنه «1» و إن كان المنسي أكثر من شوط واحد فمقتضي حديث اسحاق بن عمّار قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل طاف بالبيت ثم خرج الي الصفا فطاف بين الصفا و المروة فبينما هو يطوف إذ ذكر انه قد ترك بعض طوافه بالبيت قال: يرجع الي البيت فيتم طوافه ثم يرجع الي الصفا و المروة فيتم ما بقي «2» تدارك الفائت فلا يضر بالصحة فان مقتضي اطلاق الحديث عدم الفرق بين كون المنسي شوطين أو أكثر كما ان مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين فوات الموالاة و عدمه بل يمكن أن يقال ان الحديث صريح في الصحة بالنسبة الي صورة فوات الموالاة إذ الراوي فرض كون الناسي خرج الي الصفا فطاف بينه و المروة و من الظاهر ان الموالاة تفوت في الفرض المذكور و مع فرض فوات الموالاة حكم روحي فداه بالصحة و جواز التدارك و التتميم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 32 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 127

الزيادة في الطواف

[للزيادة في الطواف خمس صور]

ااشرة

للزيادة في الطواف خمس صور

[الأولي: ان لا يقصد الطائف جزئية الزائد للطواف الذي بيده أو لطواف آخر]

الأولي: ان لا يقصد الطائف جزئية الزائد للطواف الذي بيده أو لطواف آخر ففي هذه الصورة لا يبطل الطواف بالزيادة (1).

______________________________

(1) و الأمر كما أفاده من عدم البطلان إذ المفروض ان المبطل الزيادة و المفروض أيضا انه لا تحصل الزيادة الّا بالقصد أي قصد الجزئية و لقائل أن يقول فرق بين أن يقال زاد فيه و إن يقال زاد عليه فان الزيادة في المركب الاعتباري متقومة بقصد الجزئية و أما الزيادة عليه فيتحقق بوجود الزائد و المذكور في حديث عبد اللّه بن محمد عن أبي الحسن عليه السّلام قال: الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة إذا زدت عليها فعليك الاعادة و كذلك السعي «1» قوله عليه السّلام «إذا زدت عليه» الخ فلازمه البطلان بمجرد الاتيان بالزائد و إن لم يقصد به الجزئية و لكن الحق انه لا فرق بين قول القائل في المركب الاعتباري زاد فيه أو زاد عليه فان الزيادة بكلا الاعتبارين تحتاج الي قصد كون المأتي به من المركب فلا مجال للتفريق و بعبارة واضحة فرق بين المركب الخارجي ك (السقمونيا) و بين المركب الاعتباري كالصلاة فان الزيادة في المركب الخارجي لا تحتاج الي القصد و أما في المركب الاعتباري فتحتاج إليه فلا فرق بين الزيادة فيه أو عليه.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث 11.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 128

[الثانية: أن يقصد حين شروعه في الطواف أو في أثنائه الإتيان بالزائد]

الثانية: أن يقصد حين شروعه في الطواف أو في أثنائه الاتيان بالزائد علي ان يكون جزءا من طوافه الذي بيده و لا اشكال في بطلان طوافه حينئذ و لزوم اعادته (1).

[الثالثة: أن يأتي بالزائد علي أن يكون جزءا من طوافه الذي فرغ منه]

الثالثة: أن يأتي بالزائد علي أن يكون جزءا من طوافه الذي فرغ منه بمعني أن يكون قصد الجزئية بعد فراغه من الطواف و الأظهر في هذه الصورة أيضا البطلان (2).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن محمد «1» فإن مقتضي اطلاق الخبر هو البطلان بمطلق الزيادة.

(2) بتقريب انّ المستفاد من النص أن اشواط الطواف أخذت بشرط لا عن الزائد فلو زاد عليها شوطا أو أقل يوجب البطلان بلا فرق بين كون قصد الجزئية أثناء العمل أو بعده و يرد عليه أنه لا يتحقق عنوان الزيادة الّا بقصد الجزئية حين العمل و أما لو لم يقصد بفعله الجزئية فلا يمكن تحقق عنوان الزيادة و لكن مراد الماتن علي ما يستفاد من كلامه أنه يقصد الجزئية بالشوط الثامن بعد الفراغ من الطواف و بعبارة اخري تارة يقصد الجزئية من أول الأمر و أخري في الأثناء و ثالثة بعد الفراغ عن الشوط السابع و بمقتضي حديث عبد اللّه بن محمد يبطل الطواف بالزيادة

______________________________

(1) لاحظ ص 127.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 129

[الرابعة: أن يقصد جزئية الزائد لطواف آخر و يتم الطواف الثاني]

الرابعة: أن يقصد جزئية الزائد لطواف آخر و يتم الطواف الثاني و الزيادة في هذه الصورة و إن لم تكن متحققة حقيقة الّا أن الأحوط بل الأظهر فيها البطلان و ذلك من جهة القران بين الطوافين في الفريضة (1).

______________________________

عليه و المفروض في المقام أنه زاد علي الطواف فيبطل و لما انجر الكلام الي هنا نقول الحق أنه لا فرق بين الزيادة فيه و بين الزيادة عليه فانه لا يصدق عنوان الزيادة عليه الّا مع العناية و يشهد لما ذكر حديث عبد اللّه بن محمد «1» حيث صرح عليه السّلام قال:

الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل

الصلاة المفروضة إذا زدت عليها الخ و علي هذا الاساس ان ما أفاده الماتن من أنه لو زاد شوطا بعد اتمام الطواف يوجب البطلان تام لا غبار عليه نعم إذا فاتت الموالاة لا توجب الزيادة البطلان إذ بعد فوات الموالاة لا يبقي الموضوع كي يبطل أو لا يبطل فلاحظ.

(1) قال في الحدائق: اختلف الأصحاب في حكم القران في الطواف فذهب الشيخ الي التحريم في طواف الفريضة حيث قال: لا يجوز القران في طواف الفريضة و قال ابن ادريس انه مكروه شديد الكراهة و ليس المراد بذلك الحظر فان المكروه إذا كان شديد الكراهة قيل فيه لا يجوز و ظاهر جملة من الأصحاب هنا التوقف في الحكم فان المحقق في النافع عزي تحريمه و بطلان الطواف به في الفريضة الي الشهرة «2» الي آخر كلامه رفع مقامه.

أقول: المستفاد من حديث زرارة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: انما يكره أن

______________________________

(1) لاحظ ص 127.

(2) الحدائق: ج 16 ص 192.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 130

______________________________

يجمع الرجل بين الأسبوعين و الطوافين في الفريضة فأما في النافلة فلا بأس «1» و حديث عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: انما يكره القران في الفريضة فأما النافلة فلا و اللّه ما به بأس «2» ان القران في الطواف مكروه و من الظاهر ان الكراهة في الحكم الوضعي لا مجال له فلا يمكن القول بالفساد و يستفاد من جملة من الروايات عدم جواز القران في الطواف لاحظ ما رواه صفوان بن يحيي و أحمد بن محمد بن أبي نصر قالا: سألناه عن قران الطواف اسبوعين و الثلاثة قال:

لا انما هو اسبوع و ركعتان، و قال

كان أبي يطوف مع محمد بن ابراهيم فيقرن و انما ذلك منه لحال التقية «3» و لاحظ ما رواه علي بن جعفر انه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السّلام عن الرجل يطوف السبوع و السبوعين فلا يصلي ركعتين حتي يبدو له أن يطوف اسبوعا هل يصلح ذلك قال: لا يصلح حتي يصلي ركعتي السبوع الأول ثم ليطوف ما أحبّ «4».

و هذه الطائفة و ان كانت ظاهرة في الحكم الوضعي لكن ترفع اليد عنها و تحمل علي التكليفي بقرينة ما تقدم من الطائفة التي تدل علي الحكم التكليفي فبالنتيجة ان القران بين الطوافين ممنوع تكليفا و إذا فرضنا أن النتيجة كانت الحرمة التكليفية فهل توجب الفساد الوضعي أم لا يمكن أن يقال انها تستلزم الفساد الوضعي إذ المفروض انّ الطواف عبادة و العبادة لا يمكن أن تكون مبغوضة للمولي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 36 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 6.

(4) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 131

[الخامسة: أن يقصد جزئية الزائد لطواف آخر و لا يتم الطواف الثاني من باب الاتفاق]
اشارة

الخامسة: أن يقصد جزئية الزائد لطواف آخر و لا يتم الطواف الثاني من باب الاتفاق فلا زيادة و لا قران الا أنه قد يبطل الطواف فيها لعدم تأتي قصد القربة و ذلك فيما إذا قصد المكلف الزيادة عند ابتدائه بالطواف أو في أثنائه مع علمه بحرمة القران و بطلان الطواف به فإنه لا يتحقق قصد القربة حينئذ و إن لم يتحقق القران خارجا من باب الاتفاق (1).

______________________________

فاذا نهي عن القران و القران يحصل بجعل كل واحد منهما قرينا للآخر لكن الجزء الأخير عبارة عن الوجود الثاني فالحرام يتحقق بالوجود الثاني فالنتيجة فساد الطواف الثاني و أما الفرد الأول فلا

يكون فاسدا وضعا و لا حراما تكليفا و لقائل أن يقول لا وجه لحمل دليل الفساد علي الحكم التكليفي إذ لا تنافي بين الحكمين و بعبارة اخري مقتضي الطائفة الدالة علي عدم صلاحية القران بين الطوافين فسادهما فلا وجه لرفع اليد عنه بل لا بدّ من الأخذ به و الالتزام بالفساد بالنسبة الي كليهما إذ القران عنوان يترتب علي كون أحدهما قرينا للآخر فلا يختص الفساد بأحدهما دون الآخر.

(1) قد انقدح بما تقدم منا قريبا أنه لا يفسد الطواف الأول و لا يحرم حتي مع قصد ايجاد القران و العلم بكونه منهيا أما الفساد فلعدم الدليل عليه كما تقدم و أما الحرمة فلما تقدم أن القران يتحقق بالفعل الثاني و بالفرد الثاني من الطواف فهو حرام و فاسد و أما الطواف الأول فلا و لكن تقدم أيضا انّ القران يحصل باجتماع القرين مع قرينه و لا اختصاص بخصوص الفرد الثاني لكن المفروض في المقام عدم تحقق القران فلا يبطل الطواف لا بالزيادة و لا بالقران و لكن مع ذلك يبطل اذ المكلف قصد الاتيان بالطواف الذي يكون مقرونا بطواف آخر و مثله لا يكون طوافا شرعيا فلم يقصد المأمور به فيكون باطلا.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 132

[(مسألة 314): إذا زاد في طوافه سهوا]

(مسألة 314): إذا زاد في طوافه سهوا فإن كان الزائد أقل من شوط قطعه و صح طوافه و إن كان شوطا واحدا أو أكثر فالأحوط أن يتم الزائد و يجعله طوافا كاملا بقصد القربة المطلقة (1).

______________________________

(1) أما الزيادة السهوية تارة تكون أقل من شوط واحد و اخري تكون شوطا واحدا أو أكثر فهنا فرعان:

أما الفرع الأول فحكم الماتن بقطعه و صحة طوافه و للنقاش فيما أفاده

مجال لاحظ ما رواه عبد اللّه بن محمد «1» فان مقتضي اطلاق الحديث هو البطلان بالزيادة و لو كانت أقل من شوط واحد لكن لا بدّ من رفع اليد عن الاطلاق بحديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: من طاف بالبيت فوهم حتي يدخل في الثامن فليتم أربعة عشر شوطا ثم ليصل ركعتين «2» فان مقتضاه أنه لو سها و دخل في الشوط الثامن فتذكر يتمه أربعة عشر شوطا ثم يصلي ركعتين لكن يعارضه ما رواه جميل أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّن طاف ثمانية أشواط و هو يري أنها سبعة قال: فقال: ان في كتاب علي عليه السّلام أنه إذا طاف ثمانية أشواط يضمّ إليها ستة أشواط ثم يصلي الركعات بعد قال و سئل عن الركعات كيف يصليهن أو يجمعهن أو ما ذا قال: يصلي ركعتين للفريضة ثم يخرج الي الصفا و المروة فاذا رجع من طوافه بينهما رجع يصلي ركعتين للأسبوع الآخر «3» و النقاش في الحديث بكونه مرسلا ليس في محله لأنّ ابن ادريس ينقل الحديث عن نوادر أحمد بن محمد و ظاهر الشهادة كونها حسية هذا من ناحية و من ناحية اخري يمكن وصول

______________________________

(1) لاحظ ص 127.

(2) الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 16.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 133

______________________________

الكتاب النوادر بيده فالتعارض بحاله و لا مرجح لاحدهما علي الآخر لكن لا اشكال في ان أحدهما احدث و علي كلا التقديرين لا بدّ من ضم ست أشواط كي تصير الأشواط أربعة عشر شوطا ثم يصلي ركعتين إذ يعلم اجمالا بوجوب أحد الأمرين فان قلنا بعدم تنجز

العلم الإجمالي بالجملة كما نقول يكتفي بركعتين و إن لم نقل بهذه المقالة يلزم العمل علي مقتضي العلم الاجمالي و الاتيان بكلا طرفيه كما هو المشهور عند القوم و لقائل أن يقول لا تعارض بين الحديثين فان نسبة حديث جميل الي حديث ابن سنان نسبة الخاص الي العام إذ مقتضي اطلاق حديث ابن سنان ان الموضوع للحكم الدخول في الثامن أعم من أن يتم الشوط أم لا و حديث جميل وارد في خصوص من أتم الشوط أي طاف ثمانية أشواط فيخصص حديث ابن سنان بحديث جميل فلا تعارض بينهما فلا تصل النوبة الي الترجيح الي آخر ما ذكرناه فلاحظ هذا تمام الكلام بالنسبة الي الفرع الأول و أما الفرع الثاني ففي المقام عدة نصوص نري أن النسبة بأي نحو بينها و حديث عبد اللّه بن محمد فنقول منها ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان عليا عليه السّلام طاف ثمانية أشواط فزاد ستة ثم ركع أربع ركعات «1» و لا تنافي بين هذه الرواية و ذلك الحديث و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ان عليا عليه السّلام طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة و بني علي واحد و أضاف إليه ستا ثم صلي ركعتين خلف المقام ثم خرج الي الصفا و المروة فلمّا فرغ من السعي بينهما رجع فصلّي الركعتين اللتين ترك في المقام الأول «2» و لا تنافي بين الحديثين في الأشواط و أما في الصلاة بعدها

______________________________

(1) الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث 6.

(2) نفس المصدر، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 134

[الشك في عدد الأشواط]

اشارة

الشك في عدد الأشواط

[(مسألة 315): اذا شك في عدد الأشواط بعد الفراغ من الطواف و التجاوز من محله لم يعتن بالشك]

(مسألة 315): اذا شك في عدد الأشواط بعد الفراغ من الطواف و التجاوز من محله لم يعتن بالشك كما إذا كان شكه بعد دخوله في صلاة الطواف (1).

______________________________

فالترجيح مع حديث عبد اللّه بن سنان بالأحدثية لكن يشكل حديث ابن وهب و حديث زرارة بأنه كيف يمكن تحقق السهو بالنسبة الي المعصوم الذي اذهب اللّه عنه الرجس و طهّره تطهيرا فيرد علم الحديثين الي أهلهما و لا مجال لأن يقال لا تنافي بين كون الفعل من باب التقية و كونه دالا علي أصل الحكم إذ كيف يمكن أن ينفي أصل الفعل و مع ذلك يستفاد منه الحكم، و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: سألته عن رجل طاف طواف الفريضة ثمانية أشواط قال: يضيف إليها ستة «1» و لا تنافي بينهما أي بين هذه الرواية و حديث عبد اللّه بن محمد كما هو واضح و مما ذكرنا يظهر الحال بالنسبة الي بقية النصوص فلاحظ.

(1) اذا شك في عدد الأشواط و دخل في الغير كما لو شرع في الصلاة الطواف فتارة تكون الموالاة غير باقية و علي تقدير الزيادة أو النقصان لا يكون التدارك قابلا و اخري لا يكون كذلك أي الفصل الزماني بمقدار لا يكون موجبا لفوات الموالاة أما علي الأول فلا اشكال في جريان قاعدة الفراغ لتمامية أركانها إذ المفروض أن المكلف شاك في صحة طوافه و أيضا فرض دخوله في الغير أي دخل في صلاة الطواف فلا مانع عن جريان قاعدة الفراغ و بعبارة اخري يكون الشك في صحة ما أتي به من طوافه فيحكم بالصحة ببركة قاعدة الفراغ.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف،

الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 135

[(مسألة 316): إذا تيقّن بالسبعة و شك في الزائد]

(مسألة 316): إذا تيقّن بالسبعة و شك في الزائد كما إذا احتمل أن يكون الشوط الأخير هو الثامن لم يعتن بالشك و صحّ طوافه الا أن يكون شكه هذا قبل تمام الشوط الأخير فإن الأظهر حينئذ بطلان الطواف و الأحوط اتمامه رجاء و إعادته (1).

______________________________

و أما علي الثاني فيشكل جريان قاعدة الفراغ إذ المفروض أن الشك في عدد الأشواط و أيضا المفروض بقاء المحل للتدارك فالأشواط المأتي بها لا شك في صحتها و الشوط المشكوك فيه محكوم بعدم الاتيان بالاستصحاب إذ قاعدة التجاوز غير تامة عندنا و يظهر من متن الكتاب أنه قدّس سرّه تمسك بقاعدة التجاوز و يظهر من شرحه علي ما في تقريره الشرف أنه تمسك بقاعدة الفراغ و كلا التقريبين غير تامين أما الأول لعدم الدليل عليها و الثاني فلعدم تمامية موضوعها الا أن يقال انّ موضوع قاعدة الفراغ متحقق إذ المفروض أنه يشك في صحة الطواف لاحتمال الاتيان به بتمامه و احتمال عدم الاتيان به و المفروض أنه داخل في الصلاة فلا مانع عن اجراء قاعدة الفراغ فلاحظ.

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه إذا شك في الزائد بأن علم بتحقق السبعة و احتمل الاتيان بالثامن و بعبارة اخري إذا شك بعد الفراغ و اتمام الشوط في أنه السابع أو الثامن لم يعتن و يكون طوافه صحيحا لاستصحاب عدم الزائد مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر أسبعة طاف أم ثمانية فقال: أما السبعة فقد استيقن و انما وقع

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 136

______________________________

وهمه

علي الثامن فليصل ركعتين «1».

الفرع الثاني: أن يشك قبل تمام الشوط في أنه السابع أو الثامن فربما يقال بلزوم الاعادة لدوران الأمر بين المحذورين إذ لو اتمه يحتمل الزيادة و لو اكتفي بما أتي به يحتمل النقيصة فيلزم التدارك بالاعادة و عن سيد المدارك الحكم بالصحة و اتمام ما بيده و يمكن أن يقال ان ما ذهب إليه تام و مقتضي القاعدة إذ بمقتضي الاستصحاب يحكم بعدم كون ما بيده ثامنا إن قلت إنّ الأمر و إن كان كذلك لكن المستفاد من جملة من النصوص انّ مجرد الشك يوجب بطلان الطواف منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت فلم يدر أ ستة طاف أو سبعة طواف فريضة قال: فليعد طوافه قيل: أنه قد خرج وفاته ذلك قال ليس عليه شي ء «2»، و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل لم يدر أ ستة طاف أو سبعة قال: يستقبل «3» و منها ما رواه منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: اني طفت فلم أدر أ ستة طفت أم سبعة فطفت طوافا آخر فقال: هلّا استأنفت قلت: طفت و ذهبت قال: ليس عليك شي ء «4»، و منها ما رواه أحمد بن عمر المرهبي عن أبي الحسن الثاني عليه السّلام قال: قلت رجل شك في طوافه فلم يدر ستة طاف أم سبعة قال: إن كان في فريضة أعاد كلّما شك فيه و إن كان نافلة بني علي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 35 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) الباب 33 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

(4) نفس

المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 137

______________________________

ما هو أقلّ «1» و منها ما رواه رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال في رجل لا يدري ستة طاف أو سبعة قال: يبني علي يقينه «2» و منها ما أرسله الصدوق: قال:

و سئل عليه السّلام عن رجل لا يدري ثلاثة طاف أو أربعة قال: طواف نافلة أو فريضة قيل أجبني فيهما جميعا قال: إن كان طواف نافلة فأبن علي ما شئت و إن كان طواف فريضة فأعد الطواف «3»، و منها ما رواه حنان بن سدير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

ما تقول في رجل طاف فأوهم قال: طفت أربعة أو طفت ثلاثة فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

أي الطوافين كان طواف نافلة أم طواف فريضة قال: إن كان طواف فريضة فليلق ما في يديه و ليستأنف و إن كان طواف نافلته فاستيقن ثلاثة و هو في شك من الرابع أنه طاف فليبن علي الثلاثة فإنه يجوز له «4».

و منها ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة قال: فليعد طوافه قلت: ففاته قال: ما أري عليه شيئا و الاعادة احبّ إليّ و افضل «5»، و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل لم يدر ستة طاف أو سبعة قال: يستقبل «6»، و منها ما رواه

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 6.

(4) نفس المصدر، الحديث 7.

(5) نفس المصدر، الحديث 8.

(6) نفس المصدر، الحديث 9.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 138

______________________________

معاوية بن عمّار قال: سألته

عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة قال: يستقبل قلت: ففاته ذلك قال: ليس عليه شي ء «1»، و منها ما رواه أبو بصير قال: قلت له رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة أم ثمانية قال: يعيد طوافه حتي يحفظ الحديث «2».

و منها ما رواه أبو بصير أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل شكّ في طواف الفريضة قال: يعيد كلّما شك قلت: جعلت فداك شكّ في طواف نافلة قال:

يبني علي الأقل «3».

و منها ما في الخرائج و الجرائح في معجزات صاحب الزمان عليه السّلام عن جعفر بن حمدان عن الحسن بن الحسين الأسترآبادي قال: كنت أطوف فشككت فيما بيني و بين نفسي في الطواف فاذا شاب قد استقبلني حسن الوجه فقال: طف اسبوعا آخر «4».

قلت: هذه النصوص علي قسمين قسم منها مطلق و يشمل مطلق الشك لاحظ ما رواه أحمد بن عمر المرهبي و لاحظ ما رواه أبو بصير، و لاحظ ما رواه أبو بصير أيضا، و لاحظ ما رواه في الخرائج و الجرائح فان الأول ضعيف بالمرهبي و الثاني بابن مرار و الثالث بالبطائني و قسم منها يختص بغير المقام و قسم

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 10.

(2) نفس المصدر، الحديث 11.

(3) نفس المصدر، الحديث 12.

(4) نفس المصدر، الحديث 13.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 139

[(مسألة 317): إذا شك في عدد الأشواط]

(مسألة 317): إذا شك في عدد الأشواط كما إذا شك بين السادس و السابع أو بين الخامس و السادس و كذلك الاعداد السابقة حكم ببطلان طوافه و كذلك إذا شك في الزيادة و النقصان معا كما إذا شك في أنّ شوطه الأخير هو السادس أو الثامن

(1).

______________________________

منها لا ينفع فيما ذكر و هو رواية رفاعة إذ تدل علي لزوم البناء علي المعلوم، لكن الاحتياط حسن بلا اشكال و لا كلام.

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه لو شك في عدد الأشواط السابقة كما لو شك ان ما بيده رابعة أو خامسة و هكذا يبطل طوافه و هذا هو المشهور بين لا قوم و استدل بجملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «2» و منها ما رواه منصور بن حازم «3» و منها ما رواه أيضا منصور بن حازم «4» و منها ما رواه الحلبي «5» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «6»، بتقريب أنّ المستفاد من هذه النصوص انّ الشك في عدد الأشواط بنفسه يوجب البطلان و فيه أولا انّ النصوص المشار إليها ناظرة الي خصوص الشك بين الست و السبع و لا وجه لاستفادة الكلية مع انّ الأحكام الشرعية أمور تعبدية لا تنالها أفهامنا و ثانيا انه يعارضها في مفادها

______________________________

(1) لاحظ ص 136.

(2) لاحظ ص 136.

(3) لاحظ ص 136.

(4) لاحظ ص 137.

(5) لاحظ ص 137.

(6) لاحظ ص 138.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 140

______________________________

ما رواه رفاعة «1» فان المستفاد من الحديث أن يأخذ بالمقدار المعلوم و يعمل علي طبق يقينه و بعبارة اخري السائل فرض ان الطائف يتيقن بالست و يشك في السبع و الامام عليه السّلام لم يجب بأنه يعمل علي طبق يقينه الذي يكون مقتضي الاستصحاب و بعد التعارض و عدم احراز الأحدث تصل النوبة الي الأخذ بالقاعدة الأولية و هو الاستصحاب أي استصحاب عدم الاتيان بالمشكوك فيه و يستفاد من طائفة أخري من النصوص أن

مجرد الشك يوجب البطلان منها ما رواه أحمد بن عمر المرهبي «2» و منها ما رواه أبو بصير «3»، و منها ما في الخرائج و الجرائح «4»، و هذه الروايات كلها ضعيفة سندا فلا يعتد بها و ربما يستدل علي المدعي بما رواه صفوان قال: سألته عن ثلاثة دخلوا في الطواف فقال واحد منهم احفظوا الطواف فلمّا ظنوا أنهم قد فرغوا قال واحد منهم معي ستة أشواط قال: ان شكّوا كلهم فليستأنفوا و إن لم يشكوا و علم كل واحد منهم ما في يديه فليبنوا «5».

و ما رواه صفوان أيضا قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام ثم ذكر مثله الا أنه قال:

قال واحد معي سبعة أشواط و قال الآخر معي ستة أشواط و قال الثالث معي خمسة أشواط «6».

______________________________

(1) لاحظ ص 137.

(2) لاحظ ص 136.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مصباح الناسك في شرح المناسك، دو جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1425 ه ق مصباح الناسك في شرح المناسك؛ ج 2، ص: 140

(3) لاحظ ص 138.

(4) لاحظ ص 138.

(5) الوسائل: الباب 66 من أبواب الطواف، الحديث 2.

(6) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 141

______________________________

بتقريب انّ المستفاد من الحديث انّ مجرد الشك يوجب البطلان و فيه أنه حكم خاص في مورد مخصوص و لا وجه لاسرائه الي المقام و يستفاد من حديث حنان بن سدير «1». انّ الشك بين الثلاث و الأربع يوجب البطلان لكن هذا حكم مخصوص بمورده و لا وجه لاسراء حكمه الي المقام إن قلت يفهم من مجموع النصوص انّ الشك في عدد الأشواط يوجب بطلان الطواف قلت: نفرض ان الأمر كذلك لكن نقول حديث رفاعة يكون معارضا حيث يدل

علي البناء علي اليقين و لقائل أن يقول الترجيح مع النصوص الدالة علي البطلان إذ حديث صفوان بن يحيي دال عليه و هو من أصحاب الرضا عليه السّلام فيكون الترجيح مع دليل البطلان بالأحدثية.

إن قلت إذا كان الأمر كذلك فكيف حكمتم بالصحة إذا كان الشك في أثناء الشوط في انّ ما بيده السابع أو الثامن و الحال انّ الشك يوجب البطلان قلت المستفاد من مجموع النصوص انّ الشك إذا كان متعلقا بالسبع فما دون فهو موجب للبطلان و أما مع العلم بتحقّق السابع و الشك في الزيادة فلا يكون مورد دليل البطلان و لقائل أن يقول حديث رفاعة لا يعارض النصوص الدالة علي البطلان لانّ حديث رفاعة مطلق من حيث كون الشك في الفريضة أو النافلة و بعض النصوص الدالة علي انّ الشك يوجب البطلان خاص بالفريضة لاحظ حديث معاوية بن عمّار «2»، فلا بد من تخصيص حديث رفاعة بحديث معاوية بن عمّار فلا تعارض بين الطرفين، و أما الفرع الثاني و هو الشك في الزيادة و النقيصة كما لو شك بين الست و الثمان فربما

______________________________

(1) لاحظ ص 137.

(2) لاحظ ص 138.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 142

[(مسألة 318): إذا شك بين السادس و السابع و بني علي السادس جهلا منه بالحكم و أتمّ طوافه]

(مسألة 318): إذا شك بين السادس و السابع و بني علي السادس جهلا منه بالحكم و أتمّ طوافه لزمه الاستئناف و إن استمر جهله إلي أن فاته زمان التدارك لم تبعد صحة طوافه (1).

[(مسألة 319): يجوز للطائف أن يتكل علي احصاء صاحبه في حفظ عدد أشواطه]

(مسألة 319): يجوز للطائف أن يتكل علي احصاء صاحبه في حفظ عدد أشواطه إذا كان صاحبه علي يقين من عددها (2).

______________________________

يستدل علي البطلان بما دل علي البطلان علي نحو الاطلاق يرد عليه انّ النصوص الدالة علي كون مطلق الشك مبطلا غير تامة سندا و أما النصوص الدالة علي البطلان في المورد الخاص فلا مجال للاستفادة الكلية منها مضافا الي ما تقدم من معارضتها مع حديث رفاعة و لكن تقدم انّ حدث رفاعة لا يعارض النصوص الدالة علي البطلان لكونه أعم و قلنا انّ الحق بطلان الطواف بالشك في عدد الأشواط في الفريضة.

(1) قد ظهر حكم هذه المسألة مما ذكرنا بأن مقتضي القاعدة الأولية مضافا الي النص الخاص لزوم البناء علي الأقل لما قلنا أخيرا بأن الحق أنّ الشك يوجب البطلان و أما وجه ما أفاده في المتن من الصحة في صورة فوات زمان التدارك فهو عدة نصوص منها ما رواه محمد بن مسلم «1» و منها ما رواه منصور بن حازم «2» و منها ما رواه ابن حازم أيضا «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «4» فان مقتضي هذه النصوص صحة ما مضي من عمله فلاحظ.

(2) مقتضي القاعدة الأولية العلم بتحقق المأمور به في الخارج الا أن يقوم

______________________________

(1) لاحظ ص 136.

(2) لاحظ ص 136.

(3) لاحظ ص 137.

(4) لاحظ ص 138.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 143

[(مسألة 320): إذا شك في الطواف المندوب يبني علي الأقل]

(مسألة 320): إذا شك في الطواف المندوب يبني علي الأقل و صح طوافه (1).

______________________________

دليل علي خصوصية من الخصوصيات و عليه لا يكون جواز الاتكال علي إحصاء الغير علي طبق القاعدة لكن النص الخاص دال علي المدعي لاحظ ما رواه سعيد الأعرج قال: سألت أبا عبد اللّه

عليه السّلام عن الطواف أ يكتفي الرجل باحصاء صاحبه فقال: نعم «1».

(1) ما أفاده مقتضي القاعدة الأولية فان البناء علي الأول مقتضي الاستصحاب فان الاتيان بالزائد مشكوك فيه و الأصل عدم الاتيان به أضف الي ذلك دلالة جملة من النصوص عليه منها ما رواه أحمد بن عمر المرهبي «2» و منها ما أرسله الصدوق «3» و منها ما رواه حنان بن سدير «4» و منها ما رواه أبو بصير «5».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 66 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 136.

(3) لاحظ ص 137.

(4) لاحظ ص 137.

(5) لاحظ ص 138.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 144

[(مسألة 321): إذا ترك الطواف في عمرة التمتع عمدا مع العلم بالحكم أو مع الجهل به و لم يتمكن من التدارك قبل الوقوف بعرفات]

(مسألة 321): إذا ترك الطواف في عمرة التمتع عمدا مع العلم بالحكم أو مع الجهل به و لم يتمكن من التدارك قبل الوقوف بعرفات بطلت عمرته و عليه اعادة الحج من قابل و قد مرّ انّ الأظهر بطلان احرامه أيضا لكن الأحوط أن يعدل إلي حج الافراد و يتمه بقصد الأعم من الحج و العمرة المفردة و إذا ترك الطواف في الحج متعمدا و لم يمكنه التدارك بطل حجه و لزمته الاعادة من قابل و إذا كان ذلك من جهة الجهل بالحكم لزمته كفارة بدنة أيضا (1).

______________________________

(1) تقدم الكلام حول المسألة عند تعرض الماتن فراجع ما ذكرناه هناك و ملخص الكلام انّ البطلان علي طبق القاعدة الأولية فانّ كل مركب إذا نقص منه جزء أو شرط يكون باطلا و لا يكون مجزيا الّا مع قيام دليل علي الأجزاء و أما الكفارة في صورة الجهل فتدل عليها رواية علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة قال: إن كان علي

وجه جهالة في الحج أعاد و عليه بدنة «1».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 56، من أبواب الطواف، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 145

[(مسألة 322): إذا ترك الطواف نسيانا وجب تداركه بعد التذكر]

(مسألة 322): إذا ترك الطواف نسيانا وجب تداركه بعد التذكر فإن تذكره بعد فوات محله قضاه و صح حجه و الأحوط اعادة السعي بعد قضاء الطواف و إذا تذكره في وقت لا يتمكن من القضاء أيضا كما إذا تذكره بعد رجوعه إلي بلده وجبت عليه الاستنابة و الأحوط أن يأتي النائب بالسعي أيضا بعد الطواف (1).

______________________________

(1) إذا ترك الطواف نسيانا فتتصور فيه صور:

الصورة الأولي: أن يمكنه التدارك و في هذه الصورة يجب التدارك بحكم العقل فان الامتثال واجب عقلا و المفروض امكانه اضف الي ذلك النص الخاص لاحظ ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل بدأ بالسعي بين الصفا و المروة قال: يرجع فيطوف بالبيت ثم يستأنف السعي قلت: ان ذلك قد فاته قال عليه دم ألا تري انّك اذا غسلت شمالك قبل يمينك كان عليك أن تعيد علي شمالك «1»، و لاحظ ما رواه منصور بن حازم أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بين الصفا و المروة قبل أن يطوف بالبيت قال: يطوف بالبيت ثم يعود الي الصفا و المروة فيطوف بينهما «2» و لاحظ ما رواه اسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا و المروة فبينما هو يطوف إذ ذكر أنه قد ترك من طوافه بالبيت قال: يرجع الي البيت فيتمّ طوافه ثم يرجع الي الصفا و المروة فيتم ما بقي قلت: فانه بدأ بالصفا و

المروة قبل أن يبدأ بالبيت فقال: يأتي البيت فيطوف ثم يستأنف طوافه بين الصفا و المروة قلت: فما

______________________________

(1) الباب 63 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 146

______________________________

فرق بين هذين قال: لان هذا قد دخل من شي ء من الطواف و هذا لم يدخل في شي ء منه «1» و بعد ورود النص و تجويز الشارع التدارك و لو مع الاخلال بالموالاة لا يبقي مجال للاشكال كما هو ظاهر عند الخبير.

الصورة الثانية: أن لا يمكنه التدارك لمضي الوقت فمقتضي القاعدة هو البطلان فإن المركب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه أو أحد شرائطه و لا مجال للأخذ بقاعدة رفع الخطاء و النسيان و قاعدة رفع الحرج فان هذه القواعد لا تقتضي الاثبات بل مفادها انتفاء الحكم عند تحقق هذه العناوين و ادعي عدم الخلاف بل الاجماع علي عدم الفساد و للنص الخاص الوارد بالنسبة الي من رجع الي أهله و تذكره بعد ذلك لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتي قدم بلاده و واقع النساء كيف يصنع قال: يبعث بهدي إن كان تركه في حجّ بعث به في حجّ و إن كان تركه في عمرة بعث به في عمرة و وكّل من يطوف عنه ما تركه من طوافه «2». فان المستفاد من الحديث عدم البطلان و وجوب الاستنابة لكن مع تمكن المكلف من المباشرة لزم عليه المباشرة في القضاء و يمكن الاستدلال علي المدعي بتقريب أنه مع امكان المباشرة نشك في جواز الاستنابة و عدمه نقول لا شبهة و لا اشكال في جواز المباشرة و نشك في جواز الاستنابة و

عدمه فلا بد من الاقتصار علي القدر المعلوم و هي المباشرة الا أن يقال يدخل المقام تحت كبري الشك في الأقل و الأكثر فلا بد من تقريب المدعي بأن المعلوم من الشرع الأقدس أنّ التكليف

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 3.

(2) الوسائل: الباب 58 من أبواب الطواف، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 147

______________________________

المتوجه الي المكلف يقتضي الاتيان بمتعلقه مباشرة و الاستنابة تحتاج الي الدليل و يمكن أن يقال انّ المستفاد من سؤال الراوي حين يقول رجل نسي طواف الفريضة حتي قدم بلاده أنه لا يمكنه المباشرة بنفسه فمع فرض امكان المباشرة تجب لكن الانصاف انّ مقتضي اطلاق خبر ابن جعفر جواز الاستنابة حتي في صورة القدرة علي المباشرة و لا مجال لأن يقال انّ المعلوم من الشرع الأقدس لزوم المباشرة في كل تكليف فانه أول الكلام و الاشكال و إن شئت قلت بعد اطلاق حديث ابن جعفر لا يبقي مجال للتقريب المذكور.

الصورة الثالثة: ما لو لم يمكنه القيام بالقضاء فيجب عليه الاستنابة كما دل عليه حديث ابن جعفر «1» بتقريب انّ المستفاد من الحديث عدم التمكن من المباشرة و الوصول الي بلده من باب أحد مصاديق عدم التمكن من المباشرة فالميزان عدم التمكن منها و يرد علي التقريب المذكور أنه يلزم تخصيص جواز الاستنابة بصورة عدم التمكن مباشرة فيظهر الاشكال فيما تقدم منا من انّ مقتضي اطلاق الحديث جواز الاستنابة حتي مع التمكن مباشرة لكن الانصاف أنه لا مانع من البناء علي الاطلاق كما تقدم ثم انّ الماتن احتاط باعادة السعي بعد قضاء الطواف و يمكن أن يكون الوجه في الاحتياط المذكور ما عن الجواهر من كونه أحوط إن لم يكن أقوي و يمكن

أن يكون وجه الأقوائية أنه يلزم التحفظ علي الترتيب و يرد عليه انّ القاعدة الأولية بطلان الحج كما تقدم و لكن لا نلتزم به لاجل قيام الدليل الخاص علي وجوب القضاء و المفروض أنه لا تعرض لاعادة السعي في دليل وجوب التدارك

______________________________

(1) لاحظ ص 146.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 148

[(مسألة 323): إذا نسي الطواف حتي رجع إلي بلده و واقع أهله]

(مسألة 323): إذا نسي الطواف حتي رجع إلي بلده و واقع أهله لزمه بعث هدي إلي مني إن كان المنسي طواف الحج و إلي مكة إن كان المنسي طواف العمرة و يكفي في الهدي أن يكون شاة (1).

______________________________

و مقتضي الصناعة و الاطلاق المقامي عدم الوجوب كما انّ مقتضي اصل البراءة عدم ايجاب الاحتياط المذكور و لكن الحق أنه لا مجال للتقريب المذكور بالنسبة الي صورة قضاء الطواف بنفسه إذ قد صرح في بعض النصوص أنه يأتي بالسعي بعد الطواف لاحظ ما رواه منصور بن حازم «1» نعم بالنسبة الي النائب يمكن أن يقال بعدم وجوب تدارك السعي لعدم الدليل عليه.

(1) ربما يقال بوجوب البدنة لحديث علي بن جعفر الا أنه قال فبدنة في عمرة «2» و الحدث ضعيف بعبد اللّه بن حسن و لكن علي بن جعفر روي الحديث في كتابه فالسند تام و ربما يقال بعدم الكفارة لحديث رفع النسيان و يرد عليه انّ حديث الرفع و إن كان مقتضيا لعدم الوجوب و لكن لا بدّ من تخصيصه بحديث ابن جعفر «3» و ظاهر الحديث انّ النسيان كان باقيا الي زمان الجماع فلا بد من الالتزام بوجوب الكفارة ثم أنه يكفي الشاة للاطلاق و مع الشك يكون مقتضي البراءة عن الأكثر كفاية الشاة و لكن الحق وجوب البدنة في العمرة فان ما

ذكره ابن جعفر في كتابه مقيد بالبدنة بالنسبة الي العمرة فلا بد من تقييد الاطلاق بهذا القيد فلاحظ و أما ما أفاده من التفصيل بأن يبعث الهدي الي مني أن كان المنسي طواف الحج و إلي مكة إن كان المنسي طواف العمرة فالدليل عليه حديث ابن جعفر فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 145.

(2) الوسائل: الباب 58 من أبواب الطواف، ذيل الحديث 1.

(3) لاحظ ص 146.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 149

[(مسألة 324): إذا نسي الطواف و تذكره في زمان يمكنه القضاء]

(مسألة 324): إذا نسي الطواف و تذكره في زمان يمكنه القضاء قضاه بإحرامه الأول من دون حاجة إلي تجديد الاحرام نعم إذا كان قد خرج من مكة و مضي عليه شهر أو أكثر لزمه الاحرام لدخول مكة كما مرّ (1).

______________________________

(1) إذا كان القضاء بنفسه ممكنا و كان باقيا في مكة قضاه و لا يحتاج الي تجديد الاحرام فانه لا دليل علي اشتراط قضاء الطواف بالاحرام بل الدليل قائم علي عدم الاشتراط لاحظ حديث ابن جعفر فان مقتضي الاطلاق المقامي عدم وجوب الاحرام للنائب مضافا الي انّ الناسي بعد تقصيره إما خرج عن الاحرام و إما لم يخرج أما علي الأول فلا وجه لتجديد الاحرام إذ لا دليل علي اشتراط الطواف بما هو طواف بالاحرام و أما علي الثاني فلا مجال لتجديد الاحرام فان تحصيل الحاصل محال و أما إذا خرج عن مكة و لم يمض عليه شهر فلا يحتاج الي تجديد الاحرام و أما إذا مضي الشهر فهل يحتاج الي تجديد الاحرام أم لا فنقول إذا كان المكلف الذي نسي طوافه باقيا في احرامه السابق فلا مجال لتجديد الاحرام، فانّ تحصيل الحاصل محال و إن كان خارجا عن احرام يجب الاحرام لعدم جواز دخول مكة

بلا احرام فلا بد من ملاحظة انّ مثله باق في الاحرام أم لا ربما يتمسك ببقائه بالاستصحاب و يرد عليه انّ الاستصحاب في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد و لقائل أن يقول انّ مقتضي القاعدة أن من نسي الطواف يكون باقيا في الاحرام إذ المركب ينتفي بانتفاء أحد اجزائه أو أحد شرائطه غاية الامر انّ الشارع الأقدس اكتفي بقضائه و علي هذا الاساس لا يبقي مجال لهذا التفصيل بل مقتضي القاعدة كونه محرما و لا يحتاج الي تجديده بل التجديد غير قابل لعدم امكان تحصيل الحاصل فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 150

[(مسألة 325): لا يحل لناسي الطواف ما كان حله متوقفا عليه]

(مسألة 325): لا يحل لناسي الطواف ما كان حله متوقفا عليه حتي يقضيه بنفسه أو بنائبه (1).

[(مسألة 326): إذا لم يتمكن من الطواف بنفسه لمرض أو كسر و أشباه ذلك]

(مسألة 326): إذا لم يتمكن من الطواف بنفسه لمرض أو كسر و اشباه ذلك لزمته الاستعانة بالغير في طوافه و لو بأن يطوف راكبا علي متن رجل آخر وجبت عليه الاستنابة فيطاف عنه و كذلك الحال بالنسبة إلي صلاة الطواف فيأتي المكلّف بها مع التمكّن و يستنيب لها مع عدمه، و قد تقدم حكم الحائض و النفساء في شرائط الطواف (2).

______________________________

(1) هذا علي طبق القاعدة الأولية إذ لو فرض عدم جواز الجماع مثلا قبل الطواف فلا يجوز الّا بعد الاتيان به بنفسه أو بنائبه و يدل علي المدعي حديث ابن جعفر «1» حيث دل علي وجوب الكفارة بالجماع و لا تنافي بين توقف الجواز علي قضائه مباشرة أو بالنيابة و خروجه عن الاحرام بالتقصير اللهم الّا أن يقال كما تقدم في ذيل المسألة السابقة أنه لا وجه لخروجه عن الاحرام إذ المفروض انّ المركب كما قلنا ينتفي بانتفاء أحد أجزائه أو شرائطه و المفروض انّ الطواف جزء من أعمال الحج و أيضا فرض عدم الاتيان به.

(2) يقع الكلام تارة في الطواف و اخري في صلاته فهنا فرعان:

الفرع الأول: أنه يجب علي المكلف إذا أمكنه أن يطوف بنفسه و لو بالاستعانة بالغير انسانا كان أو حيوانا أو غيرهما يجب عليه أن يقوم به مباشرة و الوجه فيه انّ كل واجب يجب أن يقوم به نفس المكلف علي ما حقق في الأصول و الطواف من الواجبات فكما انّ الصلاة الواجبة علي المكلف يجب عليه ان يقوم بها مباشرة

______________________________

(1) لاحظ ص 146.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 151

______________________________

و لا يجوز

فيها الاستنابة كذلك الحال في الطواف فانه يجب ان يقوم به من وجب عليه نعم لا يلزم ان يطوف ماشيا بل يكفي صدق أنه طاف بالبيت و لو راكبا بلا فرق بين كون المركب حيوانا أو انسانا أو سيارة و الحاصل انّ اللازم صدور الطواف عنه و باختياره و هذا آمر علي طبق القاعدة و لا يحتاج الي التطويل في البحث و إذا فرض عدم امكانه أي لا يمكنه الطواف بنفسه و لا باستعانة بالغير فتصل النوبة الي الاطافة به و إن لم يمكن أيضا تصل النوبة الي الاستنابة فالطواف له مراتب ثلاثة و يستفاد من حديث حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يطاف به و يرمي عنه قال:

فقال: نعم إذا كان لا يستطيع «1» أنه مع امكان أن يطوف بنفسه لا تصل النوبة الي الاطافة بل جوازها يتوقف علي عدم امكان القيام بنفسه و يدل عليه أيضا حديث صفوان بن يحيي قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل المريض يقدم مكة فلا يستطيع أن يطوف بالبيت و لا بين الصفا و المروة قال: يطاف به محمولا يخط الأرض برجليه حتي تمس الأرض قدميه في الطواف ثم يوقف به في أصل الصفا و المروة إذا كان معتلا «2».

و يستفاد تقدم الاطافة علي الاستنابة من حديثي اسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام في حديث قال: قلت: المريض المغلوب يطاف عنه قال: لا و لكن يطاف به «3» و أيضا قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السّلام عن المريض يطاف عنه بالكعبة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 47 من أبواب الطواف، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك

في شرح المناسك، ج 2، ص: 152

______________________________

قال: لا و لكن يطاف به «1».

فالنتيجة انه مع امكان المباشرة تجب و مع عدم امكانها تصل النوبة الي الاطافة به و مع عدم امكانها تصل النوبة الي الاستنابة فالمتحصل ان الواجب علي المكلف في الدرجة الأولي أن يطوف بنفسه مباشرة و لو باستعانة الغير انسانا كان أو حيوانا أو غيرهما و هذا علي طبق القاعدة الأولية و في الدرجة الثانية يطاف به و الدليل عليه عدة نصوص لاحظ حديثي اسحاق بن عمّار «2» و في الدرجة الثالثة يطاف عنه و الدليل عليه طائفة من الروايات منها ما رواه حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المريض المغلوب و المغمي عليه يرمي عنه و يطاف عنه «3».

و منها ما رواه حريز أيضا أنه روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام رخصة في أن يطاف عن المريض و عن المغمي عليه و يرمي عنه «4»، و منها ما رواه ابن عمّار «5» و منها ما رواه حبيب الخثعمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أمر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم أن يطاف عن المبطون و الكسير «6»، و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

الكسير يحمل فيطاف به و المبطون يرمي و يطاف عنه و يصلي عنه «7»، و منها ما رواه ابن عمّار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الكسير يحمل فيرمي الجمار

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 7.

(2) لاحظ ص 151.

(3) الوسائل: الباب 49 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 2.

(5) لاحظ ص 96.

(6) نفس المصدر، الحديث 5.

(7) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح

الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 153

______________________________

و المبطون يرمي عنه و يصلي عنه «1»، و منها ما رواه ابن عمّار أيضا أنه روي عنه عليه السّلام رخص في الطواف و الرمي عنهما «2».

و في المقام اشكال و هو انّ المستفاد من بعض النصوص بالنسبة الي الكسير أنه مع عدم التمكن من المباشرة يطاف به لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الكسير يحمل فيطاف به، الحديث «3» و المستفاد من بعضها انه يطاف عنه لاحظ ما رواه أيضا ابن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام رخص في الطواف و الرمي عنهما (الكسير و المبطون) «4» و حيث ان الأحدث غير معلوم يلزم العمل علي طبق العلم الاجمالي فعلي المشهور يجب الاحتياط و أما علي مسلكنا فلا، نعم بالنسبة الي المبطون و المغمي عليه الدليل قائم علي ان يطاف عنهما و الظاهر أنه لا معارض له و لا يخفي انّ المستفاد من حديث صفوان «5» أنه يجب علي المكلف أن يخط الأرض برجله.

هذا بالنسبة الي الطواف و أما صلاة الطواف فمع التمكّن من الاتيان بها يجب عليه أن يأتي بها و أما مع عدم القدرة علي الاتيان بها تصل النوبة الي الاستنابة فلصلاة الطواف مرحلتان المباشرة أولا و الاستنابة ثانيا و الدليل علي الاستنابة

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 7.

(2) نفس المصدر، الحديث 8.

(3) الوسائل: الباب 47 من أبواب الطواف، الحديث 6.

(4) الوسائل: الباب 49 من أبواب الطواف، الحديث 8.

(5) لاحظ ص 151.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 154

______________________________

حديثا معاوية بن عمّار «1» و للنقاش في هذه المقالة مجال واسع إذ لم يرد في الحديث من لا يقدر علي الصلاة

يصلي عنه بل الدليل وارد في خصوص المبطون و الحال ان المبطون يمكنه الصلاة و قد بين وظيفته و بعبارة اخري ان المبطون يصلي الصلوات اليومية و ما يجب عليه من بقية الصلوات و انما يجب عليه الاستنابة في صلاة الطواف للنص الوارد فيه بالخصوص و أما في غيره فانه اذا فرض عدم الامكان أي لا يمكن الاتيان بالصلاة بالصلاة مباشرة تصل النوبة الي المقدار الممكن ببركة (الصلاة لا تسقط بحال) نعم مقتضي الاحتياط أن يأتي بها مباشرة بالمقدار الممكن و الاستنابة أيضا.

ايقاظ ربّما يقال بأنه لا بدّ في وجوب الحج الصحة في البدن و عليه كيف تجب الاطافة أو الاستنابة فان المريض لا يجب عليه الحج و أنه غير مستطيع و يجاب عن الاشكال بأن المرض علي أقسام قسم منه لا تنافي بينه و بين الحج كما أنه لو كان الشخص عنده صداع و لا فرق بالنسبة إليه الحج و عدمه و هذا القسم لا يشترط عدمه في الاستطاعة و قسم ثاني يكون الشخص عنده ضعف القلب مثلا بحيث لا يقدر علي السفر و مثله لا يجب عليه الحج مباشرة قطعا و قسم ثالث و هو أنه يمكنه الذهاب الي مكة و لكن لا يقدر علي الطواف الّا بأن يستنيب أو يطاف به و هذا القسم يجب عليه الحج بهذا النحو و علي فرض اطلاق دليل المنع و عمومه يقيد و يخصص بأدلة الاطافة و الاستنابة فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 153.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 155

[الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع الطواف]

اشارة

صلاة الطواف و هي الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع و هي ركعتان يؤتي بهما عقيب الطواف و صورتها كصلاة الفجر و لكنّه مخير في قراءتها بين

الجهر و الإخفات و يجب الاتيان بها قريبا من مقام إبراهيم عليه السّلام و الأحوط بل الأظهر لزوم الاتيان بها خلف المقام فإن لم يتمكن فيصلي في أي مكان من المسجد مراعيا الأقرب فالأقرب إلي المقام علي الأحوط هذا في طواف الفريضة أما في الطواف المستحب فيجوز الاتيان بصلاته في أيّ موضع من المسجد اختيارا (1).

______________________________

(1) في المقام جهات من البحث:

الجهة الأولي: انّ صلاة الطواف من واجبات عمرة التمتع و هذا ظاهر واضح و غير قابل للنقاش بل لو قيل من ضروريات الفقه لا يكون جزافا و انكار وجوبها يعد من الغرائب مضافا الي دلالة النص الخاص عليه لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا فرغت من طوافك فائت مقام ابراهيم عليه السّلام فصلّ ركعتين و اجعله أماما و اقرأ في الأولي منهما سورة التوحيد «قل هو اللّه أحد» و في الثانية «قل يا أيّها الكافرون» ثم تشهد و احمد اللّه و اثن عليه و صلّ علي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم و اسأله أن يتقبّل منك الحديث «1».

الجهة الثانية: أنها ركعتان كما عليه السيرة مضافا الي التصريح بهما في حديث معاوية بن عمّار المتقدم آنفا.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 71 من أبواب الطواف، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 156

______________________________

الجهة الثانية: التخيير في قراءتها بين الجهر و الاخفات و يقتضيه اطلاق حديث معاوية بن عمّار مضافا الي انّ التخيير مقتضي اصالة البراءة.

الجهة الرابعة: وجوب الاتيان بها خلف المقام و يدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه ابراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرضا عليه السّلام أصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام حيث هو

الساعة أو حيث كان علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: حيث هو الساعة «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «2» و منها ما أرسله جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام ب «قل هو اللّه أحد» و «قل يا أيها الكافرون» «3» و منها ما أرسله صفوان بن يحيي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: ليس لاحد أن يصلي ركعتي طواف الفريضة الّا خلف المقام لقول اللّه عزّ و جلّ وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقٰامِ إِبْرٰاهِيمَ مُصَلًّي فان صلّيتها في غيره فعليك اعادة الصلاة «4» و منها ما رواه أبو عبد اللّه الأبزاري قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي صلّي ركعتي طواف الفريضة في الحجر قال: يعيدهما خلف المقام لانّ اللّه تعالي يقول وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقٰامِ إِبْرٰاهِيمَ مُصَلًّي عني بذلك ركعتي طواف الفريضة «5».

و يستفاد من حديث حسين بن عثمان قال: رأيت أبا الحسن موسي عليه السّلام

______________________________

(1) الوسائل: الباب 71 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 155.

(3) الوسائل: الباب 71 من أبواب الطواف، الحديث 5.

(4) الباب 72 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(5) الوسائل: الباب 72 من أبواب الطواف، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 157

______________________________

يصلّي ركعتي طواف الفريضة بحيال المقام قريبا من ظلال المسجد «1» جواز الاتيان بها بعيدا عن المقام فان قلنا بأنه لا تنافي بين الطرفين و مقتضي الجمع العرفي التخيير و كون خلف المقام أفضل فلا كلام و أما إن قلنا بالتعارض بين الطرفين فالترجيح بالأحدثية مع حديث ابن عثمان.

الجهة الخامسة: اذا لم يمكنه أن يأتي بالصلاة

خلف المقام يأتي بها في مكان آخر و لا يسقط وجوبها قال سيدنا الاستاد قدّس سرّه في هذا المقام علي ما في تقريره الشريف أنه لا اشكال في عدم سقوط أصل الوجوب عند الفريقين و انما الساقط مجرد القيد هذا ملخص ما أفاده أقول لقائل أن يقول يدل علي المدعي قاعدة الصلاة لا تسقط بحال ثم أنه هل يراعي الأقرب الي المقام فالأقرب الظاهر أنه لا دليل عليه و قاعدة الميسور لا أساس لها.

الجهة السادسة: في أنه هل يشترط في الطواف المستحب ان يؤتي بصلاته خلف المقام و الدليل علي عدم الاشتراط النص الخاص لاحظ ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبي يقول: من طاف بهذا البيت اسبوعا و صلّي ركعتين في أيّ جوانب المسجد شاء كتب اللّه له ستة آلاف حسنة الحديث «2» مضافا الي أنّ مقتضي أصل البراءة عدم الاشتراط و يرد عليه أنه ما المراد باصالة البراءة فانه لو كان المراد بها الشرعية فلا مجال لها في الشك إذ قد ذكرنا ان جريان الأصل في الأكثر يعارضه الأصل الجاري في الأقل فاصالة البراءة الشرعية لا تجري في محتمل الوجوب و بعين الملاك لا تجري في موارد احتمال الندب و اما البراءة العقلية

______________________________

(1) الباب 75 من هذه الأبواب، الحديث 2.

(2) الوسائل: الباب 73 من أبواب الطواف، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 158

[(مسألة 327): من ترك صلاة الطواف عالما عامدا]

(مسألة 327): من ترك صلاة الطواف عالما عامدا بطل حجه لاستلزامه فساد السعي المترتب عليها (1).

______________________________

فلا موضوع لها في مورد احتمال الاستحباب إذ لا يحتمل العقاب كي يجري قبح العقاب بلا بيان فلا بد من الاتيان بالعمل رجاء لكنّه انّما يتم

البيان المذكور علي مسلك القوم حيث يرون العلم الاجمالي منجزا بالجملة و امّا علي مسلكنا من كونه منجزا في الجملة و جواز اجراء الأصل في أحد الطرفين يتم اجراء بهذا النحو فلاحظ.

(1) وقع الخلاف بينهم في أنّ ترك الطواف في الفرض المذكور هل يوجب بطلان الحجّ أم لا؟

الحق مع من يقول بالبطلان- كصاحب المدارك علي ما نقل عنه- و هذا علي طبق القاعدة الأولية و عدم البطلان يحتاج الي الدليل و استدل علي عدم البطلان بحديث سعيد الأعرج «1» بتقريب أنّ المستفاد من الحديث ترتب السعي علي نفس الطواف لا علي صلاته. و فيه انّ الحديث ضعيف سندا فلا يعتد به.

و صفوة القول: أنه علم من الشرع الأقدس أنّ صلاة الطواف تجب أن تقع بعد الطواف و قبل السعي فاذا لم يكن كذلك يفسد السعي و مع فساده يفسد الحج و هذا واضح ظاهر.

______________________________

(1) لاحظ ص 90.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 159

[(مسألة 328): تجب المبادرة إلي الصلاة بعد الطواف]

(مسألة 328): تجب المبادرة إلي الصلاة بعد الطواف بمعني أن لا يفصل بين الطواف و الصلاة عرفا (1).

______________________________

(1) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم قال:

سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل طاف طواف الفريضة و فرغ من طوافه حين غربت الشمس قال: وجبت عليه تلك الساعة الركعتان فليصلهما قبل المغرب «1».

و منها ما رواه رفاعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يطوف الطواف الواجب بعد العصر أ يصلي الركعتين حين يفرغ من طوافه؟ فقال: نعم أ ما بلغك قول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يا بني عبد المطلب لا تمنعوا الناس من الصلاة بعد العصر فتمنعوهم من الطواف

«2».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا فرغت من طوافك فائت مقام ابراهيم فصل ركعتين الي أن قال و هاتان الركعتان هما الفريضة ليس يكره لك أن تصليهما في أيّ الساعات شئت عند طلوع الشمس و عند غروبها و لا تؤخّرها ساعة تطوف و تفرغ فصلهما «3».

و منها ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن ركعتي طواف الفريضة قال: لا تؤخّرها ساعة اذا طفت فصلّ «4».

و ربّما يتوهّم أنّه يعارض النصوص المشار إليها ما رواه علي بن يقطين قال:

سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الذي يطوف بعد الغداة و بعد العصر و هو في وقت الصلاة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 76 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 160

[(مسألة 329): اذا نسي صلاة الطواف و ذكرها بعد السعي أتي بها]

(مسألة 329): اذا نسي صلاة الطواف و ذكرها بعد السعي أتي بها و لا تجب اعادة السعي بعدها و إن كانت الاعادة أحوط و إذا ذكرها في أثناء السعي قطعه و أتي بالصلاة في المقام ثم رجع و أتم السعي حيثما قطع و إذا ذكرها بعد خروجه من مكة لزمه الرجوع و الاتيان بها في محلها فان لم يتمكن من الرجوع أتي بها في أيّ موضع ذكرها فيه نعم إذا تمكن من الرجوع إلي الحرم رجع إليه و أتي بالصلاة فيه علي الأحوط الأولي و حكم التارك لصلاة الطواف جهلا حكم الناسي و لا فرق في الجاهل بين القاصر و المقصّر (1).

______________________________

أ يصلي ركعات الطواف نافلة كانت أو فريضة؟ قال: لا «1»، بتقريب: أنّ المستفاد من الحديث

جواز التأخير في صلاة الطواف.

و يرد عليه أولا انّ المستفاد من الحديث عدم جواز الاتيان بصلاة الطواف في الوقت المذكور في الحديث لا جواز التأخير و لا يمكن الالتزام بعدم الجواز.

و ثانيا: يعارضه ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: ما رأيت الناس أخذوا عن الحسن و الحسين عليهما السّلام الّا الصلاة بعد العصر و بعد الغداة في طواف الفريضة «2».

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأوّل: أنّه لو نسي صلاة الطواف و ذكرها بعد السعي قبل أن يخرج عن

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 11.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 161

______________________________

مكّة أتي بها و لا تجب اعادة السعي و إن كانت الاعادة أحوط.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سئل عن رجل طاف طواف الفريضة و لم يصلّ الركعتين حتي طاف بين الصفا و المروة ثم طاف طواف النساء و لم يصل لذلك الطواف حتي ذكر و هو بالأبطح قال: يرجع الي المقام فيصلي ركعتين «1».

و منها ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف طواف الفريضة و لم يصلّ الركعتين حتي ذكر و هو بالأبطح يصلي أربعا قال: يرجع فيصلي عند المقام أربعا «2».

و منها ما رواه أبو الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي أن يصلي الركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام في طواف الحج و العمرة فقال: إن كان بالبلد صلّي ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام فانّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقٰامِ إِبْرٰاهِيمَ مُصَلًّي و إن كان

قد ارتحل فلا امره أن يرجع «3».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل نسي الركعتين خلف مقام ابراهيم عليه السّلام فلم يذكر حتي ارتحل من مكة قال: فليصلهما

______________________________

(1) الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث 5.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

(3) نفس المصدر، الحديث 16.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 162

______________________________

حيث ذكر و إن ذكرهما و هو في البلد فلا يبرح حتي يقضيهما «1».

فانّ المستفاد من هذه النصوص أنّه يكفي الاتيان بالصلاة بعد التذكر و لا تجب اعادة السعي و لا اشكال في حسن الاحتياط بالاعادة.

الفرع الثاني: أنّه لو تذكر أثناء السعي قطعه و صلي و بعدها يتم سعيه لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال في رجل طاف طواف الفريضة و نسي الركعتين حتي طاف بين الصفا و المروة ثم ذكر قال: يعلم ذلك المكان ثم يعود فيصلي الركعتين ثم يعود الي مكانه «2».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: سألته عن رجل يطوف بالبيت ثم ينسي أن يصلي الركعتين حتي يسعي بين الصفا و المروة خمسة أشواط أو أقل من ذلك قال: ينصرف حتي يصلي الركعتين ثم يأتي مكانه الذي كان فيه فيتم سعيه «3».

الفرع الثالث: أن يتذكر في مني و الروايات متعارضة فطائفة منها تدل علي الاتيان بها في مني لاحظ ما رواه عمر بن البراء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام فيمن نسي ركعتي طواف الفريضة حتي أتي مني أنّه رخص له أن يصليهما بمني «4».

و لاحظ ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سأل عن رجل

نسي أن يصلي الركعتين ركعتي الفريضة عند مقام ابراهيم حتي أتي مني قال: يصليهما

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 18.

(2) الوسائل: الباب 77 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) الباب 74 من هذه الأبواب، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 163

______________________________

بمني «1».

و لاحظ ما رواه هاشم بن المثني قال: نسيت أن أصلي الركعتين للطواف خلف المقام حتي انتهيت الي مني فرجعت الي مكة فصليتهما ثم عدت الي مني فذكرنا ذلك لأبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: أ فلا صلّاهما حيث ما ذكر «2».

و لاحظ ما رواه هشام بن المثني و حنّان قالا: طفنا بالبيت طواف النساء و نسينا الركعتين فلمّا صرنا بمني ذكرناهما فأتينا أبا عبد اللّه عليه السّلام فسألناه فقال:

صلّياهما بمني «3».

و طائفة تدل علي الرجوع الي مكة و الاتيان بها عند المقام لاحظ ما رواه أحمد بن عمر الحلال قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل نسي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة فلم يذكر حتي أتي مني قال: يرجع الي مقام ابراهيم فيصليهما «4».

و الترجيح بالأحدثية مع حديث الحلال.

الفرع الرابع: أن يرتحل عن مكة لاتمام اعماله فان كان بعده عن مكة بمقدار بعد مني إليها أو أقل فيلزم عليه الرجوع الي مكة و يصلي عند المقام لحديث أحمد بن عمر فانّ المستفاد منه أنّ البعد بهذا المقدار لا يوجب سقوط الوظيفة و أمّا اذا كان البعد أكثر من هذا المقدار فيصلي مكانه و الدليل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه أبو بصير يعني المرادي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل في أن يصلي

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 8.

(2) نفس المصدر، الحديث 9.

(3) نفس المصدر، الحديث

17.

(4) نفس المصدر، الحديث 12.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 164

______________________________

ركعتي طواف الفريضة خلف المقام و قد قال اللّه تعالي وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقٰامِ إِبْرٰاهِيمَ مُصَلًّي حتي أرتحل قال: إن كان ارتحل فانّي لا أشقّ عليه و لا آمره أن يرجع و لكن يصلي حيث يذكر «1».

و منها ما رواه حنان بن سدير قال: زرت فنسيت ركعتي الطواف فأتيت أبا عبد اللّه عليه السّلام و هو بقرن الثعالب فسألته فقال: صل في مكانك «2».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار «3» و منها ما رواه أبو الصباح الكناني «4».

فانّ مقتضي الاطلاق أنّ الارتحال يوجب سقوط وجوب الصلاة عند المقام غاية الأمر يقيد الاطلاق بما تقدم.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بتقريب آخر و هو: أنّ اللازم اتيان الصلاة عند المقام و انّما دلّ الدليل علي انّ الارتحال عن مكة يوجب سقوط الوجوب أي وجوب الاتيان بها عند المقام و أمّا في غيره هذه الصورة فيلزم الاتيان بها عند المقام.

الفرع الخامس: ما إذا خرج و ارتحل قاصدا به الرجوع الي أهله و دياره و في هذه الصورة يستفاد من جملة من الروايات أنّه يصليهما في مكانه منها ما رواه أبو بصير يعني المرادي و منها ما رواه حنان بن سدير المتقدمان آنفا.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث 10.

(2) نفس المصدر، الحديث 11.

(3) لاحظ ص 161.

(4) لاحظ ص 161.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 165

______________________________

و منها ما رواه أبو الصباح الكناني «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «2».

فانّ المستفاد من هذه الطائفة جواز اتيانها في مكانه و لا يلزم الرجوع الي مكة و المستفاد من بعض النصوص التفصيل لاحظ ما رواه عمر

بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام فيمن نسي ركعتي الطواف حتّي أرتحل من مكة قال: إن كان قد مضي قليلا فليرجع فليصلهما أو يأمر بعض الناس فليصلهما عنه «3».

فانّ المستفاد من التفصيل بين القريب الي مكة و المضي قليلا و غيره فلا بد من تقييد تلك الطائفة بهذه الطائفة فان مضي قليلا يرجع و يصلي بنفسه أو يوكّل من يصلي عند لكن حديث أحمد بن عمر الحلال «4» عن أبي الحسن يدل علي وجوب الرجوع عن مني و يصلي بنفسه عند المقام فيعارض حديث عمر بن يزيد و الترجيح بالأحدثية مع حديث أحمد فالنتيجة انّه لو خرج عن مكة و كان بعده عنها بمقدار بعد مني يجب عليه أن يرجع و يصلي عند المقام لحديث أحمد و إن كان أكثر يجوز له أن يصلي في مكانه لجملة من النصوص.

و أمّا رجوعه الي الحرم فلا أدري ما الوجه فيه و قاعدة الميسور لا أساس لها كما مرّ و اللّه العالم.

الفرع السادس: أنّ حكم الجاهل كالناسي و الدليل عليه ما رواه جميل بن درّاج عن أحدهما عليهما السّلام انّ الجاهل في ترك الركعتين عند مقام ابراهيم بمنزلة

______________________________

(1) لاحظ ص 161.

(2) لاحظ ص 161.

(3) الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(4) لاحظ ص 163.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 166

[(مسألة 330): اذا نسي صلاة الطواف حتي مات]

(مسألة 330): اذا نسي صلاة الطواف حتي مات وجب علي الوليّ قضاءها (1).

______________________________

الناسي «1».

الفرع السابع: أنّه لا فرق في الجاهل بين القاصر و المقصّر و ذلك لاطلاق حديث جميل حيث انّه يستفاد منه أنّ الجاهل مطلقا يكون بحكم الناسي و لا تنافي بين كون الجاهل المقصّر كالناسي و عقابه في الآخرة تقصيره و العمالة

في تعلم الحكم الشرعي نعم الظاهر عدم شمول الدليل للجاهل المتوجه حين العمل الذي يحتمل بطلان عمله حينه.

(1) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: سألته عن رجل نسي أن يصلي الركعتين قال: يصلي عنه «2». فانّ اطلاقه يقيد بما تذكر حال حياته.

و لاحظ ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من نسي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة حتي خرج من مكة فعليه أن يقضي أو يقضي عنه وليّه أو رجل من المسلمين «3».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 13.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 167

[(مسألة 331): اذا كان في قراءة المصلي لحن]

(مسألة 331): اذا كان في قراءة المصلي لحن فإن لم يكن متمكنا من تصحيحها فلا اشكال في إجزائه بما يتمكّن منه في صلاة الطواف و غيرها و أمّا إذا تمكّن من التصحيح لزمه ذلك فإن أهمل حتي ضاق الوقت عن تصحيحها فالأحوط أن يأتي بصلاة الطواف حسب إمكانه و ان يصليها جماعة و يستنيب لها أيضا (1).

______________________________

(1) إذا لم يتمكن المكلف عن الاتيان بالقراءة الصحيحة حكم الماتن بكفاية الاتيان بالملحون كما حكم به في قراءة الصلوات اليومية.

و الذي يمكن الاستدلال به علي المدعي أحد أمور:

منها: أنه نقل عدم الخلاف فيه.

و يرد عليه انّ الاجماع لا أثر له فكيف بعدم الخلاف.

و منها ما رواه مسعدة بن صدقة قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السّلام يقول: انّك قد تري من المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح و كذلك الأخرس في القراءة في الصلاة و التشهّد و ما أشبه ذلك فهذا بمنزلة العجم و المحرم لا يراد

منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح الحديث «1». و الحديث ضعيف بمسعدة بن صدقة.

و منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تلبية الأخرس و تشهّده و قراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه و اشارته بإصبعه «2». و الحديث ضعيف بالنوفلي.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 59 من أبواب القراءة في الصلاة، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 168

______________________________

و منها ما رواه ابن فهد الحلي في عدة الداعي عنهم عليهم السّلام أنّ سين بلال عند اللّه شين «1». و الحديث ساقط عن الاعتبار بالارسال.

و منها تسالم الأصحاب عليه.

و فيه أنّ غايته الاجماع المحصل و قد ثبت في محله عدم اعتباره مضافا الي أنّه محتمل المدرك إن لم يكن مقطوعه اللهم الا أن يثبت اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم و أنّي لنا بذلك.

و منها قاعدة أنّ الصلاة لا تسقط بحال بتقريب أنّه مع عدم القدرة يكتفي بالمقدار الممكن.

و يرد عليه: أنّ القاعدة تقتضي أن يكتفي بالمقدار الممكن و أمّا قيام أمر اجنبي مقام الواجب فلا يستفاد من القاعدة نعم يمكن الاستدلال بالقاعدة بأن يقال بعد تمامية المقدمات و الشرائط و تعلق وجوب الحج الي المكلف يجب عليه أن يحج غاية الأمر أنه لا يقدر علي الصلاة التامة فيكتفي بالصلاة الناقصة أي يصلي بلا قراءة إذ الصلاة لا تسقط بحال فكما انّه لو كان لباسه نجسا و لا يقدر علي الساتر الطاهر يصلي معه لعدم سقوط وجوب الصلاة كذلك في المقام يصلي بلا قراءة.

و صفوة القول: انّ المكلف إذا صار مستطيعا أي كان ذا مال و كان صحيحا في بدنه و كان الطريق أمنا و يكون رجوعه بالكفاية يجب

عليه الحج و من وجب عليه الحج لم يمكنه العمل بالمأمور به الاختياري تصل النوبة الي الاتيان بالاضطراري.

هذا مع عدم امكان الايتمام و أمّا مع امكانه و مشروعية الجماعة في صلاة

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: الباب 23 من أبواب قراءة القرآن، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 169

______________________________

الطواف يجب عليه الايتمام هذا كله بالنسبة الي من لا يمكنه التعلم و أمّا مع امكان التعلم فلا اشكال في وجوبه لوجوب مقدمة الواجب عقلا فاذا اهمل حتي ضاق الوقت فمقتضي الصناعة أن يقال: إن كان الايتمام ممكن يجب عليه إذ من الواضح أنّ الايتمام أحد فردي الواجب و الميزان الكلي في باب التخيير إذا لم يمكن الاتيان بأحد الطرفين يتعين الأمر بالطرف الآخر انّما الاشكال في مشروعية الجماعة في صلاة الطواف من باب عدم الاطلاق في ادلتها.

اللهم الّا أن يقال لا مانع عن الأخذ بأدلة فضيلة الجماعة لاحظ النصوص في الباب الأول من أبواب صلاة الجماعة.

منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الصلاة في جماعة تفضل علي كل صلاة الفرد بأربعة و عشرين درجة تكون خمسة و عشرين صلاة «1» و منها ما رواه زرارة و الفضيل قالا: قلنا له: الصلاة في جماعة فريضة هي فقال: الصلوات فريضة و ليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها و لكنها سنة من تركها رغبة عنها و عن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له «2».

و منها ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما يروي الناس أنّ الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس و عشرين صلاة فقال: صدقوا الحديث «3».

و أمّا إذا لم يمكنه أن يأتم

أو لم نقل بمشروعيتها يلزم عليه الصلاة خالية عن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 170

[(مسألة 332): إذا كان جاهلا باللحن في قراءته و كان معذورا في جهله]

(مسألة 332): إذا كان جاهلا باللحن في قراءته و كان معذورا في جهله صحت و لا حاجة إلي الاعادة حتي إذا علم بذلك بعد الصلاة و امّا إذا لم يكن معذورا فاللازم عليه اعادتها بعد التصحيح و يجري عليه حكم تارك صلاة الطواف نسيانا (1).

______________________________

القراءة إذ الصلاة لا تسقط بحال و لا تنافي بين عقابه لعدم تعلمه و تقصيره و وجوب الاتيان بها بالمقدار الممكن أي خالية عن القراءة.

إن قلت: ادلة العذر لا تشمل الاعذار المنتهية الي الاختيار.

قلت: قاعدة الصلاة لا تسقط بحال حاكمة علي جميع القواعد و أمّا الاستنابة فلا دليل عليها كما تقدم منا.

و صفوة القول: انّه مع عدم تمكنه عن القراءة الصحيحة و عدم امكان الايتمام يكون مقتضي القاعدة سقوط الحج لانّ قاعدة الصلاة لا تسقط بحال انّما تقوم في مورد وجوب الصلاة و وجوب الصلاة في المقام يتوقف علي وجوب الحج و اثبات وجوبه بالقاعدة دوري و الدور باطل فلاحظ و اغتنم.

(1) تارة يكون جاهلا باللحن جهلا قصورا و كان معذورا و اخري يكون مقصرا أمّا علي الأوّل فان انكشف الأمر بعد الصلاة فلا تجب الاعادة لحديث لا تعاد لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام انّه قال: لا تعاد الصلاة الّا من خمسة:

الطهور و الوقت و القبلة و الركوع و السجود الحديث «1».

و أمّا إن انكشف الأمر أثناء الصلاة فلا تجري القاعدة فانّا ذكرنا في محله أنّ القاعدة تختص بانكشاف

الحال بعد الصلاة و أمّا في الأثناء فلا و الوجه فيه أنّ

______________________________

(1) الوسائل: الباب 10 من أبواب الركوع، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 171

[الواجب الرابع من واجبات عمرة التمتع السعي]

اشارة

السعي و هو الرابع من واجبات عمرة التمتع و هو أيضا من الأركان فلو تركه عمدا بطل حجه سواء في ذلك العلم بالحكم و الجهل به و يعتبر فيه قصد القربة و لا يعتبر فيه ستر العورة و لا الطهارة من الحدث أو الخبث و الأولي رعاية الطهارة فيه (1).

______________________________

الاعادة تتوقف علي اتمام العمل و أمّا رفع اليد عن العمل في أثنائه و الإتيان به من أول فلا يكون اعادة بل استيناف كما انّه يقال في اللغة الفارسية (از سر گرفتن) و يصبر عن الاعادة بقولهم (دوباره انجام دادن) و أمّا الجاهل المقصّر فلا يشمله دليل لا تعاد بل يكون حكمه حكم الناسي كما تقدم لكن إذا كان ملتفتا حين العمل هل يلحق بالناسي الإنصاف أنه مشكل و بعبارة اخري تارة يكون العمل مستندا الي الجهل و إن كان الجاهل مقصرا في مقدماته و اخري يكون مستندا الي عدم المبالاة و في هذه الصورة يصدق عليه عنوان التعمد فلاحظ.

(1) في المقام جهات من البحث:

الجهة الأولي: أن السعي من واجبات عمرة التمتع اجماعا محققا كما في بعض الكلمات مضافا الي السيرة الخارجية و الارتكاز بحيث لا يقبل الانكار اضف الي ذلك النص الخاص لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قصر الصلاة قال أو ليس قال اللّه عزّ و جلّ إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمٰا ألا ترون

انّ الطواف بهما واجب مفروض لانّ اللّه عزّ و جلّ قد ذكره في كتابه و صنعه نبيه صلي اللّه عليه و آله و سلم «1» فان

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب السعي، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 172

______________________________

مقتضي الاطلاق وجوب السعي في العمرة كما يجب في الحج.

الجهة الثانية: أنه من الأركان فلو تركه عمدا يبطل حجه و هذا علي طبق القاعدة الاولية إذ المركب ينعدم بفقدان أحد أجزائه أو شرائطه و عدم البطلان يحتاج الي الدليل و عن التذكرة و المنتهي أنه مجمع عليه بين علمائنا بالإضافة الي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل ترك السعي متعمدا قال عليه الحج من قابل «1»، و منها ما رواه ابن عمّار أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من ترك السعي متعمدا فعليه الحج من قابل «2» و منها ما رواه ابن عمّار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث أنه قال في رجل ترك السعي متعمدا قال: لا حج له «3» و لا فرق في بطلان الحج بتركه بين العلم بالحكم و الجهل به لاطلاق النص الدال علي البطلان بالترك العمدي و لكن اذا كان الشخص جاهلا بالوجوب و تركه بتصور أنه غير واجب هل يصدق عليه أنه تركه عمدا الظاهر أنه لا يصدق و لذا نري أنه لو دخل شخص في مكان ممنوع الدخول لو اعترض عليه يجيب أني لم أكن عالما مع أنّ دخوله بالاختيار لكن لا يصدق عليه أنه دخل عمدا كذلك في طرف طرف الترك لكن يكفي للاطلاق أنه موافق للقاعدة الأولية.

الجهة الثالثة: أنه يشترط

فيه قصد القربة و ذلك لكونه عبادة و العبادة متقومة بقصد القربة.

الجهة الرابعة: أنه لا يعتبر فيه ستر العورة و ذلك لعدم الدليل و مقتضي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 7 من أبواب السعي، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 173

______________________________

الاطلاق عدم وجوبه كما انّ مقتضي البراءة كذلك.

الجهة الخامسة: أنه لا تعتبر فيه الطهارة من الحدث و الروايات في المقام متعارضة فطائفة منها تدل علي عدم الاعتبار منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس ان تقضي المناسك كلها علي غير وضوء الّا الطواف فان فيه صلاة و الوضوء أفضل «1» و منها ما رواه رفاعة بن موسي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أشهد شيئا من المناسك و أنا علي غير وضوء قال: نعم الّا الطواف بالبيت فان فيه صلاة «2» و منها ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يسعي بين الصفا و المروة علي غير وضوء فقال: لا بأس «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة طافت بين الصفا و المروة و حاضت بينهما قال: تتم سعيها، و سأله عن امرأة طافت بالبيت ثم حاضت قبل أن تسعي قال: تسعي «4».

و منها ما رواه يحيي الأزرق قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام رجل سعي بين الصفا و المروة فسعي ثلاثة أشواط أو أربعة ثم بال ثم أتم سعيه بغير وضوء فقال:

لا بأس و لو أتم مناسكه بوضوء لكان أحب إليّ «5» و في قبالها طائفة تدل علي الاشتراط منها ما

رواه ابن فضّال قال: قال أبو الحسن عليه السّلام لا تطوف و لا تسعي الّا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 15 من أبواب السعي، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

(4) نفس المصدر، الحديث 5.

(5) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 174

______________________________

بوضوء «1» و منها ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه قال: سألته عن الرجل يصلح أن يقضي شيئا من المناسك و هو علي غير وضوء قال: لا يصلح الّا علي وضوء «2» فيقع التعارض بين الطرفين و الترجيح بالأحدثية مع الطائفة الثانية لكن في المقام حديث رواه يحيي بن عبد الرحمن الأزرق «3».

و هذه الرواية مروية عن موسي بن جعفر عليه السّلام تدل علي انّ السعي مع الطهارة أحب الي الشارع الأقدس و أما اللزوم فلا فهذا الحديث يكون شاهد جمع بين الطرفين و سببا للتصالح بين المتخاصمين و ان أبيت عما ذكرنا و قلت تكون النصوص متعارضة و لا يمكن الجمع العرفي بينها نقول الترجيح مع دليل الاشتراط فان ابن فضال يروي الحديث «4» الدال علي الشرطية عن أبي الحسن الهادي عليه السّلام و حديثه يرجح علي معارضه للأحدثية هذا اذا كان المراد به علي بن حسن علي الفضال و إن كان المراد به حسن بن علي الفضال فهو من اصحاب الرضا عليه السّلام و الحديث علي هذا التقدير أيضا يكون أحدث من حديث الأزرق و ابن جعفر فانهما يرويان عن موسي عليه السّلام و يمكن أن يقال انّ المستفاد من حديث الازرق عدم الاعتبار في خصوص مورد السؤال فيكون هذا الحديث مخصصا لدليل الاعتبار و بعد تخصيص دليل الاعتبار به تنقلب النسبة بينه و بين

دليل عدم الاعتبار الي نسبة الخاص الي العام فيقدم عليه فيلزم التفصيل بأن نقول اذا سعي ثلاثة

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 7.

(2) نفس المصدر، الحديث 8.

(3) لاحظ ص 173.

(4) لاحظ ص 173.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 175

[مسائل في السعي]

[(مسألة 333): محل السعي انّما هو بعد الطواف و صلاته]

(مسألة 333): محل السعي انّما هو بعد الطواف و صلاته فلو قدّمه علي الطواف أو علي صلاته وجبت عليه الاعادة بعدهما و قد تقدم حكم من نسي الطواف و تذكره بعد سعيه (1).

______________________________

أشواط أو أزيد ثم احدث يصح سعيه و إلّا فلا هذا بالنسبة الي الطهارة الحدثية و أما الطهارة من الخبث فلا دليل علي اعتبارها فيه و مقتضي القاعدة الأولية عدم الاعتبار كما هو واضح عند من يكون خبيرا بالصناعة هذا بحسب القاعدة و الصناعة و أما الاحتياط فلا ريب في رجحانه فلاحظ.

(1) كون السعي بعد صلاة الطواف مما لا اشكال فيه فانّ السيرة جارية عليه من المسلمين أضف الي ذلك النص لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم حين فرغ من طوافه و ركعتيه قال: ابدءوا بما بدأ اللّه عزّ و جلّ به من اتيان الصفا ان اللّه عزّ و جلّ يقول إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثم اخرج الي الصفا من الباب الذي خرج منه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و هو الباب الذي يقابل الحجر الأسود حتي تقطع الوادي و عليك السكينة و الوقار الحديث «1»، و أمّا وجوب اعادته لو قدمه علي الطواف أو علي صلاته فهو علي طبق القاعدة الأولية مضافا الي جملة من

النصوص منها ما رواه منصور بن حازم «2» و منها ما رواه منصور بن حازم أيضا «3» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار «4».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب السعي، الحديث 2.

(2) لاحظ ص 145.

(3) لاحظ ص 145.

(4) لاحظ ص 145.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 176

[(مسألة 334): يعتبر في السعي النيّة]

(مسألة 334): يعتبر في السعي النيّة بأن يأتي به عن العمرة إن كان في العمرة و عن الحج إن كان في الحجّ قاصدا به القربة إلي اللّه تعالي (1).

[(مسألة 335): يبدأ بالسعي من أوّل جزء من الصفا ثم يذهب بعد ذلك إلي المروة]

(مسألة 335): يبدأ بالسعي من أوّل جزء من الصفا ثم يذهب بعد ذلك إلي المروة و هذا يعد شوطا واحدا ثمّ يبدأ من المروة راجعا إلي الصفا إلي أن يصل إليه يكون الاياب شوطا آخر و هكذا يصنع إلي أن يختم السعي بالشوط السابع في المروة و الأحوط لزوما اعتبار الموالاة بأن لا يكون فصل معتد به بين الأشواط (2).

______________________________

(1) أما الاتيان به بعنوان العمرة أو الحج فلأن التميز بين الموردين لا يحصل الّا بالقصد و لو علي نحو الاجمال و أما قصد القربة فقد تقدم لزومه حيث ان السعي من العبادات و العبادة متقومة بقصد القربة.

(2) الابتداء بالصفا علي ما في الحدائق: هو قول كافة أهل العلم من الخاصة و العامة «1» و أما كون الذهاب يعد شوطا و الاياب شوطا آخر فهو قول علمائنا أجمع كما ذكره في المنتهي بل قول كافة أهل العلم الّا من شذ منهم كما نقله في المنتهي «2» مضافا الي النص الدال عليه لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثم انحدر ماشيا و عليك السكينة و الوقار حتي تأتي المنارة و هي طرف المسعي فاسع مل ء فروجك و قل «بسم اللّه و اللّه أكبر و صلّي اللّه علي محمّد و آله» و قل: اللهم اغفر و ارحم و اعف عمّا تعلم انّك أنت الأعز الأكرم» حتي تبلغ

______________________________

(1) الحدائق: ج 16 ص 266.

(2) نفس المصدر: ص 267.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص:

177

______________________________

المنارة الأخري قال: و كان المسعي أوسع ممّا هو اليوم و لكن الناس ضيّقوا ثم امش و عليك السكينة و الوقار فاصعد عليها حتي يبدو لك البيت فاصنع عليها كما صنعت علي الصفا ثم طف بينها سبعة أشواط تبدأ بالصفا و تختم بالمروة ثم قصر الحديث «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار أيضا نحوه الّا أنه قال: حتي تبلغ المنارة الاخري فاذا جاوزتها فقل «يا ذا المن و الفضل و الكرم و النعماء و الجور اغفر لي ذنوبي أنه لا يغفر الذنوب الّا أنت» ثم امش و ذكر بقية الحديث الي قوله و تختم بالمروة «2» و تعتبر الموالاة بين الأشواط فان كل مركب لا بدّ من التحفظ علي الموالاة بين اجزائه و هذا هو المستفاد من الأدلة بالفهم العرفي ما لم يقم دليل علي خلافه و ربما يقال بعدم وجوبها و استدل علي المدعي بجملة من الأمور منها أنّ مقتضي الاطلاق عدم اعتبارها و فيه أنه لو قلنا بأن العرف يفهم من الدليل لزوم الموالاة كما هو كذلك كما تقدم لا تصل النوبة الي التقريب المذكور إذ علي ما قلنا لا اطلاق و منها حديث يحيي بن عبد الرحمن الأزرق قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا و المروة فيسعي ثلاثة أشواط أو أربعة ثم يلقاه الصديق له فيدعوه الي الحاجة أو الي الطعام قال: ان أجابه فلا بأس «3» بتقريب انّ المستفاد من الحديث عدم بطلان السعي باجابته الصديق و قضاء حاجته و فيه انّ الحكم الشرعي قابل للتخصيص و منها ما دل علي جواز قطع السعي لأجل الصلاة اليومية لاحظ ما رواه معاوية بن

عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يدخل

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب السعي، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) الوسائل: الباب 19 من أبواب السعي، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 178

______________________________

في السعي بين الصفا و المروة فيدخل وقت الصلاة أ يخفف أو يقطع و يصلي ثم يعود أو ثبت كما هو علي حاله حتي يفرغ قال: لا بل يصلي ثم يعود أو ليس عليهما مسجد «1»، و منها ما رواه الحسن بن علي بن فضّال قال: سأل محمد بن علي أبا الحسن عليه السّلام فقال له سعيت شوطا واحدا ثم طلع الفجر فقال: صل ثم عد فاتم سعيك «2»، و منها ما رواه محمد بن الفضيل أنه سأل محمد بن علي الرضا عليهما السّلام فقال له: سعيت شوطا ثم طلع الفجر قال: صل ثم عد فاتم سعيك، الحديث «3».

و الكلام فيه هو الكلام و منها ما دل علي جواز قطع السعي و الاتيان بصلاة الطواف لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «4» و الكلام فيه الكلام و منها دعوي الاجماع علي عدم الاعتبار و في هذه الدعوي ما فيها أضف الي ما تقدم ان السيرة العملية علي التحفظ علي الموالاة فلاحظ.

______________________________

(1) الباب 18 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) لاحظ ص 162.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 179

[(مسألة 336): لو بدأ بالمروة قبل الصفا]

(مسألة 336): لو بدأ بالمروة قبل الصفا فإن كان في شوطه الأول ألغاه و شرع من الصفا و إن كان بعده ألغي ما بيده و استأنف السعي من الأول (1).

[(مسألة 337): لا يعتبر في السعي المشي راجلا]

(مسألة 337): لا يعتبر في السعي المشي راجلا فيجوز السعي راكبا علي حيوان أو علي متن انسان أو غير ذلك و لكن يلزم علي المكلف أن يكون ابتداء سعيه من الصفا و اختتامه بالمروة (2).

______________________________

(1) ما أفاده مستفاد من جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعي و يبدأ بالصفا قبل المروة «1»، و منها ما رواه ابن عمّار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و إن بدأ بالمروة فليطرح ما سعي و يبدأ بالصفا «2»، و منها ما رواه ابن عمّار أيضا في حديث قال: و ان بدأ بالمروة فليطرح و يبدأ بالصفا «3»، و لو ابتدأ بالصفا و طاف شوطين و في الاثناء ارتكب خلاف المقرر الشرعي فما حكمه الذي يختلج بالبال أن يقال مقتضي القاعدة لزوم التدارك و لا يوجب بطلان الأشواط السابقة و بعبارة واضحة لا دليل علي البطلان بالنسبة الي ما تقدم و مقتضي القاعدة اطلاقا و اصلا عمليا عدم الفساد نعم اذا زالت الموالاة العرفية يبطل كما تقدم.

(2) ما أفاده علي طبق القاعدة فانه مقتضي اطلاق الدليل مضافا الي النص الوارد في المقام منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن السعي بين

______________________________

(1) الوسائل: الباب 10 من أبواب السعي، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2،

ص: 180

______________________________

الصفا و المروة علي الدابة قال: نعم و علي المحمل «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يسعي بين الصفا و المروة راكبا قال: لا بأس و المشي أفضل «2» و منها ما رواه ابن عمّار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة تسعي بين الصفا و المروة علي دابة أو علي بعير فقال: لا بأس بذلك، و سألته عن الرجل يفعل ذلك فقال: لا بأس «3» و منها ما رواه ابن عمّار أيضا مثله الّا أن قال في آخره لا بأس به و المشي أفضل «4» و منها ما رواه محمد بن مسلم قال:

سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: حدثني أبي أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم طاف علي راحلته و استلم الحجر بمحجنه و سعي عليها بين الصفا و المروة «5» نعم لا بدّ أن يكون سعيه مستند الي الساعي كما هو كذلك في الطواف و أما اعتبار كون الابتداء من الصفا فقد تقدم الكلام حوله فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 16 من أبواب السعي، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 181

[(مسألة 338): يعتبر في السعي أن يكون ذهابه و إيابه فيما بين الصفا و المروة من الطريق المتعارف]

(مسألة 338): يعتبر في السعي أن يكون ذهابه و إيابه فيما بين الصفا و المروة من الطريق المتعارف فلا يجزئ الذهاب أو الإياب من المسجد الحرام أو أيّ طريق آخر نعم لا يعتبر أن يكون ذهابه و إيابه بالخط المستقيم (1).

______________________________

(1) الأمر كما أفاده فان السيرة من زمن النبي و أولاده المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين علي

هذا النحو مضافا الي أن المستفاد من الدليل كذلك و بعبارة أخري تارة يفهم من الدليل لزوم كون السعي بين الحدين و هذا لا ينطبق الّا علي المذكور في المتن و إن شئت فقل تارة يستفاد من الدليل وجوب الدليل وجوب السير بهذا المقدار و مقتضاه تحققه بأي نحو كان و أخري يستفاد من الدليل لزوم كون السير بين الصفا و المروة نعم لا يلزم التحفظ علي الخط المستقيم فإن مقتضي الاطلاق كفاية السعي و لو لم يكن بالخط المستقيم مضافا الي انّ السيرة علي خلاف هذه الدقة و لو كان واجبا و معتبرا الشاع و ذاع و لم يكن تحت الستار أضف الي جميع ذلك أنّ مقتضي البراءة عدم الاعتبار.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 182

[(مسألة 339): يجب استقبال المروة عند الذهاب إليها]

(مسألة 339): يجب استقبال المروة عند الذهاب إليها كما يجب استقبال الصفا عند الرجوع من المروة إليه فلو استدبر المروة عند الذهاب إليها أو استدبر الصفا عند الإياب من المروة لم يجزئه ذلك و لا بأس بالالتفات إلي اليمين أو اليسار أو الخلف عند الذهاب أو الإياب (1).

______________________________

(1) قال في الحدائق: قالوا و من الواجبات أيضا استقبال المطلوب بوجهه فلو مشي القهقري لم يجزئ لأنه خلاف المعهود و هو جيد «1» انتهي و يمكن الاستدلال علي المدعي بأن السعي من العبادات هذا من ناحية و من ناحية أخري أنّ السيرة الجارية عليه الي زمان النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم كذلك و هذا هو العمدة و أما كونه عبادة فلا أثر له في المقام إذ لا تنافي بين كونه عبادة و بين تحققه بالمشي القهقري و لكن مع ذلك في النفس شي ء إذ لقائل أن

يقول إذا فرضنا أنّ مقدمات الاطلاق تمت و كان عنوان المأمور به صادقا علي المشي القهقري لا وجه لعدم الاجزاء و مجرد المتعارف الخارجي لا يوجب الانصراف الي المتعارف و بعبارة اخري المطلق لا ينصرف الي الفرد النادر لا أنه منصرف عنه الّا أن يقال إذا كان المأمور به و المطلوب الفعل الخارجي و كان ذلك الفعل له تعارف عند الناس و في الخارج يكون اللفظ منصرفا إليه و لا أقل من الشك في الاطلاق و إذا وصلت النوبة الي الشك يكون مقتضي الأصل عدم صدق عنوان المأمور به علي ما شك فيه فلاحظ.

______________________________

(1) الحدائق: ج 16 ص 268.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 183

[(مسألة 340): يجوز الجلوس علي الصفا أو المروة أو فيما بينهما للاستراحة]

(مسألة 340): يجوز الجلوس علي الصفا أو المروة أو فيما بينهما للاستراحة و إن كان الأحوط ترك الجلوس فيما بينهما (1).

______________________________

(1) قال في الحدائق: الثاني المشهور بين الأصحاب رضوان اللّه عليهم أنه يجوز الجلوس في أثناء السعي للراحة «1» انتهي.

و تدل جملة من النصوص علي جواز الجلوس عليهما منها ما رواه علي بن رئاب «2» و منها ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يطوف بين الصفا و المروة أ يستريح قال: نعم ان شاء جلس علي الصفا و المروة و بينهما فليجلس «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار في حديث أنه قال لأبي عبد اللّه عليه السّلام يجلس علي الصفا و المروة قال: نعم «4» و تدل طائفة اخري علي التفصيل بين كونه عن جهد و عدمه أي يجوز في الفرض الأول و لا يجوز في الفرض الثاني لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه

عليه السّلام قال: لا يجلس بين الصفا و المروة الّا من جهد «5» فلا بد من التفصيل بالنسبة الي الجلوس فيما بين الحدين و أما بالنسبة الي الجلوس علي الصفا و المروة فلا وجه للتفصيل بل يجوز للاستراحة فلاحظ.

______________________________

(1) الحدائق: ج 16 ص 273.

(2) لاحظ ص 124.

(3) الوسائل: الباب 20 من أبواب السعي، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 3.

(5) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 184

[أحكام السعي]

اشارة

أحكام السعي تقدم أنّ السعي من أركان الحج فلو تركه عمدا عالما بالحكم أو جاهلا به أو بالموضوع إلي زمان لا يمكنه التدارك قبل الوقوف بعرفات بطل حجه و لزمته الاعادة من قابل و الأظهر أنّه يبطل احرامه أيضا و إن كان الأحوط الأولي العدول إلي الأفراد و اتمامه بقصد الأعم منه و من العمرة المفردة (1).

______________________________

(1) ما أفاده من أنّ الترك العمدي للسعي يوجب بطلان الحج مجمع عليه بين الأصحاب علي ما في الحدائق و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل ترك السعي متعمدا قال: عليه الحج من قابل «1».

و منها ما رواه ابن عمّار أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من ترك السعي متعمدا فعليه الحج من قابل «2».

و منها ما رواه ابن عمّار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث انّه قال: في رجل ترك السعي متعمدا قال: لا حج له «3».

فانّ المستفاد من هذه النصوص انّ ترك السعي عمدا يوجب بطلان الحج مضافا الي انّ البطلان مقتضي القاعدة الأولية إذ المركب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه أو شرائطه و الأجزاء بالناقص و الاكتفاء به

يحتاج الي الدليل.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 7 من أبواب السعي، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 185

[(مسألة 341): لو ترك السعي نسيانا أتي به حيث ما ذكره]

(مسألة 341): لو ترك السعي نسيانا أتي به حيث ما ذكره و إن كان تذكره بعد فراغه من أعمال الحج فإن لم يتمكن منه مباشرة أو كان فيه حرج و مشقة لزمته الاستنابة و يصح حجه في كلتا الصورتين (1).

______________________________

و هل يمكن التمسك بدليل لا حرج علي عدم البطلان بتقريب: انّ البطلان يوجب الحرج و قاعدة نفيه تدل علي عدم البطلان؟

الظاهر انّه لا مجال له فانّ الأدلة النافية لا تقتضي اثبات حكم من الأحكام بل شأنها نفي الحكم الحرجي فاذا فرضنا ان الاعادة كانت حرجية علي المكلف لا تجب الاعادة و أمّا صحة الفاقد للجزء أو الشرط فلا تستفاد من القاعدة و أمثالها و إذا فرضنا بطلان الحج يبطل الاحرام طبعا فانّ الاحرام جزء من أجزاء الحج و مع فرض بطلان الحج لا مجال لبقاء الاحرام.

و ممّا يوضح المدعي انّه لو احرم شخص للحج و لم يأت بشي ء من أفعاله حتي انقضي الوقت فهل يمكن أن يقال: انّ احرامه باق فانّ المفروض أنه أحرم للاتيان بالافعال الفلانية في وقت كذائي و مع عدم الاتيان بتلك الأفعال في الوقت المقرّر هل يمكن الالتزام بصحة الاحرام؟ مع أنه واجب ارتباطي و ليس عملا مستقلا بحيث لا يكون مرتبطا بشي ء أصلا و لازمه أنّه يكون مطلوبا و لو مع قصد عدم الاتيان بما بعده من الأعمال و هو كما تري و أمّا الاحتياط بالنحو المذكور في المتن فلا وجه له ظاهرا نعم الاتيان بما ذكر رجاء لا مانع منه و يكون حسنا

عقلا.

(1) في المقام ثلاثة أحاديث منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: رجل نسي السعي بين الصفا و المروة قال: يعيد السعي قلت: فانّه حرج قال: يرجع فيعيد السعي انّ هذا ليس كرمي الجمار انّ الرمي سنة و السعي

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 186

______________________________

بين الصفا و المروة فريضة الحديث «1».

و المستفاد من هذا الخبر وجوب الاتيان به في كلّ زمان تذكر و لو بأن يرجع و هذا الأمر لا يكون ارشادا الي الشرطية أو الجزئية كي يقال بأنّ الحكم الوضعي لا يدور مدار القدرة كما انّه لا مدخل فيه للحرج و عدمه فانّ حمل الأمر المتعلق بالسعي كما في حديث ابن عمّار علي الارشاد علي خلاف القاعدة فيكون الوجوب المتعلق به وجوبا نفسيا و من الظاهر أنّ الوجوب النفسي دائر مدار القدرة كما انّه لو كان المكلف قادرا و لكن حرجيا عليه يسقط الوجوب فالأمر باتيان السعي مباشرة مقيد بصورة القدرة و عدم كونه حرجيا.

و في قبال خبر ابن عمّار حديثان آخران أحدهما ما رواه زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا و المروة حتي يرجع الي أهله فقال: يطاف عنه «2».

و الحديث ضعيف بمفضل بن صالح فلا يعتد به.

ثانيهما: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا و المروة قال: يطاف عنه «3».

و مقتضي هذه الرواية وجوب الاستنابة أعمّ من كون المكلف قادرا علي السعي مباشرة أو لم يكن قادرا و أعم من أن يكون حرجيا له أو لم يكن و مقتضي القاعدة تخصيص

حديث ابن مسلم بحديث ابن عمار إذ حديث ابن عمّار يختص

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب السعي، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 187

[(مسألة 342): من لم يتمكّن من السعي بنفسه و لو بحمله علي متن انسان أو حيوان و نحو ذلك]

(مسألة 342): من لم يتمكّن من السعي بنفسه و لو بحمله علي متن انسان أو حيوان و نحو ذلك استناب غيره فيسعي عنه و يصحّ حجّه (1).

______________________________

بصورة القدرة ففي صورة عدم القدرة تجب الاستنابة كما انّه لو كان حرجيا عليه لا تجب المباشرة و مقتضي اطلاق خبر ابن مسلم وجوب الاستنابة.

و هذا الذي ذكرنا لا يرتبط بانقلاب النسبة كي يقال انّ انقلاب النسبة علي خلاف القاعدة و الوجه فيه انّ القدرة علي الاتيان بالمتعلق من الشرائط العامة للتكاليف فالأمر بالاتيان بالسعي مقيد بصورة القدرة فطبعا يخصص به الاطلاق في حديث ابن مسلم كما انّ اطلاق دليل المباشرة يقيد برفع الأحكام الحرجية و اطلاق دليل الاستنابة محكم و علي كلا التقديرين يصحّ حجه كما هو المستفاد من الخبرين مضافا الي أنّ الانقلاب علي وفق القاعدة.

(1) بتقريب: انّ المستفاد من النصوص ان للطواف بالبيت مراتب ثلاثة:

الأولي: القيام به مباشرة و لو مع الاستنابة بالغير.

الثانية: الاطافة به.

الثالثة: الاستنابة هذا من ناحية و من ناحية اخري علم من الكتاب و السنة اطلاق الطواف علي السعي أمّا الكتاب فقوله تعالي: إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمٰا وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّٰهَ شٰاكِرٌ عَلِيمٌ «1» فانّه يستفاد من الآية الشريفة انّ السعي بين الحدين طواف في نظر الشارع الأقدس و في وعاء الشرع فلا مجال لأن يقال: انّ السعي لا يكون طوافا حقيقية إذ

الطواف علي ما يستفاد من اللغة و يتبادر الي الذهن أن يدور حول

______________________________

(1) البقرة: 158.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 188

______________________________

شي ء و السعي لا يكون كذلك و أمّا من السنة فحديث محمد بن مسلم «1» فلو ثبت في الطواف وجوب المباشرة أولا الاطافة ثانيا و الاستنابة ثالثا يثبت الحكم المذكور للسعي.

لكن الانصاف انّه لا يمكن اثبات المدعي بهذا المقدار و التقريب المتقدم غير تام فانّه لم يرد في الأدلّة الشرعيّة انّ السعي بين الحدين طواف كي يقال: انّ السعي بالحكومة طواف و وجود تنزيلي له فيترتب عليه أحكامه فلا بدّ من تقريب آخر و عليه نقول: يمكن الاستدلال علي المدّعي بحديث معاوية بن عمّار «2».

فانّ المستفاد من الحديث انّ السعي بين الحدين فريضة كالطواف بالبيت و لا بدّ من الاتيان به و لو بالرجوع و يستفاد من حديث ابن مسلم و ذيله انّه يطاف عنه كما أنّ الأمر كذلك في الطواف و من ناحية أخري نعلم أنه ما دام الشخص يمكنه أن يقوم بنفسه في امتثال التكاليف لا تصل النوبة الي الاستنابة فنفهم انّ الدرجات الثلاثة الجارية في الطواف بالبيت جارية بالنسبة الي السعي بين الحدّين فلاحظ.

فالنتيجة أنّ الحكم الجاري علي الطواف يجري علي السعي و يصحّ حجّه إذ المفروض الاتيان بما أمر به الشارع الأقدس.

______________________________

(1) لاحظ ص 186.

(2) لاحظ ص 185.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 189

[(مسألة 343): الأحوط أن لا يؤخر السعي عن الطواف و صلاته]

(مسألة 343): الأحوط أن لا يؤخر السعي عن الطواف و صلاته بمقدار يعتد به من غير ضرورة كشدة الحرّ أو التعب و إن كان الأقوي جواز تأخيره إلي الليل نعم لا يجوز تأخيره إلي الغد في حال الاختيار (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة

الأولي: في أنه مقتضي القاعدة الاولية جواز التأخير و الفصل الزماني بين الواجبين اجتهادا و فقاهة أمّا الأول فلإطلاق الدليل فانّ المستفاد من الدليل وجوب ايقاع السعي بعد الطواف و صلاته و مع فرض عدم الدليل علي الفورية لا يجب التحفّظ علي الموالاة.

إن قلت: كرارا قلتم إذا وجب مركب علي المكلف يفهم العرف لزوم الموالاة بين أجزائه و من الظاهر انّ الحج عمل واحد مركب من الأجزاء فيلزم رعايتها.

قلت: تارة يكون المركّب الواجب علي المكلّف شي ء واحد و معجون فارد و له أجزاء و شرائط كالصلاة مثلا أو الوضوء و أمثالهما فلا اشكال في لزوم رعاية الموالاة و اخري يكون الواجب مركبا من مركبات متعدّدة و ليس شيئا واحدا كالحج و في مثله لا يتم ذلك البيان بل العرف يفهم من الدليل انّ الواجب عليه مجموع المركّبات بحيث يكون الجامع بين تلك المركّبات الوجوب المتعلق بها.

و إن شئت فقل: الأمور العرفية و الظواهر لا تكون قواعد عقلية كقولهم «الكلّ أعظم من الجزء» كي لا يخصّص و لا يفصل و هذا العرف ببابك هذا من حيث الاطلاق.

و أمّا من حيث الدليل الفقهي و الأصل العملي فمقتضي البراءة، عدم الاشتراط و جواز التأخير و لو علي ما سلكنا هذا تمام الكلام في الجهة.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 190

______________________________

الجهة الثانية: انّ الروايات الواردة في المقام علي طوائف:

الطائفة الأولي: ما يدل علي جواز التأخير عند العذر لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يقدم مكة و قد اشتدّ عليه الحرّ فيطوف بالكعبة و يؤخّر السعي الي أن يبرد فقال: لا بأس به و ربما فعلته. و قال:

و

ربّما رأيته يؤخر السعي الي الليل «1».

و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أحدهما عليهما السّلام عن رجل طاف بالبيت فأعيي أ يؤخّر الطواف بين الصفا و المروة؟ قال: نعم «2».

الطائفة الثانية: ما يدل علي جواز التأخير الي الليل لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان المتقدم آنفا.

الطائفة الثانية: ما يدل علي النهي عن التأخير الي الغد لاحظ ما رواه العلاء بن رزين قال: سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيي أ يؤخّر الطواف بين الصفا و المروة الي غد؟ قال: لا «3».

و المستفاد من مجموع النصوص انّه مع وجود التعب يجوز التأخير الي الليل و لا يجوز التأخير الي الغد.

الجهة الثالثة: انّه هل يختص جواز التأخير بصورة الحرج أو التعب و لو لم يكن بحدّ الحرج؟

______________________________

(1) الوسائل: الباب 60 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 191

[(مسألة 344): حكم الزيادة في السعي حكم الزيادة في الطواف]

(مسألة 344): حكم الزيادة في السعي حكم الزيادة في الطواف فيبطل السعي إذا كانت الزيادة عن علم و عمد علي ما تقدم في الطواف نعم إذا كان جاهلا بالحكم فالأظهر عدم بطلان السعي بالزيادة و إن كانت الاعادة أحوط (1).

______________________________

و الظاهر انّ النصوص الواردة في المقام لا تدل علي الشرط المذكور فانّ السائل يسأل الامام عليه السّلام عن جواز التأخير المطلق تارة و اخري عن التأخير الي الليل و ثالثة عن التأخير الي الغد و الامام عليه السّلام يجيب بالجواز في الصورتين الأوليين و ينهي عن الصورة الثالثة و لا اشكال في أنّه لا يجوز التأخير الي الغد للنهي كما أنّه لا اشكال في جواز التأخير الي الليل مع التعب و أمّا مع عدم

التعب فلا دليل علي حرمة التأخير فانّ الحكم وارد في مورد خاص و التعب لا مفهوم له و مقتضي الأصل الأولي الجواز كما تقدم.

ثم انّه هل يجوز التأخير الي آخر الليل أم لا؟

الظاهر هو الأول لعدم الدليل علي التحديد و مقتضي القاعدة هو الجواز فلاحظ.

(1) أمّا كون الزيادة العمدية توجب بطلان السعي فتدل عليه طائفة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إن طاف الرجل بين الصفا و المروة تسعة أشواط فليسع علي واحد و ليطرح ثمانية و إن طاف بين الصفا و المروة ثمانية أشواط فليطرحها و ليستأنف السعي، الحديث «1».

و منها ما رواه عبد اللّه بن محمد عن أبي الحسن عليه السّلام قال: الطواف المفروض

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب السعي، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 192

______________________________

إذا زدت عليه مثل الصلاة فاذا زدت عليها فعليك الاعادة و كذا السعي «1».

و أمّا عدم البطلان في صورة الجهل فلا بد من التفصيل إذ تارة يكون الجاهل ملتفتا و مع ذلك يأتي بالزائد و اخري يكون غافلا أمّا في الصورة الاولي فالظاهر هو البطلان لاطلاق الدليل الدال عليه و أمّا في الصورة الثانية فالظاهر عدم البطلان لجملة من النصوص منها ما رواه هشام بن سالم قال: سعيت بين الصفا و المروة أنا و عبيد اللّه بن راشد فقلت له: تحفظ عليّ فجعل يعدّ ذاهبا و جائيا شوطا واحدا فبلغ مثل ذلك فقلت له: كيف تعدّ؟ قال: ذاهبا و جائيا شوطا واحدا فأتممنا أربعة عشر شوطا فذكرنا لأبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: قد زادوا علي ما عليهم ليس عليهم شي ء «2».

و منها ما رواه عبد

الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه السّلام في رجل سعي بين الصفا و المروة ثمانية أشواط ما عليه؟ فقال: إن كان خطأ اطرح واحدا و اعتدّ بسبعة «3».

و منها ما رواه جميل بن درّاج قال: حججنا و نحن صرورة فسعينا بين الصفا و المروة أربعة عشر شوطا فسألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ذلك فقال: لا بأس سبعة لك و سبعة تطرح «4».

فانّه يستفاد من هذه النصوص انّ الزيادة إذا كانت ناشئة عن الخطأ لا يضر فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) الوسائل: الباب 11 من أبواب السعي.

(3) الباب 13 من هذه الأبواب، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 193

[(مسألة 345): إذا زاد في سعيه خطأ صحّ سعيه]

(مسألة 345): إذا زاد في سعيه خطأ صحّ سعيه و لكن الزائد إذا كان شوطا كاملا يستحب له أن يضيف إليه ستة أشواط ليكون سعيا كاملا غير سعيه الأول فيكون انتهاؤه إلي الصفا و لا بأس بالاتمام رجاء إذا كان الزائد أكثر من شوط واحد (1).

______________________________

(1) أمّا صحّة سعيه و عدم بطلانه بالزيادة فيدل عليها ما رواه عبد الرحمن بن الحجّاج «1» فانّ المستفاد من الحديث بالصراحة الاعتداد بسبعة و أمّا استحباب الاضافة الي الشوط الثامن فيدل عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام في حديث قال: و كذلك إذا استيقن انّه طاف بين الصفا و المروة ثمانية فليضف إليها ستة «2».

و للمناقشة فيما أفيد مجال واسع و هي انّ المستفاد من حديث ابن الحجاج المتقدم ذكره آنفا اخراج الثامن و الغائه و المستفاد من حديث ابن مسلم اضافة ستة إليه و عدم الغاء الثامن و الترجيح بالأحدثية مع حديث ابن الحجّاج مضافا الي أنّ

المستفاد من حديث ابن مسلم وجوب الاضافة فما الوجه في الحكم بالاستحباب.

______________________________

(1) لاحظ ص 192.

(2) الوسائل: الباب 13 من أبواب السعي، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 194

[(مسألة 346): إذا نقص من أشواط السعي عامدا عالما بالحكم أو جاهلا به و لم يمكنه تداركه إلي زمان الوقوف بعرفات]

(مسألة 346): إذا نقص من أشواط السعي عامدا عالما بالحكم أو جاهلا به و لم يمكنه تداركه إلي زمان الوقوف بعرفات فسد حجّه و لزمته الاعادة من قابل و الظاهر بطلان احرامه أيضا و إن كان الأولي العدول إلي الحجّ الافراد و اتمامه بنية الأعم من الحج و العمرة المفردة و أما إذا كان النقص نسيانا فإن كان بعد الشوط الرابع وجب عليه تدارك الباقي حيث ما تذكر و لو كان ذلك بعد الفراغ من أعمال الحج و تجب عليه الاستنابة لذلك إذا لم يتمكن بنفسه من التدارك أو تعسّر عليه ذلك و لو لأجل أنّ تذكره كان بعد رجوعه إلي بلده و الأحوط حينئذ أن يأتي النائب بسعي كامل ينوي به فراغ ذمة المنوب عنه بالاتمام أو بالتمام و أمّا إذا كان نسيانه قبل تمام الشوط الرابع فالأحوط أن يأتي بسعي كامل يقصد به الأعم من التمام و الاتمام و مع التعسّر يستنيب لذلك (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: انّه اذا نقص من السعي شي ء عمدا جاهلا كان أو عالما يفسد حجّه إذ الاجتزاء بالناقص و الاكتفاء به علي خلاف القاعدة الأولية و إذا فسد حجّه يفسد احرامه إذ الاحرام لا يكون أمرا مستقلا و لا مجال لفساد بعض الأجزاء المركّب و صحة بعضه الآخر و عليه تلزم اعادته في العام القابل و امّا أولوية العدول الي الافراد و اتمامه بنية الأعم من الحج و العمرة مفردة فهو من باب احتمال وجوب العدول

الي الأفراد و احتمال عدم الخروج من الاحرام الّا بجعله عمرة مفردة و لا اشكال في حسن الاحتياط عقلا.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 195

______________________________

الفرع الثاني: أن يكون النقصان ناشيا عن النسيان و كان عروض النسيان بعد الشوط الرابع و في هذه الصورة يجب تداركه في كل زمان تذكر و لو بعد اتمام الحج و الفراغ منه و إذا لم يمكنه التدارك بنفسه أو كان ممكنا لكن عسرا عليه و لو لأجل رجوعه الي بلده يستنيب غيره.

و هذا الذي أفيد ان تمّ بالاجماع التعبدي الكاشف فهو و الّا يشكل الجزم بتماميته لأنّ الموالاة شرط في أشواط السعي و المفروض انتفائها في المقام و لا دليل علي اغتفارها فمقتضي القاعدة بطلان السعي بالنقصان هذا من ناحية و من ناحية أخري انّ السعي فريضة و لا بدّ من الاتيان به و من ناحية ثالثة ان ترك السعي بتمام معني الكلمة لا يوجب البطلان أي بطلان الحج و نقصان بعض أشواطه لا يكون أشد حكما من ترك أصله فعلي فرض الامكان يأتي به بنفسه أو يطاف به و علي فرض عدم الامكان أو أمكن لكن كان حرجيا يستنيب غيره هذا بحسب القاعدة.

و أمّا حديث سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل متمتع سعي بين الصفا و المروة ستة أشواط ثم رجع الي منزله و هو يري انّه قد فرغ منه و قلّم أظافيره و أحلّ ثم ذكر انّه سعي ستة أشواط فقال لي يحفظ انّه قد سعي ستة أشواط؟ فان كان يحفظ انّه قد سعي ستة أشواط فليعد و ليتم شوطا و ليرق دما فقلت: دم ما ذا؟ قال: بقرة قال: و إن

لم يكن حفظ انّه قد سعي ستة فليعد فليتبدئ السعي حتي يكمل سبعة أشواط ثم ليرق دم بقرة «1»، فحكم خاص وارد في مورد مخصوص و التعدي عن مورده بلا وجه.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب السعي، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 196

______________________________

و أما حديثا أبي بصير «1» و أحمد بن عمر الحلال «2»، فلا اعتبار بسنديهما مضافا الي انّهما تدلان علي حكم الحائض و لا يرتبطان بالمقام.

ثم انّ تم الاجماع علي كفاية الاتيان بالباقي و عدم لزوم الاستيناف من الأول فهل يمكن الالتزام بالكفاية حتي بالنسبة الي النائب أم لا؟

الحق هو الثاني كان مقتضي القاعدة لزوم الاستيناف غاية الأمر بالنسبة ال شخص المكلف ترفع اليد عن القاعدة بالاجماع و أمّا بالنسبة الي النائب فاللازم مراعاة الموالاة.

مضافا الي انّ قيام عبادة واحدة من شخصين غير معهود و ان شئت فقل الاجماع دليل لبي و لا اطلاق في مفاده.

الفرع الثالث: أن يكون النسيان عارضا قبل الفراغ من النصف كما لو طاف ثلاثة أشواط ثم نسي و ترك الباقي و في هذه الصورة يحكم ببطلان طوافه و لزوم الاتيان به بنفسه إن كان ممكن و إن أمكن أن يطاف به يلزم بعد امكان لاطافة و إن لم يمكن أن يطاف به أيضا تصل النوبة الي الاستنابة فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 75.

(2) لاحظ ص 75.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 197

[(مسألة 347): إذا نقص شيئا من السعي في عمرة التمتع نسيانا فأحل لاعتقاده الفراغ من السعي]

(مسألة 347): إذا نقص شيئا من السعي في عمرة التمتع نسيانا فأحل لاعتقاده الفراغ من السعي فالأحوط بل الأظهر لزوم التكفير عن ذلك ببقرة و يلزمه اتمام السعي علي النحو الذي ذكرناه (1).

______________________________

(1) أمّا التكفير فيدل عليه ما رواه سعيد بن يسار «1» و

ما رواه عبد اللّه بن مسكان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بين الصفا و المروة ستة أشواط و هو يظن انّها سبعة فذكر بعد ما أحلّ و واقع النساء انّه انّما طاف ستة أشواط قال:

عليه بقرة يذبحها و يطوف شوطا آخر «2».

و حديث ابن مسكان ضعيف بمحمد بن سنان لكن يكفي للاستدلال الحديث الآخر.

إن قلت: كيف تجب الكفارة و المفروض انّه كان ناسيا و حديث الرفع يرفع ما يترتب عليه؟ قلت: الحكم الشرعي ليس كالحكم العقلي بحيث لا يكون قابلا للتخصيص فلا اشكال و امّا لزوم اتمامه فقد تقدم الكلام حوله فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 195.

(2) الوسائل: الباب 14 من أبواب السعي، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 198

[الشك في السعي]

اشارة

الشك في السعي لا اعتبار بالشك في عدد أشواط السعي بعد التقصير و ذهب جمع من الفقهاء إلي عدم الاعتناء بالشك بعد انصرافه من السعي و إن كان الشك قبل التقصير و لكن الأظهر لزوم الاعتناء به حينئذ (1).

______________________________

(1) الشك في عدد أشواط السعي تارة يكون بعد التقصير و اخري يكون قبله فهنا صورتان:

الصورة الأول: أن يكون الشك في أشواط السعي بعد التقصير و في هذه الصورة لا اشكال في الحكم بالصحة بمقتضي قاعدة الفراغ فإنّ جريان القاعدة متقوم بالخروج عن الشي ء و الدخول في غيره فإذا كان الشك بعد التقصير يصدق انّه خرج عن السعي و دخل في غيره و هو التقصير فيحكم بصحة السعي بحكم قاعدة الفراغ.

إن قلت: مع الشك في عدد الأشواط يشك المكلف في خروجه عن السعي و معه كيف يأخذ بقاعدة الفراغ؟

قلت: لا اشكال في أن الشك في الصحة يستلزم الشك في الوجود إذ مع

العلم بالاتيان بجميع الأجزاء و الشرائط لا مجال لأن يشك في الصحة.

الصورة الثانية: أن يكون الشك في عدد الأشواط قبل التقصير و في هذه الصورة تارة يكون المكلف حين الشك داخلا في غير السعي و اخري لا يكون كذلك امّا علي الأول فحكمه كحكم الصورة الأولي طابق النعل بالعل بعين التقريب المتقدم و امّا علي الثاني فيشكل جريان القاعدة بلا فرق بين بقاء الموالاة و عدمه و بلا فرق بين الاستلزام باشتراطها و عدم الالتزام به و الوجه فيما ذكر انّ القاعدة متقومة بالشك في الصحة بعد الدخول في الغير بمقتضي قوله روحي فداه في حديث زرارة «اذا خرجت من شي ء و دخلت في غيره فشكك ليس بشي ء».

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 199

[(مسألة 348): إذا شك و هو علي المروة في أنّ شوطه الأخير كان هو السابع أو التاسع]

(مسألة 348): إذا شك و هو علي المروة في أنّ شوطه الأخير كان هو السابع أو التاسع فلا اعتبار بشكّه و يصح سعيه و إذا كان هذا الشك أثناء الشوط بطل سعيه و وجب عليه الاستئناف (1).

______________________________

(1) أمّا الصحة فلعدم المقتضي للبطلان إذ المفروض أنّ المكلف محرف للعدد الواجب عليه و يشك في الزيادة و مقتضي الأصل عدمها اضف الي ذلك أنّ مقتضي حديث عبد الرحمن بن الحجاج «1» أنّ الزيادة السهوية لا توجب الفساد و البطلان و أما كون الشك أثناء الشوط مبطلا فان تم بالاجماع و التسالم و علمنا أنّ الأمر كذلك شرعا فهو و الّا فلا وجه للحكم بالبطلان و قياس المقام بباب الطواف مع الفارق و أمّا شمول اطلاق الطواف للمقام ففي غاية السقوط فانّ السعي بين الحدين مباين مع الطواف حول البيت كما تقدم منّا فعلي هذا الاساس نقول: اذا شك أثناء الشوط رجع الي

الشك في الزيادة و النقيصة و مقتضي الاستصحاب عدم الاتيان بالمأمور به فيلزم الاتمام بحكم العقل.

و إن شئت فقل: إذا شك أثناء الشوط يقطع بدخوله في الشوط السابع و يشك في خروجه و مقتضي الاستصحاب عدم الخروج عنه فيجب الاتمام كي يتحقق المأمور به فلاحظ و اغتنم الّا أن يقوم اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم عليه السّلام الدال علي البطلان.

______________________________

(1) لاحظ ص 192.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 200

[(مسألة 349): حكم الشك في عدد الأشواط من السعي حكم الشك في عدد الأشواط من الطواف]

(مسألة 349): حكم الشك في عدد الأشواط من السعي حكم الشك في عدد الأشواط من الطواف فاذا شك في عددها بطل سعيه (1).

______________________________

(1) قد تقدم آنفا الاشكال في المدعي المذكور.

فرع: هل تعتبر في السعي إباحة اللباس أو إباحة المركوب اذا فرضنا انّه سعي راكبا فنقول: اذا فرضنا أن لباس المكلف مغصوب يمكن أن يقال بصحة السعي اذ المفروض أنّ الحرام الحركة العارضة القائمة باللباس و حركة المكلف علة و سبب لتلك الحركة المحرمة و قد ثبت في محله أنّ حرمة المعلول لا تسري الي العلة.

و بعبارة واضحة: لا وجه لحرمة السعي بل السعي محبوب و مصداق للواجب و الحركة الحاصلة من السعي القائمة و العارضة علي اللباس المغصوب حرام.

و إن شئت قلت: التركيب بين الواجب و الحرام انضمامي لا اتّحادي و لا فرق فيما ذكر بين كون اللباس ساترا أو لا يكون لعدم المقتضي للتفريق.

و صفوة القول: انّه لا يشترط في السعي الستر فلا فرق بين الساتر و غيره و إذا فرضنا اشتراط الساتر في السعي فهل يوجب فساد السعي أم لا؟ أفاد سيدنا الاستاد بأنّ الحرام لا يمكن أن يكون قيدا للواجب.

و يرد عليه: انّا لا نري مانعا إذ الشرط و القيد خارجان

عن المشروط و المطلوب هو الجزء العقلي أي التقييد فلا فرق بين الصورتين و ممّا ذكر يظهر الحال بالنسبة الي المركوب الغصبي فان الحرام التصرف في المركوب أي تحريكه و التحريك علته الحركة السعيية الواجبة فلا وجه للبطلان فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 201

[الواجب الخامس في عمرة التمتّع التقصير]

اشارة

التقصير و هو الواجب الخامس في عمرة التمتّع و معناه أخذ شي ء من ظفر يده أو رجله أو شعر رأسه أو لحيته أو شاربه و يعتبر فيه قصد القربة و لا يكفي النتف عن التقصير (1).

______________________________

(1) في المقام جهات من البحث:

الجهة الأولي: في وجوب التقصير في عمرة التمتع و لا خلاف في وجوبه كما في الحدائق و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث السعي قال: ثم قصر من رأسك من جوانبه و لحيتك و خذ من شاربك و قلم اظفارك و ابق منها لحجك فاذا فعلت ذلك فقد احللت من كل شي ء يحلّ منه المحرم و احرمت منه «1».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: طواف المتمتع أن يطوف بالكعبة و يسعي بين الصفا و المروة و يقصر من شعره فاذا فعل ذلك فقد أحلّ «2»، و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا فرغت من سعيك و أنت متمتع فقصّر من شعرك من جوانبه و لحيتك و خذ من شاربك و قلّم من أظفارك و ابق منها لحجك فاذا فعلت ذلك فقد احللت من كل شي ء يحل منه المحرم و احرمت منه فطف بالبيت تطوعا ما شئت

«3».

الجهة الثانية: أنه يكفي مجرد التقصير و لو في ضمن فرد من أفراده لاحظ

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب التقصير، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب التقصير، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 202

______________________________

حديث عبد اللّه بن سنان «1»، و لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في محرّم يقصّر من بعض و لا يقصّر من بعض قال يجزيه «2» و بهما ترفع اليد عن حديث معاوية بن عمّار «3» حيث يدل علي وجوب الجمع بين الأمور المذكورة فإن العرف لا يري معارضة بين الطرفين بل يري ان الأفضل الجمع و يجري الأقل و ان أبيت و أمررت علي تحقق المعارضة نقول حيث انّ الأحدث غير معلوم تكون البراءة محكمة إن قلت مقتضي الاستصحاب بقاء الاحرام قلت: الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد و لقائل أن يقول لا تعارض بين الطرفين فان حديث ابن سنان يدل علي كفاية مطلق التقصير بالإطلاق و مقتضي القاعدة حمل المطلق علي المقيد فلا بد من الالتزام بوجوب الجمع بين الامور المذكورة اللهمّ إلّا أن يقال أنّ الحديث الدال علي جواز الأخذ من البعض و عدم الأخذ من البعض الآخر صريح في عدم وجوب الجمع فيعارض ما يدل علي وجوب الجمع لكن الحق هو الاجتزاء علي الاطلاق للسيرة الجارية علي الكفاية فلاحظ.

الجهة الثالثة: أنه يشترط فيه قصد القربة و الوجه فيه انّ التقصير عبادة بلا اشكال و قوام العبادة بقصد القربة.

الجهة الرابعة: أنه لا يكفي النتف عن التقصير و الوجه فيه عدم الدليل عليه إن قلت كيف لا يكفي النتف مع انّ الفرض ازالة الشعر كما نقل

عن الحدائق قلت:

لا يصدق عنوان التقصير علي النتف و الأحكام التعبدية لا تنالها العقول و الافهام فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 201.

(2) الباب 3 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) لاحظ ص 201.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 203

[(مسألة 350): يتعيّن التقصير في احلال عمرة التمتع]

(مسألة 350): يتعيّن التقصير في احلال عمرة التمتع و لا يجزئ عنه حلق الرأس بل يحرم الحلق عليه و إذا حلق لزمه التكفير عنه بشاة إذا كان عالما عامدا بل مطلقا علي الأحوط (1).

______________________________

(1) تعين التقصير علي المتمتع علي طبق القاعدة الأولية فإن المستفاد من جملة من النصوص انّ الواجب علي المتمتع التقصير لاحظ أحاديث معاوية بن عمّار «1» و ابن سنان «2» و من المقرر عندهم ان اجزاء غير المأمور به عنه يحتاج الي الدليل فلا وجه للأجزاء كما لا وجه للقول بالتخيير بين التقصير و الحلق و بعبارة واضحة لا يصدق عنوان التقصير علي الحلق فيكون الحلق مباينا و مغايرا مع العنوان المأمور به و معه لا يمكن القول بالأجزاء و هل يتعين التقصير علي الملبد و المعقوص أم لا المعروف عندهم أنه لا فرق بينهما و غيرهما في عمرة التمتع و عن الشيخ قدّس سرّه تعين الحلق فيها و المنشأ لهذا التوهم اطلاق جملة من النصوص منها ما رواه هشام بن سالم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام إذا عقص الرجل رأسه أو لبده في الحج أو العمرة فقد وجب عليه الحلق «3» فان مقتضي الاطلاق تعين الحلق عليهما في العمرة بلا فرق بين المفردة و التمتع و هذا التوهم في غير محلّه إذ علي تقدير تمامية الاطلاق لا بدّ من رفع اليد عنه بما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه

السّلام قال: إذا أحرمت فعقصت شعر رأسك أو لبّدته فقد وجب عليك الحلق و ليس لك التقصير و إن أنت لم تفعل فمخير لك التقصير و الحلق في الحج أفضل و ليس في المتعة الّا التقصير «4» فانه قد صرّح

______________________________

(1) لاحظ ص 201.

(2) لاحظ ص 201.

(3) الوسائل: الباب 7 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 2.

(4) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 204

______________________________

في الحديث علي أنه ليس في المتعة الّا التقصير أضف الي ذلك أنه كيف يمكن القول بتعين الحلق عليهما في عمرة التمتّع مع أنه خلاف السيرة المستمرة اللهم الا أن يقال انّ السيرة مستمرة في غيرهما لا فيهما فلاحظ فالنتيجة لزوم التقصير في عمرة التمتع بالنسبة الي جميع المكلفين ثم أنه لو أخذ المعتمر شعره بالمقراض بتمامه بحيث لم يبق شي ء و بعبارة اخري لو أزال الشعر بتمامه هل يتحقق الامتثال أم لا الظاهر هو الثاني فان التقصير بما له من المفهوم لا يصدق علي ما فرض في السؤال و اللّه العالم ثم أنه لو حلق رأسه قبل التقصير تجب عليه الكفارة بشاة و قد تقدم في مسألة (260) انّ كفارة حلق الرأس شاة و المقام من مصاديق تلك الكبري الكلية هذا إذا كان عن عمد و أما إن كان ناشيا عن الجهل أو عن النسيان فلا شي ء عليه فإن مقتضي حديث عبد الصمد بن بشير «1» ان من ركّب أمرا بجهالة فلا شي ء عليه و أما في صورة النسيان فمقتضي حديث رفعه عدم شي ء عليه و أما حديث أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: المتمتع أراد أن يقصّر فحلق رأسه قال: عليه دم يهريقه فاذا

كان يوم النحر امرّ الموسي علي رأسه حين يريد أن يحلق «2» الدال علي وجوب الكفارة في غير صورة العمد فغير تام سندا بكلا سنديه فان أحدهما مشتمل علي محمد بن سنان و الآخر مشتمل علي البطائني و كلاهما ضعيفان فلاحظ و بما ذكرنا يظهر أنه لو حلق رأسه قبل التقصير ارتكب الأمر المحرم إذ ازالة الشعر حرام علي المحرم و المفروض أنه قبل التقصير لم يخرج عن الاحرام و أما وجه الاحتياط في وجوب الكفارة حتي في صورة عدم العمد فمن باب الخروج عن شبهة الخلاف إذ قد تقدم أن حديث أبي بصير دال علي وجوبها حتي في صورة العذر.

______________________________

(1) لاحظ ص 27.

(2) الوسائل: الباب 4 من أبواب التقصير، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 205

[(مسألة 351): إذا جامع بعد السعي و قبل التقصير جاهلا بالحكم]

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مصباح الناسك في شرح المناسك، دو جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1425 ه ق مصباح الناسك في شرح المناسك؛ ج 2، ص: 205

(مسألة 351): إذا جامع بعد السعي و قبل التقصير جاهلا بالحكم فعليه كفارة بدنة علي الأحوط (1).

______________________________

(1) استدل علي المدعي بحديث الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك اني لما قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي و لم أقصّر قال: عليك بدنة قال:

قلت: انّي لمّا أردت ذلك منها و لم تكن قصّرت امتنعت فلمّا غلبتها قرضت بعض شعرها بأسنانها فقال رحمها اللّه كانت أفقه منك عليك بدنة و ليس عليها شي ء «1» بتقريب انّ الامام عليه السّلام قال للسائل هي أفقه منك فيعلم انّ الرجل كان جاهلا بالحكم و المرأة كانت عالمة به فالدليل علي وجوب الكفارة وارد في مورد الجهل فيكون مقيدا و مخصصا للعموم الدال

علي عدم الكفارة علي الجاهل و يرد علي التقريب المذكور انّ الحديث معارض بما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع وقع علي امرأته و لم يقصّر قال: ينحر جزورا و قد خشيت أن يكون قد ثلم حجه ان كان عالما و إن كان جاهلا فلا شي ء عليه «2».

فانّ مقتضي هذه الرواية عدم الكفارة علي الجاهل فيقع التعارض بين الطرفين و الأحدث منهما غير معلوم فالمحكم عموم عدمها علي الجاهل مضافا الي انّ مقتضي أصالة البراءة عدمها و قال سيدنا الاستاد قدّس سرّه علي ما في تقريره الشريف انّ ثبوت الحديث المعارض غير معلوم إذ نقل بدل لفظ و لم يقصّر لفظ و لم يزر فلا يكون مربوطا بالمقام و يبعد تعدد الحديث لاتحاد السند و المتن تردد الأمر بين لفظين لا يمكن الاستدلال به علي المقام فيبقي دليل الوجوب بلا معارض و يرد عليه أولا انّ مجرد الاستبعاد لا يقتضي الحكم باتحاد الحديثين نعم إذا وصل الأمر الي مرحلة القطع

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب التقصير، الحديث 2.

(2) الوسائل: الباب 13 من أبواب كفارات الاستماع، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 206

[(مسألة 352): يحرم التقصير قبل الفراغ من السعي]

(مسألة 352): يحرم التقصير قبل الفراغ من السعي فلو فعله عالما عامدا لزمته الكفارة (1).

[(مسألة 353): لا تجب المبادرة الي التقصير بعد السعي]

(مسألة 353): لا تجب المبادرة الي التقصير بعد السعي فيجوز فعله في أيّ محل شاء سواء كان في المسعي أو في منزله أو غيرهما (2).

______________________________

أو الاطمينان يمكن أن يلتزم بالاشكال و الّا فلا و ثانيا انّ المتن لا يكون واحدا فإن المذكور في أحد الموردين هكذا عن متمتع وقع علي أهله «1».

و في المورد الآخر متمتع وقع علي امرأته كما في الوسائل فلا وجه للترديد بل مقتضي الصناعة الالتزام بالتعدد فالنتيجة عدم الوجوب.

(1) إذ المفروض أنه محرم و يحرم علي المحرم ازالة الشعر فوجوب الكفارة علي طبق القاعدة الأولية.

(2) فانّ وجوب المبادرة يحتاج الي الدليل و الّا فمقتضي الاطلاق عدمها كما انّ مقتضي اصالة البراءة عن وجوبها كذلك مضافا الي دعوي التسالم علي عدم وجوبها و أيضا لا دليل علي وجوب ايقاعه في محل خاص فمقتضي القاعدة اجتهادا و فقاهة عدم التعين و يؤيد المدعي ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثم ائت منزلك فقصّر من شعرك و حلّ لك كل شي ء «2» فانه قد صرّح في الحديث بجواز ايقاعه في المنزل فالنتيجة عدم وجوب المبادرة و عدم وجوب مكان خاص فلاحظ.

______________________________

(1) الكافي: ج 4 ص 378، الحديث 3.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب التقصير، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 207

[(مسألة 354): إذ ترك التقصير عمدا فأحرم للحج بطلت عمرته]

(مسألة 354): إذ ترك التقصير عمدا فأحرم للحج بطلت عمرته و الظاهر انّ حجه ينقلب الي الأفراد فيأتي بعمرة مفردة بعده و الأحوط اعادة الحج في السنة القادمة (1).

______________________________

(1) الكلام في هذه المسألة تارة يقع علي مقتضي القاعدة و اخري علي ما هو المستفاد من النص فيقع الكلام في موضعين أما الموضع الأول فنقول مقتضي

القاعدة عدم بطلان عمرته و عدم انقلاب التمتع الي الأفراد بل يلزم عليه أن يقصّر ثم يحرم للحج.

و أما الموضع الثاني: ففي المقام حديثان أحدهما ما رواه العلاء بن الفضيل قال: سألته عن رجل متمتع طاف ثم أهلّ بالحجّ قبل أن يقصر قال: بطلت متعته هي حجة مبتولة «1».

و هذه الرواية دالة علي بطلان العمرة و الانقلاب لكن الحديث ضعيف سندا بمحمد بن سنان ثانيهما ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المتمتع إذا طاف و سعي ثم لبّي بالحج قبل أن يقصّر فليس له أن يقصّر و ليس له متعة «2».

و هذه الرواية تدل علي بطلان عمرته و لا يدل الحديث علي الانقلاب و قوله عليه السّلام و ليس له أن يقصّر عبارة اخري عن بطلان المتعة أي لا مجال لان يقصر و يأتي بالوظيفة المقررة من قبل الشارع إذ مع بطلان المتعة لا يمكنه أن يقصّر الّا علي نحو التشريع و لا يكون المراد من الجملة انّ وظيفته الافراد حيث انقلب التمتع إليه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 54 من أبواب الاحرام، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 208

[(مسألة 355): إذا ترك التقصير نسيانا فأحرم للحج صحت عمرته]

(مسألة 355): إذا ترك التقصير نسيانا فأحرم للحج صحت عمرته و الأحوط التكفير عن ذلك بشاة (1).

______________________________

فيكون محرما فيحرم عليه التقصير فانّ المعني المذكور بعيد عن سوق الكلام و كان المناسب أن يصرّح مخزن الوحي روحي فداه بالمراد كما هو كذلك في حديث العلاء و علي ذلك تكون النتيجة انّ ما أتي به من الاعمال باطل فان كان الوقت واسعا يستأنف و يعيد و الّا يأتي بحج التمتع في السنة القادمة، لكن الذي يختلج بالبال ان يقال

انّ المستفاد من الحديث ان مثل هذا الشخص لا تكون له أو عليه متعة أي أن حج التمتع عنه ساقط فطبعا يكون تكليفه متبدلا بالافراد.

(1) لا اشكال في صحة عمرته و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل متمتع نسي أن يقصّر حتي احرم بالحج قال: يستغفر اللّه عزّ و جلّ «1» و منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال:

سألت أبا ابراهيم عليه السّلام عن رجل تمتع بالعمرة الي الحج فدخل مكة فطاف و سعي و لبس ثوبه و أحل و نسي أني قصّر حتي خرج الي عرفات قال: لا بأس به يبني علي العمرة و طوافها و طواف الحج علي أثره «2».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل أهلّ بالعمرة و نسي أن يقصّر حتي دخل في الحجّ قال: يستغفر اللّه و لا شي ء عليه و قد تمت عمرته «3»، و منها ما رواه اسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السّلام: الرجل

______________________________

(1) الوسائل: الباب 54 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 209

______________________________

يتمتع فينسي أن يقصّر حتي يهلّ بالحج فقال عليه دم يهريقه «1».

و إنّما الكلام في أمرين:

أحدهما: أنه هل يكون احرامه للحج باطلا و يجب عليه التقصير ثم الاحرام للحج أو يسقط وجوب التقصير و يأتي باعمال الحج ذهب الي الاحتمال الأول سيدنا الاستاد قدّس سرّه و مقتضي النص الوارد في المقامين تعين الاحتمال الثاني لاحظ حديث ابن الحجاج «2» فانّ المستفاد منه بحسب

الفهم العرفي ما ذكرنا فانه قد صرح فيه بتمامية عمرته قال عليه السّلام: و قد تمت عمرته بل يمكن أن يقال انّ المستفاد من بقية النصوص ما ذكرناه بتقريب انّ السائل يفرض دخول الناس في الحج و الامام عليه السّلام في مقام الجواب كان في مقام البيان و تمت مقدمات الحكمة و مع ذلك لم يأمر بالتقصير و لم يحكم ببطلان احرامه للحج فلاحظ.

ثانيهما: أنه تجب عليه الكفارة لاحظ ما رواه اسحاق بن عمّار المتقدم آنفا فانّ المستفاد من الحديث وجوب اهراق الدم فان قلنا بانّ النسبة بين هذه الرواية و بقية النصوص نسبة الخاص الي العام فالأمر سهل لانّ العام يخصّص بالخاص و المطلق يقيد بالمقيد و إن قلنا بانّ النسبة بين الطرفين التباين و يكونان متباينين فلا بد من ترجيح حديث ابن الحجاج للأحدثية و حيث انّ المذكور في الحديث عنوان الدم يكفي دم الشاة.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 6.

(2) لاحظ ص 208.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 210

[(مسألة 356): إذا قصر المحرم في عمرة التمتع حلّ له جميع ما كان يحرم عليه من جهة احرامه ما عدا الحلق]

(مسألة 356): إذا قصر المحرم في عمرة التمتع حلّ له جميع ما كان يحرم عليه من جهة احرامه ما عدا الحلق أما الحلق ففيه تفصيل و هو أنّ المكلف إذا أتي بعمرة التمتع في شهر شوّال جاز له الحلق الي مضي ثلاثين يوما من يوم عيد الفطر و أما بعده فالأحوط أن يحلق و إذا حلق فالأحوط التكفير عنه بشاة إذا كان عن علم و عمد (1).

______________________________

(1) أما حلية كل شي ء غير الحلق فتدل عليها جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار «1» و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «2» و منها ما رواه عمر بن يزيد «3» و منها

ما رواه معاوية بن عمّار «4» و أما التفصيل المذكور في المتن فلحديث جميل بن درّاج أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع حلق رأسه بمكة قال: إن كان جاهلا فليس عليه شي ء و إن تعمّد ذلك في أوّل شهور الحج بثلاثين يوما فليس عليه شي ء و إن تعمّد بعد الثلاثين يوما التي يوفر فيها الشعر للحج فان عليه دما يهريقه «5» و الوجه في عدم جزم الماتن بالحكم عدم التزام المشهور به.

______________________________

(1) لاحظ ص 201.

(2) لاحظ ص 201.

(3) لاحظ ص 206.

(4) لاحظ ص 201.

(5) الوسائل: الباب 4 من أبواب التقصير، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 211

[(مسألة 357): لا يجب طواف النساء في عمرة التمتع]

(مسألة 357): لا يجب طواف النساء في عمرة التمتع و لا بأس بالإتيان به رجاء و قد نقل شيخنا الشهيد قدّس سرّه وجوبه عن بعض العلماء (1).

______________________________

(1) فان عدم الوجوب مضافا الي كونه موافقا مع الأصل تدل عليه النصوص الدالة علي حلية كل شي ء عليه بعد التقصير و قد تقدمت قريبا و لاحظ ما رواه صفوان بن يحيي قال: سأله أبو حرث عن رجل تمتع بالعمرة الي الحج فطاف و سعي و قصّر هل عليه طواف النساء قال: لا انّما طواف النساء بعد الرجوع من مني «1» و في قبال هذه النصوص ما رواه سليمان بن حفص المروزيّ عن الفقيه عليه السّلام قال: إذا حج الرجل فدخل مكة متمتعا فطاف بالبيت و صلّي ركعتين خلف مقام ابراهيم عليه السّلام و سعي بين الصفا و المروة و قصّر فقد حلّ له كل شي ء ما خلا النساء لانّ عليه لتحلة النساء طوافا و صلاة «2» و الرجل لم يوثق فلا يعتد بما رواه.

______________________________

(1) الوسائل: الباب

82 من أبواب الطواف، الحديث 6.

(2) الوسائل: الباب 82 من أبواب الطواف، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 212

[واجبات الحج]

اشارة

واجبات الحج تقدم أنّ واجبات الحج ثلاثة عشر ذكرناها مجملة و أليك تفصيلها:

[الأول: الاحرام]

اشارة

الأول: الاحرام و أفضل أوقاته يوم التروية و يجوز التقديم عليه بثلاثة أيام و لا سيما بالنسبة الي الشيخ الكبير و المريض إذا خافا من الزحام فيحرمان و يخرجان قبل خروج الناس و تقدم جواز الخروج من مكة محرما بالحج لضرورة بعد الفراغ من العمرة في أيّ وقت كان (1).

______________________________

(1) قد ذكر في المقام أمورا:

الأمر الأول: ان احرام الحج أفضل أوقاته يوم التروية عن التذكرة الاجماع عليه و عن المسالك أنه موضع وفاق بين المسلمين و نقل عن ابن حمزة وجوبه و كأنه للأمر به في خبر معاوية بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم التروية ان شاء اللّه فأغتسل ثم ألبس ثوبيك و ادخل المسجد حافيا و عليك السكينة و الوقار ثم صل ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام أو في الحجر ثم اقعد حتي تزول الشمس فصلّ المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة و احرم بالحج الحديث «1»، لكن ترفع اليد عن هذه الظهور بالاجماع و التسالم علي عدم الوجوب و بجملة من الروايات علي الدالة علي ذلك منها ما روي عن معاوية بن عمّار و الحلبي كليهما عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يضرك بليل احرمت أو نهار الّا أن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 213

[(مسألة 358): كما لا يجوز للمعتمر احرام الحج قبل التقصير لا يجوز للحاج أن يحرم للعمرة المفردة قبل اتمام أعمال الحج]

(مسألة 358): كما لا يجوز للمعتمر احرام الحج قبل التقصير لا يجوز للحاج أن يحرم للعمرة المفردة قبل اتمام أعمال الحج نعم لا مانع منه بعد اتمام النسك قبل طواف النساء (1).

______________________________

أفضل ذلك عند زوال الشمس «1».

الأمر الثاني: أنه يجوز

تقديمه عليه بثلاثة أيام و لا سيما بالنسبة الي الشيخ الكبير و المريض إذا خافا من الزحام لاحظ ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يكون شيخا كبيرا أو مريضا يخاف ضغاط الناس و زحامهم يحرم بالحج و يخرج الي مني قبل يوم التروية قال: نعم قلت: يخرج الرجل الصحيح يلتمس مكانا و يتروح بذلك المكان قال: لا، قلت: يعجل بيوم قال:

نعم قلت: بيومين قال: نعم قلت: ثلاثة قال: نعم قلت: أكثر من ذلك قال: لا «2».

الأمر الثالث: أنه قد تقدم جواز الخروج من مكة محرما لضرورة بعد الفراغ من العمرة في أيّ وقت كان فراجع ما ذكرناه هناك حول الفرع.

(1) في هذه المسألة فرعان:

أحدهما: أنه لا يجوز الاحرام للعمرة المفردة قبل الفراغ عن اعمال الحج و قد ذكرت في تقريب المدعي وجوه:

الوجه الأول: الاجماع بقسميه كما عن صاحب الجواهر و فيه انّ حال الاجماع في الاشكال معلوم و لا أقل من احتمال كونه مدركيا.

الوجه الثاني: انّ الظاهر من أدلة الاحرام احداثه و التأكد لا يكون احداثا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 15 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 3 من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 214

______________________________

و فيه انّ الاحرام الثاني إذا كان لعمل آخر غير ما احرم له أولا لا يكون تأكيدا بل احداث لاحرام آخر.

الوجه الثالث: أنه لو كان جائزا لوقع مرة واحدة من الاصحاب و وقع مورد السؤال و الجواب في الروايات و الحال أنه لم يقع موردهما و لم ينقل ارتكابه عن أحد و هذا كاشف عن عدم الجواز و فيه انّ هذا بمجرده لا يكون دليلا

علي عدم الجواز بحيث ترفع اليد عن دليل الجواز.

الوجه الرابع: انّ المستفاد من الأدلة عدم جواز خروج المكلف بعد اتمام العمرة عن مكة و أنه محتبس و مرتهن بالحج و الحال أنه يلزم الخروج الي أدني الحل و فيه أنه يمكن التأخير الي أن يتمّ جملة من أعمال الحج كما لو فرضنا أنه فرغ من اعمال مني و قبل رجوعه الي مكة للطواف و السعي و ذهب الي أحد المواقيت و يحرم للعمرة المفردة و يرجع الي مكة الّا أن يقوم دليل علي حرمة ذهاب الحاج قبل الفراغ عن اعمال الحج الي أحد المواقيت و إذا فرضنا حرمته كما أنه يحرم عليه الخروج عن مكة حيث أنه مرتهن و محتبس بالحج نسأل أن الخروج من مكة أو الذهاب الي أحد المواقيت بعد الفراغ عن اعمال مني حرام تكليفا أو يوجب بطلان الحج فان قلنا بأنه حرام لا أنه مبطل للحج يمكن أن المكلف يذهب الي أحد المواقيت غافلا عن الحرمة فلا يحرم عليه كما أنه يمكن أن يذهب هناك مع الاكراه مضافا الي انّ حرمة الذهاب لا تستلزم فساد الاحرام للعمرة المفردة و الكلام في المقام في الحكم الوضعي.

الوجه الخامس: انّ المحرم يحرم عليه التقصير و الحلق فإذا فرضنا تعدد الاحرام كيف يجوز له التقصير للاحرام الأول و بعبارة اخري التقصير أمر عبادي و واجب و الحال أنه حرام و لا يعقل انّ الفعل الواحد يكون واجبا و حراما فانّ أوله

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 215

[(مسألة 359): يتضيق وقت الاحرام فيما إذا استلزم تأخيره فوات الوقوف بعرفات يوم عرفة]

(مسألة 359): يتضيق وقت الاحرام فيما إذا استلزم تأخيره فوات الوقوف بعرفات يوم عرفة (1).

[(مسألة 360): يتحد احرام الحج و احرام العمرة في كيفيته و واجباته و محرماته]

(مسألة 360): يتحد احرام الحج و احرام العمرة في كيفيته و واجباته و محرماته و الاختلاف بينهما إنّما هو في النية فقط (2).

______________________________

الي اجتماع الضدين و إن شئت فقل كيف يمكن أن يجوز للشارع أمرا يكون موجبا لوقوع المكلف في المحذور و عدم امكانه أن يعمل بالوظيفة إن قلت يمكن أن يتحلل من كلا الاحرامين بتقصير واحد فلا اشكال قلت: قد ثبت في محله ان التداخل خلاف القاعدة و يرد عليه أنه يمكن أن يحرم للعمرة المفردة بعد التقصير أو الحلق إذ بهما لا يتم عمل الحج.

الوجه السادس: انّ تعدد الاحرام و صدوره من شخص واحد خلاف الارتكاز المتشرعي بل يمكن أن يقال أنه مستنكر عندهم و يرونه خلاف المقرر الشرعي و يرد عليه أنه إذا أحرم بعد التقصير أو الحلق لا يكون محرما باحرامين في زمان واحد الّا أن يقال انّ الاحرام قبل اتمام العمل الذي أحرم له خلاف الارتكاز و اللّه العالم.

ثانيهما: جوازه قبل طواف النساء و جوازه علي طبق القاعدة لانّ طواف النساء لا يكون جزءا للحج بالتقصير يخرج المكلف عن الاحرام فلا مانع عن احرامه للمفردة مع وجود المقتضي.

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة الأولية فانه مع فرض استلزام الفوت لا يجوز التأخير إذ مرجعه الي ترك الواجب اختيارا.

(2) بلا اشكال و لا كلام و بعبارة اخري الأمر أوضح من أن يخفي مضافا الي دلالة النص عليه لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أردت أن

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 216

______________________________

تحرم يوم التروية فأصنع كما صنعت حين أردت

أن تحرم و خذ من شاربك و من أظفارك و عانتك إن كان لك شعر و انتف ابطك و اغتسل و ألبس ثوبيك ثم ائت المسجد الحرام فصلّ فيه ستّ ركعات قبل أن تحرم و تدعو اللّه و تسأله العون و تقول اللهم إنّي أريد الحج فيسّره لي و حلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت عليّ و تقول احرم لك شعري و بشري و لحمي و دمي من النساء و الثياب و الطيب أريد بذلك وجهك و الدار الآخرة و حلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت عليّ ثمّ تلبّي من المسجد الحرام كما لبّيت حين أحرمت و تقول لبّيك بحجة تمامها و بلاغها عليك، فإن قدرت أن يكون رواحك الي مني زوال الشمس و الّا فمتي ما تيسّر لك من يوم التروية «1».

و ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم التروية إن شاء اللّه فاغتسل ثم ألبسك ثوبيك و ادخل المسجد حافيا و عليك السكينة و الوقار ثم صلّ ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام أو في الحجر ثم اقعد حتي تزول الشمس فصلّ المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة فاحرم بالحج و عليك السكينة و الوقار فإذا انتهيت الي فضاء دون الردم فلبّ فإذا انتهيت الي الروم و أشرفت علي الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتي تأتي مني «2».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 52 من أبواب الاحرام، الحديث 2.

(2) الوسائل: الباب 52 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 217

[(مسألة 361): للمكلف أن يحرم للحج من مكة القديمة من أيّ موضع شاء]

(مسألة 361): للمكلف أن يحرم للحج من مكة القديمة من أيّ موضع شاء و يستحب له الاحرام من المسجد

الحرام في مقام ابراهيم أو حجر اسماعيل (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة الأولي: أنه يشترط في احرام الحج أن يكون من مكة ادعي عليه الاجماع و حال الاجماع في الاشكال معلوم و يمكن الاستدلال علي المدعي بطائفة من النصوص لاحظ ما رواه أبو أحمد عمرو بن حريث الصيرفي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: من أين أهلّ بالحجّ فقال: إن شئت من رحلك و إن شئت من الكعبة و إن شئت من الطريق «1»، و مثله في الدلالة علي وجوب كون الاحرام من مكة غيره و لكن تعارض هذه الطائفة اخري من الروايات لاحظ ما رواه اسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المتمتع يجي ء فيقضي متعته ثم تبدو له الحاجة فيخرج الي المدينة و الي ذات عرق أو الي بعض المعادن قال: يرجع الي مكة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي تمتع فه لانّ لكل شهر عمرة و هو مرتهن بالحج قلت: فانه دخل في الشهر الذي خرج فيه قال: كان أبي مجاورا هاهنا فخرج يتلقي بعض هؤلاء فلمّا رجع فبلغ ذات عرق أحرم من ذات عرق بالحج و دخل و هو محرم بالحج «2».

فانّ هذه الرواية تدل علي جواز الاحرام للحج عن خارج مكة إذ لو كان واجبا كون الاحرام عنها لكان المناسب أن يحرم مخزن الوحي من مكة ثم الذهاب

______________________________

(1) الوسائل: الباب 21 من أبواب المواقيت، الحديث 2.

(2) الوسائل: الباب 22 من أبواب أقسام الحج، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 218

______________________________

الي مقصده و بعد التعارض يكون الترجيح بالأحدثية مع حديث اسحاق هذا علي فرض انّ المستفاد من حديث الصيرفي اختصاص جواز الاحرام

بكونه من مكة و لقائل أن يقول لا يستفاد منه الاختصاص لقوله عليه السّلام في ذيل الحديث و إن شئت من الطريق و المراد من الطريق أما طريق عرفات بعد الخروج عن مكة و أما مطلق الطريق الجامع بين ما يكون داخلا في مكة أو خارجا عنها و لقائل أن يقول لا تعارض بين حديث الصيرفي و حديث اسحاق بأن يقال المستفاد من حديث الصيرفي اشتراط كون الاحرام من مكة علي الاطلاق و المستفاد من حديث اسحاق جواز الاحرام عن الميقات لمن خرج عن مكة لحاجة و بعبارة اخري المطلق يقيد بذلك المقيد هذا تمام الكلام في الجهة الأولي.

الجهة الثانية: أنه بعد فرض لزوم كون الاحرام عن مكة هل يلزم أن يكون من المسجد الحرام أو لا يلزم.

أقول: يستفاد من طائفة من النصوص أن الاحرام لا بدّ من أن يكون من المسجد و لا خصوصية للمسجد الحرام لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: من أتي المسجد أحرم يوم التروية فقال: من أيّ المسجد شئت «1».

فانّ المستفاد من سؤال الراوي أنه فرض كون الاحرام لا بدّ أن يكون من المسجد و إنما يسأل عن لزوم كونه عن المسجد الخاص و الامام عليه السّلام اجابه بعدم الخصوصية و يستفاد من طائفة اخري لزوم كونه من المسجد الحرام لاحظ حديثي

______________________________

(1) الوسائل: 21 من أبواب المواقيت، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 219

______________________________

معاوية بن عمّار «1» و أبي بصير «2» فيقع التعارض بين حديث الصيرفي و ما يعارضه و حيث انّ الأحدث غير معلوم تصل النوبة الي البراءة و مقتضاها كفاية كونه من مكة علي الاطلاق بل بعد التعارض تكون

النتيجة عدم لزوم كون الاحرام من مكة فان مقتضي حديث يونس كفاية كون الاحرام من جميع المساجد و مقتضي الطائفة الاخري لزوم كونه من المسجد الحرام و مقتضي الطائفة الثالثة الكفاية علي الاطلاق و حيث أنه لا يميز الحديث عن القديم تصل النوبة الي البراءة، لكنّ التقريب المذكور انّما يتمّ علي تقدير كون المراد من حديث يونس جواز الاحرام من جميع المساجد و أما إذا كان المراد من قوله من أيّ المسجد كل مكان من المسجد الحرام فلا يدل الحديث علي جواز الاحرام من مطلق المساجد و لو لم يكن المسجد الحرام فالنتيجة بمقتضي هذه الرواية لزوم كونه من المسجد الحرام و حيث أنّ حديث الصيرفي و حديث يونس كلاهما مرويان عن الامام الصادق عليه السّلام و لا يميّز الأحدث فيهما تصل النوبة الي العمل علي طبق الأصل و مقتضي العلم الاجمالي هو الاحتياط علي المسلك المشهور و عدم اجراء الاصل في أحد الطرفين فلا بدّ من الاحتياط و أما علي المسلك المختار من جواز اجراء الأصل في أحد الطرفين تكون النتيجة الاكتفاء بالاحرام من أي موضع من مكة فلاحظ.

الجهة الثالثة: أنه علي تقدير اختصاص الحكم بمكة هل يكون مخصوصا بمكة القديمة أو لا يختص و بعبارة اخري المأخوذ في الدليل علي نحو القضية الخارجية أو علي نحو القضية الحقيقية الذي يختلج بالبال أن يقال الحكم مخصوص بمكة القديمة

______________________________

(1) لاحظ ص 216.

(2) لاحظ ص 215- 216.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 220

______________________________

بتقريب انّ مكة اسم و علم لتلك البلدة و الاسم اشارة الي المسمي و من الظاهر أنّ مكة في زمان صدور الروايات كانت بلدة صغيرة و المفروض انّ كلام الامام اشارة الي تلك

البلدة الصغيرة فلا يمكن التعدي الي ما زيد فيها و لا يقاس المقام بالاعلام الشخصية الموضوعة لافراد الانسان مثلا لفظ زيد و بكر و امثالهما لأنّ الانسان له جهتان إحداهما جوهر ذاته الذي به يكون مدركا و ناطقا ثانيهما جسمانيته التي تتغيّر بمرور الزمان ففي زمان يكون شابا أو صحيحا أو ضعيفا الي غيرها من العوارض و الاسم اسم لجوهر ذاته و هو أمر واحد من أول حدوثه و بروزه الي أن يموت و لكن الانصاف أنه لا مقتضي لقبول التقريب المذكور فانّه خلاف الظاهر و خلاف ما يستفاد من الدليل عرفا و الوجه فيه أنه لا تنافي بين كون لفظ مكة علما لتلك البلدة المقدسة و بين كون الحكم علي نحو القضية الحقيقية فانّ المدار الظهور العرفي مثلا لو أنّ انسانا غرس شجرة في ناحية من نواحي بستانه و سمي تلك الشجرة بلفظ حسن و قال لعبيده كل من لمس جزء من تلك الشجرة المسماة بلفظ حسن عليه كذا أو له كذا لا شبهة في أنّ القانون المذكور يشمل كل من لمس تلك الشجرة في أول غرسة أو بعد نشوها و صيرورتها طويلة أو ذات ورق أو ثمر الي بقية العوارض و الوجه فيه انّ اللفظ موضوع لهذا الموجود بلا رعاية زمان خاص و حالة خاصة و إن شئت فقل انه يضع لها الاسم علي نحو اللابشرط بحيث كل شي ء زيد فيه يعتبر فيه و جزءا له و المقام كذلك و بعبارة أوضح لا يكون الحاكم في مقام الحكم مشيرا الي خصوص القطعة الموجودة في ذلك الزمان بل يشير الي ما يكون مسمي بهذا اللفظ فتكون القضية الحقيقية أو في حكمها و النتيجة انّ

الميزان بصدق عنوان الاحرام من مكة بلا فرق بين القديمة و الجديدة فلاحظ و استدلّ سيدنا الاستاد قدّس سرّه علي المدعي بما رواه

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 221

[(مسألة 362): من ترك الاحرام نسيانا أو جهلا منه بالحكم الي أن خرج من مكة ثم تذكر أو علم بالحكم]

(مسألة 362): من ترك الاحرام نسيانا أو جهلا منه بالحكم الي أن خرج من مكة ثم تذكر أو علم بالحكم وجب عليه الرجوع الي مكة و لو من عرفات و الاحرام منها فإن لم يتمكن من الرجوع لضيق الوقت أو لعذر آخر يحرم من الموضع الذي هو فيه و كذلك لو تذكّر أو علم بالحكم بعد الوقوف بعرفات و إن تمكّن من العود الي مكة و الأحرام منها و لو لم يتذكّر و لم يعلم بالحكم الي أن فرغ من الحج صحّ حجّه (1).

______________________________

معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا دخلت مكة و أنت متمتع فنظرت الي بيوت مكة فاقطع التلبية و حدّ بيوت مكة التي كانت قبل اليوم عقبة المدنيّين فإن الناس قد احدثوا بمكة ما لم يكن فاقطع التلبية و عليك التكبيرة و التهليل و التحميد و الثناء علي اللّه عزّ و جلّ بما استطعت «1» بتقريب انّ المستفاد من الحديث انّ الأحكام المترتبة علي عنوان مكة مترتبة علي الحد المذكور في الخبر و فيه أنه لا وجه للتقريب المذكور فانّ المستفاد من الحديث اختصاص الحكم المذكور في نفس الخبر بالحد المذكور فيه لا مطلق الأحكام الّا من باب القياس أو الاستحسان الذين يكونان خارجين عن مذهبنا و هو قدّس سرّه بري ء عن الاستدلال بهما فلاحظ.

(1) في هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة الأولي: أنه لو ترك الاحرام نسيانا أو جهلا بالحكم و خرج من مكة بلا احرام يجب عليه

أن يرجع الي مكة و إن يحرم منها و لو بعد وصوله الي عرفات بتقريب أنه ترك الواجب و مع سعة الوقت و العمل بالوظيفة يجب الاتيان بالمكلف به و المفروض انّ الاتيان به مقدور له و هذا التقريب انما يتم علي فرض تمامية الدليل

______________________________

(1) الوسائل: الباب 43 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 222

______________________________

علي الشرط المذكور و الّا فلا يتم كما هو ظاهر و قد ناقشنا في لزومه و تمامية دليله نعم إذا وصل الي عرفات يلزم الرجوع و بعبارة واضحة قد تقدم منا انّ المستفاد من حديث الصيرفي جواز الاحرام من الطريق الي عرفات فالنتيجة أنه لو لم يصل الي عرفات يحرم في مكانه و إذا وصل الي عرفات يلزم أن يرجع و يحرم من مكة أو من الطريق لكن تقدم قريبا أنه يلزم الاحرام من مكة فلا بدّ من الرجوع إليها و الاحرام منها.

الجهة الثانية: أنه لو نسي أو جهل و خرج بلا احرام و لم يتمكّن من الرجوع لعذر من الاعذار أحرم من الموضع الذي هو فيه و استدل الماتن قدّس سرّه علي المدعي بحديث علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن رجل نسي الاحرام بالحج فذكر و هو بعرفات ما حاله قال: يقول: اللهم علي كتابك و سنة نبيك صلّي اللّه عليه و آله فقد تمّ إحرامه فان جهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتي رجع الي بلده إن كان قضي مناسكه كلها فقد تم حجّه «1».

و هذه الرواية تختص بصورة النسيان و لا وجه لاسراء الحكم الي الجهل و دعوي ان النسيان نوع من الجهل لا تصحح دعوي

شمول الدليل للجهل أيضا فان النسيان و إن كان نوعا من الجهل لكن يكون مقابلا للجهل و لذا تارة رتب الحكم عليه السّلام علي النسيان و اخري علي الجهل و بعبارة اخري لو فرض ترتب حكم علي الانسان القصير لا يمكن اسرائه الي الانسان الطويل و يرد علي الاستدلال أيضا أن المذكور في الحديث تذكره في عرفات فلا وجه لاسراء الحكم الي صورة التذكّر قبل الوصول إليها و يرد عليه أيضا ان مقتضي اطلاق حديث علي بن جعفر جواز

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب المواقيت، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 223

______________________________

الاحرام في عرفات و لو مع امكان الرجوع.

الجهة الثالثة: أنه لو تذكّر أو علم بعد الوقوف بعرفات لا يلزم الرجوع الي مكة حتي مع التمكّن لعدم اثر للرجوع إذ المفروض أنه انقضي زمان الوقوف بعرفات.

و يرد عليه انّ مقتضي القاعدة البطلان لعدم انطباق المأمور به علي المأتي به و دليل الاجزاء لا يشمل المقام.

الجهة الرابعة: أنه لو تذكّر أو علم بعد الفراغ من الحج صحّ حجه و الدليل عليه ما رواه علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: سألته عن رجل كان متمتعا خرج الي عرفات و جهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتي رجع الي بلده قال: إذا قضي المناسك كلّها فقد تمّ حجّه «1».

بتقريب انّ المستفاد من الدليل و الحديث انّ الميزان قضاء المناسك و لا موضوعية للرجوع الي بلده و يرد عليه انّ الحكم مترتّب علي عنوان الجهل و اسرائه الي النسيان بلا وجه و دعوي الأولوية بتقريب انّ الناسي أشد عذرا من الجاهل فإذا ثبت الاكتفاء بالنسبة الي الجاهل يدل علي الكفاية بالنسبة الي الناس بالأولوية مشكل

فان ملاك الأحكام الشرعية غير معلوم عندنا و لا أقل من عدم امكان الجزم بالتقريب المشار إليه فيلزم الاحتياط و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 20 من أبواب المواقيت، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 224

[(مسألة 363): من ترك الاحرام عالما عامدا لزمه التدارك]

(مسألة 363): من ترك الاحرام عالما عامدا لزمه التدارك فإن لم يتمكّن منه قبل الوقوف بعرفات فسد حجّه و لزمته الاعادة من قابل (1).

[(مسألة 364): الأحوط أن لا يطوف المتمتع بعد احرام الحج قبل الخروج الي عرفات طوافا مندوبا]

(مسألة 364): الأحوط أن لا يطوف المتمتع بعد احرام الحج قبل الخروج الي عرفات طوافا مندوبا فلو طاف جدّد التلبية بعد الطواف علي الأحوط (2).

______________________________

(1) البطلان و لزوم التدارك في السنّة القادمة علي طبق القاعدة إذ المفروض عدم تحقق الامتثال و لا دليل علي عدم وجوب التدارك، هذا مع بقاء الاستطاعة علي ما تقدّم.

(2) في هذه المسألة جهتان من الكلام:

الجهة الأولي: أنه هل يجوز للمحرم للحج أن يطوف بالبيت قبل الخروج الي عرفات و الحق أنه جائز فإن في المقام الروايات متعارضة منها ما رواه الحلبي قال:

سألته عن رجل أتي المسجد الحرام و قد أزمع بالحج أ يطوف بالبيت قال: نعم ما لم يحرم «1».

و هذه الرواية دالة علي عدم الجواز و مثلها في الدلالة علي عدم الجواز ما رواه حمّاد بن عيسي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من دخل مكة متمتعا في أشهر الحج لم يكن له أن يخرج حتي يقضي الحج فان عرضت له حاجة الي عسفان أو الي الطائف أو الي ذات عرق خرج محرما و دخل ملبيا بالحج فلا يزال علي احرامه فإن رجع الي مكة رجع محرما و لم يقرب البيت حتي يخرج مع الناس الي مني علي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 83 من أبواب الطواف، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 225

______________________________

احرامه و إن شاء وجهه ذلك الي مني قلت: فان جهل فخرج الي المدينة أو الي نحوها بغير احرام ثم رجع في إبّان الحج في أشهر الحج يريد الحج فيدخلها محرما أو

بغير احرام قال: ان رجع في شهره دخل بغير احرام و إن دخل في غير الشهر دخل محرما قلت: فأيّ الاحرامين و المتعتين متعته الاولي أو الأخيرة قال: الأخيرة هي عمرته و هي المحتبس بها التي وصلت بحجته قلت: فما فرق بين المفردة و بين عمرة المتعة إذا دخل في أشهر الحج قال: أحرم بالعمرة و هو ينوي العمرة ثم أحلّ منها و لم يكن عليه دم و لم يكن محتبسا بها لانه لا يكون ينوي الحج «1».

و في قبالهما ما رواه اسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المتمتع إذا كان شيخا كبيرا أو امرأة تخاف الحيض تعجل طواف الحج قبل أن تأتي مني فقال: نعم من كان هكذا يعجل قال: و سألته عن الرجل يحرم بالحج من مكة ثمّ يري البيت خاليا فيطوف به قبل أن يخرج عليه شي ء فقال: لا الحديث «2» و حيث انّ حديث اسحاق الدال علي الجواز أحدث يؤخذ به و يرجح علي معارضه.

الجهة الثانية: أنه لو طاف بالبيت هل يلزم تجديد التلبية و الحق عدم لزومه فان عدم اللزوم علي مقتضي القاعدة الأولية و لزومه يحتاج الي قيام دليل معتبر و يؤيد المدعي ما رواه عبد الحميد بن سعيد عن أبي الحسن الأول عليه السّلام قال: سألته عن رجل أحرم يوم التروية من عند المقام بالحج ثم طاف بالبيت بعد احرامه و هو لا يري ان ذلك لا ينبغي أ ينقض طوافه بالبيت احرامه فقال: لا و لكن يمضي علي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 22 من أبواب أقسام الحج، الحديث 6.

(2) الباب 13 من هذه الأبواب، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 226

[الثاني: من واجبات حجّ التمتّع الوقوف بعرفات بقصد القربة]

اشارة

الوقوف بعرفات

الثاني: من واجبات حجّ التمتّع الوقوف بعرفات بقصد القربة و المراد بالوقوف هو الحضور بعرفات من دون فرق بين أن يكون راكبا أو راجلا ساكنا أو متحركا (1).

______________________________

احرامه «1» فانّ المستفاد من الحديث عدم لزوم تجديد التلبية و انما عبرنا بالتأييد لانّ الرجل لم يوثق.

(1) لا اشكال في وجوب الوقوف بعرفات و أنه مورد الاجماع بل من الواضحات الأولية و قد عقد صاحب الوسائل بابا لوجوب الوقوف بعرفات و هو الباب التاسع عشر من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة كما أنه لا اشكال في كونه من العبادات و قوام العبادة بقصد القربة و يمكن الاستدلال عليه بقوله تعالي:

وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لٰا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّٰي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ الآية «2»، فإن المستفاد من الآية الشريفة أنه يعتبر في الحج و العمرة قصد القربة و يكون له تبارك و تعالي و قال في الحدائق: قال في المنتهي و تجب فيه النية خلافا للجمهور «3» لكن لا يعتبر في الوقوف نحو خاص بل لا بد من الكون هناك راكبا أو راجلا ساكنا أو متحركا و يدل علي جواز الركوب ما ورد من كون النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم كان راكبا في عرفات و أيضا يدل علي جواز الوقوف راكبا ما رواه حما بن عيس قال: رأيت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد عليه السّلام بالموقف

______________________________

(1) الوسائل: الباب 83 من أبواب الطواف، الحديث 6.

(2) البقرة: 196.

(3) الحدائق: ج 16 ص 373.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 227

[(مسألة 365): حدّ عرفات من بطن عرفة و ثوية و نمرة الي ذي المجاز و من المأزمين الي أقصي الموقف]

(مسألة 365): حدّ عرفات من بطن عرفة و ثوية و نمرة الي ذي المجاز و من المأزمين

الي أقصي الموقف و هذه حدود عرفات و خارجة عن الموقف (1).

______________________________

علي بغلة رافعا يده الي السماء عن يسار و إلي الموسم حتي انصرف و كان في موقف النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم و ظاهر كفيه الي السماء و هو يلوذ ساعة بعد ساعة بسبابتيه «1».

(1) الحد المذكور يعرف من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و حدّ عرفة من بطن عرنة و ثويّة و نمرة الي ذي المجاز و خلف الجبل موقف «2»، و منها ما رواه أبو بصير يعني ليث ابن البختري قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام حد عرفات من المازمين الي أقصي الموقف «3»، و منها ما رواه معاوية بن عمّار و أبي بصير جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و حدّ عرفات من المازمين الي أقصي الموقف «4».

و قال سيّدنا الاستاد قدّس سرّه في هذا المقام و المرجع في معرفة ذلك أهل الخبرة و سكنة تلك البلاد و لعل مراده من أهل الخبرة من يكون مطلعا بالطريق الحسي فاذا شهد بالأمر و كان ثقة يكون قوله حجة من باب اعتبار قول الثقة في الحسيات لان العلم بالحدود المذكورة لا يكون من الأمور الاجتهادية كي يرجع الجاهل الي العالم بها من باب رجوع الجاهل الي العالم و ما يكون خارجا عن المحدود يكون خارجا عن الموقف كما قد صرّح في بعض النصوص منها ما رواه أبو بصير قال: قال

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة، الحديث 1.

(2) الباب 10 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

(4) نفس

المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 228

[(مسألة 366): الظاهر انّ الجبل موقف و لكن يكره الوقوف عليه]

(مسألة 366): الظاهر انّ الجبل موقف و لكن يكره الوقوف عليه و يستحب الوقوف في السفح من ميسرة الجبل (1).

______________________________

أبو عبد اللّه عليه السّلام: ان أصحاب الأراك الذين ينزلون تحت الأراك لا حج لهم «1».

و منها ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و اتق الأراك و نمرة و هي بطن عرنة و ثوية و ذا المجاز فانه ليس من عرفة فلا تقف فيه «2»، و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا ينبغي الوقوف تحت الأراك فاما النزول تحته حتي تزول الشمس و ينهش الي الموقف فلا بأس «3»، و منها ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام إذا وقفت بعرفات فادن من الهضبات و هي الجبال فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: أصحاب الأراك لا حج لهم يعني الذين يقفون عند الأراك «4».

(1) قد تعرض في هذه المسألة لثلاثة أمور:

الأول: أنّ الجبل موقف لاحظ ما رواه اسحاق بن عمّار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السّلام عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحب أليك أم علي الأرض فقال: علي الأرض «5» فانه يستفاد من الحديث انّ فوق الجبل من الموقف و يجوز الوقوف عليه لكن الوقوف علي الأرض أحب و أفضل.

الثاني: انّ الوقوف علي الجبل مكروه و لا أدري ما الوجه فيه و يستفاد من

______________________________

(1) الوسائل: الباب 10 من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

(3) نفس المصدر، الحديث 7.

(4) نفس المصدر، الحديث 11.

(5) نفس

المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 229

______________________________

كلام السيد الحكيم قدّس سرّه أنه نص عليها غير واحد و كون الحكم بالكراهة بعد القول بها يتم باخبار من بلغ مردود عندنا و ربما يقال بعدم الجواز مستدلا بحديث سماعة قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إذا كثر الناس بمني و ضاقت عليهم كيف يصنعون فقال:

يرتفعون الي وادي محسّر قلت: فاذا كثروا بجمع و ضاقت عليهم كيف يصنعون فقال: يرتفعون الي المأزمين قلت: فاذا كانوا بالموقف و كثروا و ضاق عليهم كيف يصنعون فقال: يرتفعون الي الجبل وقف في ميسرة الجبل فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم وقف بعرفات فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون الي جانبها فنحّاها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم ففعلوا مثل ذلك فقال: أيها الناس أنه ليس موضع اخفاف ناقتي بالموقف و لكن هذا كله موقف و أشار بيده الي الموقف و قال: هذا كله موقف فتفرّق الناس و فعل مثل ذلك بالمزدلفة الحديث «1» بتقريب انّ المستفاد من الحديث انّ الجبل خارج عن الموقف و لذا جوز الامام عليه السّلام الارتفاع إليه عند الضيق و يرد عليه أولا انّ الحديث لا يدل علي المدعي فان السائل يسأل الامام عليه السّلام عن الوظيفة عند الزحام و الضيق و الامام يجيب بالارتفاع إليه و لم يعلق الحكم علي الضيق كي يقال بأنّ مقتضي مفهوم الشرطية عدم الجواز عند الاختيار و ثانيا أنه علي فرض دلالة الحديث علي المدعي يعارضه ما رواه اسحاق بن عمّار «2» فانّ المستفاد من الحديث بنحو الوضوح أنه في حال الاختيار يجوز الارتفاع الي الجبل و الوقوف هناك غاية الأمر

علي الأرض أحب و أفضل و بعد التعارض يكون الترجيح بالأحدثية مع حديث اسحاق.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة، الحديث 4.

(2) لاحظ ص 228.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 230

[(مسألة 367): يعتبر في الوقوف أن يكون عن اختيار]

(مسألة 367): يعتبر في الوقوف أن يكون عن اختيار فلو نام أو غشي عليه هناك في جميع الوقت لم يتحقّق منه الوقوف (1).

______________________________

الثالث: استحباب الوقوف في السفح في ميسرة الجبل و قد عقد صاحب الوسائل الباب الحادي عشر من أبواب الوقوف بعرفة و احرام الحج لهذه الجهة لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قف في ميسرة الجبل فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم وقف بعرفات في ميسرة الجبل فلمّا وقف جعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته فيقفون الي جنبه فنحاها ففعلوا مثل ذلك فقال: أيها الناس أنه ليس موضع اخفاف ناقتي الموقف و لكن هذا كله موقف و أشار بيده الي الموقف و قال هذا كله موقف و فعل مثل ذلك في المزدلفة، الحديث «1»، فانّ المستفاد من الخبر انّ الأفضل ميسرة الجبل و أما سفح الجبل الذي يكون عبارة عن أسفله فالدليل عليه ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: عرفات كلها موقف و أفضل الموقف سفح الجبل الي أن قال و أسفل عن الهضاب و اتق الأراك «2»، و الحديث ضعيف بسهل فما أفاده غير تام بل الميزان في الأفضلية ميسرة الجبل.

(1) بلا اشكال و كلام و قال سيّدنا الاستاد قدّس سرّه في المقام علي ما في تقريره الشريف أنه قد ثبت في البحث التعبدي و التوصّلي ان الفعل الواجب علي المكلف لا بدّ

أن يصدر عنه بالاختيار فكيف بما إذا كان الواجب تعبديا محتاجا الي قصد القربة و يرد عليه أنه أفاد في محله من الأصول انّ المحال الذي يدركه العقل أن لا يتعلّق التكليف بغير الاختياري و أما تعلقه بالجامع بين الاختياري و الاضطراري فلا دليل علي امتناعه فيجوز أن يأمر المولي بفعل بلا اشتراط بكون صدوره

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 231

[(مسألة 368): الأحوط للمختار أن يقف في عرفات من أول ظهر التاسع من ذي الحجة الي الغروب]

(مسألة 368): الأحوط للمختار أن يقف في عرفات من أول ظهر التاسع من ذي الحجة الي الغروب و الأظهر جواز تأخيره الي بعد الظهر بساعة تقريبا و الوقوف في تمام هذا الوقت و إن كان واجبا يأثم المكلف بتركه الا أنه ليس من الاركان بمعني انّ من ترك الوقوف في مقدار من هذا الوقت لا يفسد حجه، نعم لو ترك الوقوف رأسا باختياره فسد حجّه فما هو الركن من الوقوف هو الوقوف في الجملة (1).

______________________________

بالاختيار فاذا صدر عن العبد بلا اختيار يكون مجزيا الا أن يكون مقيدا بقيد يستلزم الاختيار، كما في المقام حيث قيد بقصد القربة و استدل علي كفاية كون الوقوف في الجملة عن التفات و قصد بأن الواجب الركني مطلق الوقوف و الزائد عليه واجب غير ركني و لا يبطل الحج بتركه و هذا الاستدلال من غرائب ما صدر عنه إذ لا كلام في الركنية و عدمها بل الكلام في الوجوب و من الظاهر انّ الوقوف بين الحدين واجب عباديّ بتمامه و كل واجب تعبدي يلزم أن يصدر عن المكلف بالاختيار و القصد فما الحيلة و الوسيلة لدفع الاشكال و الذي يختلج بالبال أن

يقال لا شبهة و لا ريب في عدم وجوب صدور الوقوف و تحققه عن قصد و انتباه و لذا نري ان السيرة جارية علي النوم اثناء الوقوف أو الاشتغال بأمر موجب لغفلته عن الوقوف و إن شئت فقل الوقوف في عرفات مثل الصوم أي لا ينافي كونه عباديا مع مقارنته مع النوم و أمثاله و بهذا تندفع الشبهة فلاحظ.

(1) في هذه المسألة جهات من الكلام:

الجهة الأولي: في تعيين الزمان الذي يجب فيه الوقوف في عرفات و يقع الكلام تارة في بيان أوله و اخري في منتهاه فيقع الكلام في موضعين أمّا الموضع الأول ففيه أقول:

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 232

______________________________

القول الأول: وجوب الوقوف من أول الزوال و عن الجواهر أنه صرح به الشهيدان في الدروس و المسالك و اللمعة و المقداد و الكركي و غيرهم.

القول الثاني: الاكتفاء بمسمي الوقوف نقل عن السرائر الالتزام به و نسب الي التذكرة و المنتهي.

القول الثالث: الاستيعاب العرفي من الزوال نسب هذا القول الي ظاهر أكثر القدماء و صريح جمع من المتأخرين منهم صاحب الحدائق و العمدة النصوص الواردة في المقام فنقول من تلك النصوص ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: انما تعجل الصلاة و تجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فانّه يوم دعاء و مسألة ثم تأتي الموقف و عليك السكينة و الوقار فاحمد اللّه و هلّله و مجّده و اثن عليه و كبّره مائة مرّة و احمده مائة مرّة و سبّحه مائة مرّة و اقرأ قل هو اللّه أحد مائة مرّة و تخيّر لنفسك من الدعاء ما أحببت و اجتهد فانّه يوم دعاء و مسألة و تعوّذ باللّه من الشيطان فانّ

الشيطان لن يذهلك في موطن قطّ احبّ إليه من انّ يذهلك في ذلك الموطن و إيّاك أن تشتغل بالنظر الي الناس و اقبل قبل نفسك و ليكن فيما تقوله «اللهم انّي عبدك فلا تجعلني من أخيب و فدك و ارحم ميسري إليك من الفج العميق» «1» و المستفاد من الحديث جواز التأخير بهذا المقدار.

و منها ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: فاذا انتهيت الي عرفات فاضرب خباءك بنمرة و نمرة هي بطن عرنة دون الموقف و دون عرفة فاذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل و صلّ الظهر و العصر بأذان واحد و اقامتين فانّما

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 233

______________________________

تعجل العصر و تجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فانه يوم دعاء و مسألة «1»، المستفاد منه أيضا جواز التأخير عن الزوال.

و منها ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم أقام بالمدينة عشر سنين لم يحج ثم أنزل اللّه عليه وَ أَذِّنْ فِي النّٰاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجٰالًا وَ عَليٰ كُلِّ ضٰامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ فأمر المؤذنين أن يؤذنوا بأعلي أصواتهم بأنّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يحج من عامه هذا فعلم به من حضر المدينة و أهل العوالي و الأعراب فاجتمعوا فحجّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و انما كانوا تابعين ينتظرون ما يؤمرون به فيتبعونه أو يصنع شيئا فيصنعونه فخرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم في أربع بقين من ذي القعدة

فلمّا انتهي الي ذي الحليفة فزالت الشمس اغتسل ثم خرج حتي أتي المسجد الذي عند الشجرة فصلّي فيه الظهر و عزم بالحج مفردا و خرج حتي انتهي الي البيداء عند الميل الأوّل فصفّ الناس له سماطين فلبّي بالحج مفردا و ساق الهدي ستّا و ستين بدنة أو أربعا و ستين حتي انتهي الي مكة في بلخ أربع من ذي الحجّة فطاف بالبيت سبعة أشواط و صلّي ركعتين خلف مقام ابراهيم ثم عاد الي الحجر فاستلمه و قد كان استلمه في أول طوافه ثم قال إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ فابدأ بما بدأ اللّه به و إن المسلمين كانوا يظنون ان السعي بين الصفا و المروة شي ء صنعه المشركون فانزل اللّه تعالي إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمٰا ثم أتي الصفا فصعد عليه فاستقبل الركن اليماني فحمد اللّه و اثني عليه و دعا مقدار ما تقرأ سورة البقرة مترسلا ثم انحدر الي المروة فوقف عليها كما وقف علي الصفا حتي فرغ من سعيه ثم أتي جبرئيل

______________________________

(1) الوسائل: الباب 9 من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 234

______________________________

و هو علي المروة فأمره أن يأمر الناس أن يحلوا الّا سائق هدي فقال رجل: أنحل و لم نفرغ من مناسكنا؟ فقال: نعم فلما وقف رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم بالمروة بعد فراغه من السعي أقبل علي الناس بوجهه فحمد اللّه و أثني عليه ثم قال: ان هذا جبرئيل و أومأ بيده الي خلفه يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحلّ و

لو استقبلت من أمري مثل الذي استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم و لكني سقت الهدي و لا ينبغي لسائق الهدي أن يحل حتي يبلغ الهدي محلّه قال: فقال له رجل من القوم لنخرجن حجّاجا و شعورنا تقطر فقال له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: اما انك لن تؤمن بعدها أبدا فقال له سراقة بن مالك بن جشعم الكناني يا رسول اللّه علّمنا ديننا كأنما خلقنا اليوم فهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم لم يستقبل فقال له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم بل هو للأبد الي يوم القيامة ثم شبك أصابعه بعضها الي بعض و قال: دخلت العمرة في الحج الي يوم القيامة و قدم علي عليه السّلام من اليمن علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و هو بمكة فدخل علي فاطمة عليها السّلام و هي قد أحلّت فوجد ريحا طيبة و وجد عليها ثيابا مصبوغة فقال: ما هذا يا فاطمة فقالت: أمرنا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فخرج علي عليه السّلام الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم مستفتيا و محرشا علي فاطمة عليها السّلام فقال: يا رسول اللّه أنّي رأيت فاطمة قد أحلّت عليها ثياب مصبوغة فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: أنا أمرت الناس بذلك و أنت يا علي بما أهللت قال: قلت: يا رسول اللّه إهلالا كاهلال النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم فقال له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم:

كن علي احرامك مثلي و أنت شريكي في هديي قال: فنزل رسول اللّه

صلي اللّه عليه و آله و سلم بمكة بالبطحاء هو و أصحابه و لم ينزل الدور فلما كان يوم التروية عند زوال الشمس أمر الناس أن يغتسلوا و يهلّوا بالحج و هو قول اللّه الذي أنزله علي نبيه فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرٰاهِيمَ فخرج النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم و أصحابه مهلّين بالحج حتي أتوا مني فصلّي الظهر

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 235

______________________________

و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الفجر ثم غدا و الناس معه فكانت قريش تفيض من المزدلفة و هي جمع و يمنعون الناس أن يفيضوا منها فأقبل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و قريش ترجوا أن يكون أفاضته من حيث كانوا يفيضون فأنزل اللّه نبيّه صلي اللّه عليه و آله و سلم ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفٰاضَ النّٰاسُ وَ اسْتَغْفِرُوا اللّٰهَ يعني ابراهيم و إسماعيل و اسحاق في افاضتهم منها و من كان بعدهم فلما رأت قريش ان قبة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قد مضت كأنّه دخل في أنفسهم شي ء للذي كانوا يرجون من الافاضة من كانهم حتي انتهوا الي نمرة و هي بطن عرنة بحيال الاراك فضربت قبّته و ضرب الناس أخبيتهم عندها فلمّا زالت الشمس خرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و معه قريش و قد اغتسل و قطع التلبية حتي وقف بالمسجد فوعظ الناس و امرهم و نهاهم ثم صلّي الظهر و العصر باذان واحد و اقامتين ثم مضي الي الموقف فوقف به فجعل الناس يبتدرون اخفاف ناقته يقفون الي جنبها فنحاها ففعلوا مثل ذلك فقال أيها الناس أنه ليس موضع اخفاف

ناقتي بالموقف و لكن هذا كلّه موقف و أومأ بيده الي الموقف فتفرّق الناس و فعل مثل ذلك بمزدلفة فوقف حتي وقع القرص قرص الشمس ثم أفاض و أمر الناس بالدعة حتي إذا انتهي الي المزدلفة و هي المشعر الحرام فصلّي المغرب و العشاء الآخرة باذان واحد و اقامتين ثم أقام حتي صلّي فيها الفجر و عجّل ضعفاء بني هاشم بالليل و أمرهم أن لا يرموا الجمرة جمرة العقبة حتي تطلع الشمس فلمّا أضاء له النهار أفاض حتي انتهي الي مني فرمي جمرة العقبة و كان الهدي الذي جاء به رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم أربعا و ستين أو ستّا و ستين و جاء علي عليه السّلام بأربعة و ثلاثين أو ست و ثلاثين فنحر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم ستا و ستين و نحر علي عليه السّلام أربعا و ثلاثين بدنة و أمر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم أن يؤخذ من كل بدنة منها جذوة من لحم ثم تطرح في

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 236

______________________________

برمة ثم تطبخ فأكل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم منها و علي عليه السّلام و حسيا من مرقها و لم يعط الجزارين جلودها و لا جلالها و لا قلائدها و تصدّق به و حلق و زار البيت و رجع الي مني فأقام بها حتي كان اليوم الثالث من آخر أيام التشريق ثم رمي الجمار و نفر حتي انتهي الي الأبطح فقالت عائشة يا رسول اللّه ترجع نساؤك بحجة و عمرة معا و ارجع بحجة فأقام بالأبطح و بعث معها عبد الرحمن بن

أبي بكر الي التنعيم فأهلت بعمرة ثم جاءت و طافت بالبيت و صلت ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام و سعت بين الصفا و المروة ثم أتت النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم فارتحل من يومه و لم يدخل المسجد و لم يطف بالبيت و دخل من أعلي مكة من عقبة المدنيين و خرج من أسفل مكة من ذي طوي «1».

و منها ما رواه أبو بصير أنه سمع أبا جعفر و أبا عبد اللّه عليهما السّلام يذكران أنه لما كان يوم التروية قال: جبرئيل عليه السّلام لابراهيم عليه السّلام تروّ من الماء فسميت التروية ثم أتي مني فأباته بها ثم غدا به الي عرفات فضرب خباه بنمرة دون عرفة فبني مسجدا باحجار بيض و كان يعرف أثر مسجد ابراهيم حتي ادخل في هذا المسجد الذي بنمرة حيث يصلي الامام يوم عرفة فصلّي بها الظهر و العصر ثم عمد به الي عرفات فقال هذه عرفات فاعرف بها مناسكك و اعترف بذنبك فسمّي عرفات ثم أفاض الي المزدلفة فسمّيت المزدلفة لانه ازدلف إليها ثم قام علي المشعر الحرام فأمره اللّه أن يذبح ابنه و قد رأي فيه شمائله و خلائقه فلمّا اصبح أفاض من المشعر الي مني ثم قال لامّه زوري البيت و احتبس الغلام الحديث «2».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب أقسام الحج، الحديث 4.

(2) الوسائل: الباب 2 من أبواب أقسام الحج، الحديث 24.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 237

______________________________

و المستفاد منه جواز التأخير عن الزوال و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان ابراهيم أتاه جبرئيل عند زوال الشمس من يوم التروية فقال: يا ابراهيم

ارتو من الماء لك و لأهلك و لم يكن بين مكة و عرفات يومئذ ماء فسميت التروية لذلك ثم ذهب به حتي أتي مني فصلّي بها الظهر و العصر و العشاءين و الفجر حتي اذا بزغت الشمس خرج الي عرفات فنزل بنمرة و هي بطن عرفة فلمّا زالت الشمس خرج و قد اغتسل فصلّي الظهر و العصر باذان واحد و اقامتين و صلّي في موضع المسجد الذي بعرفات الي أن قال ثم مضي به الي الموقف فقال يا إبراهيم اعترف بذنبك و اعرف مناسكك فلذلك سميت عرفة حتي غربت الشمس ثم أفاض به الي المشعر فقال: يا ابراهيم ازدلف الي المشعر الحرام فسمّيت المزدلفة و أتي به المشعر الحرام فصلي به المغرب و العشاء الآخرة بأذان واحد و اقامتين ثم بات بها حتي إذا صلّي الصبح أراه الموقف ثم أفاض به الي مني فأمره فرمي جمرة العقبة و عندها ظهر له ابليس ثم أمره بالذبح، الحديث «1».

و المستفاد من هذه الرواية أيضا جواز التأخير عن الزوال فالنتيجة عدم قيام دليل معتبر علي لزوم كون الموقف من أول الزوال نعم مقتضي الاحتياط رعايته كما في المتن فتحصل ان التأخير بهذا المقدار كساعة مثلا جائز و أما الزائد فلا فان المستفاد من النصوص لزوم الوقوف و الكون في الموقف ما بين الحديث فان الامام عليه السّلام في مقام بيان الوظيفة و كذلك الرسول الأكرم أرواحنا فداه هذا تمام الكلام بالنسبة الي الموضع الأول، و أما الموضع الثاني و هو بيان المنتهي فان الماتن جعل المنتهي غروب الشمس أي استتار القرص و الحال انّ المستفاد من النص ان الغاية

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب أقسام الحج، الحديث 35.

مصباح

الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 238

______________________________

ذهاب الحمرة المشرقية لاحظ حديثي يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

متي نقبض من عرفات فقال: إذا ذهبت الحمرة من هاهنا و أشار بيده الي المشرق و الي مطلع الشمس «1». و أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: متي الافاضة من عرفات قال: إذا ذهبت الحمرة يعني من الجانب الشرقي «2».

و ربما يستدل علي انّ الغاية غروب الشمس بما رواه معاوية بن عمّار قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ان المشركين كانوا يفيضون قبل أن تغيب الشمس فخالفهم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و أفاض بعد غروب الشمس «3»، بتقريب انّ المستفاد من الحديث انّ الميزان غروب الشمس علي خلاف المشركين و أيضا ربما استدل عليه بحديث محمد بن قيس قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يحدث الناس بمكة فقال: ان رجلا من الأنصار جاء الي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم يسأله فقال له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: ان شئت فاسأل و إن شئت أخبرك عمّا جئت تسألني عنه فقال: أخبرني يا رسول اللّه فقال: جئت تسألني مالك في حجتك و عمرتك و انّ لك إذا توجّهت الي سبيل الحج ثم ركبت راحلتك ثم قلت: بسم اللّه و الحمد للّه ثمّ مضت راحلتك لم تضع خفّا و لم ترفع خفّا الّا كتب لك حسنة و محي عنك سيئة فاذا أحرمت و لبيت كان لك بكل تلبية لبيتها عشر حسنات و محي عنك عشر سيئات فإذا طفت بالبيت الحرام اسبوعا كان لك بذلك عند اللّه عهد و ذخر يستحيي ان يعذبك بعده أبدا

فإذا صلّيت الركعتين خلف المقام كان لك بهما ألفا حجّة متقبلة فاذا سعيت بين الصفا و المروة كان لك مثل اجر من

______________________________

(1) الوسائل: الباب 22 من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 239

______________________________

حجّ ماشيا من بلاده و مثل أجر من أعتق سبعين رقبة مؤمنة فاذا وقفت بعرفات الي غروب الشمس فان كان عليك من الذنوب مثل رمل عالج أو بعدد نجوم السماء أو قطر المطر يغفرها اللّه لك فاذا رميت الجمار كان لك بكل حصاة عشر حسنات تكتب لك فيما تستقبل من عمرك فاذا حلقت رأسك كان لك بعدد كل شعرة حسنة تكتب لك فيما تستقبل من عمرك فاذا ذبحت هديك أو نحرت بدنك كان لك بكل قطرة من دمها حسنة تكتب لك فيما تستقبل من عمرك فاذا زرت البيت فطفت به اسبوعا و صلّيت الركعتين خلف المقام ضرب ملك علي كتفيك ثم قال لك قد غفر اللّه لك ما مضي و ما تستقبل ما بينك و بين مائة و عشرين يوما «1».

و يرد عليه انّ المطلق يقيد بالمقيد فان غاية ما يستفاد من هذه الطائفة كفاية الوقوف الي غروب الشمس و لو لم تزل الحمرة المشرقية لكن قد ثبت في محله ان المطلق يقيد بدليل التقييد و إن أبيت و قلت انّ حديث محمد بن قيس ظاهر في كون الغاية غروب الشمس فيكون معارضا مع حديث الحمرة، أقول: يكون الترجيح بالأحدثية مع حديث يونس فان حدث يونس مروي عن الامام الصادق عليه السّلام و تلك الرواية مروية عن الامام الباقر روحي فداه و أفاد سيدنا الاستاد قدّس سرّه

في هذا المقام انّ المستفاد من النص انّ الميزان بزوال الحمرة من المشرق و هو ملازم مع استتار القرص و لا عبرة بالحمرة الباقية في وسط السماء و الظاهر انّ ما أفاده تام فان المستفاد من الحديث انّ الميزان بزوال الحمرة من المشرق لا بزوالها عن وسط السماء

الجهة الثانية: في أنه لو ترك الوقوف بين الحدين و لو بمقدار نصف ساعة يكون آثما و هذا علي طبق القاعدة الأولية فان ترك الواجب اثم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب أقسام الحج، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 240

______________________________

الجهة الثالثة: في أنه لو اخل بمقدار من الواجب من الوقوف و لو عمدا لا يصير حجه باطلا فانّ مجموع ما بين الحدين لا يكون ركنا بحيث يوجب فواته بطلان الحج لاحظ ما رواه مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أفاض من عرفات قبل غروب الشمس قال: إن كان جاهلا فلا شي ء عليه و إن كان متعمدا فعليه بدنة «1».

فانه قد صرح في الحديث بأنه مع التعمد عليه بدنة و بلا عمد لا شي ء عليه فيكون الحديث دالا علي المدعي من أن فوت مقدار من الوقوف لا يكون مبطلا أضف الي ذلك أنه مورد التسالم و من الأمور الواضحة و في المقام شبهة و هي أنه لو لم يمكن اتمام الأمر بالتسالم و الوضوح يشكل اتمامه بالنص إذ الظاهر من جملة رجل أفاض من عرفات قبل غروب الشمس انّ زمان افاضته كان قبل الغروب بمقدار قليل و لا يصدق هذا العنوان علي افاضته بعد مضي ربع ساعة من الزوال و هذا العرف ببابك هذا من ناحية و من ناحية أخري و

إن ترك جزء من المركب يوجب بطلانه كما هو ظاهر فلا بد من الالتزام بالبطلان لو لم يصدق عنوان الافاضة قبل الغروب فلا بد من التوسل الي ذيل عناية الوضوح و التسالم ان أمكن و الّا فلا بد من رعاية الاحتياط.

الجهة الرابعة: انّ الوقوف في الجملة ركن يبطل الحج بتركه فعن المنتهي أنه قول علماء الاسلام و عن الجواهر بلا خلاف أجده في ذلك بيننا بل الاجماع عليه بل نسبه غير واحد الي علماء الاسلام انتهي و يدل علي المدعي النبوي الحج عرفة أو

______________________________

(1) الوسائل: الباب 23 من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 241

______________________________

الحج عرفات، نقل عن مجمع الزوائد «1».

و يدلّ علي المدعي ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم في الموقف ارتفعوا عن بطن عرفة و قال أصحاب الأراك لا حج لهم «2».

فانّ المستفاد من الحديث انّ الوقوف في خارج الموقف لا أثر له و في النتيجة يكون الحج باطلا فإذا كان الحج باطلا مع الوقوف في خارج الموقف فالبطلان مع الترك المطلق بالأولوية و يؤيد المدعي ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا وقفت بعرفات فادن من الهضاب و الهضاب هي الجبال فانّ النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: انّ أصحاب الأراك لا حج لهم يعني الذين يقفون عند الأراك «3» اضف الي ذلك انّ البطلان علي طبق القاعدة الأولية فانّ كل مركب ينتفي بانتفاء أحد أجزاء الواجب أو أحد شرائطه و أما حديث ابن فضال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

الوقوف بالمشعر فريضة و الوقوف بعرفة سنة «4» الدال علي انّ الوقوف بعرفة سنة و الوقوف بالمشعر فريضة فلا اعتبار بسنده للارسال مضافا الي أنه لا يمكن أن يعمل به فيرد علمه الي أهله.

______________________________

(1) مجمع الزوائد: ج 3 ص 251.

(2) الوسائل: الباب 19 من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة، الحديث 10.

(3) نفس المصدر، الحديث 11.

(4) نفس المصدر، الحديث 14.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 242

[(مسألة 369): من لم يدرك الوقوف الاختياري (الوقوف في النهار)، لنسيان أو لجهل يعذر فيه أو لغيرهما من الاعذار]

(مسألة 369): من لم يدرك الوقوف الاختياري (الوقوف في النهار)، لنسيان أو لجهل يعذر فيه أو لغيرهما من الاعذار لزمه الوقوف الاضطراري (الوقوف برهة من ليلة العيد) و صحّ حجه فإن تركه متعمدا فسد حجه (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه لو ترك الاختياري من الوقوف بعرفة لعذر تصل النوبة الي الوقوف الاضطراري و في هذا الفرض يتصور صور:

الصورة الأولي: أن يكون عذره من الاعذار الخارجية كمرض أو برودة الهواء أو حرارته و أمثالهما فيجب عليه أن يقف ليلة العيد في عرفات ثم يأتي الي المشعر و إن لم يمكنه الوقوف ليلة العيد في عرفات و أمكنه ادراك الوقوف في المشعر قبل طلوع الشمس و قبل افاضة الناس يصح حجه و الّا يبطل حجه و الدليل علي المدعي النصوص الواردة في المقام منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال في رجل أدرك الامام و هو بجمع فقال: ان ظن أنه يأتي عرفات فيقف بها قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتيها و إن ظن أنه لا يأتيها حتي يفيضوا فلا يأتها و ليتم بجمع فقد تم حجه «1»، و منها ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

السّلام عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات فقال: إن كان في مهل حتي يأتي عرفات من ليلته فيقف بها ثم يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا فلا يتمّ حجّه حتي يأتي عرفات و إن قدم رجل و قد فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام فانّ اللّه تعالي أعذر لعبده فقد تم حجه إذا أدرك المشعر الحرام قبل

______________________________

(1) الوسائل: الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 243

______________________________

طلوع الشمس و قبل أن يفيض الناس فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج فليجعلها عمرة مفردة و عليه الحج من قابل «1».

و منها ما رواه ادريس بن عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أدرك الناس بجمع و خشي أن مضي الي عرفات أن يفيض الناس من جمع قبل أن يدركها فقال: إن قلت أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس فليأت عرفات فان خشي أن لا يدرك جمعا فليقف بجمع ثم ليفض مع الناس فقد تم حجه «2».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم في سفر فإذا شيخ كبير فقال: يا رسول اللّه ما تقول في رجل أدرك الامام بجمع فقال له ان ظن أنه يأتي عرفات فيقف قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها و إن ظن أنه لا يأتيها حتي يفيض الناس من جمع فلا يأتها و قد تم حجه «3».

فانه قد صرّح في حديث الحلبي علي أنه لو لم يدرك اختياري عرفة و كذلك فاته اضطراريه و كذا فاته الوقوف في

المشعر يفسد حجه و عليه الحج من قابل.

الصورة الثانية: أن يكون عذره في عدم الادراك جهله بالموضوع أو الحكم و تدل النصوص علي المدعي كما تقدم و صفوة القول انّ المستفاد من النصوص أنه يصح الحج إذا عمل بما يستفاد من الترتيب بشرط أن يكون معذورا و يمكن الاستدلال علي المدعي بأن مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين كون العذر خارجيا أو يكون عذره جهله نعم المتعمد خارج بالضرورة و بالنص كما تقدم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 22 من أبواب الوقوف، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 244

______________________________

الصورة الثالثة: أن يكون عذره النسيان و لا اشكال في انّ النصوص المشار إليها تشمل النسيان لا من باب صدق الجهل عليه و أنه من مصاديق الجهل بل لصدق أنه فاته الوقوف و أيضا كون اللّه اعذر بعبده الذي ذكر في حديث الحلبي بعنوان العلة للحكم الموجودة في صورة النسيان نعم إذا كان جهله ناشيا عن التقصير كما لو كان متوجها و لم يسأل عن الحكم الشرعي فوقع في المحذور لا يكون مشمولا لدليل كونه معذورا فيكون مثله خارجا عن تحت الدليل و مقتضي القاعدة فساد حجه الا أن يقال تارة يلتفت و لا يسأل بحيث إذا سئل كان يمكنه العمل بالوظيفة الاضطرارية و هذا لا يكون مشمولا للدليل قطعا و اخري قصر في تعلم المسائل و صار حين العمل غافلا بحيث يصدق ان عمله مستند الي جهله أو نسيانا فيمكن أن يقال بشمول الدليل اللهم الا أن يرد عليه بأن دليل العمل الاضطراري لا يشمل الاضطراري الذي نشأ عن التقصير و الاختيار مضافا الي أنه كيف يكون معذورا و الحال

أنه معاقب بمقتضي خطاب هلا تعلمت (فتأمّل).

الفرع الثاني: أنه لو ترك الوقوف الاضطراري عمدا فسد حجه و هذا علي طبق القاعدة الأولية.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 245

[(مسألة 370): تحرم الافاضة من عرفات قبل غروب الشمس عالما عامدا لكنها لا تفسد الحج]

(مسألة 370): تحرم الافاضة من عرفات قبل غروب الشمس عالما عامدا لكنها لا تفسد الحج فاذا ندم و رجع الي عرفات فلا شي ء عليه و إلّا كانت عليه كفارة بدنة ينحرها في مني فإن لم يتمكّن منها صام ثمانية عشر يوما و الأحوط أن تكون متواليات و يجري هذا الحكم في من أفاض من عرفات نسيانا أو جهلا منه بالحكم فيجب عليه الرجوع بعد العلم أو التذكر فإن لم يرجع حينئذ فعليه الكفارة علي الأحوط (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه تحرم الافاضة من عرفات قبل غروب الشمس عالما عامدا و الوجه فيه انّ افاضته قبل غروب الشمس ترك الواجب و من الظاهر انّ ترك الواجب عصيان و لا يفسد حجه كما تقدم لكن هذا فيما صدق عنوان الافاضة قبل الغروب كما تقدم منا و قلنا إذا أفاض بعد مضي ساعة من الزوال يكون مقتضي القاعدة فساد الحج لانتفاء المركب بانتفاء أحد أجزائه و لا يصدق علي افاضته عنوان الافاضة قبل الغروب.

الفرع الثاني: أنه لو ندم و رجع الي عرفات لا شي ء عليه و الذي يختلج بالبال أن يقال إن كان خروجه من عرفات بعنوان الإفاضة و عدم قصد العود تجب عليه الكفارة بلا فرق بين العود و عدم و إن لم يكن كذلك لا تجب عليه بلا فرق بين العود و عدمه أيضا لأنّ العنوان المأخوذ في الدليل عنوان الافاضة و اللّه العالم.

الفرع الثالث: أنه إذا أفاض من عرفات قبل الغروب عليه بدنة ينحرها

في مني و الدليل عليه ما رواه ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن رجل

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 246

______________________________

أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس قال: عليه بدنة ينحرها يوم النحر فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو في أهله «1».

و لكن المذكور في الحديث أنه ينحر بدنة و لم يذكر لفظ مني في الحديث.

الفرع الرابع: أنه لو لم يتمكّن من الكفارة صام ثمانية عشر يوما و الدليل عليه حديث ضريس و هل يلزم فيه التوالي المستفاد من حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كل صوم يفرق الّا ثلاثة أيام في كفارة اليمين «2» أنه لا يلزم فيه التوالي فإن الحديث المذكور حاكم علي ما دل بظهوره علي لزوم التوالي فإن دليل وجوب الصوم ظاهر في لزوم التوالي لكن ترفع اليد عن ظهوره بحديث ابن سنان.

الفرع الخامس: أنه لو أفاض قبل الغروب جهلا أو نسيانا فهل تجب الكفارة عليه أم لا احتاط الماتن و الحق أن يفصل بين صورة الجهل و صورة النسيان بأن يقال إن كان عن جهل تجب و إن كان عن نسيان لا تجب إذ مع الجهل لا وجه لرفع اليد عن دليل وجوب الكفارة و لا دليل علي رفعها و أما في صورة النسيان فيحكم بعدم وجوبها إذ النسيان يرفع الآثار المترتبة علي الفعل، اللهم إلّا أن يقال انّ حديث عبد الصمد يقتضي رفع الكفارة في صورة الجهل أيضا «أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي ء عليه» «3».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 23 من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة، الحديث 3.

(2) الوسائل: الباب 10 من

أبواب بقية الصوم الواجب، الحديث 1.

(3) الوسائل: الباب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 247

[(مسألة 371): إذا ثبت الهلال عند قاضي أهل السنة و حكم علي طبقه و لم يثبت عند الشيعة]

(مسألة 371): إذا ثبت الهلال عند قاضي أهل السنة و حكم علي طبقه و لم يثبت عند الشيعة ففيه صورتان:

الأولي: ما إذا احتملت مطابقة الحكم للواقع فعندئذ وجبت متابعتهم و الوقوف معهم و ترتيب جميع آثار ثبوت الهلال الراجعة الي مناسك حجّه من الوقوفين و اعمال مني يوم النحر و غيرها و يجزئ هذا في الحج علي الأظهر و من خالف ما تقتضيه التقية بتسويل نفسه ان الاحتياط في مخالفتهم ارتكب محرما و فسد وقوفه.

و الحاصل أنه تجب متابعة الحاكم السني تقية و يصح معها الحج و الاحتياط حينئذ غير مشروع و لا سيما إذا كان فيه خوف تلف النفس و نحوه كما قد يتفق ذلك في زماننا هذا.

الثانية: ما إذا فرض العلم بالخلاف و إن اليوم الذي حكم القاضي بأنه يوم عرفة هو يوم التروية واقعا ففي هذه الصورة لا يجزئ الوقوف معهم فإن تمكّن المكلف من العمل بالوظيفة و الحال هذه و لو بأن يأتي بالوقوف الاضطراري في المزدلفة دون أن يترتّب عليه أي محذور و لو كان المحذور مخالفته للتقية عمل بوظيفته و إلّا بدل حجه بالعمرة المفردة و لا حج له فإن كانت استطاعته من السنة الحاضرة و لم تبق بعدها سقط عنه الوجوب إلا إذا طرأت عليه الاستطاعة من جديد (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة الأولي: أنه لو احتمل المكلف مطابقة حكم القاضي مع الواقع و إن

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 248

______________________________

اليوم الذي حكم الحاكم بكونه يوم عرفة يكون كذلك وجب عليه متابعتهم

و الوقوف معهم بتقريب انّ المتابعة في مفروض الكلام مصداق للتقية و من ناحية اخري التقيّة واجبة في الشرع الأقدس.

أقول: لا اشكال في وجوب التقية و الروايات الدالة علي وجوبها متواترة لاحظ ما رواه هشام بن سالم و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

أُولٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمٰا صَبَرُوا قال: بما صبروا علي التقية وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ* قال: الحسنة التقية و السيئة الاذاعة «1».

و ما رواه معمّر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن القيام للولاة فقال:

قال أبو جعفر عليه السّلام: التقية من ديني و دين آبائي و لا إيمان لمن لا تقية له «2» و ما رواه محمد بن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبي عليه السّلام يقول: و أيّ شي ء أقرّ لعيني من التقية ان التقية جنة المؤمن «3»، لكن الاشكال في الصغري فانّ المستفاد من النصوص ان حفظ المكلف نفسه تقية واجب فلا يجوز له أن يعرّض نفسه للاضرار و الاخطار و لكن وجود الحفظ لا يقتضي أن يكون العمل الذي علي خلاف الوظيفة وظيفة ثانوية و مصداقا للمأمور به الواقعي مثلا الوضوء علي طريق الشيعة خلاف التقية و لا يجوز الاتيان به عند المخالف و هل يكون مقتضيا لكون الوضوء علي طريق العامة محبوبا و مصداقا للطهور كلا ثمّ كلا فان الوقوف في اليوم الذي حكم القاضي بكونه لا يجوز أن يقصد بوقوفه امتثال الواجب فانه لا دليل عليه بل الدليل علي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 24 من أبواب الأمر و النهي، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 249

______________________________

خلافه

مضافا الي أنه يمكن أن لا يذهب الي عرفات و يبقي في مكة بحجة أنه معتمر عمرة مفردة أو غيره من الاعذار و لا يستلزم عدم ذهابه الي عرفات أنه خالف السلطة كي يؤخذ و يعاقب أو يسأل عن امساكه عن الذهاب و هذا كله ظاهر واضح و صفوة القول انّ التقيّة عبارة عن التحفظ عن ضرر الغير ففرق بين وجوب التحفّظ و بين وجوب العبادة الباطلة فان التحفّظ يتحقق باسباب عديدة.

الجهة الثانية: أنه لو خالف المكلف حكم الحاكم يكون مرتكبا للحرام فلو ذهب الي عرفات في اليوم الذي يكون بعد اليوم الذي حكم الحاكم بكونه التاسع يكون وقوفه حراما و فاسدا بتقريب انّ مخالفتهم حرام و الحرام لا يمكن أن يقع مصداقا للمأمور به و يكون مجزيا لاستحالة اجتماع الضدين و يرد عليه أنّ غاية ما يمكن أن يقال انّ الوقوف معهم واجب و من الظاهر أنّ وجوب الوقوف معهم في يوم الأحد مثلا لا يقتضي حرمة الوقوف يوم الاثنين فلا وجه لحرمته تكليفا و لا فساده وضعا نعم لو علم بأنّ وقوفه في ذلك اليوم يوجب وقوعه في الضرر الذي يحرم تعريض النفس له يحرم عليه الايقاع و لكن مع ذلك لا يحرم الوقوف الّا علي القول بحرمة المقدمة التي لا نقول بها و أما إذا لم يعلم بوقوعه في الضرر و أيضا لم يطمئن و لم تقم أمارة معتبرة عليه لكن احتمل و خاف فان قلنا بأن الخوف طريق شرعي معتبر يكون الكلام فيه هو الكلام بلا فرق و علي جميع التقادير لا وجه لبطلان الوقوف إذا كان يوم وقوفه يوم عرفة في واقع الأمر كما انّ الاستصحاب يقتضي أنه يوم التاسع

إن قلت كيف لا يكون حراما أنه خلاف التقية و قد فرض أنّ التقية واجبة قلت: غاية ما يستفاد من أدلة وجوب التقية وجوبها و قد ثبت في الأصول ان الأمر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده الخاص مثلا لو كان القيام واجبا

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 250

______________________________

علي المكلف لا يكون الجلوس حراما عليه و الّا يلزم أنه لو جلس يعاقب لعقابين أحدهما علي ترك القيام و الآخر علي جلوسه و هو كما تري لكن لقائل أن يقول إذا فرض حرمة الاضرار لا يمكن للمكلف امتثال الواجب و الانزجار عن الحرام فالاشكال من ناحية المنتهي.

و بعبارة واضحة لو فرض عدم امكان الجمع بين الامر و النهي لا يكون الوقوف في اليوم الذي خالف مصداقا للواجب و لو لم يكن واجبا لم يكن مصداقا لحجة الاسلام فلا يجزي.

الجهة الثالثة: أنه هل يكون الوقوف معهم و متابعتهم في يوم حكم الحاكم مجزيا أم لا استدل الماتن علي الاجزاء بأن الوقوف مع العامة كثير الابتلاء في طوال سنين متمادية و لم يصدر عن الأئمة ردع بالنسبة الي المتابعة و عدم اجزائها فيعلم انّ المتابعة عند الشارع الأقدس مجزية و جائزة و يرد عليه أنّ الوظيفة قد عينت من قبل الشارع الأقدس و من الممكن أن التعرّض لهذه الجهة كان مخالفا للتقية في نظر مخازن الوحي و كيف يمكن الجزم بالكفاية و الجواز سيما بالنسبة الي فريضة الحج التي تكون من أركان الدين و بني عليه الاسلام و استدل الماتن أيضا بحديث أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام انا شككنا سنة في عام من تلك العوام في الأضحي فلمّا دخلت علي أبي جعفر عليه السّلام

و كان بعض أصحابنا يضحي فقال الفطر يوم يفطر الناس و الأضحي يوم يضحّي الناس و الصوم يوم يصوم الناس «1».

بتقريب أنّ المستفاد من الحديث أن ما جعله الناس يوم أضحي أو يوم الفطر

______________________________

(1) الوسائل: الباب 57 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 251

______________________________

يكون عند الشارع مجعولا فيترتّب عليه أحكامه المترتبة عليه شرعا ففي المقام إذا فرض أنّ الحاكم السني حكم بكون يوم كذا أول الشهر فطبعا يكون التاسع بذلك الحساب يوم عرفة و اليوم الذي بعده يوم العيد.

أقول: لا بدّ أولا البحث حول سند الحديث و ثانيا حول دلالته علي المدعي أما من حيث السند فاستدل سيدنا الاستاد في رجاله علي وثاقة أبي الجارود بكونه داخلا في اسناد كامل الزيارات و كونه أيضا داخلا في اسناد تفسير القمي و بشهادة الشيخ المفيد بوثاقة الرجل حيث قال في الرسالة العددية أنه من الاعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال و الحرام و الفتيا و الأحكام الذين لا يطعن عليهم و لا طريق الي ذم واحد منهم «1».

و يرد علي ما أفاده بأن كون الرجل في اسناد كامل الزيارات و تفسير القمي لا أثر له كما حقّق في محله و أما شهادة المفيد فلا تكون شهادة بوثاقة الرجل بل شهادة بأن الرجل من الأعاظم و لا طريق الي الطعن عليهم و من الظاهر أن مجرد عدم الطريق الي الطعن لا يستلزم اثبات الوثاقة و الّا يلزم ان كل من يكون من المشهورين في الناس و لم يطلع علي فسق منه نحكم بكونه عادلا و هو كما تري و بعبارة واضحة فرق بين الشهادة علي كون الشخص الفلاني ثقة و بين

الشهادة علي عدم الاطلاع علي كونه غير ثقة و المؤثّر هو الأول و لا أثر للثاني و كون الرجل كان ممن يؤخذ منه الحلال و الحرام و الفتيا لا أثر له و الّا يلزم اثبات كونه مجتهدا و هل يمكن القول به و العمل علي طبقه فالنتيجة ان السند مخدوش و لكن الانصاف أن ما أفاده المفيد قدّس سرّه دليل علي كون الرجل ثقة إذ هذه الكلمة و هي قوله لا طريق الي الطعن

______________________________

(1) معجم رجال الحديث: ج 7 ص 324.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 252

______________________________

عليهم فانّ هذه الجملة ظاهرة بل صريحة في وثاقة الرجل و لقائل أن يكون ان مجرّد عدم الطعن لا أثر له اضف الي ذلك ان ديدن الرجالي التعبير- في مقام الترجمة- بكون فلان ثقة و لم يذكره بذاك العنوان و يضاف الي ذلك كلّه انه اذا كان الأمر بهذا الحدّ من الوضوح فما الوجه في عدم تعرض غير المفيد لتوثيق الرجل.

و أما من حيث الدلالة فأيضا يمكن الاشكال فيها فان المستفاد من الحديث أن يوم تضحية الناس يوم التضحية في وعاء الشرع و يوم فطر الناس و صومهم كذلك فيترتب حكم ذلك اليوم عليه لكن ترتب الحكم علي الموضوع يتوقّف علي تحقّق ذلك الموضوع فقبل مجي ء يوم العيد لا يمكن ترتيب الأثر عليه و بعبارة اخري الشارع الأقدس بالحكومة يجعل ما لا يكون متصفا بالصفة الكذائية متّصفا بها و هذا يتوقّف علي تحقّق ذلك الموضوع كي يجعل و يعتبر كونه كذلك فكيف يمكن أن يقال انّ حكم الحاكم السني مؤثر في جعل اليوم الثامن شرعا تاسعا مع انّ المفروض أن يوم العيد لم يتحقق بعد أضف الي ذلك

ان جعل شي ء بالحكومة متصفا بصفة و محكوما بكونه كذا لا يستلزم اعمال الحكومة بالنسبة الي لوازمه مثلا اذا حكم الحاكم بأن فلانا أخ لي و اعتبره أخا له هل يستلزم أن يكون الشخص الذي اعتبر كونه اخا للحاكم صيرورته وارثا و عما لأولاده و هكذا كلّا و عليه فبأيّ تقريب نقول كون يوم الأحد أضحي عند الشارع يستلزم كون يوم السبت يوم عرفة فانه لا شاهد عليه ان قلت نفهم من هذا الاعتبار انّ الشارع كما جعل هذه الأيام الثلاثة تابعة للناس كذلك جعل يوم عرفة تابعا لجعل الناس ذلك ليوم عرفة قلت: لا شاهد علي هذه الدعوي بل الدليل قائم علي عدمه فان الحكومة علي خلاف الأصل الأولي ففي كل مورد علمنا بجعله تأخذ به و الّا يكون مقتضي الأصل عدم الاعتبار

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 253

______________________________

و صفوة القول انّ الشارع لم يجعل حكم الحاكم السني نافذا بل جعل اليوم الفلاني يوم العيد أو يوم الفطر أو يوم الصوم و كم فرق بين المقامين فلاحظ. اضف الي ذلك انّ الظاهر من قوله الناس، هم العامة فيلزم أن يكون جميع العامة يجعلون اليوم الفلاني يوم اضحي أو فطر أو صوم و مع عدم تحققه لا يصدق الموضوع المذكور في الدليل و مع الشك يكون مقتضي الأصل عدم تحققه فلاحظ.

الجهة الرابعة: أنه لو علم بكون حكم الحاكم مخالفا مع الواقع لا يكون الحج معهم مجزيا و استدل علي مقالته بعدم السيرة في هذا الفرض و دليل التقية لا يشمل مورد القطع بالخلاف و يرد عليه أنه ما المانع من الأخذ بإطلاق حديث أبي الجارود فان الحديث دال علي الاجزاء علي ما رامه و

ادعاه و لا نري في الحديث مانعا عن الاطلاق و ان شئت فقل مفاد الحديث لا يكون مفاد الامارة كي يتوقف علي احتمال الموافقة بل المفاد مفاد الحكومة و لذا لو حكم بأن الفقاع خمر نأخذ بقوله و نرتّب الأحكام المترتبة علي الخمر علي الفقاع مع القطع بأن الفقاع ليس خمرا و بعبارة واضحة الحكومة ظاهرية و واقعية و الحكومة الظاهرية قوامها بالشك و أما الحكومة الواقعية فمقتضاها جعل ما لا يكون فردا حقيقيا فردا ادعائيا كالمجاز السكاكي.

الجهة الخامسة: أنه لو لم يمكنه العمل بالوظيفة يجعل حجه عمرة مفردة لاحظ حديث الحلبي «1».

بقي شي ء و هو أنه لا فرق بين كون الحج مستقرا علي المكلف أو يكون حجه في سنة استطاعته أي علي كلا التقديرين يبدل حجه بالعمرة المفردة بمقتضي حديث الحلبي فان بقيت استطاعته الي السنة القادمة يجب أن يحج و الّا فلا فانا قد ذكرنا انّ

______________________________

(1) لاحظ ص 242.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 254

[الثالث من واجبات حج التمتع الوقوف في المزدلفة]

اشارة

الوقوف في المزدلفة و هو الثالث من واجبات حج التمتع و المزدلفة اسم لمكان يقال له المشعر الحرام و حد الموقف من المأزمين الي الحياض الي وادي محسّر و هذه كلّها حدود المشعر و ليست بموقف الّا عند الزحام و ضيق الوقت فيرتفعون الي المأزمين و يعتبر فيه قصد القربة (1).

______________________________

الأحاديث الدالة علي وجوب الحج متسكعا و علي حمار اجدع لا ترتبط بمن صار مستطيعا و لم يحج و التفصيل موكول الي مجال آخر.

(1) في المقام جهات من البحث:

الجهة الأولي: أن الوقوف في المزدلفة من واجبات حج التمتع و لا اشكال فيه و لا كلام و في كلام بعض الأصحاب أنه لا خلاف بين المسلمين كافة في

أنّ الوقوف بالمشعر من واجبات الحج و يمكن الاستدلال عليه بقوله تعالي: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذٰا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفٰاتٍ فَاذْكُرُوا اللّٰهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرٰامِ وَ اذْكُرُوهُ كَمٰا هَدٰاكُمْ وَ إِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضّٰالِّينَ «1».

و لعله من هذه الجهة اطلق عليه لفظ الفريضة في بعض النصوص لاحظ مرسل ابن فضال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الوقوف بالمشعر فريضة الحديث «2» و الصدوق قال: قال الصادق عليه السّلام: الوقوف بعرفة سنة و بالمشعر فريضة و ما سوي ذلك من المناسك سنة «3» و لقائل أن يقول لا دلالة في الآية علي وجوب الوقوف في المشعر بل الآية تدل علي وجوب ذكر اللّه هناك و الكلام في وجوبه بما انه وقوف

______________________________

(1) البقرة: 198.

(2) الوسائل: الباب 4 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 255

______________________________

هناك و النصوص الدالة علي وجوب الوقوف بالمشعر كثيرة و سيمر عليك بعضها ان شاء اللّه تعالي فانتظر.

الجهة الثانية: في وجه تسمية الموقف بالمشعر و بالمزدلفة و بالجمع قال في المصباح علي ما نقل عنه المشاعر مواضع المناسك و المشعر الحرام احد المشاعر الي آخر كلامه و أما وجه تسميته بالمزدلفة فلاحظ حديثي معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في حديث ابراهيم عليه السّلام انّ جبرئيل عليه السّلام انتهي به الي الموقوف و أقام به حتي غربت الشمس ثم أفاض به فقال يا ابراهيم ازدلف الي المشعر الحرام فسمّيت مزدلفة «1» و أيضا رواه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: انما سمّيت مزدلفة لانهم ازدلفوا إليها من عرفات «2» و قال في

مجمع البحرين في وجه تسميته بالمزدلفة و بالجمع و في الحديث (المزدلفة) بضم الميم و سكون المعجمة و فتح المهملة و كسر اللام اسم فاعل من الازدلاف و هو التقدم تقول ازدلف القوم إذا تقدموا و هي موضع يتقدم الناس فيه الي مني و قيل لانه يتقرّب فيها الي اللّه و لمجي ء الناس إليها في زلف من الليل أو من الازدلاف الاجتماع لاجتماع الناس فيها أو لازدلاف آدم و حواء و اجتماعه معها و لذا تسمّي جمعا الي آخر كلامه.

الجهة الثالثة: في حدوده و تدل علي حدوده المذكورات في المتن جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: حد المشعر الحرام من المازمين الي الحياض الي وادي محسّر و انما سمّيت المزدلفة لانهم ازدلفوا إليها من عرفات «3»

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) الباب 8 من هذه الأبواب، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 256

______________________________

و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام أنه قال للحكم بن عتيبة ما حدّ المزدلفة فسكت فقال أبو جعفر عليه السّلام: حدّها ما بين المأزمين الي الجبل الي حياض محسّر «1» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: حدّ المزدلفة من وادي محسّر الي المازمين «2» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن حدّ جمع فقال: ما بين المأزمين الي وادي محسّر «3» و منها ما أرسله الصدوق قال:

قال عليه السّلام: حدّ المشعر الحرام من المأزمين الي الحياض الي وادي محسّر «4» و ربما يقال انّ المستفاد من حديث الحلبي عن أبي

عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة «5» انّ الحياض داخلة في الحدود و يرد عليه انّ المستفاد منه عدم التجاوز عنها و المستفاد من بقية النصوص تعيين الموقف فلا تنافي بين الجانبين مضافا الي انّ المذكور في حديث الحلبي حكم التجاوز عن الحياض في الليل و الكلام في المقام مرتبط بالوقوف بين الطلوعين فلا مساس بين الطرفين و الحاصل انّ الموقف محدود بهذه الحدود و لا يجوز الوقوف في نفس الحدود فانها حدود الموقف و تكون خارجة عنه نعم إذا كثر الناس و ضاق الموقف يجوز الارتفاع الي المأزمين و الدليل عليه حديث سماعة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إذا كثر الناس بجمع

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 5.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

(5) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 257

[(مسألة 372): إذا أفاض الحاج من عرفات فالأحوط أن يبيت ليلة العيد في المزدلفة]

(مسألة 372): إذا أفاض الحاج من عرفات فالأحوط أن يبيت ليلة العيد في المزدلفة و إن كان لم يثبت وجوبها (1).

______________________________

و ضاقت عليهم كيف يصنعون قال يرتفعون الي المأزمين «1» و لكن هل يتوقف جواز الارتفاع علي ضيق الوقت كي يصدق الاضطرار فان البدل الاضطراري لا تصل النوبة إليه الّا مع عدم امكان الاتيان بالوظيفة الاختيارية أم لا افاد الماتن ان الجواز متوقف عليه و يمكن أن يناقش فيه بأنه لم يقيد سؤال السائل بهذا القيد فمقتضي القاعدة الأخذ بالإطلاق و الحكم بالجواز حتي مع عدم ضيق الوقت عن الامتثال الاختياري فان الموضوع الوارد في الدليل عنوان الضيق في المكان و هذا أعم فلاحظ.

الجهة الرابعة: في اشتراط الوقوف بقصد القربة و

لا اشكال فيه و لا كلام فان الوقوف هناك من العبادات و العبادة متقومة بقصد القربة و يمكن الاستدلال عليه بالآية الشريفة فان المستفاد منها وجوب ذكر اللّه عند المشعر الحرام و هل يمكن ذكره تعالي خاليا عن القربة الا أن يقال لا تلازم بين ذكر اللّه قربة الي اللّه و قصد القربة بالنسبة الي الوقوف فانه يمكن التفكيك بين الأمرين.

(1) هل البيتوتة في المشعر ليلة العيد واجبة أم لا ربما يقال بأنها واجبة و ما يمكن أن يستدل عليه وجهان:

الوجه الأول: التأسي و فيه انّ التأسي لا يكون واجبا الّا مع قيام دليل علي وجوبه.

الوجه الثاني: جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في

______________________________

(1) الوسائل: الباب 9 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 258

______________________________

حديث قال و لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة «1» بتقريب انّ المنع عن التجاوز عن الحياض ليلة العيد يستلزم وجوب الكون هناك و فيه انّ الممنوع التجاوز عن الحياض و لا دلالة في الحديث علي لزوم الكون في الليل فيمكن أن لا يتجاوز بأن يبقي بعد الافاضة من عرفات قبل الموقف الي قريب من الفجر ثم يذهب إليه و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أصبح علي طهر بعد ما تصلي الفجر فقف ان شئت قريبا من الجبل و إن شئت حيث شئت فاذا وقفت فاحمد اللّه عزّ و جلّ و اثن عليه و اذكر من آلائه و بلائه ما قدرت عليه و صلّي علي النبي صلّي اللّه عليه و آله ثم ليكن من قولك اللهم ربّ المشعر الحرام فكّ رقبتي من

النار و اوسع عليّ من رزقك الحلال و ادرأ عنّي شرّ فسقة الجنّ و الانس اللهم أنت خير مطلوب إليه و خير مدعوّ و خير مسئول و لكل وافد جائزة فاجعل جائزتي في موطني هذا ان تقيلني عثرتي و تقبل معذرتي و ان تجاوز عن خطيئتي ثم اجعل التقوي من الدنيا زادي ثم افض حيث يشرق لك ثبير و تري الابل مواضع أخفافها «2» بتقريب انّ الاصباح علي طهر يستلزم الكون في الليل و فيه أنه لا يستلزم البيتوتة في الليل إذ يمكن الاصباح هناك بان يذهب الي الموقف قبل نصف ساعة من الفجر فيصبح هناك.

و منها ما رواه عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمّي الابطح ابطح لان آدم عليه السّلام امر أن يبتطح في بطحاء جمع فتبطح حتي انفجر الصبح ثم امر أن يصعد جبل جمع و أمره إذا طلعت الشمس أن يعترف بذنبه ففعل ذلك

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 3.

(2) الوسائل: الباب 11 من أبواب الوقوف بالمشعر.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 259

[(مسألة 373): يجب الوقوف في المزدلفة من طلوع فجر يوم العيد الي طلوع الشمس]

(مسألة 373): يجب الوقوف في المزدلفة من طلوع فجر يوم العيد الي طلوع الشمس لكن الركن منه هو الوقوف في الجملة فاذا وقف مقدارا ما بين الطلوعين و لم يقف الباقي و لو متعمدا صح حجه و ان ارتكب محرما (1).

______________________________

فارسل اللّه نارا من السماء فقبضت قربان آدم «1» و الحديث ضعيف سندا مضافا الي عدم دلالة الخبر علي المدعي و منها مرسل جميل عن أحدهما عليهما السّلام قال: لا بأس أن يفيض الرجل بليل إذا كان خائفا «2» بتقريب انّ المستفاد من الخبر عدم جواز الافاضة قبل

طلوع الفجر فيلزم الكون هناك بالليل و فيه انّ المرسل لا اعتبار به مضافا الي عدم الدلالة علي المدعي إذ يمكن أن وجه عدم الجواز أنه يلزم ادراك اختياري المشعر الحرام.

(1) في هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة الأولي: في أنه هل يجب الوقوف في المشعر من أول طلوع الفجر أم لا و المشهور عند القوم وجوبه من طلوع الفجر بل ادعي عليه الاجماع و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه معاوية بن عمّار «3» بتقريب انّ المستفاد من الخبر وجوب الاصباح علي طهر في الموقف لكن يشكل الاستدلال بالخبر علي المدعي بأن الطهارة لا تكون شرطا للوقوف فكيف يستدل به علي الوجوب و اجاب سيدنا الاستاد قدّس سرّه عن الاشكال بأن كون الوقوف غير مشروط بالطهارة يقتضي رفع اليد

______________________________

(1) الباب 4 من هذه الأبواب، الحديث 6.

(2) الباب 17 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) لاحظ ص 258.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 260

______________________________

عن ظهور الأمر بالوجوب بالنسبة الي الطهارة و أما بالنسبة الي اصل الوقوف فلا وجه لرفع اليد فنقول يجب الوقوف من طلوع الفجر و يستحب أن يكون علي طهر و يرد عليه أنه تارة يرد الأمر علي فعلين كقوله أغسل للجمعة و الجنابة و لا ارتباط بين الأمرين و كل علي حياله و استقلاله فلو قام دليل علي عدم وجوب غسل الجمعة نرفع اليد عن ظهور الأمر في الوجوب و نلتزم باستحباب غسل الجمعة و أما بالنسبة الي غسل الجنابة فلا وجه لرفع اليد عن دليل وجوبه و هذا ظاهر و أما في المقام فلا يتم هذا البيان اذ مورد الامر فعل واحد مقيدا و المفروض عدم وجوبه بهذا القيد و بلا قيد

لا دليل علي وجوبه و مقتضي الاصل الأولي عدمه فلو تم المدعي بالاجماع فهو و الّا يكون الحكم مبنيا علي الاحتياط.

الجهة الثانية: في منتهي زمان الوقوف و هو أنه هل يجب الوقوف الي طلوع الشمس أم لا استدل الماتن علي وجوب البقاء الي طلوع الشمس بحديث معاوية بن عمّار «1» فان الامام عليه السّلام يقول في ذيل الحديث ثم افض حيث يشرق لك ثبير و تري الابل مواضع اخفافها و قال المستفاد من اللغة و النص ان المراد بهذه الجملة طلوع الشمس فلا تجوز الافاضة قبل طلوع الشمس أقول: نفرض انّ ما أفاده تامّ و معني الجملة كذلك لغة و حديثا لكن يعارض الحديث بطائفة اخري من النصوص لاحظ ما رواه اسحاق بن عمّار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السّلام: أيّ ساعة أحبّ أليك أن أفيض من جمع قال: قبل أن تطلع الشمس بقليل فهو أحبّ الساعات إليّ قلت: فان مكثنا حتي تطلع الشمس قال: لا بأس «2» فانّ المستفاد من الحديث بوضوح جواز

______________________________

(1) لاحظ ص 258.

(2) الوسائل: الباب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 261

______________________________

الافاضة قبل طلوع الشمس بل الافاضة قبله أحب الي الامام عليه السّلام و لاحظ ما رواه معاوية بن حكيم قال: سألت أبا ابراهيم عليه السّلام: أي ساعة أحب أليك أن نفيض من جمع و ذكر مثل الحديث الأول «1» و الترجيح مع هذه الطائفة للأحدثية و بما ذكر يجاب عن حديث هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تجاوز وادي محسّر حتي تطلع الشمس «2» فان هذه الرواية علي تقدير دلالتها علي وجوب البقاء الي طلوع الشمس يعارضها تلك

الطائفة و الكلام هو الكلام.

الجهة الثالثة: في انّ الوقوف ما بين الطلوعين ركن فاذا وقف المكلف مقدارا من الزمان يكون حجه تاما و إن لم يقف تمام الوقت و ترك الوقوف عامدا يكون عاصيا و لا يكون حجه باطلا أقول: إن قلنا بعدم وجوب الوقوف من طلوع الفجر الي طلوع الشمس فلا موضوع للبطلان إذ المفروض أنه غير واجب و أما إن قلنا بوجوب الاستيعاب فالجزم بعدم البطلان مشكل فان المركب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه أو انتفاء أحد شرائطه مضافا الي أنّ النص الخاص دال علي انّ من فاتته المزدلفة فقد فاته الحج لاحظ ما رواه عبيد اللّه و عمران ابني علي الحلبيين عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحج «3».

فانّ المستفاد من هذه الطائفة ان عدم ادراك المشعر يوجب بطلان الحج إن قلت انّ من أدرك مقدارا من الزمان و الوقوف هناك يصدق عليه أنه أدرك المشعر فلا موجب للبطلان و إن ترك الوقوف الي آخر الوقت عمدا قلت الحكم لا يعين

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) الوسائل: الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 262

______________________________

موضوع نفسه و لا يعقل أن يكون الحكم متعرضا لموضوعه هذا من ناحية و من ناحية أخري الحكم مترتب علي مدرك المزدلفة و من ناحية ثالثة قد فرض ان الوقوف الواجب في المزدلفة من طلوع الفجر الي طلوع الشمس فمن فاته و لو مقدارا من هذا الزمان فاته الحج و إن شئت فقل مجرد ادراك المشعر لا أثر له بل المؤثر ادراك الوقوف الواجب شرعا و المفروض ان الواجب الشرعي من الوقوف ما

بين الطلوعين نعم مع فرض العذر يمكن أن يقال بعدم الفوت و عدم البطلان كما أنه لو كان معذورا عن الوقوف الاختياري تصل النوبة الي الوقوف الاضطراري أي الوقوف بعد طلوع الشمس الي زوال يوم العيد.

ثم أنه ربما يقال بكفاية الوقوف ليلة العيد و إن أفاض ليلة العيد و لم يبقي الي الفجر يكون حجه تاما غاية الأمر تجب عليه الكفارة و هي دم شاة و استدل بما رواه مسمع عن أبي ابراهيم عليه السّلام في رجل وقف مع الناس بجمع ثم أفاض قبل أن يفيض الناس قال إن كان جاهلا فلا شي ء عليه و إن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة «1» و يرد علي التقريب المذكور أنه يتوقف علي أن يكون الحديث متعرضا لحكم العامد و لكن الأمر ليس كذلك فان السائل يسأل الامام في مورد رجل وقف مع الناس الوقوف المتعارف أي ما بين الطلوعين لكن لم يصبر كي يفيض مع الناس بل أفاض قبل أن يفيض الناس و الامام أجاب بأنه إن كان جاهلا لا شي ء عليه و إن أفاض ليلة العيد جهلا تجب عليه الكفارة.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 16 من أبواب الوقوف بالمشعر.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 263

[(مسألة 374): من ترك الوقوف فيما بين الفجر و طلوع الشمس رأسا فسد حجّه]

(مسألة 374): من ترك الوقوف فيما بين الفجر و طلوع الشمس رأسا فسد حجّه و يستثني من ذلك النساء و الصبيان و الخائف و الضعفاء كالشيوخ و المرضي فيجوز لهم حينئذ الوقوف في المزدلفة ليلة العيد و الافاضة منها قبل طلوع الفجر الي مني (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: انّ من ترك الوقوف بين الحدين رأسا يبطل حجّه و هذا علي طبق القاعدة الأولية و لك أن تقول

إن كل جزء أو شرط في كل مركب ركن أي ينهدم ذلك المركب بانتفاء جزء من أجزائه أو شرط من شرائطه نعم يمكن قيام الدليل علي الأجزاء في بعض الفروض كما أنه يمكن قيام الدليل علي التفريق بين الأجزاء في الحكم و يشاهد هذا في باب الصلاة حيث يستفاد من قاعدة لا تعاد التفريق بين الأجزاء و كيف كان البطلان مقتضي القاعدة الأولية مضافا الي طائفة من النصوص الدالة علي المدعي منها ما رواه محمد بن فضيل قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الحد الذي إذا أدركه الرجل أدرك الحج فقال: إذا أتي جمعا و الناس في المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج و لا عمرة له و إن لم يأت جمعا حتي تطلع الشمس فهي عمرة مفردة و لا حجّ له فان شاء أقام و إن شاء رجع و عليه الحج من قابل «1».

الفرع الثاني: أنه يجوز الافاضة للمذكورين في المتن قال في الحدائق: الثالثة قد صرح الأصحاب رضوان اللّه تعالي عليهم و به استفاضت الأخبار بأنه يجوز الافاضة ليلا لذوي الأعذار من الضعفاء و النساء و الصبيان و من يخاف علي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 264

______________________________

نفسه من غير جبران بل قال في المنتهي أنه قول كافة من يحفظ عنه العلم «1» و العمدة النصوص الواردة في المقام منها ما أرسله جميل بن درّاج عن أحدهما عليهما السّلام قال:

لا بأس أن يفيض الرجل بليل إذا كان خائفا «2» و منها ما رواه سعيد الأعرج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك معنا نساء فأفيض بهنّ بليل فقال: نعم تريد

أن تصنع كما صنع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قلت: نعم قال: أفض بهنّ بليل و لا تفض بهنّ حتي تقف بهنّ بجمع ثم أفض بهنّ حتي تأتي الجمرة العظمي فيرمين الجمرة فان لم يكن عليهن ذبح فليأخذن من شعورهنّ و يقصرن من أظفارهنّ و يمضين الي مكة في وجوههنّ و يطفن بالبيت و يسعين بين الصفا و المروة ثم يرجعن الي البيت و يطفن اسبوعا ثم يرجعن الي مني و قد فرغن من حجهن و قال ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم ارسل معهن اسامة «3».

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: رخّص رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم للنساء و الصبيان أن يفيضوا بليل و ان يرموا الجمار بليل و أن يصلّوا الغداة في منازلهم فان خفن الحيض مضين الي مكة و وكّلن من يضحي عنهنّ «4» و منها ما رواه علي بن أبي حمزة عن أحدهما عليهما السّلام قال: أي امرأة أو رجل خائف أفاض من المشعر الحرام ليلا فلا بأس فليرم الجمرة ثم ليمض و ليأمر من يذبح عنه و تقصّر المرأة و يحلق الرجل ثم ليطف بالبيت و بالصفا و المروة ثم يرجع الي مني

______________________________

(1) الحدائق: ج 16 ص 444.

(2) الباب 17 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

(4) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 265

______________________________

فان أتي مني و لم يذبح عنه فلا بأس أن يذبح هو و ليحمل الشعر إذا حلق بمكة الي مني و إن شاء قصر إن كان قد حج قبل ذلك «1».

و منها

ما رواه سعيد السمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: انّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم عجّل النساء ليلا من المزدلفة الي مني و أمر من كان منهن عليها هدي أن ترمي و لا تبرح حتي تذبح و من لم يكن عليها منهن هدي ان تمضي الي مكة حتي تزور «2» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: رخّص رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم للنساء و الضعفاء أن يفيضوا من جمع بليل و أن يرموا الجمرة بليل فاذا ارادوا أن يزوروا البيت وكّلوا من يذبح عنهنّ «3» و منها ما رواه أبو بصير أيضا قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا بأس بأن يقدم النساء إذا زال الليل فيقفن عند المشعر ساعة ثم ينطلق بهنّ الي مني فيرمين الجمرة ثم يصبرن ساعة ثم يقصرن و ينطلقن الي مكة فيطفن الّا أن يكن يردن أن يذبح عنهنّ فانّهنّ يوكّلن من يذبح عنهنّ «4» و منها ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال في التقدم من مني الي عرفات قبل طلوع الشمس لا بأس به و المتقدم من مزدلفة الي مني يرمون الجمار و يصلّون الفجر في منازلهم بمني لا بأس به «5».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس بأن يرمي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 6.

(4) نفس المصدر، الحديث 7.

(5) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 266

______________________________

الخائف

بالليل و يضحي و يفيض بالليل «1» و منها ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: رخّص للعبد و الخائف و الراعي في الرمي ليلا «2» و منها ما رواه علي بن عطية قال: افضنا من المزدلفة بليل أنا و هشام بن عبد الملك الكوفي فكان هشام خائفا فانتهينا الي جمرة العقبة قبل طلوع الفجر فقال لي هشام أيّ شي ء أحدثنا في حجنا فنحن كذلك إذ لقينا أبو الحسن موسي عليه السّلام قد رمي الجمار و انصرف فطابت نفس هشام «3» و منها ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال في الخائف لا بأس بأن يرمي الجمار بالليل و يضحي بالليل و يفيض بالليل «4» و منها ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه كره رمي الجمار بالليل و رخص للعبد و الراعي في رمي الجمار ليلا «5» و منها ما رواه أبو بصير قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: رخص رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم لرعاة الابل إذا جاءوا الليل أن يرموا «6» و منها ما رواه أبو بصير أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الذي ينبغي له أن يرمي بليل من هو قال الحاطبة و المملوك الذي لا يملك من امره شيئا و الخائف و المدين و المريض الذي لا يستطيع أن يرمي يحمل الي الجمار فان قدر علي أن يرمي و الّا فارم عنه و هو حاضر «7» فيستفاد من حديث جميل جواز الافاضة بالليل

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب رمي الجمرة العقبة، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3)

نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) نفس المصدر، الحديث 5.

(6) نفس المصدر، الحديث 6.

(7) نفس المصدر، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 267

[(مسألة 375): من وقف في المزدلفة ليلة العيد و أفاض منها قبل طلوع الفجر جهلا منه بالحكم]

(مسألة 375): من وقف في المزدلفة ليلة العيد و أفاض منها قبل طلوع الفجر جهلا منه بالحكم صح حجه علي الأظهر و عليه كفارة شاة (1).

______________________________

للخائف و يستفاد الجواز بالنسبة الي النساء من حديث الأعرج و يستفاد الجواز للنساء و الصبيان من حديث أبي بصير و يستفاد الجواز للنساء و الضعفاء من حديث آخر لأبي بصير و يؤيد المدعي بقية النصوص الواردة في الباب و تستفاد من مجموع النصوص أنه يجوز الافاضة في الليل للمعذور.

(1) لاحظ ما رواه مسمع «1» فان المستفاد من الحديث انّ المفيض ليلة العيد من المشعر إذا كان بسبب الجهل تجب عليه الكفارة إن قلت بأي تقريب نحكم بالصحة مع انّ مقتضي القاعدة الحكم بالبطلان حيث فرض فوت المشعر قلت حيث انه عليه السّلام في مقام بيان الوظيفة و لم يحكم بالبطلان و قد حكم بالكفارة فيمن أفاض قبل افاضة الناس يستفاد من الاطلاق المقامي ان حجه تام انما الكلام في أنه لو كان الجهل ناشيا عن التقصير فهل يكون مشمولا لدليل الأجزاء و العفو أم لا الانصاف أن الجزم بالشمول مشكل فانا ذكرنا في محله ان دليل الحكم الاضطراري لا يشمل مورد عروض العذر بالاختيار و المقام يكون جهله ناشيا عن عدم التعلم و قد قام الدليل علي مؤاخذة المكلف علي عدم تعلمه الحكم الشرعي بقوله عليه السّلام هلا تعلمت، اللهم الا أن يقال ان المستفاد من حديث علي بن رئاب انّ الصادق عليه السّلام قال: من أفاض مع الناس من عرفات فلم

يلبث معهم بجمع و مضي الي مني

______________________________

(1) لاحظ ص 262.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 268

[(مسألة 376): من لم يتمكن من الوقوف الاختياري (الوقوف فيما بين الطلوعين) في المزدلفة لنسيان أو لعذر آخر]

(مسألة 376): من لم يتمكن من الوقوف الاختياري (الوقوف فيما بين الطلوعين) في المزدلفة لنسيان أو لعذر آخر أجزأه الوقوف الاضطراري (الوقوف وقتا ما بعد طلوع الشمس الي زوال يوم العيد) و لو تركه عمدا فسد حجه (1).

______________________________

متعمدا أو مستخفا فعليه بدنة «1» الصحة حتي مع العمد فلاحظ.

(1) أما كفاية ادراك الوقوف الاضطراري في المشعر فتدلّ عليه جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن المغيرة قال: جاءنا رجل بمني فقال: اني لم أدرك الناس بالموقفين جميعا الي أن قال فدخل اسحاق بن عمّار علي أبي الحسن عليه السّلام فسأله عن ذلك فقال إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر فقد ادرك الحج «2» و منها ما رواه جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أدرك المشعر يوم النحر قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج و من أدرك يوم عرفة قبل زوال الشمس فقد أدرك المتعة «3» و منها ما رواه جميل أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أدرك المشعر الحرام يوم النحر من قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج «4» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أدرك المشعر الحرام و عليه خمسة من الناس قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج «5» و منها ما رواه الحسن العطار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أدرك الحاج عرفات قبل طلوع الفجر

______________________________

(1) الوسائل: الباب 26 من أبواب الوقوف بالمشعر.

(2) الوسائل: الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر،

الحديث 6.

(3) نفس المصدر، الحديث 8.

(4) نفس المصدر، الحديث 9.

(5) نفس المصدر، الحديث 11.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 269

______________________________

فاقبل من عرفات و لم يدرك الناس بجمع و وجدهم قد أفاضوا فليقف قليلا بالمشعر الحرام و ليلحق الناس بمني و لا شي ء عليه «1».

فانّ المستفاد من هذه الطائفة كفاية ادراك المشعر قبل زوال يوم العيد بالنسبة الي من يكون معذورا و تعارض هذه الطائفة طائفة اخري من النصوص لاحظ ما رواه محمد بن فضيل قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام … «2» فانّ المستفاد من هذه الطائفة انّ الحدّ الموجب لادراك الحج ادراك ما بين الطلوعين و النسبة بين الطرفين هو التباين إذ كلتاهما ناظران الي المعذور و حيث ان الأحدث منهما غير معلوم لا يمكن الترجيح لكن علي كلا التقديرين لا ريب في كفاية ادراك ما بين الطلوعين فان الأحدث إذا كان دالا علي كون الميزان ادراك ما بين الطلوعين فالأمر ظاهر و إذا لم يكن دالا علي انّ الميزان ادراك ما قبل الزوال فيكفي ادراك ما بين الطلوعين بالقطع و بما ذكرنا يظهر الجواب عن حديث آخر رواه معاوية بن عمّار قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أدرك الزوال فقد أدرك الموقف «3» فانّ المستفاد من الحديث كفاية ادراك الزوال و الدال علي انّ الميزان ما بين الطلوعين أو ما قبل الزوال أحدث فيؤخذ به و في المقام حديث رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

رجل افاض من عرفات فمرّ بالمشعر فلم يقف حتي انتهي الي مني فرمي الجمرة و لم يعلم حتي ارتفع النهار قال: يرجع الي المشعر فيقف به ثم يرجع و يرمي

______________________________

(1)

الوسائل: الباب 24 من أبواب الوقوف بالمشعر.

(2) لاحظ ص 263.

(3) الوسائل: الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 15.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 270

[ادراك الوقوفين أو أحدهما]

ادراك الوقوفين أو أحدهما تقدم ان كلا من الوقوفين (الوقوف في عرفات و الوقوف في المزدلفة) ينقسم الي قسمين: اختياري و اضطراري، فاذا أدرك المكلف الاختياري من الوقوفين كليهما فلا اشكال و الّا فله حالات:

الأولي: أن لا يدرك شيئا من الوقوفين الاختياري منهما و الاضطراري أصلا ففي هذه الصورة يبطل حجه و يجب عليه الاتيان بعمرة مفردة بنفس احرام الحج و يجب عليه الحج في السنة القادمة فيما إذا كانت استطاعته باقية أو كان الحج مستقرا في ذمته.

الثانية: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات و الاضطراري في المزدلفة.

الثالثة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في عرفات و الاختياري في المزدلفة ففي هاتين الصورتين يصح حجه بلا اشكال.

الرابعة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في كل من عرفات و المزدلفة و الأظهر في هذه الصورة صحة حجه و إن كان الأحوط اعادته في السنة القادمة إذا بقيت شرائط الوجوب أو كان الحج

______________________________

الجمرة «1» و المستفاد من الحديث كفاية ادراك ما قبل الزوال بالنسبة الي الجاهل و لا بأس بالأخذ به حسب الصناعة و تخصيص دليل التحديد بما بين الطلوعين بأن يقال إذا كان عدم الوقوف ناشيا عن الجهل يكفي الوقوف قبل الزوال.

______________________________

(1) الباب 21 من هذه الأبواب، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 271

مستقرا في ذمته.

الخامسة: أن يدرك الوقوف الاختياري في المزدلفة فقط ففي هذه الصورة يصح حجه أيضا.

السادسة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في المزدلفة فقط ففي هذه الصورة لا تبعد صحة الحج الا أن الأحوط أن يأتي ببقية الأعمال قاصدا فراغ

ذمته عما تعلق بها من العمرة المفردة أو اتمام الحج و إن يعيد الحج في السنة القادمة.

السابعة: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات فقط و الأظهر في هذه الصورة بطلان الحج فينقلب حجّه الي العمرة المفردة و يستثني من ذلك ما إذا وقف في المزدلفة ليلة العيد و أفاض منها قبل الفجر جهلا منه بالحكم كما تقدم و لكنه ان أمكنه الرجوع و لو إلي زوال الشمس من يوم العيد وجب ذلك و إن لم يمكنه صح حجّه و عليه كفارة شاة.

الثامنة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في عرفات فقط ففي هذه الصورة يبطل حجّه فيقلبه الي العمرة المفردة (1).

______________________________

(1) الوقوف الاختياري في عرفات من الظهر الي الغروب و الاضطراري منه برهة من ليلة العيد و الوقوف الاختياري في المزدلفة علي المشهور عندهم من طلوع الفجر الي طلوع الشمس و الاضطراري منه وقتا ما بعد طلوع الشمس الي زوال يوم العيد و المدرك لهذه الاقسام و عدم ادراكها ينقسم الي أقسام:

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 272

______________________________

القسم الأول: من أدرك الاختياري لكل واحد من الوقوفين و لا اشكال و لا كلام في تمامية حجه كما هو ظاهر واضح.

القسم الثاني: من لا يدرك شيئا من هذه الأقسام و لا اشكال و لا كلام في بطلان حجّه كما هو ظاهر واضح أيضا.

و قال في الحدائق: أجمع الاصحاب علي أن من فاته الوقوفان في وقتهما فاته الحج و سقط عنه بقية أفعاله و تحلل بعمرة مفردة انتهي، و قد تقدم من النصوص ما دل علي البطلان و علي وجوب الاتيان بالعمرة المفردة لاحظ ما رواه الحلبي «1»، و في الفرض المذكور إذا بقيت استطاعته الي السنة القادمة يجب

عليه الحج و أما إذا لم تبقي استطاعته فعلي المشهور بين القوم أنه إن كان الحج مستقرا عليه يجب عليه الحج بأي نحو كان و أمّا علي المسلك المنصور فلا فرق بين هذا المكلف و غيره و التفصيل موكول الي مجال آخر.

القسم الثالث: أن يدرك اضطراري عرفة و اختياري المزدلفة و لا اشكال في صحة حجه في هذه الصورة فإنه قد تقدم ان من فاته اختياري عرفات عن عذر قوم مقامه اضطراريّته.

القسم الرابع: أن يدرك الاختياري في عرفة و الاضطراري في المزدلفة و في هذا القسم إذا كان عدم ادراكه لاختياري المزدلفة عن جهل يصح حجه لحديث يونس بن يعقوب «2» و الّا يشكل الجزم بالصحة و لقائل أن يقوم مقتضي حديث

______________________________

(1) لاحظ ص 242.

(2) لاحظ ص 269.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 273

______________________________

حسن العطار «1» كفاية ادراك اضطراري عرفة و اضطراري المشعر فيدل الحديث علي الكفاية بالأولوية في صورة ادراك اختياري عرفة و اضطراري المشعر.

القسم الخامس: أن يفوته الوقوف بعرفات رأسا و يدرك اختياري المشعر و في هذه الصورة يصح حجه لاحظ ما رواه حريز قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل مفرد للحج فاته الموقفان جميعا فقال له الي طلوع الشمس يوم النحر فان طلعت الشمس من يوم النحر فليس له حج و يجعلها عمرة و عليه الحج من قابل «2» فانه يستفاد من الحديث ان ادراك اختياري المزدلفة يكفي في صحة الحج الا أن يقال انّ الحديث يختص بحجّ الافراد لكن يكفي للمدعي حديث الحلبي «3».

القسم السادس: أن يدرك اضطراري المشعر فقط و في هذه الصورة يكون حجه باطلا و قد تقدم منا أن ما يدل علي كفاية ادراك

اضطراري المشعر معارض بما يدل علي بطلان الحج إذا فاته ما بين طلوع الفجر و طلوع الشمس و قلنا مقتضي الصناعة الأخذ بما يدل علي تحديد الزمان بما بين الطلوعين لاحظ ما رواه حريز المتقدم آنفا و لاحظ ما رواه الحلبي المتقدم آنفا.

القسم السابع: أن يدرك الاضطراري في عرفات و أيضا يدرك اضطراري

______________________________

(1) لاحظ ص 268.

(2) الوسائل: الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 1.

(3) لاحظ ص 242.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 274

______________________________

المزدلفة و في هذا القسم يكون حجه تاما لحديث العطار المتقدم قريبا و مقتضي الاحتياط ما أفاده في المتن.

القسم الثامن: أن يدرك اضطراري عرفات فقط و في هذه الصورة يبطل حجه و يجب عليه أن يجعل حجه عمرة مفردة و عليه الحج من قابل لاحظ ما رواه الحلبي المتقدم قريبا فان المستفاد من الحديث أن الميزان في وجوب جعل الحج عمرة مفردة و وجوب الحج من قابل بطلان الحج و المفروض بطلانه في هذه الصورة.

بقي شي ء و هو أنه أمر في الحديث بالحج من قابل فنري أن الرواية ناظرة الي حجة الاسلام علي ما هو المقرر في الشريعة أو أنه عقوبة و حكم تعبدي في المورد و تكون النتيجة ان كل من حج و صار معنونا بالعنوان المذكور في الحديث يجب عليه الحج من قابل بلا فرق بين الافراد و هل يمكن القول به.

القسم السابع: أن يدرك اختياري عرفات فقط و ربما يقال بالصحة و تمامية الحج في هذه الصورة و ما قيل أو يمكن أن يقال في تقريب الصحة وجوه:

الوجه الأول: النبوي المروي في عوالي اللآلي أنه صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: الحج عرفة «1» و الحديث

مرسل و المرسل لا اعتبار به.

الوجه الثاني: ما رواه عمر بن اذينة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال:

و سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ «الحجّ الأكبر» فقال الحج الأكبر الموقف بعرفة و رمي

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: الباب 18 من أبواب احرام الحجّ، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 275

______________________________

الجمار الحديث «1».

و فيه أولا: قد عبّر هذا النحو من البيان بالنسبة الي الوقوف بمزدلفة أو الي مورد آخر لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحج الأكبر يوم الأضحي «2».

و ثانيا: أنه لا نتصور معني لهذه الجملة الا التعظيم فان الحج مركب واحد و لا يكون في الشرع قسمان من الحج كي يقال أحدهما أكبر و الآخر أصغر.

الوجه الثالث: ما رواه علي رئاب «3».

بتقريب انّ المستفاد من الحديث أنّ من ترك الوقوف بمزدلفة بعد الوقوف بعرفات يكون حجه تاما و انما يترتب علي تركه الوقوف في المزدلفة الكفارة و لا تنافي بين الفساد و وجوب الكفارة مضافا الي أنّ غاية ما يستفاد من الاطلاق المقامي عدم البطلان لكن نرفع اليد عن الاطلاق بما دل علي أنّ ترك الوقوف بالمزدلفة يوجب البطلان أضف الي ذلك أن لازم القول المذكور أن الترك العمدي للوقوف في المزدلفة لا يوجب البطلان و هل يمكن القول به.

الوجه الرابع: ما رواه محمد بن يحيي الخثعمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال في رجل لم يقف بالمزدلفة و لم يبت بها حتي أتي مني قال: أ لم ير الناس أ لم يذكر مني حين دخلها قلت: فانه جهل ذلك قال يرجع قلت ان ذلك قد فاته قال:

______________________________

(1) الوسائل: الباب

19 من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة، الحديث 9.

(2) الوسائل: الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 18.

(3) لاحظ ص 267.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 276

______________________________

لا بأس «1» و هذه الرواية دالة علي الاجزاء بشرط الجهل و لا يعارضه ما رواه محمد بن حكيم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أصلحك اللّه الرجل الأعجمي و المرأة الضعيفة تكونان مع الجمّال الأعرابي فاذا أفاض بهم من عرفات مر بهم كما هم الي مني لم ينزل بهم جمعا قال: أ ليس قد صلوا بها فقد اجزأهم قلت: فان لم يصلّوا بها قال: فذكروا اللّه فيها فان كانوا ذكروا اللّه فيها فقد اجزأهم «2».

فان الرجل لم يوثق و قيل في حقه أنه روي الكشي أنّ أبا الحسن عليه السّلام كان يرضي كلامه عند ذكر الأصحاب الكلام فان كون كلامه في الأبحاث الكلامية مرضيا عند مخزن الوحي أرواحنا فداه لا يستلزم كونه ثقة في الكلام فلا يعتد بروايته و لا يعارضها أيضا مرسل ابن فضال «3» فان المرسل لا اعتبار به مضافا الي أنّ الحديث لا يدل علي المطلوب إذ لا تنافي بين كون عمل فريضة و لا يكون فواته موجبا للبطلان في بعض الصور فالنتيجة أنه يجزي الاتيان بوقوف عرفات لكن يجب عليه أن يرجع مع الامكان و لو أتي زوال الشمس من يوم العيد إذا قلنا بتمامية اضطرارية المزدلفة و قد تقدم منا الاشكال فيها و قلنا النصوص متعارضة لا بدّ من العمل علي طبق ما عين الزمان فيما بين الطلوعين فانه قد صرح في الحديث بوجوب الرجوع بل مقتضي القاعدة الأولية كذلك فانه لو امكن العمل بالوظيفة يجب و صفوة القول أنّ

حجة تام غاية الأمر تجب عليه الكفارة لاحظ ما رواه مسمع «4» و لقائل أن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 6.

(2) الوسائل: الباب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 3.

(3) لاحظ ص 241.

(4) لاحظ ص 262.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 277

______________________________

يقول المقام لا يكون من صغريات حديث مسمع إذ المفروض في المقام أنه لم يقف مع الناس بجمع و لم يبت و الموضوع في حديث مسمع الوقوف مع الناس بجمع و الافاضة قبل افاضتهم فالحكم مبني علي الاحتياط ثم أنه علي فرض وجوب الكفارة لو أفاض و بعد الافاضة علم بالحكم و رجع هل تجب عليه الكفارة أم لا حكم الماتن بعدم الوجوب إذا رجع و يمكن أن يقال بأن الافاضة موضوع للكفارة و من الظاهر أن الشي ء لا ينقلب عما هو عليه فنسأل أنه إذا أفاض ثم رجع يكشف الرجوع عن عدم الافاضة أو لا يكشف أما علي الأول فلا محصل لكلام إذ المفروض تحقق الافاضة و أما علي الثاني فلا وجه لتخصيص الحكم بصورة عدم الرجوع فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 278

[مني و واجباتها]

اشارة

مني و واجباتها إذا أفاض المكلف من المزدلفة وجب عليه الرجوع الي مني لاداء الأعمال الواجبة هناك و هي كما نذكرها تفصيلا ثلاثة:

[الرابع من واجبات الحج رمي جمرة العقبة يوم النحر]

اشارة

(1) رمي جمرة العقبة: الرابع من واجبات الحج رمي جمرة العقبة يوم النحر و يعتبر فيه أمور:

1- نية القربة.

2- أن يكون الرمي بسبع حصيات و لا يجزئ الأقل من ذلك كما لا يجزئ رمي غيرها من الاجسام.

3- أن يكون رمي الحصيات واحدة بعد واحدة فلا يجزئ رمي اثنتين أو أكثر مرة واحدة.

4- أن تصل الحصيات الي جمرة.

5- أن يكون وصولها الي الجمرة بسبب الرمي فلا يجزئ وضعها عليها و الظاهر جواز الاجتزاء بما إذا رمي فلاقت الحصاة في طريقها شيئا ثم أصابت الجمرة نعم إذا كان ما لاقته الحصاة صلبا فطفرت منه فأصابت الجمرة لم يجزئ ذلك.

6- أن يكون الرمي بين طلوع الشمس و غروبها و يجزئ للنساء و سائر من رخص لهم الافاضة من المشعر في الليل أن يرموا بالليل (ليلة العيد) لكن يجب عليهم تأخير الذبح و النحر الي يومه و الأحوط تأخير التقصير أيضا و يأتون بعد ذلك أعمال الحج الّا الخائف علي نفسه من العدو فإنه يذبح و يقصّر ليلا كما سيأتي (1).

______________________________

(1) في المقام جهات من البحث:

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 279

______________________________

الجهة الأولي: وجوب رمي جمرة العقبة و ادعي عدم الخلاف في وجوبه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: خذ حصي الجمار ثم ائت الجمرة القصوي التي عند العقبة فارمها من قبل وجهها و لا ترمها من اعلاها و تقول و الحصي في يدك «اللهم هؤلاء حصياتي فاحصهنّ و ارفعهنّ في

عملي» ثم ترمي فتقول مع كل حصاة «اللّه أكبر اللهم أدحر عنّي الشيطان، اللهم تصديقا بكتابك و علي سنّة نبيك اللهم اجعله حجا مبرورا و عملا مقبولا و سعيا مشكورا و ذنبا مغفورا، و ليكن فيما بينك و بين الجمرة قدر عشرة أذرع أو خمسة عشر ذراعا فاذا أتيت رحلك و رجعت من الرمي فقل «اللهم بك وثقت و عليك توكّلت فنعم الربّ و نعم المولي و نعم النصير» قال:

و يستحب أن ترمي الجمار علي طهر «1» اضف الي ذلك السيرة العملية الخارجية فانها تدل أيضا علي الوجوب.

الجهة الثانية: أن يكون الرمي يوم العيد و تدل علي المدعي مضافا الي السيرة الخارجية عدة روايات منها ما رواه جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قلت له: الي متي يكون رمي الجمار فقال: من ارتفاع النهار الي غروب الشمس «2» و منها ما رواه صفوان بن مهران قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ارم الجمار ما بين طلوع الشمس الي غروبها «3» و منها ما رواه أيضا: قال: الرمي ما بين

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مصباح الناسك في شرح المناسك، دو جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1425 ه ق مصباح الناسك في شرح المناسك؛ ج 2، ص: 279

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة.

(2) الباب 13 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 280

______________________________

طلوع الشمس الي غروبها «1» و منها ما رواه منصور بن حازم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: رمي الجمار ما بين طلوع الشمس الي غروبها «2» و منها ما رواه زرارة و ابن اذينة

عن أبي جعفر عليه السّلام أنه قال للحكم بن عتيبة ما حدّ رمي الجمار فقال: الحكم عند زوال الشمس فقال أبو جعفر عليه السّلام: يا حكم أ رأيت لو أنهما كانا اثنين فقال احدهما لصاحبه احفظ علينا متاعنا حتي ارجع أ كان يفوته الرمي هو و اللّه ما بين طلوع الشمس الي غروبها «3» و منها ما رواه أبو بصير و صفوان و منصور بن حازم جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: رمي الجمار من طلوع الشمس الي غروبها «4» و منها ما رواه اسماعيل بن همام قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام قول:

لا ترم الجمرة يوم النحر حتي تطلع الشمس الحديث «5».

الجهة الثالثة: أنه يعتبر فيه قصد القربة ادعي عليه الاجماع و لا اشكال في اعتبار قصد القربة فيه لانه عبادة و قوام العبادية بقصد القربة.

الجهة الرابعة: أنه يلزم أن يكون الرمي بسبع حصيات قال في الحدائق عليه الخاصة و العامة و يدل عليه من النصوص ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال في رجل أخذ احدي و عشرين حصاة فرمي بها فزادت واحدة فلم يدر أيّهن نقص قال فليرجع و ليرم كل واحدة بحصاة فان سقطت من رجل

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 5.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

(5) نفس المصدر، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 281

______________________________

حصاة فلم يدر ايّهنّ هي فليأخذ من تحت قدميه حصاة و يرمي بها الحديث «1» و بعد ما ثبت بالدليل وجوب رمي العدد المخصوص من الحصيات لا يجزي رمي الأقل كما أنه لا يجزي غير الحصاة فان الاجزاء بغير المأمور به

خلاف القاعدة الأولية.

الجهة الخامسة: أن يكون رمي الحصيات واحدة بعد واحدة و الدليل عليه السيرة القطعية المتصلة بزمانهم و تقيد المتشرعة بالقيد المذكور و يمكن الاستدلال علي المدعي بطائفة من النصوص منها ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: قلت ما أقول إذا رميت قال: كبّر مع كل حصاة «2» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: خذ حصي الجمار الي أن قال ثم ترمي فتقول مع كل حصاة اللّه أكبر «3».

فإن اشتراط الرمي بالنحو المذكور مستفاد من هذه الطائفة و هذا العرف ببابك و بعبارة اخري ان التكبير و لو كان مستحبا لكن قد فرض ان الرمي بكل حصاة في ضمن مرات و يؤيد المدعي بالاجماع المدعي و بعدم الخلاف.

الجهة السادسة: أن تصل الحصيات الي الجمرة قال في الحدائق و هو مما لا خلاف فيه بين كافة العلماء و يمكن الاستدلال عليه بان المأمور به لا يتحقق و لا يصدق الّا بالوصول إليها و يدل علي المدعي بوضوح حديث معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: فان رميت بحصاة فوقعت في محمل فاعد

______________________________

(1) الوسائل: الباب 7 من أبواب العود الي مني الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 11 من أبواب رمي جمرة العقبة، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 282

______________________________

مكانها و إن أصابت انسانا أو جملا ثم وقعت علي الجمار اجزأك «1».

الجهة السابعة: أن يكون وصولها الي الجمرة بواسطة الرمي فإن الوضع لا يكون رميا فلا يكفي الوضع ثم أنه إذا لاقت جسما ثم وصلت الي الجمرة هل يكون

كافيا فنقول تارة تصل الي جسم ثم تصل الي الجمرة بحيث لا يكون مسببا عن الوصول الي ذلك الشي ء و اخري يكون أما علي الأول فلا اشكال في الكفاية و يدل عليه بوضوح حديث معاوية و أما علي الثاني فربما يقال بعدم الكفاية لانه لا يصدق أن رميه صار سببا للوصول الي الجمرة فلا يكفي و يرد عليه أن مقتضي اطلاق حديث عمّار الكفاية بلا فرق بين الحالتين مضافا الي أنه يكفي الصدق العرفي فانه لا اشكال في انّ رميه سبب في اصابتها فلاحظ.

الجهة الثامنة: أن يكون الرمي بين طلوع الشمس و غروبها و الدليل عليه جملة من النصوص «2» ان قلت يستفاد من حديث جميل ان المبدأ الزماني ارتفاع النهار فيقع التعارض بينه و بين بقية الروايات المستفاد منها ان المبدأ طلوع الشمس و مع الشك لا بد من الاقتصار علي المقدار الأقل قلت المستفاد من حديث اسماعيل بن همام و هو السابع من نصوص الباب أنّ المبدأ طلوع الشمس و عند التعارض الترجيح للاحدثية مضافا الي انّ السيرة العملية الجارية بين أهل الشرع تدل علي انّ المبدأ طلوع الشمس فلا مجال للاشكال هذا بالنسبة الي المختار و أما بالنسبة الي ذوي الاعذار فيجوز لهم الرمي ليلة العيد و الدليل عليه طائفة من

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب رمي جمرة العقبة، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 279- 280.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 283

[(مسألة 377): إذا شك في الاصابة و عدمها بني علي العدم]

(مسألة 377): إذا شك في الاصابة و عدمها بني علي العدم الّا أن يدخل في واجب آخر مترتب عليه أو كان الشك بعد دخول الليل (1).

______________________________

النصوص «1».

(1) إذا شك في الاصابة و عدمها يحكم بعدمها للاستصحاب و في تقرير سيدنا

الاستاد للاشتغال أو الاستصحاب و هذه الجملة تدل علي عدم اعتبار الاشتغال في هذه الموارد و من الغريب الترديد بين الأمرين إذا مع جريان الاستصحاب كما يجري لا تصل النوبة الي الاشتغال فإن الاشتغال فرع الشك و مع الاستصحاب لا يبقي الشك فانه أصل محرز بل أمارة حيث لا أمارة و لذا قيل الاستصحاب فرش الامارات و عرش الاصول و أفاد الماتن لا يعتني بالشك في موردين أحدهما فيما دخل في واجب آخر فيحكم بالصحة لتمامية قاعدة التجاوز ثانيهما ما لو كان الشك بعد دخول الليل لقاعدة الحيلولة.

أقول: أما قاعدة التجاوز فقد تكلمنا حولها عل نحو التفصيل و قلنا لا دليل عليها فلا مجال للأخذ بها و إذا صدق الفراغ و دخل في شي ء آخر مترتب عليه، لا بأس بالأخذ بقاعدة الفراغ فانها تجري فيما لو صدق الفراغ عن العمل و الدخول في الغير قال عليه السّلام: يا زرارة إذا شككت في شي ء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي ء، و أما قاعدة الحيلولة فيدل عليها ما روي عن أبي جعفر أرواحنا فداه قال:

متي استيقنت أو شككت في وقت فريضة انك لم تصلها أو في وقت فوتها انك لم تصلها صليتها و إن شككت بعد ما خرج وقت الفوت و قد دخل حائل فلا اعادة عليك من شك حتي تستيقن فان استيقنت فعليك أن تصليها في أي حالة

______________________________

(1) لاحظ ص 265- 266.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 284

[(مسألة 378): يعتبر في الحصيات أمران]

(مسألة 378): يعتبر في الحصيات أمران:

1- أن تكون من الحرم و الافضل أخذها من المشعر.

2- أن تكون ابكارا علي الأحوط بمعني أنها لم تكن مستعملة في الرمي قبل ذلك و يستحب فيها أن تكون ملوّنة و

منقطة و رخوة و أن يكون حجمها بمقدار انملة و أن يكون الرامي راجلا و علي طهارة (1).

______________________________

كنت «1» فلا بد من التفصيل بأن نقول إذا شك في الاصابة فإمّا يكون شكه قبل الدخول في الغير أو قبل الدخول في الليل و إمّا لا اما علي الأول فلا بد من الاعتناء و ترتب الأثر للاستصحاب و أما علي الثاني فلا يعتني إما لقاعدة الفراغ أو لقاعدة الحيلولة.

(1) أما اعتبار أن تكون من الحرم فيدل عليه حديث زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: حصي الجمار ان أخذته من الحرم اجزأك و ان أخذته من غير الحرم لم يجزئك الحديث «2» و أما كونها من المزدلفة أفضل فيدل عليه حديث معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خذ حصي الجمار من جمع فان أخذته من رحلك بمني أجزأك «3» و أما أن الأحوط كونها بكرا فأدعي علي اعتبارها بكرا الاجماع و عدم الخلاف و ربما يستدل عليه بجملة من النصوص منها ما أرسله حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حصي الجمار قال: لا تأخذه من موضعين من خارج الحرم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 23 من أبواب الخلل الواقع و الصلاة، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 4 من أبواب رمي جمرة العقبة، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 285

______________________________

و من حصي الجمار الحديث «1» و منها ما رواه عبد الأعلي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: لا تأخذ من حصي الجمار و رواه الصدوق مرسلا الا أنه قال لا تأخذ من حصي الجمار الذي قد رمي «2».

و هذه النصوص ضعيفة لا يعتد بها و أما

استحباب كونها ملوّنة و منقطة فيدل عليه ما روي عن أبي الحسن عليه السّلام قال: حصي الجمار تكون مثل الأنملة و لا تأخذها سوداء و لا بيضاء و لا حمراء خذها كحلية منقطة «3» و أما استحباب كونها رخوة فيدل عليه ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حصي الجمار قال: كره الصم منها و قال خذ البرش «4» فإنه كره الصم لكن المستفاد من هذه الرواية كراهة الصم لا استحباب كونها رخوة و أما استحباب كونها بمقدار الانملة فيدل عليه حديث البزنطي المتقدم ذكره آنفا و أما استحباب كون الرامي راجلا فيدل عليه حديث علي بن جعفر عن أخيه عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يرمي الجمار ماشيا «5» فان قوله عليه السّلام كان رسول اللّه يدل علي رجحان كون الرامي راجلا و أما استحباب كون الرامي علي طهارة فتدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الجمار فقال: لا ترم الجمار الّا

______________________________

(1) الباب 5 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(2) نفس الباب، الحديث 2.

(3) الوسائل: الباب 20 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 2.

(4) نفس المصدر، الحديث 1.

(5) الوسائل: الباب 9 من أبواب رمي جمرة العقبة، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 286

______________________________

و أنت علي طهر «1».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال:

و يستحب ان ترمي الجمار علي طهر «2» و منها ما رواه أبو غسان حميد بن مسعود قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رمي

الجمار علي غير طهور قال: الجمار عندنا مثل الصفا و المروة حيطان ان طفت بينهما علي غير طهور لم يضرك و الطهر أحبّ إليّ فلا تدعه و أنت قادر عليه «3» و منها ما رواه علي بن الفضل الواسطي عن أبي الحسن عليه السّلام قال: لا ترم الجمار الّا و أنت طاهر «4» و لا يعارض هذه الروايات حديثا الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الغسل إذا رمي الجمار فقال: ربما فعلت فامّا السنة فلا و لكن من الحرّ و العرق «5» و رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الغسل إذا أراد أن يرمي فقال: ربما اغتسلت فامّا من السنة فلا «6» فإن المستفاد من الحديثين ان الغسل لم يشرع في الشريعة للرمي و لا تنافي بين عدم مشروعية الغسل و استحباب كون الرمي حال الطهارة فلاحظ، و حيث انّ وجوب كونه مع الطهارة مقطوع العدم لا تصل النوبة الي ملاحظة النسبة بين النصوص التي يدل بعضها علي الوجوب و بعضها علي الاستحباب.

______________________________

(1) الباب 2 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 5.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

(5) نفس المصدر، الحديث 2.

(6) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 287

[(مسألة 379): إذا زيد علي الجمرة في ارتفاعها ففي الاجتزاء برمي المقدار الزائد اشكال]

(مسألة 379): إذا زيد علي الجمرة في ارتفاعها ففي الاجتزاء برمي المقدار الزائد اشكال فالأحوط أن يرمي المقدار الذي كان سابقا فإن لم يتمكن من ذلك رمي المقدار الزائد بنفسه و استناب شخصا آخر لرمي المقدار المزيد عليه و لا فرق في ذلك بين العالم و الجاهل و الناسي (1).

______________________________

(1) صور الماتن في المقام

صورا:

الأولي: أن تكون الجمرة هي التي كانت في زمن الرسول صلي اللّه عليه و آله و سلم و انما طليت بالجص و نحوه بحيث يعد المزيد جزءا من المزيد عليه و حكم بكفاية رميها لتحقق الموضوع و حصول المأمور به و ما أفاده تام.

الثانية: أن تكون الجمرة الموجودة في زماننا غير تلك الجمرة التي كانت موجودة في زمن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم و لكن مكانها ذلك المكان و طولها ذلك الطول و في هذه الصورة حكم أيضا بتحقق الامتثال للقطع بأن الجمرة التي كانت في زمانه غير باقية الي الآن فالأمر برمي الجمرة الي يوم القيامة يقتضي كفاية رمي الجمرة الموجودة و لو مع القطع بأنها غيرها و هذا الذي أفاده غير تام أما أولا فانّه فرق بين ان يتحلّل شي ء من موجود واحد و تبدله بما يقوم مقامه و بين انعدام شي ء و وجود شي ء آخر مشابه له مكانه فانه في الفرض الأول يصدق أنه هو فلو فرضنا أن زيدا صار عمره طويلا و في أثر طول العمر كل واحد من أجزائه تبدل الي ما يقوم مقامه يصدق أن الموجود الحالي هو الذي كان قبل سنين و أما لو مات و خلق انسان مثله في جميع الجهات لا يصدق عليه أنه زيد و هذا واضح بل أوضح الواضحات.

و ثانيا: أنه كيف نقطع بانعدام تلك الجمرة التي كانت في زمانه و الحال أنه من الممكن بقاء شي ء طوال سنين طويلة بل في طول قرون.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 288

______________________________

و ثالثا: أنه يلزم من كلامه أنه لو انعدمت الجمرة بسبب بالكليّة و بني مكانها ما يكون شبيها لها يكفي رميها

بحجة ان الحكم لا شرعي يبقي الي القيامة و هذا من غرائب الكلام فان الحكم لا شرعي انما يبقي مع بقاء موضوعه و أما مع انعدام الموضوع و قيام شي ء آخر مباين معه مقامه فلا يمكن الالتزام بترتب الحكم فان الحكم الشرعي مشروط بوجود الموضوع و مع انتفائه لا يمكن وجود الحكم و الحق أن يقال انّ الظاهر انّ القضية خارجية و يمكن بقائها من ذلك الزمان الي الزمان الحاضر لتعميرها في كل وقت ان قلت مع الشك في انعدامها لا طريق الي اثبات بقائها بالاستصحاب إذ اثبات كون الجمرة الموجودة تلك الجمرة السابقة بالاستصحاب يتوقف علي القول بالاثبات الذي لا نقول به فانّ استصحاب بقاء ما كان في زمن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم الي هذا الزمان يستلزم عقلا انّ هذا الموجود عين ما كان في ذلك الزمان و المقرر عدم اعتبار الاثبات في الاستصحاب.

قلت: يمكن أن يقال بأنّ الانسان يطمئن ببقائها إذ لو انهدمت لبان و ظهر فانها من قوام دين الاسلام فكيف يمكن أن يبقي تحت الستار فلاحظ.

الثالثة: أن يزاد علي الجمرة و تصير اعلي حكم بعدم كفاية رمي اعلاها لخروج ما زيد عليها عن عنوان الموضوع.

و يرد عليه انّ الاعلام الشخصية موضوعة للذوات الخارجية لا بشرط الزيادة و النقيصة و لذا نري انّ لفظ زيد الموضوع لتلك الذات الفلانية يصدق علي تلك الذات من أول ولادتها الي زمان موتها مع ورود تغيّرات عليها و حكم الامثال واحد فالحق أنه بحسب الصناعة يكفي رمي المقدار المزيد ما دام صدق العنوان بأن يشار الي الجمرة و يقال صارت أعلي بالنسبة الي السنة الماضية

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 289

[(مسألة 380): إذا لم يرم يوم العيد نسيانا أو جهلا منه بالحكم]

(مسألة 380): إذا لم يرم يوم العيد نسيانا أو جهلا منه بالحكم لزمه التدارك الي اليوم الثالث عشر حسبما تذكّر أو علم فإن علم أو تذكّر في الليل لزمه الرمي في نهاره إذا لم يكن ممن قد رخص له الرمي في الليل و سيجي ء ذلك في رمي الجمار و لو علم أو تذكّر بعد اليوم الثالث عشر فالأحوط أن يرجع الي مني و يرمي و يعيد الرمي في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه و إذا علم أو تذكّر بعد الخروج من مكة لم يجب عليه الرجوع بل يرمي في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه علي الأحوط (1).

______________________________

و العرف ببابك و لقائل أن يقال فرق بين المقام و الانسان فان الانسان قوامه بالحقيقة الانسانية و هي باقية و لو مع التغيرات الواقعة علي الفرد و لكن الجمرة التي تكون محل الكلام قوامها بالمقدار الذي بني عليه فما أفاده سيدنا الاستاد تام فاذا فرض انّ الموضوع للحكم شي ء خاص لا بدّ من الاقتصار عليه بلا فرق بين العالم و الجاهل و الناسي لعدم الدليل علي التفريق فلاحظ.

(1) تارة يكون منشأ الترك النسيان و اخري الجهل أمّا علي الأول فيدل علي المدعي ما رواه ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أفاض من جمع حتي انتهي الي مني فعرض له عارض فلم يرم حتي غابت الشمس قال: يرمي إذا اصبح مرتين مرّة لما فاته و الاخري ليومه الذي يصبح فيه و ليفرق بينهما يكون أحدهما بكرة و هي للأمس و الأخري عند زوال الشمس «1» هذا بالنسبة الي عروض النسيان بعد انتهائه الي مني تامّ و لكن إذا فرض ان النسيان صار عارضا قبل

______________________________

(1)

الوسائل: الباب 15 من أبواب رمي جمرة العقبة، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 290

[(مسألة 381): إذا لم يرم يوم العيد نسيانا أو جهلا فعلم أو تذكّر بعد الطواف فتداركه]

(مسألة 381): إذا لم يرم يوم العيد نسيانا أو جهلا فعلم أو تذكّر بعد الطواف فتداركه لم تجب عليه اعادة الطواف و إن كانت الاعادة أحوط و أما إذا كان الترك مع العلم و العمد فالظاهر بطلان طوافه فيجب عليه أن يعيده بعد تدارك الرمي (1).

______________________________

وصوله و انتهائه الي مني يشكل الأمر لعدم صدق الحديث عليه فانّ الموضوع في الحدث عنوان عروض عارض له و هذا العنوان ظاهر في الحدوث و أما إذا كان العذر الجهل فيشكل الأخذ بالحديث إذ الجهل لا يكون امرا عارضيّا و لكن الانصاف انّ العرف يفهم من الحديث أنه منعه عن العمل بالوظيفة أمر بلا خصوصية للحدوث أو البقاء و بلا خصوصية للنسيان أو الجهل نعم إذا لم يكن العذر شرعيّا و وجيها لا يمكن الأخذ بالحديث بدعوي الاطلاق فانّ الظاهر من الحديث أن يكون العارض موجبا لصيرورته معذورا و هذا العرف ببابك ثم انّ المستفاد من الحديث بيان حكم من ترك الرمي اليوم العاشر بأن يرمي إذا أصبح و أما في غير هذه الصورة من الصور التي تعرض لها الماتن فالظاهر أنه يشكل اتمام الحكم فيها بالدليل و قياس المقام بمقام نسيان رمي الجمار في اليوم الحادي عشر و الثاني عشر بلا وجه و لكن مقتضي الاحتياط العمل بما في المتن و أما مقتضي الصناعة فإنه لو لم يتوجه حتي قضي اليوم الحادي عشر لم يكن عليه شي ء اللهم إلّا أن يقال انّ مقتضي القاعدة بطلان الحج فانّ المركب يفسد بفقدان بعض أجزائه أو شرائطه الا أن يقوم اجماع تعبدي كاشف عن

رأي المعصوم علي عدم البطلان.

(1) قد فصل الماتن بين صورة العمد و العذر فحكم بالبطلان و لزوم الاعادة و حكم بالصحة في صورة العذر أما الحكم بالبطلان في صورة العمد فعلي طبق القاعدة الأولية و لا دليل علي الكفاية و أما الصحة في صورة العذر فاستدل عليها

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 291

______________________________

بحديث جميل بن درّاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق قال: لا ينبغي الّا أن يكون ناسيا قال: انّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم أتاه اناس يوم النحر فقال بعضهم يا رسول اللّه اني حلقت قبل أن أذبح و قال بعضهم حلقت قبل أن أرمي فلم يتركوا شيئا كان ينبغي أن يؤخّروه الّا قدموه فقال: لا حرج «1» بدعوي انّ المستفاد من الحديث انّ التقديم و التأخير في أفعال الحج إذا لم يكن عمديا يكون مغتفرا بحكم الرسول أرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء و هذه الدعوي غير مسموعة فانّ المستفاد من الحديث انّ التقديم و التأخير إذا كان عن عذر لا بأس به و بعبارة اخري إذا قدم ما حقه التأخير و آخر ما حقه التقديم و التفت بعد ذلك لا يضر و لا يشمل الحديث صورة الالتفات قبل العمل و مقامنا في مفروض الكلام كذلك إذ المفروض أنه بعد الطواف التفت بفساد عمله و أنه يجب فيه التأخير فلا يشمله الحديث و عليه يلزم اعادة الطواف بعد الاتيان بالرمي فلاحظ و اغتنم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 39 من أبواب الذبح، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 292

[الخامس من واجبات حج التمتع الذبح أو النحر في مني]

اشارة

2- الذبح أو النحر في مني و هو الخامس من واجبات حج

التمتع و يعتبر فيه قصد القربة و الايقاع في النهار و لا يجزيه الذبح أو النحر في الليل و إن كان جاهلا نعم يجوز للخائف الذبح و النحر في الليل و يجب الاتيان به بعد الرمي و لكن لو قدمه علي الرمي جهلا أو نسيانا صح و لم يحتج الي الاعادة و يجب أن يكون الذبح أو النحر بمني و إن لم يمكن ذلك كما قيل أنه كذلك في زماننا لأجل تغيير المذبح و جعله في وادي محسّر فإن تمكّن المكلف من التأخير و الذبح أو النحر في مني و لو كان ذلك الي آخر ذي الحجة حلق أو قصّر و احلّ بذلك و أخّر ذبحه أو نحره و ما يترتب عليهما من الطواف و الصلاة و السعي و إلّا جاز له الذبح في المذبح الفعلي و يجزئه ذلك (1).

______________________________

(1) الواجب الخامس من واجبات حج التمتع الذبح أو النحر في مني و في هذا المقام جهات من البحث:

الجهة الأولي: في أصل وجوب الذبح أو النحر و الظاهر أنه لا خلاف بين الاصحاب في وجوب الهدي بل ادعي عليه الاجماع أضف الي ذلك السيرة الخارجية و ارتكاز وجوبه في اذهان أهل الشرع و يدل عليه من الكتاب قوله تعالي وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لٰا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّٰي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذٰا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2،

ص: 293

______________________________

ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ شَدِيدُ الْعِقٰابِ «1» و يدل عليه من السنة ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال:

سألته عن المتمتع كم يجزيه قال: شاة، الحديث «2».

الجهة الثانية: أنه يعتبر فيه قصد القربة لانه من أفعال الحج الذي من العبادات مضافا الي السيرة الجارية و ارتكاز أهل الشرع عليه.

الجهة الثالثة: أنه يشترط فيه وقوعه في النهار قال في الحدائق الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب رضوان اللّه تعالي عليهم في أنّ الزمان الذي يجب فيه ذبح الهدي و نحره هو يوم النحر و هو عاشر ذي الحجة و أنه يجوز الي تمام ذي الحجة «3» الي آخر كلامه، و قال في المستند المشهور كما في شرح المفاتيح أنه يجب أن يكون الذبح أو النحر يوم النحر مع الامكان و في المدارك أنه قول علمائنا و أكثر العامة و في الذخيرة لا أعلم فيه خلافا بين أصحابنا و قيل أنه اتفاقي الخ «4».

و قال سيدنا الاستاد في هذا المقام لا اشكال و لا خلاف في لزوم ايقاع الذبح أو النحر في نهار يوم العيد و لا يجزي ايقاعه في ليلة العيد «5» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه و يمكن الاستدلال علي المدعي بالسيرة الجارية المتصلة بزمان الأئمة و الرسول الأكرم و ارتكاز أهل الشرع و يؤيد المدعي بل يدل عليه التعبير عن يوم

______________________________

(1) البقرة: 196.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(3) الحدائق: ج 17 ص 76.

(4) مستند الشيعة: ج 12 ص 299.

(5) المعتمد: ج 29 ص 235.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 294

______________________________

العيد بيوم النحر لاحظ

ما رواه اسماعيل بن همام «1» و لاحظ ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السّلام قال: سألته عن رمي الجمرة يوم النحر ما لها ترمي وحدها و لا يرمي من الجمار غيرها يوم النحر فقال قد كنّ يرمين كلهنّ و لكنهم تركوا ذلك فقلت جعلت فداك فأرميهن قال: لا ترمهنّ أ ما ترضي أن تصنع مثل ما نصنع «2» و لاحظ ما رواه حمران قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رمي الجمار فقال: كنّ يرمين يوم النحر فرميتها جميعا بعد ذلك ثم حدّثته فقال لي أ ما ترضي أن تصنع كما كان علي عليه السّلام يصنع فتركته «3» و عن أيام التشريق بأيام الأضحية لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السّلام قال: سألته عن الأضحي كما هو بمني فقال: أربعة أيام و سألته عن الأضحي في غير مني فقال: ثلاثة أيام فقلت: نما تقول في رجل مسافر قدم بعد الأضحي بيومين الا أن يضحي في اليوم الثالث فقال: نعم «4» و لاحظ ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الأضحي بمني فقال: أربعة أيّام و عن الأضحي في سائر البلدان فقال: ثلاثة أيام «5» و لاحظ ما رواه الساباطي أيضا مثله و زاد و قال: لو أنّ رجلا قدم الي أهله بعد الأضحي بيومين ضحي اليوم الثالث الذي يقدم فيه «6» و لاحظ ما رواه غياث بن ابراهيم عن

______________________________

(1) لاحظ ص 280.

(2) الوسائل: الباب 16 من أبواب رمي جمرة العقبة، الحديث 2.

(3) الوسائل: الباب 16 من أبواب رمي جمرة العقبة، الحديث 3.

(4) الوسائل: الباب 6 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(5) نفس المصدر،

الحديث 2.

(6) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 295

______________________________

جعفر عن أبيه عن علي عليهم السّلام قال: الأضحي ثلاثة أيام و أفضلها أولها «1» و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الأضحي يومان بعد يوم النحر و يوم واحد بالامصار «2».

فانّ التقسيم قاطع للشركة و يمكن الاستدلال علي المدعي لجواز الذبح و النحر بالليل للخائف بما رواه عبد اللّه بن سنان «3» إذ لو كان جائزا بالليل لم يبقي موضوع للحكم المذكور و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوب كون الذبح أو النحر بعد الرمي و قد تقدم انّ الرمي يجب أن يكون في النهار لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا رميت الجمرة فاشتر هديك إن كان من البدن أو البقر و الّا فاجعله كبشا سمينا فحلا فإن لم تجد فموجأ من الضأن فان لم تجد فتيسا فحلا فان لم تجد فما تيسر عليك و عظّم شعائر اللّه عزّ و جلّ فانّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم ذبح عن امهات المؤمنين بقرة بقرة و نحر بدنة «4» فتأمّل و يمكن الاستدلال بما رواه زرعة قال: سألته عن رجل احصر في الحج قال: فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه و محلّه ان يبلغ الهدي محله و محله مني يوم النحر إذا كان في الذبح و إن كان في عمرة نحر بمكة فان ما عليه أن يعد لذلك يوما فاذا كان ذلك اليوم فقد و في ذلك اليوم و إن اختلفوا في الميعاد لم يضره إن شاء اللّه تعالي «5» فالنتيجة ان الهدي لا بدّ

______________________________

(1) نفس المصدر،

الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 7.

(3) لاحظ ص 265.

(4) الوسائل: الباب 8 من أبواب الذبح، الحديث 4.

(5) الوسائل: الباب 2 من أبواب الاحصار و الصد، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 296

______________________________

أن يكون في النهار بلا فرق بين العالم و الجاهل إذ لا دليل علي التفصيل و مقتضي اطلاق النص عدم الفرق لكن يجوز للخائف الذبح أو النحر في الليل لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «1».

الجهة الرابعة: أنه يجب أن يكون بعد الرمي لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا رميت الجمرة فاشتر هديك الحديث «2» لكن لو قدمه علي الرمي جهلا أو نسيانا لا يحتاج الي الاعادة و الدليل عليه ما رواه جميل بن دراج «3» و في المقام اشكال و هو انّ المذكور في الحديث عنوان النسيان و الحاق الجهل به لا دليل عليه و حديث أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السّلام جعلت فداك ان رجلا من أصحابنا رمي الجمرة يوم النحر و حلق قبل أن يذبح فقال: انّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم لما كان يوم النحر أتاه طوائف من المسلمين فقالوا يا رسول اللّه ذبحنا من قبل أن نرمي و حلقنا من قبل أن نذبح فلم يبقي شي ء مما ينبغي أن يقدموه الّا اخّروه و لا شي ء ممّا ينبغي أن يؤخّروه الّا قدّموه فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم لا حرج لا حرج «4» و إن كان مطلقا لكن سنده ضعيف بسهل مضافا الي أنه يلزم تقييده بحديث جميل و يمكن رفع الاشكال بأن الكبري

الكلية المنقولة عن رسول اللّه مطلقة تشمل الجهل و النسيان عليهما و لا فرق بين حديث ابن سنان و حديث أحمد بن محمد من حيث المفاد فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 265.

(2) الوسائل: الباب 39 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(3) لاحظ ص 291.

(4) الوسائل: الباب 39 من أبواب الذبح، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 297

______________________________

الجهة الخامسة: أنه يلزم أن يكون الذبح أو النحر في مني و الدليل عليه السيرة المستمرة من زمان الرسول الأكرم الي زماننا و ارتكاز لزومه في أذهان أهل الشرع و يدل علي المدعي قوله تعالي: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لٰا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّٰي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذٰا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ شَدِيدُ الْعِقٰابِ «1» فان المستفاد من الآية الشريفة ان للهدي محلا خاصا و لا اشكال في انّ محله ليس غير مني و يدل عليه من النصوص ما رواه زرعة «2» و يدل عليه ما رواه عبد الأعلي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا هدي الّا من الابل و لا ذبح الّا بمني «3» فالنتيجة أنه يلزم ايقاع الذبح أو النحر في مني يوم العيد هذا في صورة الامكان و أما ان لم يتمكن فتارة يستمر عدم الامكان الي آخر ذي الحجة و اخري يرتفع العذر و

يمكن ايقاعه في مني أيام التشريق أو بعدها فهنا صورتان:

الصورة الأولي: فقد أفاد سيدنا الاستاد بأن مقتضي القاعدة لزوم ايقاعه في المذبح الفعلي يوم العيد و الوجه فيه أنّ ما دل من الكتاب وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لٰا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّٰي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ

______________________________

(1) البقرة: 196.

(2) لاحظ ص 295.

(3) الوسائل: الباب 4 من الذبح، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 298

______________________________

فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذٰا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ شَدِيدُ الْعِقٰابِ «1» وَ الْبُدْنَ جَعَلْنٰاهٰا لَكُمْ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ لَكُمْ فِيهٰا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ عَلَيْهٰا صَوٰافَّ فَإِذٰا وَجَبَتْ جُنُوبُهٰا فَكُلُوا مِنْهٰا وَ أَطْعِمُوا الْقٰانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ كَذٰلِكَ سَخَّرْنٰاهٰا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «2» و السنة: ما رواه زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السّلام في المتمتع قال: و عليه الهدي قلت: و ما الهدي فقال: أفضله بدنة و أوسطه بقرة و آخره شاة «3» علي وجوب الهدي مطلق و غير مقيد بمكان خاص و دليل المقيد لا اطلاق فيه بل يدل علي التقييد مع الامكان و عليه يبقي دليل اصل الوجوب بحاله و لا وجه لرفع اليد عنه هذا ملخص ما أفاده بالنسبة الي هذه الصورة أقول: ما أفاده علي ما في تقريره الشريف لا يمكننا تصديقه إذ استفيد من الآية الشريفة و الرواية كما

تقدم انّ الذبح أو النحر لهما محل مخصوص و قد صرح في الحديث بأن محله مني و مع ذلك كيف يمكن أن يقال انّ الاطلاق يبقي بحاله مثلا إذا فرضنا أن المولي أمر باتيان الصلاة و قال في دليل آخر يجب ايقاعها في الساعة الفلانية و في المكان الفلاني و مع اللباس الكذائي فهل يمكن أن يقال مع التعذر يجب الاتيان بها في الليل في المكان الآخر مع غير ذلك اللباس كلا ثم كلا و الوجه فيه انّ المستفاد من الدليل وحدة المطلوب و بعبارة اخري دليل

______________________________

(1) البقرة: 196.

(2) الحج: 36.

(3) الوسائل: الباب 10 من أبواب الذبح، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 299

______________________________

الاشتراط يقيد الواجب علي نحو الاطلاق و لا يكون مختصا بخصوص زمان القدرة و التمكن و قد صرح في الآية بقوله تعالي: حَتّٰي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ و قد علم من الآية الشريفة انّ للهدي محلا خاصا و لم يقيد الحكم بالقدرة و أيضا قد صرح في حديث زرعة «1» بأن محله مني يوم النحر و لا يكاد ينقضي تعجبي عما صدر عنه مع أنه خريت الفن و لكن العصمة خاصة بأهلها نعم لا تصل النوبة الي الصوم لأنّ موضوعه عدم وجدان الهدي و المقام لا يكون كذلك و صفوة القول انّ الأوامر المتعلقة باجزاء المركب لا تكون أوامر مولوية بل ارشادية من المولي الي الجزئية أو الشرطية و ذكرنا كرارا أنه لا اساس للوجوب الضمني فما أفاده في هذه الصورة لا يمكن مساعدته.

أما الصورة الثانية و هي ما لو امكن ايقاع الهدي في مني و لو أتي آخر شهر ذي الحجة فأفاد قدّس سرّه أنه يجب عليه الحلق في يوم

العيد و تأخير الذبح أو النحر و ما يترتب عليه الي زمان امكان ايقاعه في مني و الوجه فيه انّ ايقاع الذبح في يوم العيد مبني علي الاحتياط و الوجه في وجوبه أن التقصير يجب أن يكون في يوم العيد و المفروض ترتب التقصير علي الذبح لاحظ ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا ذبحت أضحيتك فاحلق رأسك و اغتسل و قلّم أظفارك و خذ من شاربك «2» و من الظاهر انّ الحلق مترتب علي الذبح الصحيح و المفروض انّ الذبح الصحيح ما يكون في مني و المفروض عدم امكانه في يوم العيد فيسقط الترتيب المذكور و يدل علي المدعي حديث حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في متمتع يجد

______________________________

(1) لاحظ ص 295.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 300

______________________________

الثمن و لا يجد الغنم قال: يخلف الثمن عند بعض أهل مكة و يأمر من يشتري له و يذبح عنه و هو يجزئ عنه فان مضي ذو الحجة اخّر ذلك الي قابل من ذي الحجة «1» فان المستفاد من الحديث ان تأخير الذبح في مفروض الرواية جائز.

أقول: ما أفاده بالنسبة الي الصورة الثانية أيضا غير تام فانه يرد عليه أولا أنه قد صرح في أول البحث بوضوح لزوم كون الذبح في يوم العيد و استدل عليه بعدة أمور.

و ثانيا: أنه إذا فرضنا أن الحلق يلزم أن يكون بعد الذبح فلا مجال له إذا لم يمكن الذبح و بعبارة واضحة مع عدم امكان العمل بالشرط يكون مقتضي القاعدة سقوط الوجوب عن المركب نعم في باب الصلاة قد قام الدليل علي

أنها لا تسقط بحال و الحاصل بعد البناء علي وجوب الذبح في يوم العيد لا وجه للاكتفاء به بلا قيد و أما حديث حريز فهو وارد في مورد خاص و دائرة مخصوصة و لا يمكن التعدي عن موردها إذا عرفت ما تقدّم نقول مقتضي حديث سماعة «2» جواز ايقاع الذبح أو النحر في وادي محسّر و أما مع عدم الامكان كما هو كذلك علي حسب النقل يشكل الاكتفاء بل لا بدّ من اعادة الحج مع بقاء الاستطاعة و امكان الاتيان بالحج الكامل الجامع لجميع الأجزاء و الشرائط و الاحتياط ينبغي أن لا يترك.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 44 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 229.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 301

[مسائل في الهدي]
[(مسألة 382): الأحوط أن يكون الذبح أو النحر يوم العيد]

(مسألة 382): الأحوط أن يكون الذبح أو النحر يوم العيد و لكن إذا تركهما يوم العيد لنسيان أو لغيره من الأعذار أو لجهل بالحكم لزمه التدارك الي آخر أيام التشريق و ان استمر العذر جاز تأخيره الي آخر ذي الحجة فاذا تذكر أو علم بعد الطواف و تداركه لم تجب عليه اعادة الطواف و إن كانت الاعادة أحوط و أما إذا تركه عالما عامدا فطاف فالظاهر بطلان طوافه و يجب عليه أن يعيده بعد تدارك الذبح (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أن الأحوط كون الذبح أو النحر يوم العيد.

أقول: قد ظهر مما تقدم انّ الأظهر كذلك و ما أفاده في المقام يناقض ما تقدم منه من تصريحه بعدم الخلاف و الأشكال في لزوم كون الذبح أو النحر يوم العيد و كيف كان لا اشكال في وجوب ايقاع الهدي يوم العيد بالسيرة الخارجية و الارتكاز المتشرعي و التعبير عن يوم العيد بيوم النحر مضافا

الي لزوم ترتب الحلق علي الذبح و لزوم الحلق يوم العيد فيلزم كون الذبح في ذلك اليوم.

الفرع الثاني: أنه لو فات الترتيب بأن حلق قبل الذبح يتدارك الذبح و فوات الترتيب لعذر جهلا كان أو غيره لا يوجب الفساد و استدل الماتن علي المدعي بحديثي جميل بن دراج «1» و محمد بن حمران قال: سألت أبا عبد اللّه عن رجل زار البيت قبل أن يحلق قال: لا ينبغي الا أن يكون ناسيا ثم قال انّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم أتاه اناس يوم النحر فقال بعضهم يا رسول اللّه ذبحت قبل ان أرمي و قال بعضهم ذبحت قبل أن احلق فلم يتركوا شيئا أخّروه و كان ينبغي أن يقدّموه و لا شيئا قدّموه كان

______________________________

(1) لاحظ ص 291.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 302

______________________________

ينبغي لهم أن يؤخّروه قال لا حرج «1» و يرد عليه أنّ المستفاد من الحديثين الحكم بالصحة في صورة النسيان و عليه الحاق بقية الاعذار بالنسيان لا وجه له و قد تقدم انه لا وجه لهذا الايراد فان المنقول عن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم مطلق و لكن يرد عليه ايراد آخر و هو انّ كلام الرسول صلي اللّه عليه و آله و سلم ناظر الي من أتي بكلا الأمرين مع التقديم و التأخير و أما لو أتي بالمتأخر قبل المتقدّم و علم به لا يشمله الحديث.

الفرع الثالث: أنه لو استمر العذر الي آخر أيام التشريق بل الي آخر ذي الحجة يتدارك و يكون مجزيا تارة يتكلم حول هذا الفرع علي حسب القاعدة و اخري علي حسب الدليل الخارجي فهنا موضعان.

أما الموضع الأول فمقتضي القاعدة

الأولية عدم الاجزاء إذ قد ثبت في محله أنه يجب ايقاع الهدي يوم العيد و مع انتفائه يكون الأجزاء علي خلاف القاعدة.

و أما الموضع الثاني فما يمكن أن يذكر في تقريب المدعي وجهان:

الوجه الأول: الاجماع كما عن المنتهي أو قطع الأصحاب كما عن المدارك فعلي فرض القطع بالحكم من أمثال هذه الأساطين يتم الأمر و الّا يشكل الجزم بالأجزاء.

الوجه الثاني: جملة من النصوص منها ما رواه علي بن جعفر «2» و منها ما رواه عمار الساباطي «3» و منها ما رواه الساباطي أيضا «4» و منها ما رواه غياث بن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 2.

(2) لاحظ ص 294.

(3) لاحظ ص 294.

(4) لاحظ ص 294.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 303

______________________________

ابراهيم «1» و منها ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول:

النحر بمني ثلاثة أيّام فمن أراد الصوم لم يصم حتي تمضي الثلاثة الأيام و النحر بالأمصار يوم فمن أراد أن يصوم صام من الغد «2» و منها ما رواه كليب الاسدي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن النحر فقال: أما بمني فثلاثة أيام و أما في البلدان فيوم واحد «3» و منها ما رواه محمد بن مسلم «4» و الظاهر من هذه الروايات بيان وقت الأضحية و لذا فصل بين الأمصار و مني و بعبارة اخري ناظرة الي الذبح المستحب و إن أبيت عما ذكرنا من كون النصوص ناظرة الي الذبح الندبي فلا أقل من كونها مجملة و مع الاجمال لا يتم الاستدلال أضف الي ذلك أن غاية ما يستفاد من الروايات استمرار ظرف الذبح الي أربعة أيام و أما بالنسبة

الي ما بعدها و كون الظرف مستمرا الي آخر الشهر فلا يستفاد منها كما هو واضح ظاهر و أما حديث أبي بصير عن أحدهما عليهما السّلام قال: سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي حتي إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أ يذبح أو يصوم قال: بل يصوم فان أيام الذبح قد مضت «5» فلا يدل علي المطلوب إذ يمكن أن كون الأيام المشار إليها ظرفا للذبح في حق من لا يجد ثمن الهدي و اللّه العالم.

الفرع الرابع: أنه لو قدم الطواف علي الذبح لعذر يكون مجزيا و لا يحتاج الي

______________________________

(1) لاحظ ص 294- 295.

(2) الوسائل: الباب 6 من أبواب الذبح، الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 6.

(4) لاحظ ص 295.

(5) الوسائل: الباب 44 من أبواب الذبح، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 304

[(مسألة 383): لا يجزئ هدي واحد الّا عن شخص واحد]

(مسألة 383): لا يجزئ هدي واحد الّا عن شخص واحد (1).

______________________________

الاعادة لحديث جميل بن درّاج «1» و لكن قد مرّ منا انّ الحكم مختص بصورة كون العذر النسيان و يرد عليه انّ مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين النسيان و غيره لكن تقدم منا انّ الحديث ناظر الي من أتي بكلا الأمرين مع عدم مراعاة الترتيب و أما من لم يأتي بالواجب فلا يشمله الحديث.

الفرع الخامس: أنه لو قدم الطواف علي الذبح عمدا يبطل طوافه و يحتاج الي الاعادة بعد الذبح لفوات الشرط بل يكون طوافه باطلا في حد نفسه إذ مع عدم رعاية الحكم الشرعي لا يمكن أن يقصد القربة و من الظاهر انّ العبادة تحتاج الي قصد القربة فلاحظ.

(1) الظاهر من بعض الكلمات انّ عليه الاجماع و يدل علي المدعي قوله تعالي: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ

لِلّٰهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لٰا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّٰي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذٰا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ شَدِيدُ الْعِقٰابِ «2» فانّ المستفاد من الآية أنه يجب علي المكلف الهدي و الهدي اسم للحيوان لا يقال انّ المستفاد من الآية الميسور من الهدي فيكفي الجزء فانه يقال المراد من الميسور الميسور من الانعام الثلاثة و يدل علي المدعي أيضا عدة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: لا تجوز البدنة و البقرة

______________________________

(1) لاحظ ص 291.

(2) البقرة: 196.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 305

______________________________

الّا عند واحد بمني «1» و منها ما رواه محمد بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن النفر تجزيهم البقرة قال: اما في الهدي فلا و أما في الأضحي فنعم «2».

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تجزي البقرة أو البدنة في الأمصار عن سبعة و لا تجزئ بمني الّا عن واحد «3» و ربما يتوهّم أنه يستفاد من جملة من الأخبار جواز الاشتراك منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تجزئ البقرة عن خمسة بمني إذا كانوا أهل خوان واحد «4» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: البدنة و

البقرة تجزئ عن سبعة إذا اجتمعوا من أهل بيت واحد و من غيرهم «5» و منها ما رواه علي بن الريان ابن الصلت عن أبي الحسن الثالث عليه السّلام قال: كتبت إليه أسأله عن الجاموس عن كم يجزئ في الضحية فجاء الجواب إن كان ذكرا فعن واحد و إن كان انثي فعن سبعة «6» و منها ما رواه سوادة القطان و علي بن اسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قالا: قلنا له: جعلنا اللّه فداك عزت الأضاحي علينا بمكة أ فيجزئ اثنين ان يشتركا في شاة فقال: نعم و عن سبعين «7» و منها ما رواه حمران قال: عزّت البدن سنة بمني حتي بلغت البدنة مائة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 18 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

(4) نفس المصدر، الحديث 5.

(5) نفس المصدر، الحديث 6.

(6) نفس المصدر، الحديث: 8.

(7) نفس المصدر، الحديث: 9.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 306

[(مسألة 384): يجب أن يكون الهدي من الابل أو البقر أو الغنم]

(مسألة 384): يجب أن يكون الهدي من الابل أو البقر أو الغنم و لا يجزأ من الابل إلّا ما اكمل السنة الخامسة و دخل في السادسة و لا من البقر و المعز الّا ما اكمل الثانية و دخل في الثالثة علي الأحوط و لا يجزئ من الضأن الّا ما اكمل الشهر السابع و دخل في الثامن و الأحوط أن يكون قد أكمل السنة الواحدة و دخل في الثانية و إذا تبيّن له بعد الذبح في الهدي أنه لم يبلغ السن المعتبر فيه لم يجزئه ذلك و لزمته الاعادة و يعتبر في الهدي أن يكون تام الاعضاء فلا يجزئ الأعور و الأعرج و المقطوع أذنه و المسكور قرنه الداخل و

نحو ذلك و الأظهر عدم كفاية الخصي أيضا و يعتبر فيه أن لا يكون مهزولا عرفا و الأحوط الأولي أن لا يكون مريضا و لا موجوءا و لا مرضوض الخصيتين و لا كبيرا لا مخّ له و لا بأس بأن يكون مشقوق الأذن أو مثقوبها و إن كان الأحوط اعتبار سلامته منهما و الأحوط الأولي أن لا يكون الهدي فاقد القرن أو الذنب من أصل خلقته (1).

______________________________

دينار فسئل أبو جعفر عليه السّلام عن ذلك فقال اشتركوا فيها قال: قلت: كم قال: ما خفّ فهو أفضل قال: فقلت عن كم تجزئ فقال عن سبعين «1» و لكن التوهم المذكور علي خلاف القاعدة إذ قد صرح في بعض النصوص كما تقدم التصريح بعدم الاجزاء بالنسبة الي الهدي فهذه النصوص علي فرض اطلاقها و شمولها للهدي لا بدّ من تخصيصها بالأضحية فلاحظ.

(1) في هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة الأولي: أنه يجب أن يكون الهدي من الانعام الثلاثة و ادعي صاحب

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 11.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 307

______________________________

الحدائق الاجماع عليه و لا يبعد أن يقال ان الحكم كما في كلام سيدنا الاستاد مورد التسالم و الضرورة أضف الي ذلك جملة من النصوص منها ما رواه زرارة بن أعين «1» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ» قال يجزيه شاة و البدنة و البقرة أفضل «2» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان استمتعت بالعمرة الي الحج فان عليك الهدي فما استيسر من الهدي أما جزور و أما بقرة و أما شاة فان لم تقدر فعليك الصيام

كما قال اللّه، الحديث «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ قال: ليكن كبشا سمينا فان لم يجد ففحلا من البقر و الكبش أفضل فان لم يجد فموجأ من الضأن و الّا ما استيسر من الهدي شاة «4» و منها ما رواه معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثم اشتر هديك إن كان من البدن أو من البقر و الّا فاجعله كبشا سمينا فحلا فان لم تجد كبشا فحلا فموجأ من الضأن فان لم تجد فتيسا فان لم تجد فما تيسّر عليك و عظّم شعائر اللّه «5» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «6».

الجهة الثانية: في أسنان الانعام الثلاثة فقال: الماتن لا بدّ في الابل ما أكمل

______________________________

(1) لاحظ ص 298.

(2) الوسائل: الباب 10 من أبواب الذبح، الحديث 9.

(3) نفس المصدر، الحديث 10.

(4) نفس المصدر، الحديث 11.

(5) الباب 8 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(6) لاحظ ص 295.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 308

______________________________

السنة الخامسة و دخل في السادسة الخ استدل السيد الحكيم قدّس سرّه علي اشتراط الثنية في اسنان الانعام الثلاثة بعدم الخلاف و الاجماع و يمكن الاستدلال عليه بحديث عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن علي عليه السّلام أنه كان يقول الثنية من الابل و الثنية من البقر و الثنية من المعز و الجذعة من الضأن «1» فان مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين الهدي و الأضحيّة و يؤيد المدعي بل يدل عليه حديث الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الابل و البقر أيهما أفضل أن يضحي

بها قال: ذوات الأرحام و سألته عن اسنانها فقال: أما البقر فلا يضرك بأيّ أسنانها ضحيت و أما الإبل فلا يصلح الّا الثني فما فوق «2» إذ لا يبعد أن يقال بأنه لا يكون قول بالتفصيل بين الأضحيّة و الهدي و الثني من الابل علي ما يظهر من اللغة و الحديث: ما أكمل السنة الخامسة و دخل في السادسة لاحظ ما أرسله الصدوق قال: و روي أنه لا يجزي في الاضاحي من البدن الا الثني و هو الذي تم له خمس سنين و دخل في السادسة و يجزي من المعز و البقر الثني و هو الذي له سنة و دخل في الثانية و يجزي من لضأن الجذع لسنة «3».

هذا بالنسبة الي الابل و أمّا البقر فالكلام فيه هو الكلام من حيث الاجماع و عدم الخلاف و أما من حيث النص فيدل حديث عيص بن القاسم المتقدم آنفا علي لزوم كون البقر ثنية فيلزم أن تكون داخلة في السنة الثانية فيطابق هذا الحديث مع حديث محمد بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اسنان البقر تبيعها و مسخها في

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 11.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 309

______________________________

الذبح سواء «1» إذ قد فسّر التبيع بما أكمل السنة، قال الطريحي و التبيع ولد البقر أول سنه هذا علي تقدير وضوح معني الثنيّة من البقر و أمّا علي تقدير عدم الوضوح فيكون المرجع حديث ابن حمران.

إن قلت: لو لم يكن معني الثنية من البقر واضحا يكون الحديثان متعارضين إذ مقتضي الاصل عدم صدق الثنية علي ما أكمل السنة الواحدة.

قلت: حيث انّ الأحدث

غير معلوم و يمكن أن يكون حديث ابن حمران أحدث يكون مقتضي القاعدة الاكتفاء بما أكمل السنة الواحدة إذ قرّر في محله جريان البراءة من الأكثر عند الشك في الأقل و الأكثر أضف الي ذلك أن حديث الحلبي يرفع الابهام و الاجمال إذ قد صرح فيه بكفاية كل سن من الاسنان و إن أبيت عن ذلك فالمرجع البراءة كما تقدم و أما حديث الحلبي «2»، فلو قلنا بأن المستفاد منه أنه يكفي ما اكملت السنة الواحدة كما هو كذلك إذ السن واحد الاسنان فاشتراط اكمال السنة الواحدة واضح و لو لم نقل فلا بد من اعتبار السنة الواحدة إذ صدق عنوان البقر علي الأقل من السنة أول الاشكال كما أنّ صدق عنوان الثنية علي الأقل مورد الشك و مقتضي الأصل عدم الصدق فلاحظ و أما المعني فيدل علي اشتراط كونها ثنية حديث عيص «3» و حيث أنه وقع الخلاف في تفسيرها و أمرها مردد بين اكمال السنة و الدخول في الثانية أو الدخول في الثالثة فلا بد من احراز العنوان فلا بد من دخولها في الثالثة و عليه يكون الأظهر ذلك لا الأحوط كما أنّ الأظهر في البقر

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب الذبح، الحديث 7.

(2) لاحظ ص 308.

(3) لاحظ ص 308.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 310

______________________________

كفاية دخولها في الثانية نعم مقتضي الاحتياط دخولها في الثالثة و أما الضان فلا بد من كونه جذعا لاحظ جملة من النصوص في الباب المشار إليه منها ما رواه عيص بن القاسم «1» و منها ما رواه ابن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: يجزي من الضأن الجذع و لا يجزي من المعز الّا

الثّني «2» و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام أنه سئل عن الأضحية فقال: اقرن الي أن قال و الجذع من الضان يجزي و الثني من المعز، الحديث «3» و منها ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: أدني ما يجزي من اسنان الغنم في الهدي فقال: الجذع من الضأن قلت:

فالمعز قال: لا يجوز الجذع من المعز قلت: و لم قال: لانّ الجزع من الضأن يلقح و الجذع من المعز لا يلقح «4» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و يجزي في المتعة الجذع من الضأن و لا يجزي جزع من المعز «5» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حدث قال: و يصلح الجذع من الضأن و أما الماعز فلا يصلح «6».

و منها ما رواه سلمة أبو حفص عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه عليه السّلام قال: كان علي عليه السّلام يكره التشريم في الآذان و الخرم لا يري به بأسا إن كان ثقب في موضع

______________________________

(1) لاحظ ص 308.

(2) الوسائل: الباب 11 من أبواب الذبح، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) نفس المصدر، الحديث 6.

(6) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 311

______________________________

المواسم كان يقول يجزي من البدن الثني و من المعز الثني و من الضأن الجزع «1» و منها ما رواه محمد بن علي بن الحسين قال: خطب أمير المؤمنين عليه السّلام يوم الأضحي و ذكر الخطبة يقول فيها و من ضحي منكم بجذع من المعز فانه لا يجزي

عنه و الجزع من الضأن يجزي «2» و منها ما رواه أيضا «3» و منها ما في المقنعة قال:

قال عليه السّلام يجزي من الاضاحي جذع الضأن و لا يجزي جذع المعز «4» و حيث أنه وقع الخلاف في تفسير الجذع فلا بد من رعاية الأكثر و لا مجال للبراءة إذ الحكم تعلق بهذا العنوان فلو شك في تحققه لا بد من احرازه و مقتضي الأصل عدم صدقه علي الأقل فلا بد من رعاية الأكثر فما أفاده سيدنا الاستاد قدّس سرّه في المقام من التمسك بالبراءة ليس في محله فلاحظ.

الجهة الثالثة: أنه لو بان بعد الذبح أن المذبوح لم يكن بالسن اللازم يلزم الاعادة و الوجه فيه انّ أجزاء غير المأمور به عنه يحتاج الي الدليل كما أنه كذلك في باب الصلاة بمقتضي قاعدة لا تعاد و الّا فوجوب الاعادة علي طبق القاعدة الأولية فان الشك في بقاء التكليف يقتضي الحكم ببقائه بمقتضي الاستصحاب.

الجهة الرابعة: في الصفات المعتبرة في الهدي منها أن يكون تام الاعضاء فلا يجزي الاعور الي غيره من المذكورات و أمثالها و تدل علي المدعي طائفة من النصوص منها ما رواه علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السّلام عن الرجل

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 9.

(2) نفس المصدر، الحديث 10.

(3) لاحظ ص 308.

(4) نفس المصدر، الحديث 12.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 312

______________________________

يشتري الأضحية عوراء فلا يعلم الّا بعد شرائها هل تجزئ عنه قال: نعم الّا أن يكون هديا فإنه لا يجوز أن يكون ناقصا «1» و منها ما رواه شريح بن هاني عن علي صلوات اللّه عليه قال: أمرنا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم في

الاضاحي أن نستشرف العين و الاذن و نهانا عن الخرقاء و الشرقاء و المقابلة و المدابرة «2» و يترتب علي ما قلنا عدم جواز الخصي إذ الخصي لا يكون تام الاعضاء فإنه لا فرق في عدم كفاية الناقص بين النقصان الأصلي و العارضي أضف الي ذلك التصريح بعدم الجواز في بعض النصوص لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا ابراهيم عليه السّلام عن الرجل يشتري الهدي فلما ذبحه إذا هو خصي مجبوب و لم يكن يعلم أن الخصي لا يجزي في الهدي هل يجزيه أم يعيده قال: لا يجزيه الا أن يكون لا قوة به عليه «3» و لا يعارض بحديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: النعجة من الضأن إذا كانت سمينة أفضل من الخصي من الضان و قال الكبش السمين خير من الخصي و من الانثي و قال سألته عن الخصي و عن الانثي فقال: الانثي أحب إليّ من الخصي «4» و أمثاله إذ غاية ما يستفاد من حديث الحلبي الاطلاق و الاطلاق يفيد بما دل علي المنع بالنسبة الي الهدي و منها المهزال فانه يعتبر في الهدي ان لا يكون مهزولا لاحظ ما رواه منصور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: و إن اشتري الرجل هديا و هو يري أنه سمين أجزأ عنه و إن لم يجده سمينا و من اشتري هديا و هو يري أنه مهزول

______________________________

(1) الوسائل: الباب 21 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) الوسائل: الباب 12 من أبواب الذبح، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 313

______________________________

فوجده سمينا أجزأ عنه و إن اشتراه و هو

يعلم أنه مهزول لم يجز عنه «1».

و أما المريض فلا دليل علي عدم كفايته و لم يقم دليل علي اشتراط عدم كونه مريضا اللهم الا أن يتم اجماع تعبدي كاشف عن عدم الجواز و انّي لنا باثباته و أما الموجوء و مرضوض الخصيتين فالظاهر عدم جواز جعلهما هديا فانهما ناقصان من حيث الخلقة و لا يمكن الأخذ بحديث محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام في حديث قال: و الفحل من الضأن خير من الموجأ و الموجأ خير من النعجة و النعجة خير من المعز «2» لاثبات الكفاية فإن قوله عليه السّلام و الموجأ خير من النعجة ناظر الي مورد يكون الموجوء جائز الذبح و انما الامام عليه السّلام في مقام تفصيل بعض الافراد الجائزة علي البعض الآخر و الحال أنه قام الدليل علي عدم كفاية الناقص و يدل علي عدم الجواز ما رواه معاوية بن عمّار في حديث قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اشتر فحلا سمينا للمتعة فإن لم تجد فموجأ فان لم تجد فمن فحولة المعز فان لم تجد فنعجة فان لم تجد فما استيسر من الهدي، الحديث «3» و أما الكبير الذي لا مخ له فالظاهر عدم جواز جعله هديا إذ المفروض أنه ناقص و أما مشقوق الاذن أو مثقوبها فالظاهر أنه يصدق عليهما الناقص فلا يمكن جعلهما هديا مضافا الي حديث شريح «4» و هل يشترط في الهدي أن لا يكون فاقد القرن أو الذنب من أصل خلقته أم لا الذي يختلج بالبال أن يقال أنه لو كان عدم القرن أو الذنب ناشيا عن كون الفرد الخارجي

______________________________

(1) الباب 16 من هذه الأبواب، الحديث 2.

(2) الوسائل: الباب 14 من أبواب

الذبح، الحديث 1.

(3) الباب 12 من هذه الأبواب، الحديث 7.

(4) لاحظ ص 312.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 314

______________________________

مصداقا لصنف من الحيوان الذي يكون بحسب ذاته فاقدا للقرن أو الذنب لا يصدق الناقص علي الفاقد و بعبارة اخري هذا الحيوان تام الخلقة إذ خلقته كذلك و أما لو لم يكن كذلك أي كان الفرد الخارجي فردا من الصنف الذي يكون له الذنب أو القرن بحسب ذاته و مع ذلك هذا الفرد الخارجي يكون فاقدا لا يكون ذبحه مجزيا إذ يشترط أن لا يكون معيبا و هذا معيب و إن شئت فقل النقص موجب لتعنون الحيوان بالناقص و المعيب و لا فرق في النقصان و العيب بين العضو المؤثر في الحياة و عدمه و لذا لا اشكال في أنّ شحمة الاذن لا مدخلية لها في الحياة و مع ذلك يكون فقد انها موجبا لكون الانسان الكذائي ناقصا و العجب من سيدنا الاستاد قدّس سرّه اذ ما ورد في تقريره الشريف في هذا المقام يناقض بعضه الآخر هذا كله بالنسبة الي فاقد القرن أو الذنب من الأصل و أما بالنسبة الي مقطوع القرن أو مكسوره فلا بد من التفصيل بين ما يكون قرنه الداخل صحيحا و ما لا يكون كذلك بأن يقال علي الأول يكون مجزيا و أما علي الثاني فلا و يدل علي الأجزاء ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال في المقطوع القرن أو المكسور القرن إذا كان القرن الداخل صحيحا فلا بأس و إن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعا «1» و يؤيد المدعي حديثه الآخر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الأضحية يكسر قرنها قال إن

كان القرن الداخل صحيحا فهو يجزئ «2».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 22 من أبواب الذبح، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 315

[(مسألة 385): إذا اشتري هديا معتقدا سلامته فبان معيبا بعد نقد ثمنه]

(مسألة 385): إذا اشتري هديا معتقدا سلامته فبان معيبا بعد نقد ثمنه فالظاهر جواز الاكتفاء به (1).

______________________________

(1) و الدليل عليه حديث عمران الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من اشتري هديا و لم يعلم ان به عيبا حتي نقد ثمنه ثم علم فقد تم «1» و لا يعارضه حديث علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام انه سأله عن الرجل يشتري الأضحية عوراء فلا يعلم الا بعد شرائها هل تجزئ عنه قال: نعم الا أن يكون هديا واجبا فإنه لا يجوز ناقصا «2» لانّ حديث ابن جعفر ناظر الي صورة حصول العلم بالعيب بعد الاشتراء أعم من كون العلم بعد نقد الثمن أو قبله أو حينه و المفروض في حديث عمران عدم حصول العلم الّا بعد نقد الثمن فيكون حديث عمران أخص فيكون قابلا لأن يقيد به حديث ابن جعفر و مثل حديث عمران في المفاد حديث معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل يشتري هديا فكان به عيب عورا و غيره فقال إن كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه و إن لم يكن نقد ثمنه رده و اشتري غيره الحديث «3» اللهمّ إلّا أن يقال انّ حديث ابن عمار مطلق من حيث كون المشتري حين الاشتراء كان عالما بالعيب أم لم يكن فهذه الرواية كحديث ابن جعفر أعم موردا من حديث الحلبي فمقتضي القاعدة تقييد كلا الحديثين بحديث الحلبي بقي شي ء و هو انّ حديث عبد الرحمن بن الحجاج

«4» الوارد في الخصي يعارض حديث الحلبي فان حديث الحلبي عام من حيث كون العيب الخصاء أو غيره و خاص من حصول

______________________________

(1) الباب 24 من هذه الأبواب، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) الوسائل: الباب 24 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(4) لاحظ ص 312.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 316

[(مسألة 386): ما ذكرناه من شروط الهدي إنّما هو في فرض التمكّن منه]

(مسألة 386): ما ذكرناه من شروط الهدي إنّما هو في فرض التمكّن منه فإن لم يتمكن من الواجد للشرائط اجزأه الفاقد و ما تيسر له من الهدي (1).

______________________________

العلم بالعيب بعد نقد الثمن و حديث ابن الحجاج عام من حيث نقد الثمن و عدمه و خاص من جهة وروده في خصوص الخصاء فالنسبة بين الحديثين العموم من وجه فيقع التعارض بين الطرفين فيما نقد الثمن فإن مقتضي حديث الحلبي الاجزاء و مقتضي الحديث الآخر عدمه فان قلنا بأن العرف يفهم من دليل الأجزاء عدم الفرق أو قلنا بأن العور إذا لم يكن مانعا فبالطريق الأولي لا يكون الخصاء مانعا فهو و الّا لا بدّ من ترجيح حديث ابن الحجاج لكونه أحدث و لقائل أن يقول أن الحكم في حديث ابن الحجاج وارد بالنسبة الي من يكون جاهلا بالحكم و الموضوع كليهما فلا جامع بين الحديثين فلا موضوع للتعارض.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «1» و منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يشتري الكبش فيجده خصيا مجبوبا قال: إن كان صاحبه موسرا فليشتر مكانه «2» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «3» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في

حدث قال: قلت: فالخصي يضحّي به قال: لا الّا أن لا يكون غيره «4» و منها ما رواه معاوية «5» و يمكن الاستدلال بالآية الشريفة

______________________________

(1) لاحظ ص 312.

(2) الوسائل: الباب 12 من أبواب الذبح، الحديث 4.

(3) لاحظ ص 313.

(4) الباب 12 من هذه الأبواب، الحديث 8.

(5) لاحظ ص 307.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 317

[(مسألة 387): إذا ذبح الهدي بزعم أنه سمين فبان مهزولا]

(مسألة 387): إذا ذبح الهدي بزعم أنه سمين فبان مهزولا أجزأه و لم يحتج الي الاعادة (1).

______________________________

وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لٰا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّٰي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذٰا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ شَدِيدُ الْعِقٰابِ «1» فان الآية بإطلاقها تقتضي إذ مع العجز تصل النوبة الي المقدار الميسور إلّا أن يقال انّ دليل التقييد ارشاد الي الشرطية أو المانعية و الحكم الوضعي لا يرتهن بالقدرة و بعبارة اخري المستفاد من الاطلاق و التقييد وحدة المطلوب لا تعدده فيكون الأمر منحصرا في الاستدلال بالنصوص كما تقدم فلاحظ.

(1) لاحظ حديث منصور «2» و يؤيد المدعي بحديثي محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام في حديث قال: و إن اشتري أضحية و هو ينوي أنها سمينة فخرجت مهزولة اجزأت عنه و إن نواها مهزولة فخرجت سمينة اجزأت عنه و إن نواها مهزولة فخرجت مهزولة لم تجز عنه «3» و الصدوق قال: قال

علي عليه السّلام: إذا اشتري الرجل البدنة عجفاء فلا تجزئ عنه و إن اشتراها سمينة فوجدها عجفاء اجزأت عنه و في هدي المتمتع مثل ذلك «4».

______________________________

(1) البقرة: 192.

(2) لاحظ ص 312.

(3) الوسائل: الباب 16 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 318

[(مسألة 388): إذا ذبح ثم شك في أنه كان واجدا للشرائط]

(مسألة 388): إذا ذبح ثم شك في أنه كان واجدا للشرائط حكم بصحته ان احتمل أنه كان محرزا للشرائط حين الذبح و منه ما إذا شك بعد الذبح أنه كان بمني أم كان في محل آخر و أما إذا شك في أصل الذبح فان كان الشك بعد الحلق أو التقصير لم يعتن بشكه و إلّا لزم الاتيان به و إذا شك في هزال الهدي فذبحه امتثالا لأمر اللّه تبارك و تعالي و لو رجاء ثم ظهر سمنه بعد الذبح اجزأه ذلك (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه لو ذبح الحيوان ثم يشك في أنه كان واجدا للشرائط أم لا حكم بالأجزاء إذا كان محتملا للالتفات حين العمل و الوجه فيه تمامية قاعدة الفراغ الجارية في جميع الموارد و ما أفاده تام لتمامية القاعدة لكن قد ذكرنا في بحث القاعدة أنه يمكن أن يقال أنه لا يشترط في جريانها احتمال الالتفات حين العمل و التفصيل موكول الي ذلك الباب و لا يخفي أنه يلزم في جريان القاعدة دخول المكلف في غير الفعل الذي شك في صحته.

الفرع الثاني: أنه لو شك في أصل الذبح فتارة يكون شكه قبل الدخول في الغير المترتب علي الذبح و اخري يكون بعد دخوله فيه قد فصل قدّس سرّه بين الصورتين فحكم بوجوب التدارك في الصورة الاولي و بعدم الاعتبار بالشك

في الثانية و الوجه فيما افاده علي ما رامه تمامية قاعدة التجاوز ففي الصورة الأولي حيث أنه فرض عدم الدخول في الغير يحكم بالاستصحاب بعدم تحقق الذبح و أما في الصورة الثانية فيحكم بتحققه لقاعدة التجاوز.

أقول: قد ذكرنا في بحث القاعدة إذ لا دليل علي قاعدة التجاوز فان عمدة الدليل لهم حديث زرارة حيث قال عليه السّلام: يا زرارة إذا خرجت من شي ء و دخلت

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 319

[(مسألة 389): إذا اشتري هديا سليما فمرض بعد ما اشتراه أو أصابه كسر أو عيب]

(مسألة 389): إذا اشتري هديا سليما فمرض بعد ما اشتراه أو أصابه كسر أو عيب أجزأه أن يذبحه و لا يلزمه أبدا له (1).

______________________________

في غيره فشكك ليس بشي ء «1» و هذه الجملة لا تنطبق علي قاعدة التجاوز إذ مورد قاعدة التجاوز الشك في أصل الوجود إذ لو كان الشك في أصل الوجود لا يتحقق الخروج الّا بالدخول في الغير و بعبارة اخري ما دام لم يدخل في الغير لا يتحقق الخروج و الحال أن المستفاد من الحديث أن المكلف إذا خرج عن شي ء تارة دخل في غيره و اخري لا فاذا كان داخلا في الغير لا يعتني بشكه و أما إذا لم يدخل فيه يتدارك و يعتني فيكون الحديث ناظرا الي قاعدة الفراغ و التفصيل أزيد من هذا راجع الي ذلك الباب و قد أشبعنا الكلام حول البحث هناك و من أراد الاطلاع يراجع كتابنا المسمي بالأنوار البهية في القواعد الفقهية.

الفرع الثالث: أنه لو ذبح الحيوان رجاء و بان كونه سمينا يكون مجزيا و ما أفاده تام إذ المفروض أنه أتي مع القربة بما هو مأمور به فيكون الأجزاء عقليا بعد انطباق المأمور به علي المأتي به.

(1) لا اشكال في أنّ مقتضي القاعدة

الأولية عدم الأجزاء و وجوب الابدال إذ اجزاء غير المأمور به عنه خلاف القاعدة كما هو واضح و قد ذكر في مقام الاستدلال علي الأجزاء وجهان:

الوجه الأول: ما ورد من التفصيل في انكشاف الحال بعد نقد الثمن أو قبله و الانصاف أن اثبات الحكم و الجزم بالأجزاء ببركة تلك الرواية مشكل فان الأحكام الشرعية أمور تعبدية لا تنالها عقولنا و من الممكن أن ذلك الموضوع له خصوصية في وعاء الشرع و بعبارة واضحة المقام ليس من مصاديق تلك الكبري

______________________________

(1) الوسائل: الباب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 320

[(مسألة 390): لو اشتري هديا فضلّ اشتري مكانه هديا آخر]

(مسألة 390): لو اشتري هديا فضلّ اشتري مكانه هديا آخر فإن وجد الأول قبل ذبح الثاني ذبح الأول و هو بالخيار في الثاني ان شاء ذبحه و إن شاء لم يذبحه و هو كسائر أمواله و الأحوط الأولي ذبحه أيضا و إن وجده بعد ذبحه الثاني ذبح الأول أيضا علي الأحوط (1).

______________________________

فاسراء الحكم منه الي المقام يتوقف علي قيام دليل عليه.

الوجه الثاني: ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل اهدي هديا و هو سمين فأصابه مرض و انفقأت عينه فانكسر فبلغ المنحر و هو حي قال: يذبحه و قد أجزأ عنه «1».

بتقريب أنه لا فرق بين المقامين و الاستدلال علي المدعي بالوجه الثاني اشكل من الاستدلال بالوجه الأول سيّما إذا قلنا بأن اهداء الهدي يقتضي شرعا وجوب ذبحه و علي الجملة الجزم بالحكم كما في المتن في غاية الاشكال فلا بد من الاحتياط.

(1) لا اشكال في أنّ مقتضي القاعدة الأولية عدم الأجزاء إذ الواجب ذبح الهدي و المفروض عدم تحققه

فلا بد من التدارك و حديث علي عن عبد صالح عليه السّلام قال:

إذا اشتريت اضحيتك و قمطتها و صارت في رحلك فقد بلغ الهدي محله «2»، ساقط عن الاعتبار سندا و أما مراسيل أحمد بن محمد بن عيسي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل اشتري شاة فسرقت منه أو هلكت فقال: إن كان أوثقها في رحله فضاعت فقد أجزأت عنه «3» و حسين بن سعيد عن ابراهيم بن عبد اللّه عن رجل يقال له

______________________________

(1) الوسائل: الباب 26 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 30 من أبواب الذبح، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 321

______________________________

الحسن عن رجل سماه قال: اشتري لي أبي شاة بمني فسرقت فقال لي أبي: ائت أبا عبد اللّه عليه السّلام فسله عن ذلك فأتيته فاخبرته فقال لي: ما ضحي بمني شاة أفضل من شاتك «1» و المفيد قال: سئل عليه السّلام عن رجل اشتري أضحية فسرقت منه فقال: ان اشتري مكانها فهو أفضل و إن لم يشتر مكانها فلا شي ء عليه «2» فلا اعتبار بها فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها و أما حديث معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اشتري أضحية فماتت أو سرقت قبل أن يذبحها قال: لا بأس و إن أبدلها فهو أفضل و إن لم يشتر فليس عليه شي ء «3» و إن كان تامّا سندا لكن الاشكال في دلالته بالنسبة الي المقام إذ لا دليل علي شمول لفظ الأضحية بماله من المعني للمقام و يؤيد عدم الاجزاء حديث أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اشتري كبشا فهلك منه

قال: يشتري مكانه آخر قلت: فان كان اشتري مكانه آخر ثم وجد الأول قال: إن كانا جميعا قائمين فليذبح الأول و ليبع الأخير و إن شاء ذبحه و إن كان قد ذبح الأخير ذبح الأول معه «4» فمقتضي القاعدة وجوب التدارك كما انّ مقتضاها أنه لو وجدا لضال قبل ذبح الثاني يختار أيهما شاء و أما إذا وجد بعد ذبح الثاني لا يجب ذبح الأول و يستفاد من حديث أبي بصير تفصيل و هو أنه لو وجد قبل ذبح الثاني ذبح الأول و إن وجد بعد ذبح الثاني ذبح الأول و الحديث تام سندا فان الصدوق روي الحديث باسناده الي ابن مسكان و الحاجياني سلّمه اللّه

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 1.

(4) الباب 32 من هذه الأبواب، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 322

[(مسألة 391): لو وجد أحد هديا ضالا عرّفه الي اليوم الثاني عشر]

(مسألة 391): لو وجد أحد هديا ضالا عرّفه الي اليوم الثاني عشر فإن لم يوجد صاحبه ذبحه في عصر اليوم الثاني عشر عن صاحبه (1).

______________________________

كتب ان طريقه إليه صحيح فلا بد من العمل بالرواية لكن الحديث مخصوص بالكبش و لا وجه لتسرية الحكم الي غيره و في المقام حديث رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا عرّف بالهدي ثم ضلّ بعد ذلك فقد أجزأه «1» و المستفاد من الحديث أنه إذا جي ء بالهدي الي عرفة ثم هلك يكون مجزيا فيقع التعارض بين هذه الرواية و حديث أبي بصير فانه يقع التعارض بين الطرفين فيما إذا اشتري كبشا للهدي الواجب و عرف به فهلك و بعد التعارض و عدم تميز الأحدث عن غيره يكون مقتضي القاعدة عدم الأجزاء.

(1)

و المدرك للحكم المذكور ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام في حديث قال: و قال إذا وجد الرجل هديا ضالا فليعرفه يوم النحر و الثاني و الثالث ثم ليذبحها عن صاحبها عشية الثالث «2» و ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل يضل هديه فيجده رجل آخر فينحره فقال: إن كان نحر بمني فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضلّ عنه و إن كان نحره في غير مني لم يجزأ عن صاحبه «3» و المستفاد من مجموع الحديثين لزوم كون الذبح عشية اليوم الثاني عشر عن صاحبه و يلزم أن يكون الذبح بمني بمقتضي حديث منصور و لا أدري ما الوجه في انّ الماتن لم يتعرض لهذه الجهة و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 25 من أبواب الذبح، الحديث 9.

(2) الباب 28 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 323

[(مسألة 392): من لم يجد الهدي و تمكّن من ثمنه أودع ثمنه عند ثقة ليشتري به هديا و يذبحه عنه الي آخر ذي الحجّة]

(مسألة 392): من لم يجد الهدي و تمكّن من ثمنه أودع ثمنه عند ثقة ليشتري به هديا و يذبحه عنه الي آخر ذي الحجّة فإن مضي الشهر لا يذبحه الّا في السنة القادمة (1).

[(مسألة 393): إذا لم يتمكّن من الهدي و لا من ثمنه]

(مسألة 393): إذا لم يتمكّن من الهدي و لا من ثمنه صام بدلا عنه عشرة أيام ثلاثة في الحج في اليوم السابع و الثامن و التاسع من ذي الحجّة و سبعة إذا رجع الي بلده و الأحوط أن تكون السبعة متوالية و يجوز أن تكون الثلاثة من أول ذي الحجّة بعد التلبس بعمرة التمتع و يعتبر فيها التوالي فإن لم يرجع الي بلده و أقام بمكة فعليه أن يصبر حتي يرجع أصحابه الي بلدهم أو يمضي شهر ثم يصوم بعد ذلك (2).

______________________________

(1) و الدليل عليه ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في متمتع يجد الثمن و لا يجد الغنم قال: يخلف الثمن عند بعض أهل مكة و يأمر من يشتري له و يذبح عنه و هو يجزأ عنه فان مضي ذو الحجة اخّر ذلك الي قابل من ذي الحجة «1».

(2) في هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة الأولي: أنه لو لم يتمكّن من الهدي و لا من ثمنه صام بدلا عنه عشرة أيام و هذا هو المشهور بين القوم و يدل عليه من الكتاب قوله تعالي فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ شَدِيدُ الْعِقٰابِ «2» و من السنّة جملة من النصوص منها ما رواه رفاعة بن موسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام

______________________________

(1) الوسائل:

الباب 44 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(2) البقرة: 196.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 324

______________________________

عن المتمتع لا يجد الهدي قال: يصوم قبل التروية و يوم التروية و يوم عرفة قلت:

فإنه قدم يوم التروية قال: يصوم ثلاثة أيام بعد التشريق قلت: لم يقم عليه جمّاله قال: يصوم يوم الحصبة و بعده يومين قال: قلت و ما الحصبة قال: يوم نفره قلت:

يصوم و هو مسافر قال: نعم أ ليس هو يوم عرفة مسافرا أنا أهل بيت نقول ذلك لقول اللّه عزّ و جلّ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ يقول في ذي الحجة «1» و لاحظ ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تمتع و لم يجد هديا قال: يصوم ثلاثة أيام بمكة و سبعة إذا رجع الي أهله فان لم يقم عليه أصحابه و لم يستطع المقام بمكة فليصم عشرة أيام إذا رجع الي أهله «2».

الجهة الثانية: أنه يلزم أن تكون الثلاثة في الحج في اليوم السابع و الثامن و التاسع و تكون السبعة بعد رجوعه الي بلده و تدل علي وجوب الثلاثة في الحج و السبعة بعد الرجوع الآية الشريفة و يدل علي المدعي مضافا الي ما تقدم حديث رفاعة و هل يجوز تقديم الثلاثة علي الأيام المذكورة ربما يقال بجوازه لاطلاق الآية و التقريب باطل إذ الاطلاق يقيد بدليل التقييد و ربما يستدل علي جواز التقديم بحديث زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام ان قال من لم يجد الهدي و احبّ أن يصوم الثلاثة الأيام في أول الشهر فلا بأس بذلك «3» و الحديث ضعيف سندا بالازرق و في المقام حديث رواه زرارة عن أحدهما عليهما

السّلام أنه قال: من لم يجد هديا و احبّ أن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 46 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 7.

(3) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 325

______________________________

يقدّم الثلاثة الأيام في أول العشر فلا بأس «1».

و الحديث تام سندا و دلالته علي المدعي تامة و لكن يلزم أن يكون محرما باحرام عمرة التمتع و الدليل عليه الآية الشريفة حيث قال تبارك و تعالي فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ «2» مضافا الي ما في الجواهر من دعوي الاجماع بقسميه أضف الي ذلك الانصراف فان مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي أن يكون هذا الحكم مترتبا علي من دخل في الحج.

الجهة الثالثة: أنه هل يجوز التفريق بين الثلاثة في الحج أو بين السبعة بعد الرجوع الظاهر أنه لا يجوز أما بالنسبة الي الثلاثة فقيل عدم الخلاف في عدم جوازه بل عن العلامة الاجماع عليه و يدل علي عدم الجواز ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تصوم الثلاثة الأيام متفرقة «3» و لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن صوم ثلاثة أيام في الحج و سبعة أ يصومها متوالية أو يفرق بينها قال: يصوم الثلاثة أيام لا يفرق بينها و السبعة لا يفرق بينهما و لا يجمع بين السبعة و الثلاثة جميعا «4» مضافا الي أنه قد صرح بالأيام الخاصة في الحديث كما تقدم نعم علي فرض جواز التقديم تظهر النتيجة اضف الي ذلك كله أنه يمكن أن يقال ان المولي إذا أمر بمركب ارتباطي يفهم عرفا لزوم التوالي بين أجزائه مثلا لو أمر المولي بقراءة سورة من

القرآن هل يجوز

______________________________

(1) الباب 54 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(2) البقرة: 196.

(3) الوسائل: الباب 53 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(4) الباب 55 من هذه الأبواب، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 326

______________________________

التفريق بين آيات تلك السورة و هل يجوز عدم رعاية التوالي و بما ذكر يظهر أنه لا مجال للقول بالجواز عملا بالإطلاق كما أنه لا موقع للأخذ بالبراءة الجارية فيما لو شك بين الأقل و الأكثر و أما بالنسبة الي السبعة فيظهر عن بعض الكلمات ان المشهور الجواز عملا بإطلاق الآية الشريفة مضافا الي حديث اسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي الحسن موسي بن جعفر عليه السّلام أنه قدمت الكوفة و لم أصم السبعة الأيام حتي فزعت في حاجة الي بغداد قال: صمها ببغداد قلت: افرقها قال: نعم «1» و الحق عدم الجواز لاحظ ما رواه علي بن جعفر «2» فان الحديث تام سندا و يدل علي عدم جواز التفريق فلا تصل النوبة الي العمل بالإطلاق أو الاصل و امّا حديث ابن عمّار فهو ساقط عن الاعتبار بابن أسلم فانه لم يوثق و لا أثر لكونه في سلسلة رواة كامل الزيارات و تفسير القمي.

الجهة الرابعة: أنه لو لم يرجع الي بلده و أقام بمكة يجب عليه أن يصبر حتي يرجع أصحابه الي بلدهم أو يمضي شهر ثم يصوم بعد ذلك و النصوص الواردة في المقام ثلاثة منها ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر في المقيم إذا صام ثلاثة الأيام ثم يجاوز ينظر مقدم أهل بلده فاذا اظن انّهم قد دخلوا فليصم السبعة الأيّام «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال:

و إن كان له مقام بمكة و أراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر مسيره الي أهله أو شهرا ثم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 55 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 325.

(3) الباب 50 من هذه الأبواب، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 327

______________________________

صام «1» و منها ما رواه أبو بصير قال: سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي فصام ثلاثة أيام فلمّا قضي نسكه بدا له أن يقيم سنة قال: فلينتظر منهل أهل بلده فاذا ظنّ أنهم قد دخلوا بلدهم فليصم السبعة الأيام «2» و المستفاد من الحديث الأول و الثالث أنه يلزم عليه الصبر حتي يظن وصول أهل بلده الي بلدهم و المستفاد من الحديث الثاني أن الميزان في الصبر مقدار زمان وصوله الي أهله أو مضي شهر فيقع التعارض بين الجانبين و حيث أنه لا يميّز الأحدث عن الحادث لا بدّ من الاحتياط و رعاية أبعد الأجلين إذ لا اشكال في وجوب الصبر الي حد و غاية و المفروض أنه شك في تحقق تلك الغاية و مقتضي الاستصحاب عدم تحققها فلا مجال للبراءة لأن الأصل الجاري في السبب حاكم علي الأصل الجاري في المسبب إن قلت انّ حديث البزنطي متأخر حيث انّ الرجل ينقل رواياته عن الرضا عليه السّلام قلت: كون ذلك الحديث عن الامام عليه السّلام أول الكلام و لا دليل علي كونه كذلك فينحصر الامر و يدور بين الحديث الثاني و الثالث فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 50 من أبواب الذبح، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 328

[(مسألة 394): المكلف الذي وجب عليه صوم ثلاثة أيام في الحج إذا لم يتمكن من الصوم في اليوم السابع صام الثامن و التاسع و يوما آخر بعد رجوعه من مني]

(مسألة 394): المكلف الذي وجب عليه صوم ثلاثة أيام في الحج إذا لم يتمكن من الصوم

في اليوم السابع صام الثامن و التاسع و يوما آخر بعد رجوعه من مني و لو لم يتمكّن في اليوم الثامن أيضا اخّر جميعها الي ما بعد رجوعه من مني و الأحوط أن يبادر الي الصوم بعد رجوعه من مني و لا يؤخّره من دون عذر و اذا لم يتمكن بعد الرجوع من مني صام في الطريق أو صامها في بلده أيضا و لكن لا يجمع بين الثلاثة و السبعة فإن لم يصم الثلاثة حتي اهلّ هلال محرم سقط الصوم و تعين الهدي للسنة القادمة (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة الأولي: أنّ المكلف الذي وجب عليه صوم الثلاثة إذا لم يتمكن من صوم السابع صام الثامن و التاسع و يوما آخر بعد رجوعه من مني و في المقام عدة نصوص لا بدّ من ملاحظتها منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام فيمن صام يوم التروية و يوم عرفة قال: يجزيه أن يصوم يوما آخر «1» و هذه الرواية مخدوشة سندا بابن صالح و منها ما رواه يحيي الأزرق عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن رجل قدم يوم التروية متمتعا و ليس له هدي فصام يوم التروية و يوم عرفة قال: يصوم يوما آخر بعد أيام التشريق «2» و هذه الرواية مخدوشة سندا بالأزرق حيث أنه مشترك بين الموثق و هو يحيي بن عبد الرحمن الأزرق و يحيي بن حسان الأزرق الذي لم يوثق و لذا تصدي سيدنا الاستاد قدّس سرّه لرفع الاشكال عنه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 52 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 329

______________________________

و لرفع الاشكال عنه

تقريبان أحدهما ان طريق الصدوق تام في المشيخة الي يحيي بن حسان الأزرق و لكن لا يوجد في الكتب الأربعة حتي حديث واحد عن يحيي بن حسّان فيعلم انّ من له الطريق إليه عبارة عن ابن عبد الرحمن فالسند تام و يرد عليه أنه لا يمكن الجزم بأن مراد الصدوق من لفظ يحيي ابن عبد الرحمن إذ يمكن ان يكون اسناده الي ابن حسان و في مقام ذكر الرواية حذف لفظ حسان فالنتيجة أنه لا يمكن الجزم بأن مراده في المشيخة هو ابن عبد الرحمن الذي وثق و بعبارة واضحة إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال و انّا نحتمل عدم اشتباه الصدوق في المشيخة و لم يصر قلمه فيها طاغيا فلا دليل علي كون المراد من الرجل هو ابن عبد الرحمن.

ثانيهما: انّ المشهور في الرواية هو ابن عبد الرحمن فاذا تردد الأمر في المراد من الأزرق يحمل علي ما هو المشهور كما هو المقرر عندهم فالنتيجة أن السند تام و يرد عليه انّ حمل هذا العنوان الي لفظ الأزرق علي كون المراد منه ابن عبد الرحمن يتوقف علي كون الرجل كثير الرواية بحيث كلما اوتي به يحمل علي ذلك المشهور و الحال أن الشهرة الموجبة للحمل المذكور لا يتحقق بثلاثة موارد أو أربع و إن أبيت و قلت الأزرق منصرف الي ما هو مشهور قلت: لو كان المذكور الأزرق كان لهذا التوهم مجال و لكن المذكور في الحديث يحيي الأزرق فلا وجه لما ذكر و يؤيد عدم تمامية السند ان صاحب الحدائق لم يعبر و لم يصف الخبر بالصحيح و لا بالموثق مع أنه خريت الفن و بعبارة واضح تارة يقال عن الأزرق بلا ذكر الاسم

يمكن أن يقال انّ اللفظ ينصرف الي ما هو المشهور و في المقام لا يكون كذلك إذ ذكر لفظ يحيي الأزرق و هذا اللفظ لا وجه لانصرافه الي ما هو المشهور فان المشهور علي ما رامه القائل هو يحيي بن عبد الرحمن فلاحظ و منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: كنت قائما

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 330

______________________________

أصلي و أبو الحسن عليه السّلام قاعد قدّامي و أنا لا أعلم فجاءه عبّاد البصري فسلم ثم جلس فقال له يا أبا الحسن ما تقول في رجل تمتع و لم يكن له هدي قال: يصوم الأيام التي قال اللّه تعالي قال فجعلت سمعي إليهما فقال له عباد و ايّ أيام هي قال:

قبل التروية بيوم و يوم التروية و يوم عرفة قال: فان فاته ذلك قال: يصوم صبيحة الحصبة و يومين بعد ذلك قال: فلا تقول كما قال عبد اللّه بن الحسن قال: فأيش قال قال: يصوم أيام التشريق قال: ان جعفرا كان يقول انّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم أمر بلالا ينادي أنّ هذه أيام أكل و شرب فلا يصومنّ أحد قال: يا أبا الحسن ان اللّه قال فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ قال: كان جعفر يقول: ذو الحجة كله من أشهر الحج» «1».

و المستفاد من الرواية أنه لو فاتته الأيام الثلاثة المقرّرة يجب عليه أن يصوم يوم الحصبة و يومين بعده و مثله في الدلالة ما رواه عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن متمتع يدخل يوم التروية و ليس معه هدي قال:

فلا يصوم ذلك اليوم و لا يوم عرفة و

يتسحر ليلة الحصبة فيصبح صائما و هو يوم النفر و يصوم يومين بعده «2» و مثلهما في الدلالة أيضا ما رواه حماد بن عيسي قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال علي عليه السّلام: صيام ثلاثة أيام في الحج قبل التروية بيوم و يوم التروية و يوم عرفة فمن فاته ذلك فليتسحر ليلة الحصبة يعني ليلة النفر و يصبح صائما و يومين بعده و سبعة اذا رجع «3» و مثلها في الدلالة ما رواه معاوية بن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 51 من أبواب الذبح، الحديث 4.

(2) الباب 52 من هذه الأبواب، الحديث 5.

(3) الباب 53 من هذه الأبواب، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 331

______________________________

عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن متمتع لم يجد هديا قال: يصوم ثلاثة أيام في الحج يوما قبل التروية و يوم التروية و يوم عرفة قال: قلت فإن فاته ذلك قال:

يتسحّر ليلة الحصبة و يصوم ذلك اليوم و يومين بعده قلت: فإن لم يقم عليه جمّاله أ يصومها في الطريق قال: إن شاء صامها في الطريق و إن شاء إذا رجع الي أهله «1»، و ما رواه رفاعة بن موسي «2».

و في قبال هذه الطائفة طائفة من الأحاديث تدل علي أنه يصوم بدل الفائت أيام التشريق منها ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه انّ عليا عليه السّلام كان يقول من فاته صيام الثلاثة الأيام التي في الحج فليصمها أيام التشريق فإن ذلك جائز له «3» و منها ما رواه عبد اللّه بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه انّ عليا عليه السّلام كان يقول من فاته صيام الثلاثة الأيام

في الحج و هي قبل التروية بيوم و يوم التروية و يوم عرفة فليصم ايّام التشريق فقد اذن له «4» و لا مجال للعمل بهما إذ يعارضهما ما هو الأحدث منهما لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «5» فإن هذا الحديث يعارضهما و سنده تام فان المراد بالنخعي أيوب بن نوح الذي وثق اضف الي ذلك ان صاحب الوسائل يقول انّ الشيخ ذكر انّ هذين الخبرين شاذان مخالفان لسائر الأخبار فلا يجوز المصير إليهما اضف الي ذلك أنه نهي في بعض النصوص عن

______________________________

(1) الباب 46 من هذه الأبواب، الحديث 4.

(2) لاحظ ص 323- 324.

(3) الوسائل: الباب 51 من أبواب الذبح، الحديث 5.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

(5) لاحظ ص 329- 330.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 332

______________________________

صوم التشريق بالصراحة لاحظ ما روي عن الأئمة عليهم السّلام أنّ المتمتع اذا وجد الهدي و لم يجد الثمن صام الي ان قال و لا يجوز له أن يصوم أيام التشريق فان النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم بعث بديل ابن زرقاء الخزاعي علي جمل اورق و امره أن يتخلل الفساطيط و ينادي في الناس أيام مني الّا لا تصوموا فانها أيام أكل و شرب و بعال «1» و لاحظ ما رواه عمرو بن جميع عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السّلام قال: بعث رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم بديل بن ورقاء ثم ذكر نحوه ثم قال: و البعال النكاح و ملاعبة الرجل أهله «2» مضافا الي انّ أيام التشريق معروفة و مشهورة بعدم جواز صومها لكن لا علي الاطلاق بل يحرم علي من يكون في مني و أما من كان

في غيرها فلا يحرم عليه لاحظ أحاديث معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صيام أيام التشريق فقال: أما بالأمصار فلا بأس به و أما بمني فلا «3» و رواه أيضا: قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صيام ايّام التشريق فقال: انما نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم عن صيامها بمني و أما بغيرها فلا بأس «4» و منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: النحر بمني ثلاثة أيام فمن أراد الصوم لم يصم حتي تمضي الثلاثة الأيام و النحر بالأمصار يوم فمن اراد أن يصوم صام من الغد «5» فتحصل انّ ما أفاده في المتن لا ينطبق علي القاعدة و صاحب الحدائق قال: تبعا لسيد المدارك انّ المقام مقام الاحتياط و لقائل

______________________________

(1) الوسائل: الباب 51 من أبواب الذبح، الحديث 8.

(2) نفس المصدر، الحديث 9.

(3) الوسائل: الباب 2 من أبواب الصوم المحرم و المكروه، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 2.

(5) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 333

______________________________

أن يقول انّ حديث رفاعة يفصل و بهذا الحديث يقيد تلك المطلقات فالنتيجة انّ من لم يتمكّن إذا أمكنه أن يصوم ثلاثة أيام بعد التشريق و إذا لم يمكنه يصوم يوم الحصبة و يومين بعده.

الجهة الثانية: أنه لو لم يتمكن من صوم اليوم الثامن أيضا أخّر جميعها الي ما بعد رجوعه من مني المستفاد من حديث عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سأله عباد البصري عن متمتع لم يكن معه هدي قال: يصوم ثلاثة أيام قبل يوم التروية قال: فان فاته صوم هذه الأيام فقال: لا

يصوم يوم التروية و لا يوم عرفة و لكن يصوم ثلاثة أيام متتابعات بعد ايام التشريق «1» أنه يجب عليه أن يصوم اليوم الرابع عشر و يومين بعده و أما ما ذكره في المتن من تقييد الصوم بما بعد رجوعه من مني فيمكن أن يكون الدليل عليه حديث ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل تمتع فلم يجد هديا قال: فليصم ثلاثة أيام ليس فيها أيام الترشيق و لكن يقيم بمكة حتي يصومها و سبعة إذا رجع الي أهله و ذكر حديث بديل بن ورقاء «2» و حديث ابن مسكان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تمتع و لم يجد هديا قال: يصوم ثلاثة أيّام قلت له: أ فيها أيام التشريق قال: لا و لكن يقيم بمكة حتي يصومها و سبعة إذا رجع الي أهله فان لم يقم عليه أصحابه و لم يقطع المقام بمكة فليصم عشرة أيام إذا رجع الي أهله ثم ذكر حديث بديل بن ورقاء «3» و هل تجب المبادرة الي الصوم ربما يقال انه لا تجب بملاحظة حديث زرارة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 52 من أبواب الذبح، الحديث 3.

(2) الباب 51 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 334

______________________________

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: من لم يجد ثمن الهدي فاحبّ أن يصوم الثلاثة الأيام في العشر الأواخر فلا بأس بذلك «1» و لكن الجزم بالجواز مشكل فان هذا الخبر معارض بحديث ابن الحجاج و الترجيح مع حديث ابن الحجاج بالأحدثية و إذا لم يتمكّن بعد الرجوع من مني صام في الطريق أو صام في بلده

فله الخيار بين الأمرين و الدليل علي الخيار ما رواه معاوية بن عمّار «2» و في قبال هذا الخبر الدال علي التخيير حديثان آخران يعارضان حديث الخيار أحدهما ما رواه ابن مسكان «3».

فانّ المستفاد من هذا الحديث عدم جواز الصوم في الطريق و لا مجال للجمع العرفي بينهما فما الحيلة و ما الوسيلة فنقول حيث انّ الأحدث من الحديثين غير معلوم تصل النوبة الي الأصل العملي و مقتضاه البراءة عن التعيين فالنتيجة هو الخيار.

ثانيهما: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: الصوم الثلاثة الأيام ان صامها فأخرها يوم عرفة و إن لم يقدر علي ذلك فليؤخرها حتي يصومها في أهله و لا يصومها في السفر «4» و الكلام فيه هو الكلام و إذا رجع الي بلده قبل صوم الثلاثة لا يجوز أن يجمع بين الثلاثة و السبعة لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن صيام الثلاثة أيام في الحج و السبعة أ يصومها متوالية أم يفرّق بينهما قال: يصوم الثلاثة لا يفرق بينهما و السبعة لا يفرّق بينهما

______________________________

(1) الباب 46 من هذه الأبواب، الحديث 13.

(2) لاحظ ص 330- 331.

(3) لاحظ ص 333.

(4) الوسائل: الباب 46 من أبواب الذبح، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 335

______________________________

و لا يجمع السبعة و الثلاثة جميعا «1».

الجهة الثالثة: أنه لو لم يصم الثلاثة حتي أهل هلال محرم سقط الصوم و تعيّن الهدي و هذا هو المشهور بين الأصحاب علي ما يظهر من بعض الكلمات بل يظهر من كلام العلامة علي ما نقل عنه أنّ الحكم المذكور اتفاقي و العمدة النصوص الواردة في المقام و لا بدّ

من ملاحظتها فمنها ما رواه رفاعة «2».

فانّ المستفاد من الحديث بالصراحة انّ المراد من الآية الشريفة شهر ذي الحجّة فيلزم ايقاع الصوم في هذا الشهر و أوضح دلالة علي المدعي ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من لم يصم في ذي الحجة حتي يهلّ هلال المحرم فعليه دم شاة و ليس له صوم و يذبحه بمني «3» فان المستفاد من الحديث أنه لو لم يصم في ذي الحجّة يسقط عنه الصوم و يجب عليه شاة تذبح بمني و من النصوص الواردة في المقام ما رواه عمران الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي أن يصوم الثلاثة الأيّام التي علي المتمتع إذا لم يجد الهدي حتي يقدم أهله قال يبعث بدم «4» فانّ المستفاد من الحديث انّ الناسي للصوم المقرر إذا بقي نسيانه الي هلال محرم يجب بعث الدم لكن الظاهر من الحديث انّ الموضوع في الرواية لبعث الدم نسيان صوم الثلاثة في الطريق لا نسيان الصوم في طول ذي الحجة و بعد ملاحظة النصوص المذكورة لا مجال للاخذ بدليل وجوب الصوم حتي بعد مضي الحج

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 17.

(2) لاحظ ص 323- 324.

(3) الباب 47 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(4) الوسائل: الباب 47 من أبواب الذبح، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 336

______________________________

و انقضاء الشهر و لا تعارض بين الطرفين هذا بالنسبة الي تبدل الصوم بالدم و أما وجوب تأخير الذبح الي السنة القادمة فمضافا الي تناسب الحكم و الموضوع يقتضي ذلك انّ المستفاد من حديث منصور بن حازم «1» الدم في المقام الهدي إذ قال عليه السّلام فعليه دم شاة و ليس

له صوم فيكون الدم بدل الصوم كما انّ الصوم كان بدلا عن الذبح و من ناحية أخري يستفاد من حديث حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في متمتع يجد الثمن و لا يجد الغنم قال: يخلّف الثمن عند بعض أهل مكّة و يأمر من يشتري له و يذبح عنه و هو يجزأ عنه فان مضي ذو الحجّة اخّر ذلك الي قابل من ذي الحجّة «2» و حديث النضر بن قرواش قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تمتع بالعمرة الي الحج فوجب عليه النسك فطلبه فلم يجده و هو موسر حسن الحال و هو يضعف عن الصيام فما ينبغي له أن يصنع قال: يدفع ثمن النسك الي من يذبحه بمكة ان كان يريد المضي الي أهله و ليذبح عنه في الحجة فقلت فانه دفعه الي من يذبح عنه فلم يصب في ذي الحجة نسكا و أصابه بعد ذلك قال: لا يذبح عنه الّا في ذي الحجة و لو اخّره الي قابل «3» لزوم تأخير الذبح الي السنة القادمة إذا كان هديا فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 335.

(2) الوسائل: الباب 44 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(3) الوسائل: الباب 44 من أبواب الذبح، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 337

[(مسألة 395): من لم يتمكّن من الهدي و لا من ثمنه و صام ثلاثة أيام في الحج ثم تمكّن منه]

(مسألة 395): من لم يتمكّن من الهدي و لا من ثمنه و صام ثلاثة أيام في الحج ثم تمكّن منه وجب عليه الهدي علي الأحوط (1).

______________________________

(1) تارة يقع الكلام حول هذه المسألة علي طبق القاعدة الأوّلية و اخري علي طبق النصوص الواردة في المقام فيقع الكلام في موضعين:

أما الموضع الأول: فالذي يختلج بالبال أن يقال أنه لا يجب عليه الذبح في مفروض الكلام إذ

المفروض انّ موضوع الصوم بالنحو المقرر الشرعي تحقق و بعد تحققه لا وجه لوجوب الذبح و بعبارة واضحة الموضوع لوجوب الصوم عدم وجدان الهدي للوقت المقرر الشرعي أي يوم العيد و المفروض تحققه و أما الموضع الثاني فقال في الجواهر و لو صامها أي الثلاثة ثم وجد الهدي في ذي الحجة و لو قبل التلبس بالسبعة لم يجب عليه الهدي و كان له المضي علي الصوم كما في النافع و القواعد و محكي النهاية و المبسوط و الجامع بل في المدارك نسبته الي أكثر الأصحاب بل عن الخلاف الاجماع علي ذلك الخ «1» و قال في المستند لو صام الثلاثة كملا لفقد الهدي أو ثمنه ثم وجدا لهدي لم يجب عليه علي الأشهر الأظهر بل عن الخلاف الاجماع عليه للأصل و اطلاق الآية و صريح رواية حماد المنجبرة بالعمل الخ «2» و العمدة النصوص الواردة في المقام فنقول منها ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع صام ثلاثة أيام في الحج ثم أصاب هديا يوم خرج من مني قال: أجزأه صيامه «3» و الحديث ضعيف بعبد اللّه بن بحر و علي فرض كون الراوي بدل عبد اللّه بن بحر عبد اللّه بن يحيي لا أثر للحديث إذ ابن يحيي مجهول و منها ما رواه عقبة بن خالد قال:

______________________________

(1) الجواهر: ج 19 ص 183.

(2) المستند: ج 12 ص 354.

(3) الوسائل: الباب 45 من أبواب الذبح، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 338

______________________________

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تمتع و ليس معه ما يشتري به هديا فلمّا ان صام ثلاثة أيام في الحج أيسر أ يشتري

هديا فينحره أو يدع ذلك و يصوم سبعة أيام إذا رجع الي أهله قال يشتري هديا فينحره و يكون صيامه الذي صامه نافلة له «1» و الحديث ضعيف بمحمد بن عبد اللّه بل و بغيره و منها ما رواه أحمد بن عبد اللّه الكرخي قال: قلت للرضا عليه السّلام: المتمتع يقدم و ليس معه هدي أ يصوم ما لم يجب عليه قال: يصبر الي يوم النحر فان لم يصب فهو ممن لم يجد «2» و الرواية ضعيفة بالارسال فلا أثر لها حتي مع فرض تمامية دلالتها و منها ما رواه أبو بصير «3» و مقتضي هذه الرواية وجوب الصوم فتكون الرواية مؤيدة للمدعي و المراد من الحديث غير واضح اذ المراد من يوم النفر أعم من أن يكون الثاني عشر أو الثالث عشر لم تمض أيام الذبح فان أيام الذبح في مني أربعة لاحظ ما رواه عمار الساباطي «4» فالنتيجة أن الحق ما هو المشهور و لكن ينبغي أن لا يترك الاحتياط بأن يجمع بين الذبح و الصوم و اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) الباب 54 من هذه الأبواب، الحديث 2.

(3) لاحظ ص 303.

(4) لاحظ ص 294.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 339

[(مسألة 396): إذا لم يتمكّن من الهدي باستقلاله و تمكّن من الشركة فيه مع الغير]

(مسألة 396): إذا لم يتمكّن من الهدي باستقلاله و تمكّن من الشركة فيه مع الغير فالأحوط الجمع بين الشركة في الهدي و الصوم علي الترتيب المذكور (1).

[(مسألة 397): إذا أعطي الهدي أو ثمنه أحدا فوكّله في الذبح عنه ثم شك في أنه ذبحه أم لا]

(مسألة 397): إذا أعطي الهدي أو ثمنه أحدا فوكّله في الذبح عنه ثم شك في أنه ذبحه أم لا بني علي عدمه نعم إذا كان ثقة و أخبره بذبحه اكتفي به (2).

______________________________

(1) يمكن أن يكون المنشأ للاحتياط حديث زيد بن جهم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام متمتع لم يجد هديا فقال أ ما كان معه درهم يأتي به قومه فيقول اشركوني بهذا الدرهم «1» و الحديث ضعيف سندا فلا يعتد به و أما حديث عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا ابراهيم عليه السّلام عن قوم غلت عليهم الأضاحي و هم متمتعون و هم مترافقون و ليسوا بأهل بيت واحد و قد اجتمعوا في مسيرهم و مضربهم واحد الهم أن يذبحوا بقرة قال: لا احبّ ذلك الّا من ضرورة «2» فلا يبعد أن يكون المراد التضحية المستحبة فلا يرتبط الحديث فلا يرتبط الحديث بالمقام و مع الشك في المراد لا مجال للاستدلال كما هو ظاهر و لقائل أن يقول أن لفظ التمتع في الحديث قرينة علي انّ المراد التضحية الواجبة و لا يعارض الحديث ما رواه محمد بن علي الحلبي «3» فان حديث ابن الحجاج أحدث.

(2) أما مع الشك في الذبح و عدمه فمقتضي الاستصحاب عدمه و أما إذا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 18 من أبواب الذبح، الحديث 13.

(2) نفس المصدر، الحديث 10.

(3) لاحظ ص 305.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 340

[(مسألة 398): ما ذكرناه من الشرائط في الهدي لا تعتبر فيما يذبح كفارة]

(مسألة 398): ما ذكرناه من الشرائط في الهدي لا تعتبر فيما يذبح كفارة و إن كان الأحوط اعتبارها فيه (1).

[(مسألة 399): الذبح الواجب هديا أو كفارة لا تعتبر المباشرة فيه]

(مسألة 399): الذبح الواجب هديا أو كفارة لا تعتبر المباشرة فيه بل يجوز ذلك بالاستنابة في حال الاختيار أيضا و لا بدّ أن يكون الذابح مسلما و إن تكون النية مستمرة من صاحب الهدي الي الذبح و لا يشترط نية الذابح و إن كانت أحوط و أولي (2).

______________________________

أخبره بالذبح فإن كان ثقة يقبل قوله لاعتبار قول الثقة و الّا يلزم الاحتياط إذ ما دام الشك في تحقق الامتثال يكون مقتضي الاستصحاب عدمه هذا علي طبق المذهب المنصور و أما علي المشهور فتكون قاعدة الاشتغال محكمة.

(1) هذا علي طبق القاعدة فان اطلاق الدليل ينفي عدم الاشتراط كما انّ مقتضي الأصل العملي كذلك إذ قد قرر في محله أن الشك في الأقل و الأكثر مورد البراءة.

(2) هذا من الواضحات قال في المستند هو مقطوع في كلام الاصحاب كما في المدارك و الذخيرة بل اجماعي كما في غيرهما فان السيرة القطعية جارية علي عدم لزوم المباشرة و بعبارة اخري من يتصدي الذبح بنفسه أقل قليل اضف الي ذلك النصوص الدالة علي عدم لزوم المباشرة منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يذبح لك اليهودي و لا النصراني أضحيتك فان كانت امرأة فلتذبح لنفسها و لتستقبل القبلة و تقول وجهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض حنيفا مسلما

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 341

______________________________

اللهم منك و لك «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه في حديث قال:

و كان علي بن الحسين عليه السّلام يضع السكين في يد الصبي

ثم يقبض علي يديه الرجل فيذبح «2».

و منها ما رواه بشر بن يزيد قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم لفاطمة عليها السّلام اشهدي ذبح ذبيحتك فان أول قطرة منها يغفر اللّه بها كل ذنب عليك و كل خطيئة عليك الي أن قال و هذا للمسلمين عامة «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان علي بن الحسين عليه السّلام يجعل السكين في يد الصبي ثم يقبض الرجل علي يد الصبي فيذبح «4» و منها ما أرسله الصدوق قال: كان النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم ساق معه مائة بدنة فجعل لعليّ عليه السّلام منها أربعا و ثلاثين و لنفسه ستا و ستين و نحرها كلها بيده الي أن قال و كان علي عليه السّلام يفتخر علي الصحابة فقال: من فيكم مثلي و أنا الذي ذبح رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم هديه بيده «5» فلا اشكال في أصل الحكم انما الكلام في أنّ الذبح من العبادات و يحتاج الي النية فعلي من تجب النية من المكلف الذي يجب عليه الذبح أو من الذابح فنقول لا اشكال في انّ النيابة بما لها من المعني تحتاج الي الدليل توضيح ذلك انّ النائب يأتي بما يجب علي المنوب عنه بالأمر المتوجه الي نفسه أي انّ النائب

______________________________

(1) الوسائل: الباب 36 من أبواب الذبح، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 36 من أبواب الذبح، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

(4) نفس المصدر، الحديث 5.

(5) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 342

______________________________

مأمور من قبل الشارع ان يأتي ما علي المنوب عنه

كما ان الأمر كذلك في باب الحج النيابي و كذلك الصلاة و الصوم الي غيرها من الموارد و هذا متوقف علي قيام دليل شرعي و أما إذا لم يكن و وصلت النوبة الي الشك يكون مقتضي الأصل عدم المشروعية و حيث انه لا دليل علي النيابة في المقام لا يكون الذابح نائبا عن المنوب عنه و لا مجال لأن يجعل المكلف غيره نائبا عن نفسه في الذبح فانه لا دليل عليه و مع عدم الدليل يكون تشريعا محرما فالنتيجة أن الذابح لا يكون نائبا عن المكلف الذي وجب عليه الذبح كما أنه لا ولاية للذابح علي المكلف كما هو ظاهر و أيضا لا يكون وكيلا شرعيا عنه فان جواز الوكالة في الواجبات لا دليل عليه بل الدليل قائم علي عدمه إذ لو شك في انّ الشارع هل جعل للمكلف حقا في جعل الوكيل يكون مقتضي الأصل عدمه و بعبارة واضحة لا اشكال في جواز التوكيل في العقود و الايقاعات و لكن التوكيل في الواجبات سيما التعبديات أمر مستنكر عند أهل الشرع فالنتيجة انّ الذابح لا يكون وكيلا فلا مجال لان ينوي القربة و يؤيد المدعي أنه لا اشكال في جواز كون الذابح مخالفا هذا من ناحية و من ناحية اخري صحة العبادة تتوقف علي الأيمان فالنتيجة انّ الناوي للقربة نفس المكلف و علي الجملة لا بدّ في كل واجب أن يأتي المكلف به بنفسه و لكن الدليل قام علي جواز ايكال الأمر الي الغير فيجب علي المكلف الاتيان بالذبح أما مباشرة و أما بالايكال الي الغير فالمتصدي للذبح نفس المكلف و هو ينوي كما انّ الأمر كذلك في باب الزكاة و الخمس و الكفارات و

الصدقات و السيرة جارية علي هذا المنوال فلا بد من احداث النية و إبقائها و لو

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 343

______________________________

بكونها في خزانة النفس.

نعم مقتضي الاحتياط أن ينوي الذابح أيضا و لا اشكال في اشتراط كون الذابح مسلما فان الواجب الذبح الشرعي و هو يتوقف علي امور منها كون الذابح مسلما مضافا الي أنه صرح في النص بعدم جواز كونه يهوديا أو نصرانيا فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 344

[مصرف الهدي]
اشارة

مصرف الهدي الأحوط أن يعطي ثلث الهدي الي الفقير المؤمن صدقة و يعطي ثلثه الي المؤمنين هدية و أن يأكل من الثلث الباقي له و لا يجب إعطاء ثلث الهدي الي الفقير نفسه بل يجوز الاعطاء الي وكيله و إن كان الوكيل هو نفس من عليه الهدي و يتصرف الوكيل فيه حسب اجازة موكّله من الهبة أو البيع أو الأعراض أو غير ذلك و يجوز اخراج لحم الهدي و الاضاحي من مني (1).

______________________________

(1) في المقام جهات من الكلام:

الجهة الأولي: أنه هل يجب الأكل من ثلث الهدي أم يستحب الحق أنه واجب بالكتاب و السنة و أما من الكتاب فقوله تعالي لِيَشْهَدُوا مَنٰافِعَ لَهُمْ وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ فِي أَيّٰامٍ مَعْلُومٰاتٍ عَليٰ مٰا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعٰامِ فَكُلُوا مِنْهٰا وَ أَطْعِمُوا الْبٰائِسَ الْفَقِيرَ «1» وَ الْبُدْنَ جَعَلْنٰاهٰا لَكُمْ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ لَكُمْ فِيهٰا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ عَلَيْهٰا صَوٰافَّ فَإِذٰا وَجَبَتْ جُنُوبُهٰا فَكُلُوا مِنْهٰا وَ أَطْعِمُوا الْقٰانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ كَذٰلِكَ سَخَّرْنٰاهٰا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «2».

و أما من السنة فما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا ذبحت أو نحرت فكل و اطعم كما قال اللّه فَكُلُوا مِنْهٰا وَ

أَطْعِمُوا الْقٰانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ فقال:

______________________________

(1) الحج: 28.

(2) الحج: 36.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 345

______________________________

القانع الذي يقنع بما اعطيته و المعتر الذي يعتريك و السائل الذي يسألك في يديه و البأس الفقير «1» فلا اشكال في هذه الجهة و ما قيل في هذا المقام من انّ الأمر بالأكل وقع موقع توهم الحظر فلا يدل علي الوجوب حيث انّ في الجاهلية كان حراما عند أهلها غير تام فان الأمر اذا وقع و تعلق بأمر بعد النهي من قبل المولي كقوله تعالي وَ إِذٰا حَلَلْتُمْ فَاصْطٰادُوا يمكن أن يقال انّ الأمر بالصيد لا يكون ظاهرا في الوجوب إذ الصيد حرم من قبل الشارع علي المحرم و أمر به بعد الاحلال و العرف يفهم من الامر في الفرض الرخصة فلا يكون دالا علي الوجوب و أما مع احتمال الحرمة فلا يكون مانعا عن ظهور الأمر في الوجوب مضافا الي أنه علي فرض عدم الدلالة علي الوجوب لا وجه لحمله علي الاستحباب بل مقتضي القاعدة هي الاباحة لا الاستحباب.

الجهة الثانية: أنه هل يلزم تثليث الهدي و تقسيمه ثلاثة أقسام قسم للصدقة و قسم للهدية و قسم للأكل الانصاف ان اتمام الأمر بالنحو المذكور مشكل فان المستفاد من الكتاب وجوب الأكل و اعطاء البأس الفقير و اعطاء القانع و اعطاء المعتر فاقسام الواجب علي مقتضي الكتاب أربعة و لكن الظاهر عدم وجوب تقسيم الهدي أربعة أقسام فانه خلاف السيرة و خلاف المرتكز في الأذهان مضافا الي أنه لو كان واجبا لشاع و ذاع و لم يكن باقيا تحت الستار فالواجب علي المكلف امور ثلاثة الأكل و اطعام القانع و المعتر مضافا الي أنه لا دليل علي كون الأصناف أربعة

فان المستفاد من الآية السادسة و الثلاثين من سورة الحج كون الاقسام ثلاثة و أما الآية الثانية و العشرين التي ذكر فيها عنوان البائس الفقير فيمكن أن يقال لا دلالة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 40 من أبواب الذبح، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 346

______________________________

فيها علي كون البائس الفقير قسما رابعا بل تكون الآية متعرضة للجامع بين القسمين و هما القانع و المعتر.

فالنتيجة وجوب الأكل و اطعام الفريقين و المستفاد من حديث سيف التمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام انّ سعيد بن عبد الملك قدم حاجا فلقي أبي فقال: اني سقت هديا فكيف أصنع فقال له أبي اطعم اهلك ثلثا و اطعم القانع و المعتر ثلثا و اطعم المساكين ثلثا فقلت المساكين هم السؤال فقال: نعم و قال: القانع الذي يقنع بما ارسلت إليه من البضعة فما فوقها و المعتر ينبغي له أكثر من ذلك هو أغني من القانع يعتريك فلا يسألك «1» و حديث شعيب العقرقوفي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

سقت في العمرة بدنة فأين أنحرها قال: بمكة قلت: أي شي ء أعطي منها قال: كل ثلثا و اهد ثلثا و تصدق بثلث «2» وجوب التثليث و قد صرح في حديث شعيب بكون الثلث صدقة و يؤيد التثليث ما رواه أبو الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن لحوم الأضاحي فقال: كان علي بن الحسين و أبو جعفر عليهما السّلام يتصدقان بثلث علي جيرانهم و ثلث علي السؤال و ثلث يمسكانه لأهل البيت «3».

و هل يمكن الاستدلال بالحديثين علي المدعي في المقام الانصاف أنه مشكل إذ هما واردان في حج القران و العمرة و الهدي المسوق و دعوي

انّ كلام الامام عليه السّلام ناظر الي الآية الشريفة كما في كلام سيدنا الاستاد عهدتها علي مدعيها ثم انّ المصرح به في الآية الشريفة وجوب الاطعام فكيف يمكن الاكتفاء بالاعطاء و يمكن أن يقال

______________________________

(1) الوسائل: الباب 40 من أبواب الذبح، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 18.

(3) نفس المصدر، الحديث 13.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 347

______________________________

انّ السيرة جائرة علي كفاية الاعطاء بلا نكير من قبل أهل الشرع و أنه لو كان الاطعام بالخصوص واجبا لكان شايعا و ذائعا ثم أنه هل يلزم تقسيم الهدي اثلاثا متساوية أم لا لا اشكال و لا كلام في أنّ التقسيم المتساوي موافق للاحتياط و لكن لا يستفاد من الآية و أما حديث شعيب فانه و إن كان دالا علي التساوي لكن لم يرد الحديث في هدي حج التمتع فلاحظ.

الجهة الثالثة: أنه هل يعتبر الايمان فيمن يعطي إليه الثلثين أم لا أما بالنسبة الي الهدية فالظاهر أنه لا دليل علي اشتراط الايمان و أما بالنسبة الي الصدقة فان قلنا بعدم جواز اعطاء مطلق الصدقة الي غير المؤمن فهو و أما ان قلنا باختصاص عدم الجواز بخصوص الزكاة فلا وجه للاشتراط المذكور و استدل سيدنا الاستاد علي اشتراط الايمان في المعطي إليه بجملة من النصوص منها ما رواه عمر بن يزيد قال:

سألته عن الصدقة علي النصاب و علي الزيدية فقال: لا تصدق عليهم بشي ء و لا تسقهم من الماء ان استطعت و قال الزيدية هم النصّاب «1» و فيه أولا: انّ الحديث مضمر و لا دليل علي رجوع الضمير الي الامام عليه السّلام فلا اعتبار به و ثانيا: انّ مورد النهي خاص و لا وجه للنهي عن العموم و ثالثا:

علي فرض تمامية الاستدلال انما يختص الحكم بالصدقة و لا وجه لاجرائه في الهدية و منها ما رواه علي بن بلال قال: كتبت إليه اسأله هل يجوز أن ادفع زكاة المال و الصدقة الي محتاج غير أصحابي فكتب لا تعط الصدقة و الزكاة الّا لأصحابك «2».

بتقريب انّ المستفاد منه عدم جواز اعطاء الصدقة لغير المؤمن و يرد عليه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 5 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 5.

(2) الوسائل: الباب 5 من أبواب المستحقين، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 348

______________________________

أولا ان الحديث مضمر و لا دليل علي رجوع الضمير الي الامام عليه السّلام و ثانيا: أنه علي فرض العمل به يختص الحديث بالصدقة فلا وجه للاشتراط بالنسبة الي الهدية و منها ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك ما تقول في الزكاة لمن هي قال: فقال: هي لأصحابك قال: قلت فان فضل عنهم قال: فأعد عليهم قال: قلت فان فضل عنهم قال: فأعد عليهم قال: قلت فان فضل عنهم قال:

فأعد عليهم قال: قلت فان فضل عنهم قال: فأعد عليهم قال: قلت فان فضل عنهم قال: فأعد عليهم قلت: فنعطي السؤال منها شيئا قال: فقال: لا و اللّه الّا التراب الّا ان ترحمه فان رحمته فاعطه كسرة ثم اومأ بيده فوضع ابهامه علي اصول اصابعه «1» و يرد عليه انّ المستفاد من الحديث انه نهي عن اعطاء الزكاة فلا يرتبط الحديث بالمقام.

و منها ما رواه يعقوب بن شعيب الحداد عن العبد الصالح عليه السّلام قال: قلت له:

الرجل منّا يكون في أرض منقطعة كيف يصنع بزكاة ماله قال: يضعها في إخوانه و أهل ولايته قلت: فإن

لم يحضره منهم فيها أحد قال: يبعث بها إليهم قلت: فان لم يجد من يحملها إليهم قال: يدفعها الي من لا ينصب قلت: فغيرهم قال: ما لغيرهم الّا الحجر «2»، و الحديث ضعيف سندا فان ابراهيم الذي يكون في سلسلة السند لم يوثق مضافا الي أنّ الحديث لا يتربط بالمقام أيضا فالنتيجة أن الحكم مبني علي الاحتياط ثم أنه لا يلزم في اعطاء الثلث الي الفقير نفسه بل يكفي الاعطاء الي وكيله و لو كان نفس من عليه الهدي إذ لا دليل علي وجوب المباشرة و يصدق الاعطاء الذي يكون

______________________________

(1) الوسائل: الباب 5 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 6.

(2) نفس المصدر، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 349

______________________________

واجبا بأي نحو من النحوين.

الجهة الرابعة: أنه هل يجوز اخراج لحم الهدي من مني أم لا؟

مقتضي القاعدة الأولية هو الجواز و يستفاد من حديث معاوية بن عمّار قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تخرجنّ شيئا من لحم الهدي «1» عدم الجواز و يستفاد من حديث محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن اخراج لحوم الاضاحي من مني فقال: كنا نقول لا يخرج منها بشي ء لحاجة الناس إليه فامّا اليوم فقد كثر الناس فلا بأس باخراجه «2» جواز اخراج لحوم الاضاحي و الظاهر من الأضحية الذبح المندوب في مقابل الهدي الواجب و لا اقلّ من الشك في شمول الاضاحي الهدي و عليه لا بدّ من الالتزام بحرمة اخراج لحم الهدي من مني بمقتضي حديث ابن عمار و الحق أن يقال انّ حديث ابن مسلم مقيد لحديث ابن عمّار فان الجمع بين الحديثين أنه مع الاحتياج لا يجوز الخروج و أما مع

عدمه فيجوز و لا يحتمل أن المراد من الاضاحي ما يكون مستحبا إذ لا يحرم اخراج المندوب قطعا مضافا الي أنه لا وجه لان يقال الظاهر من الاضاحي المستحب بل المستفاد من اللغة هو الاطلاق.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 42 من أبواب الذبح، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 350

[(مسألة 400): لا يعتبر الافراز في ثلث الصدقة و لا في ثلث الهدية]

(مسألة 400): لا يعتبر الافراز في ثلث الصدقة و لا في ثلث الهدية فلو تصدق بثلثه المشاع و اهدي ثلثه المشاع و أكل منه شيئا أجزأه ذلك (1).

[(مسألة 401): يجوز لقابض الصدقة أو الهدية أن يتصرف فيما قبضه كيفما شاء]

(مسألة 401): يجوز لقابض الصدقة أو الهدية أن يتصرف فيما قبضه كيفما شاء فلا بأس بتمليكه غير المؤمن أو غير المسلم (2).

[(مسألة 402): إذا ذبح الهدي فسرق أو أخذه متغلب عليه قهرا قبل التصدق و الاهداء فلا ضمان علي صاحب الهدي]

(مسألة 402): إذا ذبح الهدي فسرق أو أخذه متغلب عليه قهرا قبل التصدق و الاهداء فلا ضمان علي صاحب الهدي نعم لو اتلفه هو باختياره و لو باعطائه لغير أهله ضمن الثلثين علي الأحوط (3).

______________________________

(1) لعدم الدليل عليه و مقتضي اطلاق الدليل و البراءة عدم وجوبه و لزومه.

(2) فان الناس مسلطون علي اموالهم و لا دليل علي عدم الجواز.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مصباح الناسك في شرح المناسك، دو جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1425 ه ق مصباح الناسك في شرح المناسك؛ ج 2، ص: 350

(3) أما عدم الضمان في صورة عدم الاتلاف فعلي طبق القاعدة و أما الضمان في صورة الاتلاف فالظاهر أنه لا وجه له أيضا لعدم الدليل عليه و بعبارة واضحة الدليل قائم علي وجوب الاكل و الاطعام أو الاعطاء و هذا المقدار لا يستلزم كون الموضوع ملكا للغير فغاية ما في الباب تحقق العصيان بعدم الامتثال و أما الضمان فلا و الذي يوضح المدعي أن التصدق واجب و من الظاهر أنه أشرب في وجوب التصدق عدم كون المال ملكا للمتصدق عليه و إن شئت فقل التصدق متقوم بكون المال مملوكا للمصدق.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 351

[الواجب السادس من واجبات الحج الحلق و التقصير]

اشارة

3- الحلق و التقصير و هو الواجب السادس من واجبات الحج و يعتبر فيه قصد القربة و ايقاعه في النهار علي الأحوط من دون فرق بين العالم و الجاهل و الأحوط تأخيره عن الذبح و الرمي و لكن لو قدمه عليهما أو علي الذبح نسيانا أو جهلا منه بالحكم اجزأه و لم يحتج الي الاعادة (1).

______________________________

(1) في المقام جهات من البحث:

الجهة الأولي: في وجوب احد أمرين قال في الحدائق: المشهور بين الأصحاب أن

الحاج إذا فرغ من الذبح تخير إن شاء حلق و إن شاء قصر و الحلق أفضل الخ و يدل علي المدعي قوله تعالي: لَقَدْ صَدَقَ اللّٰهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيٰا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرٰامَ إِنْ شٰاءَ اللّٰهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ لٰا تَخٰافُونَ فَعَلِمَ مٰا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذٰلِكَ فَتْحاً قَرِيباً «1» و تدل علي المدعي جملة من النصوص و قد أفرد صاحب الوسائل للحلق و التقصير بابا مستقلا و من تلك النصوص ما رواه عمر بن يزيد «2» اضف الي ذلك السيرة الجارية المتصلة بزمان الأئمة عليهم السّلام.

الجهة الثانية: أنه يشترط فيه قصد القربة فانه عبادة و العبادة متقومة بقصد القربة كما هو ظاهر.

الجهة الثالثة: أنه يلزم ايقاعه في النهار بلا خلاف و لا اشكال كما في الجواهر و مما يدل علي لزوم كونه في النهار أنه يشترط فيه أن يكون بعد الذبح و الذبح يجب

______________________________

(1) الفتح: 27.

(2) لاحظ ص 299.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 352

______________________________

أن يكون في يوم العيد فلا يجوز الحلق ليلة العيد و يدل علي عدم جواز التأخير عن يوم العيد ما رواه محمد بن حمران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحاج غير المتمتع يوم النحر ما يحل له قال: كل شي ء الّا النساء و عن المتمتع ما يحل له يوم النحر قال: كل شي ء الّا النساء و الطيب «1» بتقريب أنّه قبل الحلق لا يحل له كل شي ء فقوله عليه السّلام يحل له كل شي ء دال علي أنّ ظرف الحلق يوم النحر أضف الي ذلك ان السيرة جارية علي المنوال المذكور و وجوبه يوم العيد مركوز في اذهان أهل الشرع و لا فرق من

هذه الجهة بين العالم و الجاهل إذ لا دليل علي التفرقة.

الجهة الرابعة: أنه لو اخلّ بالترتيب هل يكون مجزيا علي الاطلاق أو لا يجزي أو فيه تفصيل فهنا صور ثلاثة:

الصورة الأولي: أن يكون الاخلال عمديا ربما يقال بأنه لا يكون التدارك واجبا بل يكون ما أتي به مجزيا و إن لم يكن موافقا للترتيب المقرر و استدل بما رواه البزنطي «2» بتقريب انّ الاطلاق يقتضي شمول الحكم حتي لصورة العمد و الحديث ضعيف سندا بسهل الذي لا يكون الأمر فيه سهلا و استدل أيضا بما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحي قال:

لا بأس و ليس عليه شي ء و لا يعودنّ «3» و التقريب هو التقريب و يرد عليه أولا ان الحديث معارض بما رواه عمر بن يزيد «4» و حيث لا يميز الحادث عن القديم لا مجال

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 296.

(3) الوسائل: الباب 39 من أبواب الذبح، الحديث 10.

(4) لاحظ ص 299.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 353

______________________________

للعمل بحديث ابن سنان و مقتضي السيرة و الارتكاز عدم الاجزاء و ثانيا: انّ المستفاد من حديث جميل بن دراج «1» ان الاجزاء منحصر بصورة النسيان و بالمفهوم يستفاد منه عدم الاجزاء في صورة العمد فيكون نسبته الي حديث ابن سنان نسبة الخاص الي العام فيخصص حديث ابن سنان بحديث جميل و استدل أيضا بما رواه عمّار الساباطي في حديث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل حلق قبل أن يذبح قال: يذبح و يعيد الموسي لانّ اللّه تعالي يقول: وَ لٰا

تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّٰي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ «2» و التقريب هو التقريب و الجواب هو الجواب و النتيجة انّ مقتضي القاعدة عدم الأجزاء.

الصورة الثانية: أن يكون عدم الترتيب لأجل النسيان و الظاهر انه يجزي و لا يحتاج الي الاعادة و الوجه فيه حديث جميل حيث يستفاد منه أنه لو كان تقديم ما حقه التأخير ناشيا عن النسيان يكون مغتفرا و لا تجب الاعادة.

الصورة الثالثة: أن يكون الاخلال بالترتيب ناشيا عن الجهل ربما يقال بأن الجهل يلحق بالنسيان إذ النسيان فرد من أفراد الجهل و يرد عليه انّ النسيان بماله من المفهوم مغاير مع الجهل فان الجاهل من لا علم له و الناسي من كان عالما ثم نسي معلومه و إن شئت فقل إذا كان الموضوع الجامع بينهما لم يكن وجه لأخذ عنوان النسيان موضوعا في حديث جميل فالحق اختصاص الأجزاء بخصوص الناسي و أما حديثا ابن سنان «3» و عمار المتقدم آنفا و إن كانا باطلا فهما يشملا الجاهل لكن لا بدّ

______________________________

(1) لاحظ ص 291.

(2) الوسائل: الباب 39 من أبواب الذبح، الحديث 8.

(3) لاحظ ص 352.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 354

[(مسألة 403): لا يجوز الحلق للنساء]

(مسألة 403): لا يجوز الحلق للنساء بل يتعين عليهن التقصير (1).

______________________________

أن يقيدا بحيث جميل و يخصص الحكم بالنسيان.

(1) اتفاقا نصا و فتوي كما في الحدائق و حكي الاجماع علي تحريم الحلق عليهن عن العلامة في المختلف و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه سعيد الأعرج في حديث انه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن النساء فقال: إن لم يكن عليهن ذبح فليأخذن من شعورهن و يقصرن من اظفارهن «1» و منها ما رواه علي بن أبي حمزة عن أحدهما

عليهما السّلام في حديث قال: و تقصر المرأة و يحلق الرجل و إن شاء قصّر ان كان قد حج قبل ذلك «2» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس علي النساء حلق و يجزيهنّ التقصير «3» و منها ما عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السّلام في وصية النبي لعلي عليهما السّلام قال: يا علي ليس علي النساء جمعة الي أن قال: و لا استلام الحجر و لا حلق «4» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس علي النساء حلق و عليهن التقصير ثم يهللن بالحج يوم التروية و كانت عمرة و حجة فان اعتللن كنّ علي حجهن و لم يضررن بحجهن «5» اضف الي ذلك السيرة المستمرة و الارتكاز المتشرعي فان مقتضاهما عدم جواز الحلق و تعيّن التقصير عليهن.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 8 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) الوسائل: الباب 21 من أبواب أقسام الحج، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 355

[(مسألة 404): يتخير الرجل بين الحلق و التقصير]

(مسألة 404): يتخير الرجل بين الحلق و التقصير و الحلق أفضل و من لبد شعر رأسه بالصمغ أو العسل أو نحوهما لدفع القمل أو عقص شعر رأسه و عقده بعد جمعه و لفه فالأحوط له اختيار الحلق بل وجوبه هو الأظهر و من كان صرورة فالأحوط له أيضا اختيار الحلق و إن كان تخييره بين الحلق و التقصير لا يخلو من قوة (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّ الرجل مخير بين الحلق و التقصير و الحلق أفضل

و يدل علي المدعي ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا حرمت فعقصت شعر رأسك أو لبّدته فقد وجب عليك الحلق و ليس لك التقصير و إن أنت لم تفعل فمخير لك التقصير و الحلق في الحج أفضل و ليس في المتعة الّا التقصير «1» و يدل أيضا ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول من لبّد شعره أو عقصه فليس له أن يقصر و عليه الحلق و من لم يلبّده تخير ان شاء قصر و إن شاء حلق و الحلق أفضل «2» و يدل علي أصل التخيير بين الأمرين ما رواه معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ينبغي للصرورة أن يحلق و إن كان قد حجّ فان شاء قصر و إن شاء حلق فإذا لبّد شعره أو عقصه فانّ عليه الحلق و ليس له التقصير «3» و يدل علي أفضلية الحلق حديث حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يوم الحديبية «اللهم اغفر للمحلقين» مرتين قيل و للمقصرين يا رسول اللّه قال: و للمقصرين «4» و حديث

______________________________

(1) الوسائل: الباب 7 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 8.

(2) نفس المصدر، الحديث 15.

(3) الوسائل: الباب 7 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 356

______________________________

الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: استغفر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم للمحلقين ثلاث مرات قال: و سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التفث قال: هو الحلق و ما كان علي جلد

الانسان «1».

الفرع الثاني: أنه يجب علي من لبد شعر رأسه بالصمغ أو العسل أو نحوهما لدفع القمل أو عقص شعر رأسه و عقده بعد جمعه و لفه ان يحلق رأسه قال في دليل الناسك جزم بتعيين الحلق جماعة من القدماء و المتأخرين الي آخر كلامه رفع في علو مقامه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية «2» و منها ما رواه هشام بن سالم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا عقص الرجل رأسه أو لبده في الحج أو العمرة فقد وجب عليه الحلق «3» و منها ما رواه أبو سعد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يجب الحلق علي ثلاثة نفر رجل لبد و رجل حج بدءا لم يحج قبلها و رجل عقص رأسه «4» و منها ما رواه معاوية بن عمّار أيضا. «5»

الفرع الثالث: أنه يجب علي الصرورة الحلق و ليس له التقصير و الكلام في هذا الفرع يقع تارة فيما يقتضي وجوب الحلق و اخري فيما يكون مانعا عن الأخذ بدليل التعين فيقع الكلام في موضعين فنقول:

أما الموضع الأول فيدل علي تعين الحلق عليه جملة من النصوص منها ما رواه

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 7.

(2) لاحظ ص 355.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

(4) نفس المصدر، الحديث 3.

(5) لاحظ ص 355.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 357

______________________________

معاوية «1» فان المستفاد من الحديث تعين الحلق علي الصرورة فان التقسيم قاطع للشركة فانه علق التخيير علي من لا يكون صرورة فبالمفهوم يدل الحديث علي وجوب الحلق للصرورة فلا مجال لان يقال انّ لفظ ينبغي دال علي الاستحباب لا الوجوب و يؤيد المدعي جملة من النصوص منها ما رواه أبو سعد

«2» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: علي الصرورة ان يحلق رأسه و لا يقصر انما التقصير لمن قد حجّ حجة الاسلام «3» و منها ما رواه بكر بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس للصرورة ان يقصّر و عليه انّ يحلق «4» فالمقتضي لوجوب الحلق و عدم جواز التقصير تام.

و أما الموضع الثاني: فقد أفاد سيدنا الاستاد ان قوله تعالي لَقَدْ صَدَقَ اللّٰهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيٰا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرٰامَ إِنْ شٰاءَ اللّٰهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ لٰا تَخٰافُونَ فَعَلِمَ مٰا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذٰلِكَ فَتْحاً قَرِيباً «5» يكون مانعا عن العمل بتلك النصوص و حاصل ما أفاده في هذا المقام علي ما في تقريره الشريف ان المستفاد من الآية انّ الداخلين مع الرسول الأكرم أرواحنا فداه كانوا صرورة و مع ذلك حكم الشارع الأقدس بكونهم مخيرين بين الحلق و التقصير بقوله محلقين رءوسكم و مقصرين الي آخر الآية و بعبارة واضحة ان المستفاد من الآية

______________________________

(1) لاحظ ص 355.

(2) لاحظ ص 356.

(3) الوسائل: الباب 7 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 5.

(4) نفس المصدر، الحديث 10.

(5) الفتح: 27.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 358

______________________________

انهم داخلين المسجد الحرام محلّقين و مقصّرين و من الظاهر انّ هذا ينطبق علي الحج أي بعد اعمال مني ان الحاج يدخل المسجد الحرام محلقا أو مقصرا و أما في العمرة فيكون الدخول قبل الحلق فالنتيجة انّ المستفاد من الكتاب تخيير الصرورة بين الأمرين فلا مجال للعمل بالنصوص الدالة علي تعين الحلق و يرد عليه أولا أنه لا دليل في الآية يدل علي انّ المراد منها التخيير بل

يمكن أن تكون الآية ناظرة ان الحجاج الداخلين الي المسجد الحرام قسمان قسم حلق رأسه و قسم قصر و هذا لا ينافي تعين الحلق علي الصرورة لانّ الحلق إذا كان حرجيا عليه لم يجب و إذا لم يكن حرجيا يجب فيمكن أن تصل النوبة الي التقصير لكن يرد عليه أنه مع عدم امكان الحلق أو كونه حرجيا لا تصل النوبة الي التقصير بل يجب إمرار الموسي علي رأسه قال في الحدائق: أجمع العلماء كافة أنّ من ليس علي رأسه شعر يسقط عنه الحلق حكاه في المتن قال لعدم ما يحلق و يمرّ الموسي علي رأسه و هو قول اهل العلم كافة الي آخر كلامه رفع في علو مقامه «1».

و قال في المستند من ليس علي رأسه شعر أما خلقه كالاقرع أو لحلقه في احرام العمرة يمرّ الموس علي رأسه اجماعا الي آخر كلامه رفع في علو مقامه «2».

و قال في الجواهر: و من ليس علي رأسه شعر خلقة أو غيرها سقط عنه الحلق اجماعا بقسميه و لكن يمرّ الموسي عليه اجماعا في محكي التذكرة و من اهل العلم في محكي المنتهي الي آخر كلامه رفع في علو مقامه «3».

______________________________

(1) الحدائق: ج 17 ص 228.

(2) مستند الشيعة: ج 12 ص 377.

(3) جواهر الكلام: ج 19 ص 244.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 359

______________________________

اضف الي ذلك جملة من النصوص منها ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتمتع أراد أن يقصر فحلق رأسه قال عليه دم يهريقه فاذا كان يوم النحر امرّ الموسي علي رأسه حين يريد ان يحلق «1» و منها ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه

السّلام في حديث قال: سألته عن رجل حلق قبل أن يذبح قال: يذبح و يعيد الموسي لانّ اللّه تعالي يقول وَ لٰا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّٰي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ «2».

و منها ما رواه زرارة ان رجلا من أهل خراسان قدم حاجا و كان أقرع الرأس لا يحسن ان يلبّي فاستفتي له أبو عبد اللّه عليه السّلام فأمر له أن يلبّي عنه و ان يمرّ الموسي علي رأسه فان ذلك يجزئ عنه «3» بل يستفاد من حديث عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل برأسه قروح لا يقدر علي الحلق قال: إن كان قد حج قبلها فليجز شعره و إن كان لم يحج فلا بد له من الحلق الحديث تعيّن الحلق حتي مع الحرج «4» فالنتيجة أنه لا تصل النوبة الي التقصير و لكن لنا أن نقول انّ المسلمين الذين دخلوا المسجد الحرام حسب قول رسول الاسلام أرواحنا فداه أتوا بعمرة التمتع في شهر ذي قعدة و قصروا و بعد اتمام حج التمتع دخلوا المسجد الحرام محلقين للحج و مقصرين للعمرة فتتم دلالة الآية علي ما ذكرنا و لا ينافي ما ذكرنا تعين الحلق علي الصرورة و ليت المقرر كان مطّلعا علي ما ذكرنا كي يعلم بان ما ذكرنا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) الباب 7 من هذه الأبواب، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 360

[(مسألة 405): من أراد الحلق و علم أن الحلاق يجرح رأسه فعليه أن يقصّر أولا ثم يحلق]

(مسألة 405): من أراد الحلق و علم أن الحلاق يجرح رأسه فعليه أن يقصّر أولا ثم يحلق (1).

______________________________

ينطبق علي ما في الخارج و مع ذلك لا دلالة في الكلام علي التخيير

بين الأمرين.

إن قلت من أين علم ان عمرتهم كانت عمرة المتعة إذ يمكن أنها كانت عمرة مفردة و كان حجهم حج الافراد قلت: سلمنا ذلك لكن لا فرق فيما ذكرنا بين كون العمرة متعة أو مفردة فانهم دخلوا المسجد الحرام محلقين رءوسهم للحج و مقصّرين للعمرة مفردة كانت أو متعة فلاحظ و اغتنم.

و ثانيا: نفرض ان المستفاد من الآية التخيير لكن لا اشكال في انّ الحكم المذكور و الخطاب الصادر عن الرسول الأكرم صلي اللّه عليه و آله و سلم مخصوص بالافراد الموجودين في ذلك الزمان و لا يشمل غيرهم الّا من باب الاشتراك في التكليف و أيّ دليل دل علي الاشتراك في هذا الحكم بل الدليل قائم علي خلافه فان النصوص المشار إليها تدل علي تعين الحلق علي الصرورة.

و ثالثا: انّ الرسول الأكرم صلي اللّه عليه و آله و سلم أخبر خبرا غيبيا و لا يكون في مقام تشريع الحكم كي يتوجه ما أفاده.

(1) إن قلنا بالتخيير بين الأمرين فالأمر كما أفاده إذ الادماء حرام فطبعا تصل النوبة الي تعين التقصير إذ الواجب الجامع بين الأمرين و مع تعذر أحدهما يتعين الآخر لكن يرد عليه أنه بأي وجه يجب عليه الحلق بعد التقصير و ان قلنا بتعين الحلق يجب عليه و إن علم بالجرح و خروج الدم و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما رواه عمار الساباطي «1» فان المستفاد من الحديث بوضوح وجوب الحلق علي كل حال.

______________________________

(1) لاحظ ص 359.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 361

[(مسألة 406): الخنثي المشكل يجب عليه التقصير إذا لم يكن ملبدا أو معقوصا]

(مسألة 406): الخنثي المشكل يجب عليه التقصير إذا لم يكن ملبدا أو معقوصا و الا جمع بين التقصير و الحلق و يقدم التقصير علي الحلق علي

الأحوط (1).

______________________________

إن قلت كيف يمكن الاخذ بالحديث و الحال انّ الظاهر كون الحلق حرجيا عليه و مقتضي دليل نفي الحرج عدم الوجوب قلت: لا بدّ من تخصيص دليل لا حرج بدليل معتبر في مورد خاص فلاحظ.

(1) في مفروض المسألة المكلف إمّا لا يكون صرورة و لا ملبدا و لا معقوصا و إمّا يكون داخلا تحت أحد العناوين الثلاثة فهنا فرعان:

الفرع الأول: من لا يكون معنونا بأحد العناوين المشار إليها فالظاهر أنه يجب عليه الجامع بين الأمرين إذ مقتضي عدم كونه مرأة عدم وجوب خصوص التقصير و مقتضي عدم كونه رجلا عدم كونه مخيرا بين الأمرين و حيث يعلم بوجوب الجامع و يشك في الخصوصية يجري الأصل و ينفي الخصوصية فيكفي الاتيان بالجامع و لكن حيث انه محرم يشك في تحقق المخرج و الرافع يكون مقتضي الاستصحاب عدم تحقق و يترتب عليه بقاء الاحرام فيجب عليه عقلا أن يجمع بين الأمرين كي يحصل له العلم بالاحلال و أما الفرع الثاني فأمره دائر بين محذورين و لا مجال للاحتياط فيجب بحكم العقل الجمع بين الأمرين أيضا كي يحصل الاحلال و اللّه العالم بحقائق الأمور.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 362

[(مسألة 407): إذا حلق المحرم أو قصّر حل له جميع ما حرم عليه الاحرام ما عدا النساء و الطيب]

(مسألة 407): إذا حلق المحرم أو قصّر حل له جميع ما حرم عليه الاحرام ما عدا النساء و الطيب بل الصيد أيضا علي الأحوط (1).

______________________________

(1) قال في الحدائق المشهور بين الأصحاب أنّ مواطن التحلل ثلاثة أحدها بعد الحلق أو التقصير الذي ثالث مناسك مني فيحلّ من كلّ شي ء الّا الطيب و النساء الخ و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا ذبح الرجل

و حلق فقد أحل من كل شي ء أحرم منه الّا النساء و الطيب فاذا زار البيت و طاف و سعي بين الصفا و المروة فقد أحلّ من كلّ شي ء أحرم منه الّا النساء و إذا طاف طواف النساء فقد احلّ من كل شي ء أحرم منه الّا الصيد «1» و منها ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل رمي و حلق أ يأكل شيئا فيه صفرة قال: لا حتي يطوف بالبيت و بين الصفا و المروة ثم قد حل له كلّ شي ء الّا النساء حتي يطوف بالبيت طوافا آخر ثم قد حلّ له النساء «2» و منها ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اعلم انك إذا حلقت رأسك فقد حل لك كل شي ء إلّا النساء و الطيب «3» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل نسي أن يزور البيت حتي اصبح فقال: ربّما اخّرته حتي تذهب أيام التشريق و لكن لا تقربوا النساء و الطيب «4» و يعارض هذه الروايات حديث سعيد بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتمتع قلت: إذا حلق رأسه يطليه بالحناء قال: نعم الحناء و الثياب و الطيب و كل شي ء الّا النساء رددها عليّ

______________________________

(1) الوسائل: الباب 13 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 13 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 363

______________________________

مرتين أو ثلاثا قال: و سألت أبا الحسن عليه السّلام عنها قال: نعم الحناء و الثياب و الطيب

و كل شي ء الّا النساء «1» و حديث اسحاق بن عمّار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السّلام عن المتمتع اذا حلق رأسه ما يحل له فقال: كل شي ء الّا النساء «2» و حديث أبي أيوب الخراز قال: رأيت أبا الحسن عليه السّلام بعد ما ذبح حلق ثم ضمد رأسه بمسك و زار البيت و عليه قميص و كان متمتعا «3» و عبد الرحمن بن الحجّاج قال: ولد لأبي الحسن عليه السّلام مولود بمني فأرسل إلينا يوم النحر بخبص فيه زعفران و كنا قد حلقنا قال عبد الرحمن فأكلت أنا و أبي الكاهلي و مرازم أن يأكلا منه و قالا لم نزر البيت فسمع ابو الحسن عليه السّلام كلامنا فقال لمصارف و كان هو الرسول الذي جاءنا به في أي شي ء كانوا يتكلمون فقال: اكل عبد الرحمن و أبي الآخران فقالا لم نزر بعد البيت فقال اصاب عبد الرحمن ثم قال أ ما تذكر حين اتينا به في مثل هذا اليوم فأكلت انا منه و أبي عبد اللّه أخي أن يأكل منه فلما جاء أبي حرّشه عليّ فقال: يا أبه ان موسي أكل خبيصا فيه زعفران و لم يزر بعد فقال أبي هو افقه منك أ ليس قد حلقتم رءوسكم «4» و حيث انّ المرجح منحصر في الأحدثية تقدم الطائفة الثانية التي فيها أحدث من الطائفة الأولي و في المقام حديثان أحدهما ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السّلام انه كان يقول إذا رميت جمرة العقبة فقد حلّ

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 7.

(2) نفس المصدر، الحديث 8.

(3) نفس المصدر، الحديث 10.

(4) الوسائل: الباب 14 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 3.

مصباح

الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 364

______________________________

لك كل شي ء حرم عليك الّا النساء «1» و ثانيهما ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي الحسن موسي عليه السّلام جعلت فداك رجل اكل فالوذج فيه زعفران بعد ما رمي الجمرة و لم يحلق قال: لا بأس الحديث «2» يستفاد منهما جواز الطيب بعد رمي الجمرة فيقع التعارض بينهما و بين ما يدل علي أنه يحرم و لا بدّ في ارتفاع حرمته ان يحلق فما الحيلة في الجمع بين الطرفين فنقول اما حديث ابن علوان فغير قابل للمعارضة إذ ما يدل علي لزوم الحلق المروي عن أبي الحسن عليه السّلام أحدث فيقدم عليه و أما حديث يونس فالظاهر من السؤال ان الآكل كان ناسيا و ان أبيت فغاية ما في الباب أنه يقع التعارض بين الطرفين و يسقطان بالمعارضة فتصل النوبة الي الأصل العملي و مقتضاه الاحتياط إذ لا شبهة في أنّ الحرمة لا تزول الّا بما جعله الشارع محللا فلو شك في كون الرمي محللا شرعا أم لا يكون مقتضي الاستصحاب عدمه و الميزان الكلي أنه لو كان الشك في الحكم الكلي في مقدار الجعل يكون استصحاب بقاء الحكم معارضا باستصحاب عدم الجعل الزائد و أما لو شك في تحقق الرافع يكون استصحاب عدم تحققه محكما فالنتيجة أن الميزان في حلّ الطيب الحلق و مقتضي الاحتياط الاجتناب عنه قبل طواف الحج و صلاته و اما الصيد فمقتضي حديث منصور بن حازم «3» و عمر بن يزيد «4» و غيرهما حلّه

______________________________

(1) الباب 13 من هذه الأبواب، الحديث 11.

(2) نفس المصدر، الحديث 12.

(3) لاحظ ص 362.

(4) لاحظ ص 362.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 365

[(مسألة 408): إذا لم يقصّر و لم يحلق نسيانا أو جهلا منه بالحكم الي أن خرج من مني رجع و قصر أو حلق فيها]

(مسألة 408):

إذا لم يقصّر و لم يحلق نسيانا أو جهلا منه بالحكم الي أن خرج من مني رجع و قصر أو حلق فيها فإن تعذر الرجوع أو تعسر عليه قصر أو حلق في مكانه و بعث بشعر رأسه الي مني أن امكنه ذلك (1).

______________________________

و جوازه بعد الحلق لكن في قبالها ما يدل علي المنع لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «1» فكيف التوفيق قال صاحب الوسائل في هذا المقام المراد الصيد الحرمي لا الاحرامي ذكره جماعة من علمائنا، أقول: ذكره جماعة من العلماء متين إذ قد صرح بعدم حله حتي بعد طواف النساء و الحال ان صاحب الحدائق يقول حكي الشهيد في الدروس عن العلامة رحمه اللّه أنه قال ان ذلك يعني عدم التحلل من الصيد الّا بطواف النساء مذهب علمائنا «2» فلا يبعد أن يكون المراد بالصيد الذي يكون حراما بعد طواف النساء الصيد الحرمي و لا يلزم أن يكون الاستثناء منقطعا إذ الصيد داخل في المحرمات و يحل كل شي ء الّا الصيد من جملة الكون في الحرم فلا يحرم الصيد الاحرامي بعد الحلق نعم مقتضي الاحتياط الاجتناب كما في المتن.

(1) تارة يكون الحلق و التقصير في مني و يخرج منها عمدا و اخري نسيانا و ثالثة جهلا فهنا ثلاث صور أمّا

الصورة الأولي: و هي صورة العمد فإن عليه دم شاة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل زار البيت قبل أن يحلق فقال: إن كان زار

______________________________

(1) لاحظ ص 362.

(2) الحدائق: ج 17 ص 259.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 366

______________________________

البيت قبل أن يحلق و هو عالم ان ذلك لا ينبغي له فان عليه دم شاة «1» فان

مقتضي الحديث المذكور أنه لو ترك هذه الوظيفة تجب عليه الكفارة و هي الشاة و مقتضي القاعدة ان يرجع الي مني و يعمل بوظيفته إذ المستفاد من الحديث أن ترك الوظيفة لا يوجب الفساد و أما سقوط الوظيفة فلا يستفاد منه فيجب العمل علي طبق القاعدة و هو وجوب الرجوع الي مني و العمل بما هو واجب عليه هناك.

و أما الصورة الثانية و هي صورة النسيان فمقتضي حديث الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي أن يقصّر من شعره أو يحلقه حتي ارتحل من مني قال: يرجع الي مني حتي يلقي شعره بها حلقا كان أو تقصيرا «2» ان يرجع الي مني و يعمل علي طبق الوظيفة ان قلت مقتضي حديث مسمع قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي أن يحلق رأسه أو يقصّر حتي نفر قال يحلق في الطريق أو أين كان «3» و أيضا رواه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل نسي أن يحلق أو يقصر حتي نفر قال: يحلق إذا ذكر في الطريق أو أين كان الحديث «4» عدم وجوب الرجوع الي مني و كفاية العمل بالوظيفة أين ما كان قلت ان الحديثين يشملان صورتي امكان الرجوع و عدمه و مقتضي القاعدة تخصيصهما بما دل علي وجوب الرجوع فلاحظ.

و أما الصورة الثالثة و هي صورة الجهل فالظاهر أنه يحلق بالصورتين المتقدمتين إذ يفهم عرفا أنه لو لم يكن بأس في العمل علي خلاف الوظيفة حتي مع

______________________________

(1) الوسائل: الباب 15 من أبواب الحلق و التقصير.

(2) الوسائل: الباب 5 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك

في شرح المناسك، ج 2، ص: 367

______________________________

العلم و العمد، لا بأس بالخلاف جهلا بالأولوية هذا فيما أمكن الرجوع الي مني و أما إذا لم يكن أو كان حرجيا فيجب الحلق في مكانه و ارسال الشعر الي مني أن امكن أما وجوب الحلق فيدل عليه حديث مسمع «1» و أما وجوب ارسال الشعر إليها فيدل عليه احاديث حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يحلق رأسه بمكة قال يردّ الشعر الي مني «2» و حديث البطائني عن أحدهما عليهما السّلام في حديث قال: و ليحمل الشعر إذا حلق بمكة الي مني «3» و حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل زار البيت و لم يحلق رأسه قال: يحلق بمكة و يحمل شعره الي مني و ليس عليه شي ء «4».

و حديث أبي بصير و ان كان دالا علي ارجاع الشعر بنفسه و لكن السند مخدوش فالمحكم حديث حفص و مقتضاه كفاية مطلق الرد و لو بغير المباشرة.

______________________________

(1) لاحظ ص 366.

(2) الوسائل: الباب 6 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

(4) نفس المصدر، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 368

[(مسألة 409): إذا لم يقصر و لم يحلق نسيانا أو جهلا فذكره أو علم به بعد الفراغ من أعمال الحج و تداركه]

(مسألة 409): إذا لم يقصر و لم يحلق نسيانا أو جهلا فذكره أو علم به بعد الفراغ من أعمال الحج و تداركه لم تجب عليه اعادة الطواف علي الأظهر و إن كانت الاعادة أحوط بل الأحوط إعادة السعي أيضا و لا يترك الاحتياط باعادة الطواف مع الامكان فيما إذا كان تذكره أو علمه بالحكم قبل خروجه من مكة (1).

______________________________

(1) تارة يرتكب خلاف الترتيب عمدا و اخري نسيانا و ثالثة جهلا أما في صورة العمد فلا

بد من اعادة الطواف لاحظ ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عن المرأة رمت و ذبحت و لم تقصر حتي زارت البيت فطافت و سعت من الليل ما حالها و ما حال الرجل إذا فعل ذلك قال: لا بأس به يقصر و يطوف بالحج ثم يطوف للزيارة ثم قد احلّ من كل شي ء «1» فان مقتضي هذا الحديث وجوب اعادة الطواف و لا يعارضه ما رواه جميل بن درّاج «2» فان الموضوع في هذه الرواية عنوان النسيان و مقتضي القاعدة تخصيص ذلك الحديث بهذا و أيضا لا يعارض حديث ابن يقطين بحديث محمد بن حمران «3» و ذلك بعين التقريب الذي تقدم في حديث جميل و أما الصورة الثانية و هي صورة النسيان فمقتضي حديثي جميل و ابن حمران عدم وجوب اعادة الطواف و أما الصورة الثالثة و هي صورة كون المكلف جاهلا فالحاقها بصورة النسيان مشكل و من ناحية اخري مقتضي حديث ابن يقطين وجوب الاعادة و الاحتياط طريق النجاة بقي شي ء و هو انّ الماتن قدّس سرّه ألحق صورة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب الحلق و التقصير.

(2) لاحظ ص 291.

(3) لاحظ ص 301.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 369

[الواجب السابع و الثامن و التاسع من واجبات الحج الطواف و صلاته و السعي]

اشارة

طواف الحج و صلاته و السعي الواجب السابع و الثامن و التاسع من واجبات الحج الطواف و صلاته و السعي و كيفيتها و شرائطها هي نفس الكيفية و الشرائط التي ذكرناها في طواف العمرة و صلاته و سعيها (1).

______________________________

الجهل بالنسيان و عليه ينبغي ان يشار الي نكتة و هي انّ تخصيص حديث ابن يقطين بصورة النسيان و الجهل يستلزم تخصيص الاكثر و مع ذلك لم يستشكل في التخصيص من هذه

الجهة فيعلم ان تخصيص الاكثر بما هو كذلك لا يكون مستهجنا علي الاطلاق و العموم و لا دليل عليه بل يرد هذا الاشكال في بعض الاحيان نعم لا اشكال في لزومه في بعض الموارد مثلا لو قيل قدّس سرّه كل رمان هذا البستان و في البستان آلاف الرمان و خصص ما سرق بحيث يكون ما سرق رمانة واحدة لا اشكال في استهجان هذا الكلام و لكن كما تقدم هذا خاص ببعض الموارد.

(1) ما أفاده تام لا غبار عليه فان المولي لو أمر بمركب اعتباري في مورد و بين أجزاء ذلك المركب و شرائطه كالصلاة و الطواف و السعي و نظائرها ثم أمر بذلك المركب في مورد آخر يفهم عرفا أنه يشترط فيه تلك الشرائط كما أنه يفهم ان اجزائه عين تلك الأجزاء الا أن يقوم دليل علي خلاف أضف الي ذلك بعض النصوص لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: فإذا أتيت البيت يوم النحر فقمت علي باب المسجد قلت «اللهم اعني علي نسكك و سلمني له و سلمه لي اسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه أن تغفر لي ذنوبي و أن ترجعني بحاجتي اللهم اني عبدك و البلد بلدك و البيت بيتك جئت اطلب رحمتك و أؤم طاعتك متبعا لامرك راضيا بقدرك اسألك مسألة المضطر أليك المطيع لامرك المشفق من عذابك الخائف لعقوبتك ان تبلغني عفوك و تجيرني من

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 370

[(مسألة 410): يجب تأخير الطواف عن الحلق أو التقصير في حج التمتع]

(مسألة 410): يجب تأخير الطواف عن الحلق أو التقصير في حج التمتع فلو قدمه عالما عامدا وجبت اعادته بعد الحلق أو التقصير و لزمته كفارة شاة (1).

______________________________

النار برحمتك ثم تأتي

الحجر الاسود فتستلمه و تقبّله فإن لم تستطع فاستمله بيدك و قبّل يدك فان لم تستطع فاستقبله و كبّر و قل كما قلت حين طفت بالبيت يوم قدمت مكة ثم طف بالبيت سبعة أشواط كما وصفت لك يوم قدمت مكة ثم صل عند مقام ابراهيم ركعتين تقرأ فيهما بقل هو اللّه أحد، و قل يا أيها الكافرون، ثم ارجع الي الحجر الاسود فقبّله ان استطعت و استقبله و كبّر ثم اخرج الي الصفا فصعد عليه و اصنع كما صنعت يوم دخلت مكة ثم ائت المروة فأصعد عليه وطف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا و تختم بالمروة فاذا فعلت ذلك فقد احللت من كل شي ء أحرمت منه الا النساء ثم ارجع الي البيت و طف به اسبوعا آخر ثم تصلي ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام ثم قد احللت من كل شي ء و فرغت من حجك كلّه و كل شي ء أحرمت منه «1» فانه يستفاد من الحديث ان الطواف و صلاته و السعي بين الحدين حقيقة واحدة غاية الأمر تارة يؤمر بها في العمرة و اخري في الحج فلاحظ.

(1) قد تقدم الكلام قريبا حول هذه المسألة و قلنا لو قدم الطواف علي الحلق أو التقصير عمدا وجبت اعادة الطواف بعد الحلق أو التقصير بمقتضي حديث علي بن يقطين «2» و تجب عليه الكفارة و هي شاة بمقتضي حديث محمد بن مسلم «3» و أما لو قدمه عليه نسيانا فلا شي ء عليه و لا تجب الاعادة و أما مع الجهل فقد ذكرنا أنه لا يترك الاحتياط بالاعادة و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب زيارة البيت، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 368.

(3) لاحظ ص 365.

مصباح الناسك في

شرح المناسك، ج 2، ص: 371

[(مسألة 411): الأحوط عدم تأخير طواف الحج عن اليوم الحادي عشر]

(مسألة 411): الأحوط عدم تأخير طواف الحج عن اليوم الحادي عشر و إن كان جواز تأخيره الي ما بعد أيام التشريق بل الي آخر ذي الحجة لا يخلو من قوة (1).

______________________________

(1) الأقوال في المقام مختلفة كما انّ النصوص الواردة في المقام متعارضة و لا بدّ من ملاحظتها و أخذ النتيجة فنقول منها ما يدل علي أنه يجوز التأخير الي اليوم الحادي عشر لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في زيارة البيت يوم النحر قال: زره فإن شغلت فلا يضرك ان تزور البيت من الغد و لا تؤخر ان تزور من يومك فانه يكره للمتمتع أن يؤخره و موسع للمفرد أن يؤخره الحديث «1» و لاحظ ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن المتمتع متي يزور البيت قال: يوم النحر أو من الغد و لا يؤخر و المفرد و القارن ليسا بسواء موسع عليهما «2» و منها ما يدل علي لزوم كون الطواف يوم العيد لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن المتمتع متي يزور البيت قال: يوم النحر «3» و منها ما يدل علي جواز التأخير الي ليلة الحادي عشر لاحظ حديث منصور بن حازم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا يبيت المتمتع يوم النحر بمني حتي يزور «4» و حديث عمران الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ينبغي للمتمتع أن يزور البيت يوم النحر أو من ليلته و لا يؤخر ذلك اليوم «5» و يستفاد من حديث اسحاق بن عمّار

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب زيارة

البيت، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 8.

(3) نفس المصدر، الحديث 5.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

(5) نفس المصدر، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 372

______________________________

قال: سألت أبا ابراهيم عليه السّلام عن زيارة البيت تؤخّر الي يوم الثالث قال: تعجيلها أحبّ إليّ و ليس به بأس أن أخّرها «1» جواز التأخير الي اليوم الثالث و لكن حيث ان نسبة ما ذكر فيه المتمتع الي هذه الرواية نسبة الخاص الي العام لا بدّ من جعل تلك الطائفة مخصصة لهذه الرواية حسب الصناعة و أفاد سيدنا الاستاد قدّس سرّه ان المستفاد من حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل نسي أن يزور البيت حتي أصبح قال: لا بأس انا ربما اخّرته حتي تذهب أيام التشريق و لكن لا تقرب النساء و الطيب «2» و حديث هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس ان اخّرت زيارة البيت الي أن تذهب أيام التشريق الّا أنك لا تقرب النساء و لا الطيب «3» جواز التأخير الي اليوم الثالث من أيام التشريق فإن الحديثين و إن لم يصرح فيهما ذكر حج التمتع و لكن بقرينة حرمة الطيب قبل الطواف يعلم ان المراد حج التمتع اذ لا اشكال في انّ الطيب يحل في حج الافراد بعد الحلق و يرد عليه انه قد تقدم منا جواز الطيب في حج التمتع بعد الحلق إذا عرفت ما تقدم نقول النصوص الواردة بالنسبة الي حج التمتع متعارضة و حيث لا يميز الأحدث لا يمكن الجزم بطرف نعم بالنسبة الي لزوم الطواف يوم النحر نرفع اليد عن حديث ابن مسلم حيث انه مروي عن الباقر أرواحنا فداه

و أما التأخير عن اليوم الحادي عشر فلا يجوز و مقتضي الاصل الجاري بعد عدم التميز جواز التأخير الي ذلك اليوم و أما الزائد عليه فلا و اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 10.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 373

[(مسألة 412): لا يجوز في حج التمتع تقديم طواف الحج و صلاته و السعي علي الوقوفين]

(مسألة 412): لا يجوز في حج التمتع تقديم طواف الحج و صلاته و السعي علي الوقوفين و يستثني من ذلك الشيخ الكبير و المرأة التي تخاف الحيض فيجوز لهما تقديم الطواف و صلاته علي الوقوفين و الاتيان بالسعي في وقته و الأحوط تقديم السعي أيضا و اعادته في وقته و الاولي اعادة الطواف و الصلاة أيضا مع التمكّن في أيام التشريق أو بعدها الي آخر ذي الحجة (1).

______________________________

(1) قال في الجواهر شرحا لقول الماتن بلا خلاف معتد به أجده بل الاجماع يقسميه عليه بل المحكي منه مستفيض أو متواتر بل في محكي المعتبر و المنتهي نسبته الي اجماع العلماء كافة الي آخر كلامه و العمدة النصوص الواردة في المقام و هي مختلفة فطائفة منها تدل علي جواز التقديم منها ما رواه ابن بكير و جميل جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انهما سألاه عن المتمتع يقدم طوافه و سعيه في الحج فقال هما سيان قدمت أو أخّرت «1» و منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا ابراهيم عليه السّلام عن الرجل يتمتع ثم يهلّ بالحج فيطوف بالبيت و يسعي بين الصفا و المروة قبل خروجه الي مني فقال: لا بأس «2» و منها ما رواه علي بن يقطين قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل المتمتع يهل بالحج ثم يطوف و يسعي

بين الصفا و المروة قبل خروجه الي مني قال: لا بأس به «3» و منها ما رواه حفص بن البختري عن أبي الحسن عليه السّلام في تعجيل الطواف قبل الخروج الي مني فقال: هما سواء أخّر

______________________________

(1) الوسائل: الباب 13 من أبواب أقسام الحج، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 13 من أبواب أقسام الحج، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 374

______________________________

ذلك أو قدمه يعني للمتمتع «1» و منها ما رواه أحمد بن محمد عن الحسن بن علي عن أبيه قال: سمعت أبا الحسن الأول عليه السّلام يقول: لا بأس بتعجيل طواف الحج و طواف النساء قبل الحج يوم التروية قبل خروجه الي مني و كذلك من خاف أمرا لا يتهيأ له الانصراف الي مكة ان يطوف و يودع البيت ثم يمر كما هو من مني إذا كان خائفا «2» و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري منها ما رواه صفوان بن يحيي الأزرق عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن امرأة تمتع بالعمرة الي الحج ففرغت من طواف العمرة و خاضت الطمث قبل يوم النحر أ يصلح لها أن تعجل طوافها طواف الحج قبل أن تأتي مني قال: إذا خاضت ان تضطرّ الي ذلك فعلت «3» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس بتعجيل الطواف للشيخ الكبير و المرأة تخاف الحيض قبل أن تخرج الي مني «4» و منها ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا بأس أن يعجل الشيخ الكبير و المريض و المرأة و المعلول طواف الحج قبل أن يخرج الي مني «5»

و منها ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المتمتع إذا كان شيخا كبيرا أو امرأة تخاف الحيض تعجل طواف الحج قبل أن يأتي مني فقال: نعم من كان هكذا يعجل قال: و سألته عن الرجل يحرم الحج من مكة ثم يري البيت خاليا فيطوف به قبل أن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 64 من أبواب الطواف، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

(4) الوسائل: الباب 13 من أقسام الحج، الحديث 4.

(5) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 375

______________________________

يخرج عليه شي ء فقال: لا الحديث «1» تدل علي التفصيل بين المعذور و غيره بالجواز بالنسبة الي الأول و عدمه بالنسبة الي الثاني فيقع التعارض بين الطرفين و ربما يقال لا بدّ من تخصيص دليل الجواز بما دل علي التفصيل علي ما هو المقرر في محله و لكن لا مجال لهذا البيان إذ الحديث الأول من الباب أي ما رواه أحمد بن محمد «2» غير قابل للتخصيص فانه قد صرح فيه أولا بعدم البأس علي الاطلاق ثم حكم بالجواز أيضا بالنسبة الي المعذور فيكون النسبة بين الطرفين بالتباين و حيث ان المتأخر غير معلوم لا بدّ من العمل علي طبق ما دلّ علي عدم الجواز لكن الاشكال في سند ابن يقطين فان المصحح كتب في هامش الوسائل و في نسخة زيادة عن محمد بن عيسي و يمكن أن المراد بالرجل العبيدي و هو محل اشكال مضافا الي انّ حديث اسحاق بن عمّار «3» قد فصل بين المعذور و غير المعذور و لكن التفصيل موقوف علي كون لفظ (من) الواقع في الحديث شرطية و هذا أول الكلام مضافا الي

انّ ذيل الحديث صرح فيه بالجواز فلا مجال للاشكال أي بحسب القاعدة يجوز التقديم لكل أحد الّا أن يقوم اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم عليه السّلام علي عدم الجواز نعم يجوز للمعذور بلا اشكال لعدم المعارض لما دل علي الجواز فيه فالنتيجة هو التفصيل بأن يقال في صورة عدم العذر لا يجوز التقديم لا سيما في هذه الدعاوي من عدم الخلاف و الاجماع بقسميه و أما مع العذر فيجوز و لكن يجب الاحرام أولا للحج ثم الطواف إذ من الظاهر انّ طواف الحج لا يصح الا بعد الاحرام له و أما قبله فيكون لغوا و بعبارة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 13 من أبواب أقسام الحج، الحديث 7.

(2) لاحظ ص 374.

(3) لاحظ ص 374.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 376

______________________________

واضحة انّ الحج عبارة عن عدة أمور أولها الاحرام كما تقدم في محله اضف الي ذلك ان المدعي يستفاد من النص لاحظ ما رواه الحلبي «1» فان الحكم بالجواز مترتب علي الذي يجب عليه أن يخرج الي مني و من الظاهر وجوب الخروج الي مني متعلق بالمحرم أنه هل يجوز تقديم السعي كالطواف للمعذور نقل عن ظاهر المشهور جوازه و الحق كما قالوا لاحظ ما رواه علي بن يقطين «2» فانه قد صرح في الحديث بجواز تقديم الطواف و السعي قبل خروجه الي مني و مثله في الدلالة حديثا جميل «3» و عبد الرحمن بن الحجاج «4» و أفاد سيدنا الاستاد قدّس سرّه بان هذه الطائفة الدالة علي جواز التقديم علي الاطلاق مطروحة فلا أثر للحديث و يرد عليه أنه لا وجه لرفع اليد عن النصوص الدالة علي الجواز و قد تقدم منا ما هو المستفاد منها

و الانصاف انّ ما أفاده علي ما في تقريره الشريف لا يمكن مساعدته هذا كله بالنسبة الي طواف الحج و أما بالنسبة الي طواف النساء فيدل علي جواز تقديمه ما عن أبي الحسن عليه السّلام «5» ان قلت ان وقته ممتد بل لا وقت له و يجوز الاتيان به في أي وقت قلت: لا مجال للاجتهاد في قبال النص فان المستفاد من الحديث جواز تقديمه كجواز تقديم طواف الحج و لا يكون الحكم مختصا بالخائف عن الرجوع الي مكة بل المستفاد من الحديث جواز التقديم علي الاطلاق غاية الأمر نرفع اليد عن الاطلاق

______________________________

(1) لاحظ ص 374.

(2) لاحظ ص 373.

(3) لاحظ ص 373.

(4) لاحظ ص 373.

(5) لاحظ ص 374.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 377

______________________________

بالمقدار الذي قام عليه الدليل و في الحديث اشكال سندي نتعرض له في الفرع التالي فانتظر.

بقي شي ء و هو انه لو تمكن المكلف من الطواف بعد ذلك فهل تجب عليه الاعادة أم لا افاد سيدنا الاستاد قدّس سرّه بأنه لا تجب بتقريب انّ الحكم بالرخصة في التقديم لا يكون حكما ظاهريا كي يقال بأنّ الحكم الظاهري لا يكون مجزيا بل حكم واقعي فلا وجه لعدم الاجزاء و هذا الذي أفاده لا يمكن تصديقه إذ لا اشكال في انّ الحكم الاضطراري حكم واقعي لكن لا يتحقق الا مع تحقق موضوعه في الخارج و الكلام في أنه هل يكفي العذر الخيالي الذي لا يكون مطابقا مع الواقع و الحق عدم الكفاية و الّا يلزم الحكم بعدم وجوب التدارك في كل مورد يعلم بتحقق العذر بالعلم الوجداني أو التعبدي مثلا لو قامت الامارة علي عدم وجود الماء و المكلف صلّي مع الطهارة الترابية و

بعد ذلك انكشف وجود الماء و اشتباه الامارة فيما اخبر هل يمكن القول بعدم وجوب اعادة الصلاة و هل يرضي سيدنا الاستاد به كلا فالحق عدم الاجزاء و وجوب الاعادة فان العرف يفهم ان الحكم المذكور أي الحكم بجواز التقديم للمعذور الواقعي لا لمن تخيل كونه معذورا و اللّه العالم بحقائق الأمور و عليه التوكل و التكلان و لا يخفي انّ هذا الذي قلنا علي مقتضي مذهب الاستاد قدّس سرّه حيث يري ان الجواز يختص بالمعذور و أما علي ما سلكناه فلا موضع لهذا البحث فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 378

[(مسألة 413): يجوز للخائف علي نفسه من دخول مكة ان يقدم الطواف و صلاته و السعي علي الوقوفين]

(مسألة 413): يجوز للخائف علي نفسه من دخول مكة ان يقدم الطواف و صلاته و السعي علي الوقوفين بل لا بأس بتقديمه طواف النساء أيضا فيمضي بعد أعمال مني الي حيث أراد (1).

[(مسألة 414): من طرأ عليه العذر فلم يتمكن من الطواف]

(مسألة 414): من طرأ عليه العذر فلم يتمكن من الطواف كالمرأة التي رأت الحيض أو النفاس و لم يتيسر لها المكث في مكة لتطوف بعد طهرها لزمته الاستنابة للطواف ثم السعي بنفسه بعد طواف النائب (2).

______________________________

(1) لاحظ ما روي عن أبي الحسن عليه السّلام «1» و في المقام شبهة و هي انه في بعض النسخ يكون الراوي عن الحسن بن علي بن محمد بن عيسي قال في هامش الوسائل في نسخة زادة محمد بن عيسي بعد أحمد بن محمد و من الممكن ان المراد بالرجل القطيني اليونسي الذي يكون مخدوشا هذا من ناحية و من ناحية اخري في دوران الأمر بين الزيادة و النقيصة يحمل الناقص علي الاشتباه فالحديث مخدوش سندا.

(2) المستفاد من النصوص الواردة في المقام ان الطواف له مراتب ثلاثة:

المرتبة الأولي: وجوب الاتيان به مباشرة اذا كان المكلف خاليا عن الاعذار كما هو الحال في جميع الواجبات الشرعية و هذا أمر ظاهر واضح.

المرتبة الثانية: أن يطاف به إذا لم يمكن له مانع عن الدخول في المسجد الحرام و لكن لا يمكنه القيام به و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المريض المغلوب و المغمي عليه يرمي عنه و يطاف به «2»

______________________________

(1) لاحظ ص 374.

(2) الوسائل: الباب 47 من أبواب الطواف، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 379

______________________________

و منها ما رواه صفوان بن يحيي «1» و منها ما

رواه حريز «2» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كانت المرأة مريضة لا تعقل فليحرم عنها و يتقي عليها ما يتقي علي المحرم و يطاف بها أو يطاف عنها و يرمي عنها «3» و منها ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الكسير يحمل فيطاف به الحديث «4» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار «5» و منها ما رواه الربيع بن خثيم قال: شهدت أبا عبد اللّه عليه السّلام و هو يطاف به حول الكعبة في محمل و هو شديد المرض فكان كلما بلغ الركن اليماني أمرهم فوضعوه بالأرض فاخرج يده من كوّة المحمل حتي يجرّها علي الأرض ثم يقول أرفعوني فلمّا فعل ذلك مرارا في كل شوط قلت له جعلت فداك يا ابن رسول اللّه أن هذا يشق عليك فقال اني سمعت اللّه عزّ و جلّ يقول لِيَشْهَدُوا مَنٰافِعَ لَهُمْ فقلت: منافع الدنيا أو منافع الآخرة فقال: الكل «6» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الصبيان يطاف بهم و يرمي عنهم قال:

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا كانت المرأة مريضة لا تعقل يطاف بها أو يطاف عنها «7» و منها ما رواه أبو بصير ان أبا عبد اللّه عليه السّلام مرض فأمر غلمانه أن يحملوه و يطوفوا به

______________________________

(1) لاحظ ص 151.

(2) لاحظ ص 151.

(3) الوسائل: الباب 47 من أبواب الطواف، الحديث 4.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

(5) لاحظ ص 151.

(6) نفس المصدر، الحديث 8.

(7) نفس المصدر، الحديث 9.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 380

______________________________

فأمرهم أن يخطّوا برجليه الأرض حتي تمس الأرض

قدماه في الطواف «1» و منها ما عن الربيع بن خيثم انه كان فعل ذلك كلما بلغ الي الركن اليماني «2».

و منها ما في المقنعة قال: قال عليه السّلام العليل الذي لا يستطيع الطواف بنفسه يطاف به و إذا لم يقطع الرمي رمي عنه و الفرق بينهما ان الطواف فريضة و الرمي سنة «3» المرتبة الثالثة أنه يطاف عنه إذا كانت به علة مانعة عن الدخول المسجد أو يكون معذورا و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه حريز بن عبد اللّه «4» و منها ما رواه حريز «5» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال:

المبطون و الكسير يطاف عنهما و يرمي عنهما «6» و منها ما رواه حبيب الخثعمي «7» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «8» و منها ما رواه أيضا «9» هذا بالنسبة الي طواف الحج و أما في عمرة التمتع فقد تقدم في محله تفصيل علي حسب المستفاد من النصوص الواردة هناك فالنتيجة ان الحائض إذا أمكنها البقاء الي زمان قابل للطواف و يرتفع عذرها يجب عليها البقاء لوجوب مقدمة الواجب و أما إذا لم

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 10.

(2) نفس المصدر، الحديث 11.

(3) نفس المصدر، الحديث 12.

(4) لاحظ ص 152.

(5) لاحظ ص 152.

(6) نفس المصدر، الحديث 3.

(7) لاحظ ص 152.

(8) لاحظ ص 152.

(9) لاحظ ص 152.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 381

[(مسألة 415): إذا طاف المتمتع و صلّي و سعي حل له الطيب و بقي عليه من المحرمات النساء]

(مسألة 415): إذا طاف المتمتع و صلّي و سعي حل له الطيب و بقي عليه من المحرمات النساء بل الصيد أيضا علي الأحوط و الظاهر جواز العقد له بعد طوافه و سعيه و لكن لا يجوز له

شي ء من الاستمتاعات المتقدمة علي الأحوط و إن كان الأظهر اختصاص التحريم بالجماع (1).

______________________________

يمكنها البقاء ينوب عنها غيرها في الطواف و أما السعي فتأتي به مباشرة لعدم اشتراطها بالطهارة.

(1) في هذه المسألة ثلاثة فروع:

الفرع الأول: أنه لو طاف المتمتع و صلّي و سعي حل له الطيب و قد تقدم الكلام حول هذا الفرع و قلنا يحل الطيب بالحلق أو التقصير و لا وجه للاعادة.

الفرع الثاني: أنه تحرم عليه النساء و تبقي الحرمة الي أن يطوف طواف النساء لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام «1» و الظاهر من الحديث بحسب الفهم العرفي ان الحرمة الباقية تختص بخصوص الجماع و هذا العرف ببابك ان قلت بمقتضي الاستصحاب نحكم ببقاء الحرمة بالنسبة الي بقية الجهات المربوطة بالمرأة حتي عقدها قلت: يرد عليه أولا ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد و بعد التعارض و التساقط تصل النوبة الي البراءة و ثانيا أنه لا مجال للأخذ بالأصل مع وجود الدليل الاجتهادي هذا من ناحية و من ناحية أخري قد صرح في الحديث المتقدم ذكره آنفا قوله عليه السّلام فقد احللت من كل شي ء يحلّ منه المحرم الّا فراش زوجها.

______________________________

(1) لاحظ ص 87.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 382

______________________________

الفرع الثالث: أنه يكون باقيا في الاحرام بالنسبة الي الصيد الي الظهر من اليوم الثالث عشر و استدل علي المدّعي بجملة من النصوص منها ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ لمن اتقي الصيد يعني في احرامه فان اصابه لم يكن له أن ينفر في النفر الأول

«1» و الحديث ضعيف سندا و منها ما رواه حماد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أصاب المحرم الصيد فليس له أن ينفر في النفر الأول و من نفر في النفر الأول فليس له أن يصيب الصيد حتي ينفر الناس و هو قول اللّه عزّ و جلّ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ … لِمَنِ اتَّقيٰ* فقال: اتقي الصيد «2» و الحديث علي فرض تمامية سنده حيث يحتمل أن يكون المراد بمحمّد بن عيسي العبيدي لا يرتبط بالمقام فانّ المستفاد منه أنه خالف الشريعة و لم يتّق الصيد في احرامه ليس له أن ينفر في النفر الأول و من نفر في النفر الأول فليس له أن يصيب الصيد حتي ينفر الناس و بعبارة واضحة يبين الامام عليه السّلام حكم من أصاب الصيد في احرامه و حكم من نفر في النفر الأول و ليس في الحديث تعرض لما يخرج المحرم عن احرامه بالنسبة الي الصيد و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام من نفر من النفر الأول متي يحل له الصيد قال: إذا زالت الشمس من اليوم الثالث «3» و الحديث لا يعتد بسنده و بما ذكر يظهر الجواب عن بقية الأحاديث الواردة في الباب مع قطع النظر عن القصور في الدلالة في بعضها و عن السند في بعضها الآخر إذا عرفت ما تقدم نقول

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب العود الي مني، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 383

______________________________

يستفاد من جملة من النصوص أنه بالحلق يحل له كل شي ء الّا النساء منها ما رواه منصور

بن حازم «1» و منها ما رواه عمر بن يزيد «2» و منها ما رواه سعيد بن يسار «3» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار «4» فيجوز له الصيد بعد الحلق أي الصيد الاحرامي يحل له يبقي حديث معاوية بن عمّار «5» فان الظاهر من الحديث انّ الصيد حرام حتي بعد طواف النساء و حيث أنه لم يرد محلل بالنسبة الي الصيد الاحرامي يعلم أن المراد بالصيد في هذا الحديث هو الصيد الحرمي و مما يدل علي المدعي بوضوح أنه عليه السّلام قال:

فإذا زار البيت و طاف سعي بين الصفا و المروة فقد أحل من كل شي ء أحرم منه الّا النساء فانه يفهم من هذا الكلام انّ الباقي من المحرم الاحرام من النساء فقط و لو كان الصيد باقيا علي حرمته لكن الحق أن يقول الا النساء و الصيد فيعلم أن المراد من الصيد في ذيل الكلام هو الصيد الحرمي كما ذكره جماعة من علمائنا علي ما في الوسائل و اللّه العالم بحقائق الأمور.

______________________________

(1) لاحظ ص 362.

(2) لاحظ ص 362.

(3) لاحظ ص 362.

(4) لاحظ ص 363.

(5) لاحظ ص 362.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 384

[(مسألة 416): من كان يجوز له تقديم الطواف و السعي إذا قدمهما علي الوقوفين لا يحل له الطيب حتي يأتي بمناسك مني]

(مسألة 416): من كان يجوز له تقديم الطواف و السعي إذا قدمهما علي الوقوفين لا يحل له الطيب حتي يأتي بمناسك مني من الرمي و الذبح و الحلق أو التقصير (1).

[الواجب العاشر و الحادي عشر من واجبات الحج طواف النساء و صلاته]

اشارة

طواف النساء الواجب العاشر و الحادي عشر من واجبات الحج طواف النساء و صلاته و هما و إن كانا من الواجبات الا أنهما ليسا من نسك الحج فتركهما و لو عمدا لا يوجب فساد الحج (2).

______________________________

(1) أما علي ما سلكناه من أن المحلل هو الحلق فعدم الجواز ظاهر فإن موضوع الحلية لم يتحقق بعد و أما علي مسلك الماتن فأيضا الأمر كما أفاده إذ الظاهر من الدليل ان الحلية انما تحصل و تترتب علي الطواف الذي يكون واقعا بعد اعمال مني لا علي الاطلاق و اللّه العالم بحقائق الأمور.

(2) قال في المستند يجب بعد طواف الزيارة و السعي طواف النساء في الحج بأنواعه اجماعا محققا و محكيا مستفيضا جدا «1» الي آخر كلامه و قال في الحدائق طواف النساء واجب في الحج بانواعه «2» الي آخر كلامه اضف الي ذلك السيرة الجارية المستمرة الي زمان المعصومين و الارتكاز المتشرعي و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحسين بن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الخصيان و المرأة الكبيرة أ عليهم طواف النساء قال: نعم عليهم

______________________________

(1) مستند الشيعة: ج 13 ص 18.

(2) الحدائق: 17 ص 281.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 385

______________________________

الطواف كلّهم «1» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لو لا ما منّ اللّه عزّ و جلّ علي الناس من طواف النساء رجع الرجل الي أهله و ليس

يحل له أهله «2».

و منها ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لو لا ما من اللّه به علي الناس من طواف الوداع لرجعوا الي منازلهم و لا ينبغي لهم أن يسموا نساءهم يعني لا تحل لهم النساء حتي يرجع فيطوف بالبيت اسبوعا آخر بعد ما يسعي بين الصفا و المروة و ذلك علي الرجال و النساء واجب «3» و منها ما رواه أحمد بن محمد قال: قال أبو الحسن عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ قال:

طواف الفريضة طواف النساء «4» و منها ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ قال: طواف النساء «5» و منها ما رواه علي بن أبي حمزة قال: قال لي أبو الحسن عليه السّلام انّ سفينة نوح عليه السّلام كانت مأمورة طافت بالبيت حيث غرقت الارض ثم أتت مني في أيامها ثم رجعت السفينة و كانت مأمورة فطافت بالبيت طواف النساء «6» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «7» و منها ما رواه معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال في القارن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) نفس المصدر، الحديث 5.

(6) نفس المصدر، الحديث 6.

(7) لاحظ ص 369.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 386

______________________________

لا يكون قران الا بسياق الهدي و عليه طواف بالبيت و ركعتان عند مقام ابراهيم و سعي بين الصفا و المروة و طواف بعد الحج و هو طواف النساء و

أما المتمتع بالعمرة الي الحج فعليه ثلاثة أطواف بالبيت و سعيان بين الصفا و المروة الحديث و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام التمتع أفضل الحج و به نزل القرآن و جرت السنة فعلي المتمتع إذا قدم مكة طواف بالبيت و ركعتان عند مقام ابراهيم و سعي بين الصفا و المروة ثم يقصر و قد احلّ هذا للعمرة و عليه للحج طوافان و سعي بين الصفا و المروة و يصلي عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام و أما المفرد للحج فعليه طواف بالبيت عند مقام ابراهيم عليه السّلام و أما المفرد للحج فعليه طواف بالبيت و ركعتان عند مقام ابراهيم و سعي بين الصفا و المروة و طواف الزيارة و هو طواف النساء و ليس عليه هدي و لا أضحية «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

علي المتمتع بالعمرة الي الحج ثلاثة أطواف بالبيت و سعيان بين الصفا و المروة و عليه إذا قدم مكة طواف بالبيت و ركعتان عند مقام ابراهيم عليه السّلام و سعي بين الصفا و المروة ثم يقصّر و قد احلّ هذا للعمرة و عليه للحج طوافان و سعي بين الصفا و المروة و يصلي عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام ابراهيم «2» و منها ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: علي المتمتع بالعمرة الي الحج ثلاثة أطواف بالبيت و يصلي لكل طواف ركعتين و سعيان بين الصفا و المروة «3» فلا اشكال في أصل الحكم و هما و ان كانا واجبين لكن لا يكونان من اجزاء الحج و لذا

______________________________

(1) الوسائل: الباب

2 من أقسام الحج، الحديث 1 و 2.

(2) الوسائل: الباب 2 من أبواب أقسام الحج، الحديث 8.

(3) نفس المصدر، الحديث 9.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 387

______________________________

لا يكون تركهما و لو عمدا موجبا لبطلان الحج قال في الجواهر لكن هو غير ركن فلا يبطل النسك بتركه حينئذ من غير خلاف كما عن السرائر لخروجه عن حقيقة الحج الخ «1» و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية «2» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: انما نسك الذي يقرن بين الصفا و المروة مثل نسك المفرد ليس بأفضل منه الّا بسياق الهدي و عليه طواف بالبيت و صلاة ركعتين خلف المقام و سعي واحد بين الصفا و المروة و طواف بالبيت بعد الحج الحديث «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: القارن لا يكون الّا بسياق الهدي و عليه طواف بالبيت و ركعتان عند مقام ابراهيم عليه السّلام و سعي بين الصفا و المروة و طواف بعد الحج و هو طواف النساء «4» و يدل علي المدعي أيضا ما رواه أبو أيوب ابراهيم بن عثمان الخراز قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ دخل عليه رجل فقال اصلحك اللّه ان معنا امرأة حائضا و لم تطف طواف النساء فأبي الجمّال ان يقيم عليها قال: فاطرق و هو يقول لا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها و لا يقيم عليها جمّالها تمضي فقد تم حجها «5» فانه قد صرح سلام اللّه عليه و علل الحكم بقوله فقد تم حجها فالنتيجة أن طواف النساء خارج عن الحج.

______________________________

(1) جواهر الكلام:

ج 19 ص 372.

(2) لاحظ ص 386.

(3) الوسائل: الباب 2 من أبواب اقسام الحج، الحديث 6.

(4) نفس المصدر، الحديث 12.

(5) الوسائل: الباب 84 من أبواب الطواف، الحديث 13.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 388

[(مسألة 417): كما يجب طواف النساء علي الرجال يجب علي النساء]

(مسألة 417): كما يجب طواف النساء علي الرجال يجب علي النساء فلو تركه الرجل حرمت عليه النساء و لو تركته المرأة حرم عليها الرجال و النائب في الحج عن الغير يأتي بطواف النساء عن المنوب عنه لا عن نفسه (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة الأولي: أنه يجب طواف النساء علي النساء كما يجب علي الرجال و ادعي عليه الاجماع مضافا الي السيرة الخارجية و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحسين بن علي بن يقطين «1» و منها ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام «2» و منها ما عجلان أبي صالح «3» و منها ما رواه أيضا «4» اضف الي ذلك اطلاقات النصوص الواردة في المقام بالإضافة الي الاشتراك في التكليف بين الرجال و النساء.

الجهة الثانية: أن الرجل قبل طواف النساء لا يحل له فراش زوجته و المرأة لا يحل لها فراش زوجها قبل طواف النساء لاحظ الباب الثاني «5» و الباب الرابع و الثمانين من أبواب الطواف «6» فان المستفاد من مجموع الادلة أنه لا يبقي شي ء علي المحرم بعد طواف النساء و في المقام حديث رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام

______________________________

(1) لاحظ ص 384.

(2) لاحظ ص 87.

(3) لاحظ ص 87.

(4) لاحظ ص 87.

(5) لاحظ ص 385- 387.

(6) لاحظ ص 87- 88 و 387.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 389

[(مسألة 418): طواف النساء و صلاته كطواف الحج و صلاته في الكيفية و الشرائط]

(مسألة 418): طواف النساء و صلاته كطواف الحج و صلاته في الكيفية و الشرائط (1).

______________________________

في حديث قال: سألته عن رجل قبّل امرأته و قد طاف طواف النساء و لم تطف هي قال عليه دم يهريقه من عنده «1» و الظاهر أن الحديث

متروك العمل به عند الاصحاب و لكن هل يمكن رفع اليد عنه مع كونه تاما سندا و دلالة و قد قرر عندنا تبعا لسيدنا الاستاد ان الاعراض عن الخبر المعتبر لا يوجب سقوطه عن الحجية.

الجهة الثالثة: أنه يجب علي النائب أن يأتي بطواف النساء عن المنوب عنه لا عن نفسه و الوجه فيه أن النائب ينوب عن المنوب عنه فيما وجب عليه و المفروض ان الحج مع ما يلحق به واجب علي المنوب عنه فيلزم أن ينوب النائب في كل فعل واجب عليه و إن شئت فقل ان النائب باحرامه عن المنوب عنه يلزم عليه أن يأتي بكل ما يجب في الحج و المفروض أن طواف النساء من الواجب فلا تنافي بين كون النائب باقيا في الاحرام ما دام لم يأت بطواف النساء و بين وجوب الاتيان به بعنوان النيابة و لا يخفي ان النائب باحرامه للحج يحرم عليه النساء و لكن لا يحرم فراش الزوجة للمنوب عنه إذ المنوب عنه لم يحرم فلا وجه لترتب الحكم المذكور عليه.

(1) الأمر كما أفاده فانا ذكرنا قريبا أنه لو كان للمولي مركب اعتباري و بين في مورد شرائط و اجزاء له و اوجه أوامر به في مورد آخر و لم يأت بقرينة تدل علي الاختلاف يفهم أنه يشير الي ذلك المركب الاعتباري المعهود و إن شئت قلت تحقق لذلك المركب حقيقة شرعية فكلما يذكر ذلك الشي ء و يشار إليه يفهم ان المراد ذلك الأمر المجعول.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 18 من أبواب كفارات الاستماع، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 390

[(مسألة 419): من لم يتمكّن من طواف النساء باستقلاله لمرض أو غيره استعان بغيره فيطوف]

(مسألة 419): من لم يتمكّن من طواف النساء باستقلاله لمرض أو غيره استعان بغيره فيطوف و

لو بأن يحمل علي متن حيوان أو انسان و اذا لم يتمكن منه أيضا لزمته الاستنابة عنه و يجري هذا في صلاة الطواف أيضا (1).

______________________________

(1) قد تقدم منا ان المستفاد من النصوص ان المكلف إذا أمكنه أن يطوف بنفسه يجب عليه ان يقوم به مباشرة و لو لم يمكنه المباشرة يستعين بالغير و أما اذا لم يمكنه ذلك كما لو كان معذورا عن الدخول في المسجد ينوب عن نفسه نائبا و النصوص وافية للدلالة علي هذه المراتب انّما الكلام في انّ طواف النساء هل يكون مؤقتا شرعا بوقت معين ربما يقال انّ وقته ممتد الي آخر شهر ذي الحجة و أورد عليه بأن ذا الحجة وقت لاعمال الحج و المفروض أنّ طواف النساء خارج عن الحج و واجب مستقل و ربما يقال انه لا وقت له و يكون واجبا موسعا الا أن يكون القول به خلاف الاجماع و الذي يختلج بالبال أن يقال انّ النصوص دالّة علي وجوبه في عرض بقية واجبات الحج و حيث أنه لم يشر الي الترخيص في التأخير و الي كونه واجبا موسعا يفهم أنه يجب الاتيان به قبل مضي ذي الحجة بل بعد طواف الزيارة و قبل العود الي مني و اللّه العالم.

بقي شي ء و هو انّ المستفاد من حديث الخراز «1» ان المرأة لو لم يمكنها البقاء في مكة و لم يقم عليها جمالها تمضي الي أهلها و لا يجب عليها طواف النساء لانه لا يكون من الحج و لكن مضافا الي أنه خلاف الاحتياط يمكن تقييده بما ورد من النصوص الدال علي أن المعذور عن دخول المسجد يستنيب و يؤيدنا ان صاحب الوسائل بعد

______________________________

(1) لاحظ ص 387.

مصباح الناسك

في شرح المناسك، ج 2، ص: 391

______________________________

نقل الحديث قال أقول: المراد أنها تستنيب في الطواف لما مر و قال سيدنا الاستاد قدّس سرّه أن الرواية صريحة في جواز ترك طواف النساء مع عدم التمكن و بني الاستنابة علي الاحتياط و استدل علي مرامه بأن الامام عليه السّلام حكم بتمامية حجها فيستفاد من كلامه ان حجها تم ما يلحق به فطواف النساء مع أنه ملحق بالحج ساقط عنها فلا يمكن الجزم بوجوب الاستنابة نعم الاحتياط يقتضي ذلك و يرد عليه ان قوله عليه السّلام فقد تم حجها لا يدل علي سقوط الاستنابة اذ المفروض خروج طواف النساء عن الحج بل المستفاد من كلام مخزن الوحي ان المباشرة غير لازمة و ليس في الكلام ما يدل علي عدم وجوب الاستنابة و عليه مقتضي الصناعة ان نلتزم بوجوب الاستنابة بمقتضي ما ورد من النصوص «1» الدالة علي ان المعذور يطاف عنه و بعبارة واضحة الامام عليه السّلام انما حكم بعدم وجوب الصبر عليها و لم يحكم بعدم وجوب الاستنابة عليها فلا يعارض ما دل علي وجوب الاستنابة عند العذر بلا فرق بين اقسام الطواف و ببيان أوضح ان النصوص بإطلاقها تدل علي ان المعذور يطاف عنه فتشمل المقام و في المقام نكتة و هي انّ المكلف مع قدرته علي الطواف راجلا و ماشيا هل يجوز له أن يطوف راكبا علي الحيوان أو علي السيارة و امثالها أم لا امّا مع كون الراكب سائقا و محركا للمركوب بحيث يكون الاختيار بيده فلا وجه للاشكال اصلا اذ مقتضي اطلاق دليل وجوب الطواف ان المكلف يطوف و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين كونه راجلا أو راكبا و يؤيد المدعي بل يدل عليه

ان الرسول الأكرم كان طوافه في بعض الأحيان في حال الركوب و أما لو لم يكن الطائف سائقا كما لو كان علي متن انسان أو كان راكبا علي حيوان و كان السائق غيره فهل يجزي أم لا الذي

______________________________

(1) لاحظ ص 96 و 152- 153.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 392

[(مسألة 420): من ترك طواف النساء]

(مسألة 420): من ترك طواف النساء سواء أ كان متعمدا مع العلم بالحكم أو الجهل به أو كان نسيانا حرمت عليه النساء الي أن يتداركه و مع تعذر المباشرة أو عسرها جاز له الاستنابة فاذا طاف النائب عنه عنه حلت له النساء فاذا مات قبل تداركه فالأحوط ان يقضي من تركته (1).

______________________________

يختلج بالبال أن يقال انه يكفي أيضا و يجزي إذ يصدق أنه طاف.

ان قلت لا اشكال في صدق عنوان أنه طيف به فكيف يصدق أنه طاف قلت:

اي منافاة بين الأمرين مثلا لو منع أحد عن دخول بلدة و الممنوع داخل الي تلك البلدة علي متن انسان لا يصدق أنه دخل؟ و الحال أنه ادخل و حكم الامثال واحد و بعبارة واضحة لا اشكال في أنه يصدق عليه انه دخل فلاحظ.

(1) في هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة الأولي: أن من ترك طواف النساء حرمت عليه النساء الي أن يتدارك الفائت و هذا ظاهر واضح اذ قد تقدم انه ما دام لم يتحقق طواف النساء لا تحل له النساء.

الجهة الثانية: أنه مع امكان المباشرة لا بدّ من تداركه مباشرة كما هو المقرر بالنسبة الي كل واجب و أما مع عدم امكان المباشرة فتارة يكون منشأ الترك النسيان و اخري التعمد و ثالثة الجهل أما في صورة النسيان فالنصوص الواردة فيها مختلفة فمنها ما يدل علي

وجوب المباشرة لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل نسي طواف النساء حتي يرجع الي أهله قال:

لا تحلّ له النساء حتي يزور البيت فان هو مات فليقض عنه وليّه أو غيره فاما ما دام حيّا فلا يصلح أن يقضي عنه و أن ينسي الجمار فليس بسواء ان الرمي سنة

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 393

______________________________

و الطواف فريضة «1» فان مقتضي اطلاق الحديث ان الواجب هو التدارك المباشري بلا فرق بين المختار و المعذور و منها ما يدل علي جواز الاستنابة علي الاطلاق أيضا لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي طواف النساء حتي يرجع الي أهله قال: يرسل فيطاف عنه فان توفي قبل أن يطاف عنه فليطف عنه وليه «2» و منها ما يدل علي التفصيل بين القادر و العاجز لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل نسي طواف النساء حتي أتي الكوفة قال: لا تحل له النساء حتي يطوف بالبيت قلت: فان لم يقدر قال:

يأمر من يطوف عنه «3» و بمقتضي قانون تقييد اطلاق المطلق بدليل التقييد تقيد كلا من الطرفين و النتيجة هو التفصيل و أما في صورة العمد فأفاد سيدنا الاستاد بأن اطلاق ادلة الاستنابة يقتضي جواز الاستنابة و لو كان عروض العذر ناشيا عن التعمّد و يرد عليه انه لا يمكن الالتزام بشمول ادلة الأحكام الاضطرارية للعاصي و المتمرد و الّا يجوز الوصول الي جميع المحرمات الالهية عمدا كما لو ذهب احد الي دار الفساق مع علمه بانه هناك يكره علي شرب الخمر

مثلا و هل يمكن الالتزام به كلا ثم كلا و أما في صورة الجهل فإن كان الجهل قصوريا فلا نري مانعا عن الالتزام بشمول دليل الاستنابة و أما مع الجهل التقصيري فيشكل الالتزام بالشمول لما تقدم قريبا.

الجهة الثالثة: ان في مورد جواز الاستنابة اذا طاف النائب حلّت له النساء

______________________________

(1) الوسائل: الباب 58 من أبواب الطواف، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 394

______________________________

و هذا واضح ظاهر فان طواف النائب بمنزلة طواف نفسه.

الجهة الرابعة: أنه لو مات قبل التدارك فالأحوط انه يقضي عند وليه و ما افاده من الاحتياط خلاف الاحتياط فيما يكون الوارث مجنونا أو صغيرا اذا عرفت ما قلناه فاعلم ان مقتضي القاعدة الأولية عدم وجوب القضاء كما هو المقرر لكن في المقام عدة نصوص يلزم ملاحظتها و من تلك النصوص ما رواه معاوية بن عمّار «1» و منها ما رواه أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل نسي طواف النساء حتي دخل أهله قال: لا تحلّ له النساء حتي يزور البيت و قال يأمر أن يقضي عنه ان لم يحج فان توفي قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره «2» و يستفاد من الحديثين ان الاستنابة عنه واجب علي الجامع بين الولي و غير الولي و بعبارة اخري يكون واجبا كفائيا و انا نحتمل هذا المعني و لا نقطع بعدمه و منها رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل نسي طواف النساء حتي رجع الي أهله قال: يرسل فيطاف عنه و ان مات قبل أن يطاف عنه طاف عنه وليه «3» و من هذه الرواية

يستفاد ان الاستنابة واجبة علي وليه فتقع المعارضة بين الطرفين و لا طريق الي الجمع العرفي بينهما و حيث ان الاحدث غير معلوم تصل النوبة الي الاصل العملي و غير الولي حيث لا يعلم بالتكليف تجري في حقه البراءة و أما الولي فحيث يعلم بتعلق التكليف به علي كل تقدير لا بدّ له من القيام بالمهمة و لا وجه لاخراج نفقة القيام بالواجب من تركة الميت. و لا يكون من ديون الميت كي يقال بأن الدين من تركة الميت إذ

______________________________

(1) لاحظ ص 393.

(2) الوسائل: الباب 58 من أبواب الطواف، الحديث 6.

(3) الوسائل: الباب 58 من أبواب الطواف، الحديث 11.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 395

[(مسألة 421): لا يجوز تقديم طواف النساء علي السعي]

(مسألة 421): لا يجوز تقديم طواف النساء علي السعي فإن قدمه فإن كان عن علم و عمد لزمته اعادته بعد السعي و كذلك ان كان عن جهل أو نسيان علي الأحوط (1).

______________________________

الواجب البدني ليس من الديون مضافا الي انّ مقتضي الدليل ان هذا الواجب واجب علي الولي.

(1) أما عدم جواز تقديمه علي السعي فعلي القاعدة اذ المستفاد من النصوص تأخيره عنه فلا يجوز التقديم و يكون تشريعا محرما و علي تقدير تقديمه علي السعي فتارة يكون عمديا و أخري عن نسيان و ثالثة عن جهل و علي جميع التقادير يكون مقتضي القاعدة وجوب الاعادة فان الاجزاء يحتاج الي الدليل لكن في المقام حديث رواه سماعة بن مهران عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام قال: سألته عن رجل طاف طواف الحج و طواف النساء قبل أن يسعي بين الصفا و المروة قال: لا يضره يطوف بين الصفا و المروة و قد فرغ من حجّه «1» و مقتضي الحديث المشار إليه

عدم وجوب الاعادة حتي مع التعمد مع تصور تمشي قصد القربة مع العمد و لا يعارضه ما ارسل أحمد بن محمد عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام جعلت فداك متمتع زار البيت فطاف طواف الحج ثم طاف طواف النساء ثم سعي قال: لا يكون السعي الّا من قبل طواف النساء فقلت: أ فعليه شي ء فقال: لا يكون السعي الا قبل طواف النساء «2» فان المرسل لا اعتبار به و الاحتياط لا ينبغي تركه بل لا يترك.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 65 من أبواب الطواف، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 396

[(مسألة 422): من قدم طواف النساء علي الوقوفين لعذر لم تحل له النساء حتي يأتي بمناسك مني]

(مسألة 422): من قدم طواف النساء علي الوقوفين لعذر لم تحل له النساء حتي يأتي بمناسك مني من الرمي و الذبح و الحلق (1).

[(مسألة 423): إذا حاضت المرأة و لم تنتظر القافلة طهرها]

(مسألة 423): إذا حاضت المرأة و لم تنتظر القافلة طهرها جاز لها ترك طواف النساء و الخروج مع القافلة و الاحوط حينئذ ان تستنيب لطوافها و لصلاتها و اذا كان حيضها بعد تجاوز النصف من طواف النساء جاز لها ترك الباقي و الخروج مع القافلة و الأحوط الاستنابة لبقية الطواف و لصلاته (2).

______________________________

(1) لا اشكال في حرمة النساء علي المحرم و المفروض أنّ الذي قدم طواف النساء لكونه معذورا محرما بعد فلا تجوز له النساء و تدل علي الحرمة بوضوح رواية معاوية بن عمّار «1» فإن المستفاد من الحديث ان حلية النساء للمحرم تتوقف علي عدة امور مترتبة اخرها حسب الترتيب طواف النساء و المفروض أنه لم يأت بجملة من الامور التي تتوقف عليها الحلية و ان شئت قلت: ان طواف النساء لا يكون محللا للنساء أين ما تحقق و وجد و بعبارة واضحة انه لا دليل علي محللية طواف النساء علي الاطلاق و السريان و اذا وصلت النوبة الي الشك يكون مقتضي الاصل عدم تحقق المحلل فلاحظ.

(2) أما في صورة عروض الحيض قبل الطواف و عدم انتظار القافلة فقد تقدم منا انه تجب الاستنابة و أما في صورة عروض الحيض اثناء الطواف بعد تجاوز النصف فيدل علي سقوط الباقي و جواز النفر مع القافلة ما رواه فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا طافت المرأة طواف النساء فطافت اكثر من النصف

______________________________

(1) لاحظ ص 362.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 397

[(مسألة 424): نسيان الصلاة في طواف النساء كنسيان الصلاة في طواف الحج]

(مسألة 424): نسيان الصلاة في طواف النساء كنسيان الصلاة في طواف الحج و قد تقدم حكمه في مسألة 329 (1).

[(مسألة 425): إذا طاف المتمتع طواف النساء و صلي صلاته حلت له النساء]

(مسألة 425): إذا طاف المتمتع طواف النساء و صلي صلاته حلت له النساء و إذا طافت المرأة و صلت صلاته حل لها الرجال فتبقي حرمة الصيد الي الظهر من اليوم الثالث عشر علي الأحوط و أما قلع الشجر و ما ينبت في الحرم و كذلك الصيد في الحرم فقد ذكرنا في مسألة (280) ان حرمتهما تعم المحرم و المحل (2).

______________________________

فحاضت نفرت ان شاءت «1».

(1) يستفاد من حديث معاوية بن عمّار «2» أنه اذا ارتحل من مكة ثم تذكر نسيانه صلاة الطواف يصليهما حيث ذكر و لا يلزم الرجوع و المستفاد من حديث عمر بن يزيد «3» التفصيل بين مضيّه قليلا و عدمه ففي صورة مضيه قليلا لا بدّ من الرجوع أو الاستنابة و بقانون تقييد الاطلاق بالمقيد لا بدّ من جعل هذه الرواية مقيدة لحديث ابن عمار.

(2) أما توقف حلية النساء علي الرجال و حلية الرجال علي النساء علي طواف النساء فقد تقدم الكلام حوله و النصوص وافية بإثبات المدعي و أما الصيد الاحرامي فقد استفدنا من حديث معاوية بن عمّار «4» حليته بالحلق و أما قلع الشجر

______________________________

(1) الوسائل: الباب 90 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 161.

(3) لاحظ ص 165.

(4) لاحظ ص 362.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 398

[الواجب الثاني عشر من واجبات الحج: المبيت بمني ليلة الحادي عشر و الثاني عشر]

اشارة

المبيت في مني الواجب الثاني عشر من واجبات الحج: المبيت بمني ليلة الحادي عشر و الثاني عشر و يعتبر فيه قصد القربة فاذا خرج الحاج الي مكة يوم العيد لأداء فريضة الطواف و السعي وجب عليه الرجوع ليبيت في مني و من لم يجتنب الصيد في احرامه فعليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضا و كذلك من أتي النساء علي الأحوط و تجوز لغيرهما

الافاضة من مني بعد ظهر اليوم الثاني عشر و لكن إذا بقي في مني الي أن دخل الليل وجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضا (1).

______________________________

و نبات الحرم و كذلك الصيد الحرمي فحرمتها ترتبط بالحرم و لا فرق في حرمتها بين المحرم و المحل فلاحظ.

(1) في المقام جهتان من البحث:

الجهة الأولي: وجوب البيتوتة في مني الظاهر خروج هذا الواجب عن الحج كما يستفاد من النص لاحظ ما رواه معاوية «1» و لاحظ ما رواه أيضا «2» لكن لا اشكال في وجوبه و هو المشهور بين القوم و عليه السيرة الجارية و في الحدائق أنه لا خلاف بينهم في وجوب المبيت بمني في الموقع المقرر و عن الشيخ في التبيان أنه مستحب و لا اشكال في انه قول شاذ يرده النص و الفتوي و قال في المستند يجب علي الحاج البيتوتة بمني اجماعا محققا و منقولا في المنتهي و التذكرة و المفاتيح و شرحه و غيرها و هو مذهب أكثر العامة كما حكاه جماعة و تدل علي وجوب البيتوتة عدة

______________________________

(1) لاحظ ص 385- 386.

(2) لاحظ ص 386.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 399

______________________________

نصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا فرغت من طوافك للحج و طواف النساء فلا تبيت الّا بمني الا أن يكون شغلك في نسكك و ان خرجت بعد نصف الليل فلا يضرك ان تبيت في غير مني «1» و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام أنه قال في الزيارة إذا خرجت من مني قبل غروب الشمس فلا تصبح الّا بمني «2» و منها ما رواه العيص بن القاسم قال: سألت أبا

عبد اللّه عليه السّلام عن الزيارة من مني قال: ان زار بالنهار أو عشاء فلا ينفجر الصبح الّا و هو بمني و إن زار بعد نصف الليل أو السحر فلا بأس عليه أن ينفجر الصبح و هو بمكة «3» و منها ما رواه صفوان قال: قال أبو الحسن عليه السّلام سألني بعضهم عن رجل بات ليالي مني بمكة فقلت لا أدري فقلت له جعلت فداك ما نقول فيها فقال عليه السّلام عليه دم شاة إذا بات فقلت ان كان انما حبسه شأنه الذي كان فيه من طوافه و سعيه لم يكن لنوم و لذة أ عليه مثل ما علي هذا قال ما هذا بمنزلة هذا و ما احبّ ان ينشق له الفجر الّا و هو بمني «4» و يعتبر فيه قصد القربة لانه عبادة و قوام العبادة بقصد القربة و استدل سيدنا الاستاد علي المدعي بقوله تعالي وَ اذْكُرُوا اللّٰهَ فِي أَيّٰامٍ مَعْدُودٰاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقيٰ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ «5» بتقريب ان ذكر اللّه من العبادات.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب العود الي مني الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

(4) نفس المصدر، الحديث 5.

(5) البقرة: 203.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 400

______________________________

و في ذيل الآية الشريفة قد ذكر صاحب تفسير البرهان أحاديث منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ اذْكُرُوا اللّٰهَ فِي أَيّٰامٍ مَعْدُودٰاتٍ قال: التكبير في أيام التشريق من صلاة الظهر من يوم النحر الي صلاة الفجر من اليوم

الثالث و في الأمصار (يكبر عقيب) عشر صلوات فاذا نفر (الناس) بعد الأولي امسك أهل الامصار و من أقام بمني فصلي بها الظهر و العصر فليكبر «1» و منها ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ اذْكُرُوا اللّٰهَ فِي أَيّٰامٍ مَعْدُودٰاتٍ قال هي أيام التشريق و ساق الحديث الي أن قال و التكبير، اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله الّا اللّه و اللّه أكبر، اللّه أكبر، و للّه الحمد، علي ما هدانا، اللّه أكبر علي ما رزقنا من بهيمة الانعام «2» و منها ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه تبارك و تعالي وَ اذْكُرُوا اللّٰهَ فِي أَيّٰامٍ مَعْدُودٰاتٍ قال المعلومات و المعدودات واحدة و هي أيام التشريق «3».

و منها ما رواه حماد بن عيسي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته عليه السّلام يقول قال:

في قول اللّه عزّ و جلّ و اذكروا اللّه في أيام معلومات قال ايام العشر و قوله وَ اذْكُرُوا اللّٰهَ فِي أَيّٰامٍ مَعْدُودٰاتٍ قال: أيام التشريق «4» و منها ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المعدودات و المعلومات هي واحد، أيام

______________________________

(1) البرهان: ج 1 ص 203، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، ج 1 ص 204 الحديث 6.

(4) تفسير البرهان: ج 1 ص 204 الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 401

______________________________

التشريق «1».

و يرد عليه ان ذكر اللّه لا يستلزم القربية فان الانسان يمكن أن يذكر اللّه لغرض دنيوي مثلا إذا كان ذكر اللّه مؤثرا في بعد الشيطان أو اذا كان مؤثرا في ارتفاع مرض

و الشخص يذكر اللّه لهذا الغرض بلا قصد القربة يصدق أنه ذكر اللّه لا قربيا هذا و لكن لا شبهة في كون المبيت قربيا و يلزم فيه قصد القربة.

الجهة الثانية: أنه يجب المبيت بها ليلة الحادي عشر و الثاني عشر مطلقا و ليلة الثالث عشر في بعض الفروض قال في المستند و يجب أن تكون البيتوتة المذكورة في ليلتين من ليالي التشريق الليلة الحادية عشرة و الثانية عشرة مطلقا و الثالثة عشرة في بعض الفروض الي آخر كلامه و يدل علي المدعي حديث معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تبت ليالي التشريق الّا بمني فان بت في غيرها فعليك دم فان خرجت اوّل الليل فلا ينتصف الليل الا و أنت في مني الّا أن يكون شغلك نسكك أو قد خرجت من مكة و إن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرك ان تصبح في غيرها «2» و إذا أصاب الصيد في احرامه يجب عليه أن يبيت ليلة الثالث عشر و الدليل علي التفصيل جملة من النصوص منها ما رواه حماد بن عثمان «3» و منها ما رواه حماد «4» و منها ما رواه جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال:

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 12.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب العود الي من، الحديث 8.

(3) لاحظ ص 382.

(4) لاحظ ص 382.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 402

______________________________

و من أصاب الصيد فليس له ان ينفر في النفر الأول «1» هذا بالنسبة الي الصيد و اما غيره من الجماع أو بقية محرمات الاحرام أو مطلق الكبيرة و لو لم تكن من محرماته فلا دليل علي انّ ارتكابها يوجب

لزوم البيتوتة ليلة الثالث عشر و حديث محمد بن المستنير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أتي النساء في احرامه لم يكن له أن ينفر في النفر الأول «2» لا اعتبار به سندا كما انّ حديث سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السّلام أنه قال لمن اتقي الرفث و الفسوق و الجدال و ما حرم اللّه عليه في احرامه «3» كذلك و مجرد كون سلام في اسناد تفسير القمي لا اثر له و قد تقدم الكلام حوله في الجزء الأول فالنتيجة انّ الذي اتقي الصيد يجوز له أن ينفر في النفر الأول و هو اليوم الثاني عشر و لا يجوز أن ينفر قبل الزوال و الدليل عليه عدة نصوص منها ما رواه معاوية ابن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر حتي تزول الشمس و إن تأخرت الي آخر أيام التشريق و هو يوم النفر الأخير فلا عليك أيّ ساعة نفرت قبل الزوال أو بعده الحديث «4» و منها ما رواه أبو أيوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: انا نريد أن نتعجل السير و كانت ليلة النفر حين سألته فاي ساعة ننفر فقال لي اما اليوم الثاني فلا تنفر حتي تزول الشمس و كانت ليلة النفر فاما اليوم الثالث فاذا ابيضّت الشمس فانفر علي كتاب اللّه فان اللّه عزّ و جلّ يقول فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ فلو سكت لم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب العود الي مني، الحديث 8.

(2) نفس المصدر، الحديث 1.

(3) الوسائل: الباب 11 من أبواب العود الي

مني، الحديث 7.

(4) الوسائل: الباب 9 من أبواب العود الي مني، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 403

______________________________

يبق احد الّا تعجل و لكنه قال و من تأخر فلا اثم عليه «1» و منها ما رواه الحلبي أنه سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل ينفر في النفر الأول قبل أن تزول الشمس فقال: لا و لكن يخرج ثقله ان شاء و لا يخرج هو حتي تزول الشمس «2» و أما حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الأول قبل الزوال «3» الدال علي جواز النفر قبل الزوال فلا يعتد بسنده فان سليمان بن أبي زينبة في سنده و الرجل لم يوثق و لكن إذا بقي الي ان دخل الليل وجب المبيت ليلة الثالث عشر أيضا و الدليل عليه عدة نصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من تعجل في يومين فلا ينفر حتي تزول الشمس فان ادركه المساء بات و لم ينفر «4» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا نفرت في النفر الأول فإن شئت ان تقيم بمكة و تبيت بها فلا بأس بذلك قال: و قال إذا جاء الليل بعد النفر الأول فبت بمني فليس لك ان تخرج منها حتي تصبح «5» و منها ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل ينفر في النفر الأول قال له: أن ينفر ما بينه و بين أن تسفر الشمس فان هو لم ينفر حتي يكون عند غروبها فلا ينفر و ليست بمني حتي إذا اصبح و

طلعت الشمس فلينفر متي شاء «6».

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

(3) نفس المصدر، الحديث 11.

(4) الباب 10 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(5) نفس المصدر، الحديث 2.

(6) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 404

[(مسألة 426): إذا تهيأ للخروج و تحرك من مكانه و لم يمكنه الخروج قبل الغروب للزحام و نحوه]

(مسألة 426): إذا تهيأ للخروج و تحرك من مكانه و لم يمكنه الخروج قبل الغروب للزحام و نحوه فإن أمكنه المبيت وجب ذلك و إن لم يمكنه أو كان المبيت حرجيا جاز له الخروج و عليه دم شاة علي الأحوط (1).

______________________________

(1) أما وجوب المبيت في صورة عدم امكان الخروج حتي دخل الليل فلا طلاق نصوص الوجوب لاحظ ما رواه الحلبي «1» فان قوله عليه السّلام فان ادركه المساء بات و لم ينفر و لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «2» فان قوله عليه السّلام (إذا جاء الليل بعد النفر الاول فبت بمني فليس لك أن تخرج منها) يشمل البقاء الاضطراري و اما جواز الخروج في صورة كون البقاء حرجيا فلدليل رفع الحكم الحرجي بقاعدة لا حرج و أما الاحتياط بالدم فلا طلاق حديث معاوية بن عمّار «3» فان مقتضي الحديث عدم الفرق بين كون الخروج عصيانا كان أو غير عصيان و يمكن ان الوجه في عدم الجزم بالوجوب و بناء المسألة علي الاحتياط ان الكفارة تستلزم العصيان و الحال أنه لا دليل عليه.

______________________________

(1) لاحظ ص 403.

(2) لاحظ ص 403.

(3) لاحظ ص 401.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 405

[(مسألة 427): من وجب عليه المبيت بمني لا يجب عليه المكث فيها نهارا بأزيد من مقدار يرمي فيه الجمرات]

(مسألة 427): من وجب عليه المبيت بمني لا يجب عليه المكث فيها نهارا بأزيد من مقدار يرمي فيه الجمرات و لا يجب عليه المبيت في مجموع الليل فيجوز له المكث في مني من أول الليل الي ما بعد منتصفه أو المكث فيها قبل منتصف الليل الي الفجر و الأولي لمن بات النصف الأول ثم خرج ان لا يدخل مكة قبل طلوع الفجر (1).

______________________________

(1) اما عدم وجوب المكث في اليوم فلعدم الدليل عليه و مقتضي القاعدة البراءة

عن اللزوم نعم انما يجب مقدمة لامتثال وجوب الرمي و أما عدم وجوب المبيت في مجموع الليل مع انّ الظاهر من البيتوتة البقاء من أول الليل الي آخره فلوفاء النصوص بذلك لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «1» فان المستفاد من الحديث ان الخروج بعد نصف الليل لا بأس به و لاحظ ما رواه ابن عمّار أيضا «2» فان المستفاد من الحديث الخيار بين النصف الأول و الأخير و لاحظ ما رواه عبد الغفار الجازي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل خرج من مني يريد البيت قبل نصف الليل فاصبح بمكة قال: لا يصلح له حتي يتصدق بها صدقة أو يهريق دما فإن خرج من مني بعد نصف الليل لم يضره شي ء «3» فان المستفاد من الحديث جواز الخروج بعد نصف الليل و لاحظ ما رواه جعفر بن ناجية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: إذا خرج الرجل من مني أول الليل فلا ينتصف له الليل الّا و هو بمني و إذا خرج بعد نصف الليل فلا بأس أن يصبح بغيرها «4» فان المستفاد من الحديث الخيار بين الأمرين.

______________________________

(1) لاحظ ص 399.

(2) لاحظ ص 401.

(3) الوسائل: الباب 1 من أبواب العود الي مني، الحديث 14.

(4) نفس المصدر، الحديث 20.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 406

______________________________

ثم أنه لو خرج بعد نصف الليل فهل يجوز له أن يدخل مكة قبل طلوع الفجر نسب عدم الجواز الي جملة من الأعيان و لكن الحق هو الجواز لعدم الدليل علي الحرمة بل مقتضي اطلاق حديث معاوية بن عمّار «1» جواز دخوله الي مكة فان لفظ الغير بماله من المفهوم يشمل مكة المكرمة بل الجواز

يستفاد من صريح حديث العيص بن القاسم «2» فلا وجه للحرمة و أما الاحتياط فحسن علي كل حال و يكون موجبا للخروج عن شبهة الخلاف.

______________________________

(1) لاحظ ص 399.

(2) لاحظ ص 399.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 407

[(مسألة 428): يستثني ممن يجب عليه المبيت بمني عدة طوائف]

(مسألة 428): يستثني ممن يجب عليه المبيت بمني عدة طوائف:

1- المعذور كالمريض و المريض و الممرض و من خاف علي نفسه أو ماله من المبيت بمني.

2- من اشتغل بالعبادة في مكة تمام ليلته أو تمام الباقي من ليلته اذا خرج من مني بعد دخول الليل ما عدا الحوائج الضرورية كالأكل و الشرب و نحوهما.

3- من طاف بالبيت و بقي في عبادته ثم خرج من مكة و تجاوز عقبة المدنيين فيجوز له ان يبيت في الطريق دون أن يصل الي مني.

و يجوز لهؤلاء التأخير في الرجوع الي مني الي ادراك الرمي في النهار (1).

______________________________

(1) اما جواز ترك المبيت للطائفة الاولي فموقوف علي صدق الحرج أو الاضطرار كي يمكن الاستدلال عليه بقاعدة لا حرج في الأول و بقاعدة رفع الاضطرار و حديث الرفع في الثاني و أما الاستدلال بقاعدة لا ضرر فيما استلزم البقاء ضررا فيتوقف علي الالتزام بمرام المشهور في مفاد القاعدة و أما علي مسلكنا فلا تربط القاعدة بالمدعي و أما جواز ترك المبيت بالنسبة الي من يكون مشتغلا بالعبادة فتدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار أيضا و سألته عن الرجل زار عشاء فلم يزل في طوافه و دعائه

______________________________

(1) لاحظ ص 399.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 408

______________________________

و في السعي بين الصفا و المروة حتي يطلع الفجر قال: ليس عليه شي ء كانت في

طاعة اللّه «1» و منها ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل زار البيت فلم يزل في طوافه و دعائه و السعي و الدعاء حتي طلع الفجر فقال ليس عليه شي ء كان في طاعة اللّه عزّ و جلّ «2» فان المستفاد من التعليل الواقع في بعض النصوص انه لو كان مشغولا بالعبادة و الطاعة لم يضره عدم المبيت و اما جواز الاشتغال بالحوائج الضرورية فالظاهر أن يفهم عدم اخلاله بالمقصود و بعبارة اخري هذا المقدار لا يوجب عدم صدق عنوان الاشتغال لكن في النفس شي ء و اللّه العالم و أما جواز البيتوتة في طريق مني للطائفة الثالثة فيدل عليه ما رواه محمد بن اسماعيل عن أبي الحسن عليه السّلام في الرجل يزور فينام دون مني فقال إذا جاز عقبة المدنيين فلا بأس أن ينام «3» و ربما يقال أنه تقع المعارضة بينه و بين ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا زار الحاج من مني فخرج من مكة فجاوز بيوت مكة فنام ثم اصبح قبل أن يأتي مني فلا شي ء عليه «4» فلا بد من اعمال قانون التعارض و الجواب عنه أولا أنه لو كان تلازم بين تجاوز بيوت مكة و تجاوز عقبة المدنيين فلا تعارض كما هو ظاهر و ثانيا أنه نفرض ان تجاوز عقبة المدنيين اخص من تجاوز بيوت مكة فلا تعارض أيضا إذ الأعم يخصص بالخاص كما هو المقرر و ثانيا أنه نفرض التعارض لكن الترجيح بالأحدثية مع حديث ابن اسماعيل فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب العود الي مني، الحديث 9.

(2) نفس المصدر، الحديث 13.

(3) نفس المصدر، الحديث 15.

(4) نفس

المصدر، الحديث 17.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 409

[(مسألة 429): من ترك المبيت بمني فعليه كفارة شاة عن كل ليلة]

(مسألة 429): من ترك المبيت بمني فعليه كفارة شاة عن كل ليلة و الأحوط التكفير فيما اذا تركه نسيانا أو جهلا منه بالحكم أيضا و الأحوط التكفير للمعذور من المبيت و لا كفارة علي الطائفة الثانية و الثالثة ممن تقدم (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأولي: أنه من ترك المبيت بمني فعليه كفارة شاة عن كل ليلة و الدليل عليه ما رواه صفوان «1» و المذكور في الوسائل (بات ليالي مني بمكة) و المذكور في التهذيب و الاستبصار هكذا (بات ليلة من ليالي مني) «2» و عند دوران الأمر بين الزيادة و النقيصة يؤخذ بالزيادة فالصحيح ما في التهذيب و الاستبصار و علي هذا يكون الكفارة لكل ليلة لا للمجموع و يؤيد المدعي ما رواه جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من زار فنام في الطريق فإن بات بمكة فعليه دم و إن كان قد خرج منها فليس عليه شي ء و إن أصبح دون مني «3» و لكن الحديثين مخصوصان بمن بات في مكة فلا وجه للحكم بوجوب الكفارة علي مطلق من ترك المبيت في مني كما في المتن و ربما يقال في المقام نصوص تعارض دليل وجوب الكفارة منها ما رواه عبد الغفار الجازي «4» أو الحارثي فان هذه الرواية تدل علي الخيار بين الدم و الصدقة و الحديث لا اعتبار به سندا و منها ما رواه العيص بن القاسم قال: سألت

______________________________

(1) لاحظ ص 399.

(2) التهذيب: ج 5 ص 257 و الاستبصار: ج 2 ص 292.

(3) الوسائل: الباب 1 من أبواب العود الي مني، الحديث 16.

(4) لاحظ ص 405.

مصباح الناسك

في شرح المناسك، ج 2، ص: 410

______________________________

أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل فاتته ليلة من ليالي مني قال ليس عليه شي ء و قد أساء «1» و هذه الرواية يمكن الجمع العرفي بينها و بين ما يعارضها بأن نقول ليس عليه شي ء بنحو الاطلاق و العموم فيخصص بحديث صفوان فلا تعارض و إن قلنا لا مجال للجمع العرفي فالترجيح لحديث صفوان للأحدثية و منها ما رواه سعيد بن يسار قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام فاتتني ليلة المبيت بمني من شغل فقال: لا بأس «2» و الجواب عنه هو الجواب فلاحظ.

الفرع الثاني: لو ترك المبيت هناك نسيانا أو جهلا أو لعذر كالاكراه و نحوه لا تجب عليه الكفارة اما في صورة النسيان فلحديث رفعه فان النسيان رفع عن الامة و أما في صورة الجهل فلحديث عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث ان رجلا اعجميا دخل المسجد يلبّي و عليه قميص فقال لأبي عبد اللّه عليه السّلام اني كنت رجلا اعمل بيدي و اجتمعت لي نفقة فجئت احج لم اسأل أحدا عن شي ء و افتوني هؤلاء ان اشق قميصي و انزعه من قبل رجلي و ان حجّي فاسد و ان عليّ بدنة فقال له متي لبست قميصك ابعد ما لبّيت أم قبل قال قبل أن ألبّي قال فاخرجه من رأسك فانه ليس عليك بدنة و ليس عليك الحج من قابل ايّ رجل ركب امرا بجهالة فلا شي ء عليه طف بالبيت سبعا و صل ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام واسع بين الصفا و المروة و قصّر من شعرك فاذا كان يوم التروية فاغتسل و أهلّ بالحج و اصنع كما يصنع الناس

«3» و أما في صورة العذر فلحديث رفع الاكراه و أمثاله.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب العود الي مني، الحديث 7.

(2) نفس المصدر، الحديث 12.

(3) الوسائل: الباب 45 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 411

______________________________

إن قلت قد تقدم انه لا تنافي بين ارتفاع حرمة ترك المبيت لحديث لا حرج فيما كان البقاء حرجيا و وجوب الكفارة بمقتضي دليل وجوبها فلما ذا ترتفع الكفارة بالعناوين المشار إليها في المقام.

قلت: الصيام في شهر رمضان واجب من قبل الشارع و الأكل مثلا يبطل الصوم فإذا فرضنا ان الصوم صار حرجيا لشخص لا يكون واجبا عليه بدليل لا حرج لكن لا يستفاد من دليل رفع الحرج عدم كون الأكل مبطلا للصوم و بعبارة واضحة دليل لا حرج حاكم علي ادلة الأحكام أي يفهم من دليله أنه لم يجعل في وعاء الشرع حكم حرجي و لا يستفاد منه أزيد من هذا المقدار و أما المستفاد من حديث رفع النسيان و الاضطرار أو الاكراه ان الفعل الصادر عن المكلف نسيانا أو اكراها لا اعتبار به و كأنّه لم يتحقق و وجوده كعدمه فلو باع زيد داره اكراها لا يترتب عليه أثر كما انه لو طلق بكر زوجته لا يكون صحيحا و أيضا لو ركب امرا بجهالة لا يترتب عليه الجزاء بمقتضي حديث عبد الصمد فلا مجال للقياس بين ارتفاع الحكم في المقام بدليل لا حرج و بين ارتفاعه بدليل رفع الاضطرار أو النسيان و امثالهما.

الفرع الثالث: أنه لا كفارة علي الطائفة الثانية و الثالثة من الطوائف المتقدمة أما عدمها علي الطائفة الثانية فلعدة نصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار «1» و أما عدمها علي

الطائفة الثالثة فلعدة من الروايات منها ما رواه محمد بن اسماعيل «2» و منها ما رواه جميل بن دراج «3» و منها ما رواه هشام بن الحكم «4» و أما حديث علي

______________________________

(1) لاحظ ص 407.

(2) لاحظ ص 408.

(3) لاحظ ص 409.

(4) لاحظ ص 408.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 412

[(مسألة 430): من أفاض من مني ثم رجع إليها بعد دخول الليل في الليلة الثالثة عشر لحاجة]

(مسألة 430): من أفاض من مني ثم رجع إليها بعد دخول الليل في الليلة الثالثة عشر لحاجة لم يجب عليه المبيت بها (1).

[الثالث عشر من واجبات الحج رمي الجمرات الثلاث]

اشارة

رمي الجمار الثالث عشر من واجبات الحج رمي الجمرات الثلاث:

الأولي و الوسطي و جمرة العقبة و يجب الرمي في اليوم الحادي عشر و الثاني عشر و اذا بات ليلة الثالث عشر في مني وجب الرمي في اليوم الثالث عشر أيضا علي الأحوط و يعتبر في رمي الجمرات المباشرة فلا تجوز الاستنابة اختيارا (2).

______________________________

عن أبي ابراهيم عليه السّلام قال: سألته عن رجل زار البيت فطاف بالبيت و بالصفا و المروة ثم رجع فغلبته عينه في الطريق فنام حتي اصبح قال: عليه شاة «1» الدال علي الكفارة فلا اعتبار به سندا.

(1) لعدم الدليل علي الوجوب في الفرض و انما الواجب المبيت لمن غربت عليه الشمس في مني.

(2) في المقام جهات من البحث:

الجهة الأولي: في وجوب رمي الجمار الأولي و الوسطي و جمرة العقبة.

عن المنتهي أنه لا نعلم فيه خلافا و عن بعض الأساطين أنه لا خلاف بيننا بل بين المسلمين كافة في وجوب رمي الجمار و علي الجملة لا خلاف من حيث الفتاوي في وجوبه و حمل القول بأنه سنة علي أن وجوبه مأخوذ من سنة الرسول صلي اللّه عليه و آله و سلم لا من

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب العود الي مني، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 413

______________________________

الكتاب و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عمر بن اذينة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: سألته عن قول اللّه تعالي الْحَجِّ الْأَكْبَرِ قال: الحج الأكبر الوقوف بعرفة و رمي الجمار الحديث «1» و منها

ما أرسله الصدوق قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم رمي الجمار ذخر يوم القيامة «2» و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن رمي الجمار لم جعلت قال: لان ابليس اللعين كان يتراءي لابراهيم عليه السّلام في موضع الجمار فرجمه ابراهيم عليه السّلام فجرت السنة بذلك «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: انّ اوّل من رمي الجمار آدم عليه السّلام و قال أتي جبرئيل ابراهيم عليه السّلام فقال ارم يا ابراهيم فرمي جمرة العقبة و ذلك ان الشيطان تمثل له عندها «4» و منها ما رواه أبو البختري عن جعفر بن محمد عن علي عليه السّلام ان الجمار انما رميت لان جبرئيل حين أري ابراهيم المشاعر برز له ابليس فأمره جبرئيل ان يرميه فرماه بسبع حصيات فدخل عند الجمرة الأخري تحت الأرض فأمسك ثم برز له عند الثانية فرماه بسبع حصيات اخر فدخل تحت الأرض موضع الثانية ثم أنه برز له في موضع الثالثة فرماه بسبع حصيات فدخل في موضعها «5» و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن رمي الجمار لم جعل قال: لان ابليس لعنه اللّه كان يتراءي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب العود الي مني، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 4 من أبواب العود الي مني، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 414

______________________________

لابراهيم عليه السّلام في موضع الجمار فرجمه ابراهيم عليه السّلام فجرت به السنة «1».

الجهة الثانية:

أنه لا اشكال في وجوب الرمي في اليوم الحادي عشر و في اليوم الثاني عشر للسيرة المستمرة الي زمان مخازن الوحي و التنزيل و يؤيد المدعي رواية عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من اغفل رمي الجمار أو بعضها حتي تمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها من قابل فان لم يحج رمي عنه وليه فان لم يكن له وليّ استعان برجل من المسلمين يرمي عنه فانه لا يكون رمي الجمار الّا أيام التشريق «2» فان المستفاد من الحديث انّ الرمي لا بدّ من ايقاعه في أيام التشريق و انما عبرنا بالتأييد لعدم اعتبار سند الرواية لكن كما قلنا لا اشكال في المدعي انما الكلام في وجوبه في اليوم الثالث عشر لمن بات في مني و الذي يمكن ان يستند إليه من النصوص علي المدعي المذكور حديثا دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد عليه السّلام أنه قال يرمي في أيام التشريق الثلاث الجمرات كل يوم يبتدئ بالصغري ثم الوسطي ثم الكبري «3» و الفقه الرضوي عليه السّلام و ترمي يوم الثاني و الثالث و الرابع في كل يوم باحدي و عشرين حصاة الي الجمرة الاولي بسبعة و تقف عليها و تدع الي الجمرة الوسطي بسبعة و تقف عندها و تدع الي الجمرة العقبة بسبعة و لا تقف عندها فان جهلت و رميت مقلوبة فاعد علي الجمرة الوسطي و جمرة العقبة «4» و لا اعتبار بهما سندا فان تم المدعي بالاجماع الكاشف فهو و الّا يكون

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 7.

(2) الباب 3 من هذه الأبواب، الحديث 4.

(3) مستدرك الوسائل: الباب 5 من أبواب العود الي مني، الحديث 1.

(4) مستدرك الوسائل: الباب 5 من

أبواب العود الي مني، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 415

[(مسألة 431): يجب الابتداء برمي الجمرة الاولي ثم الجمرة الوسطي ثم جمرة العقبة]

(مسألة 431): يجب الابتداء برمي الجمرة الاولي ثم الجمرة الوسطي ثم جمرة العقبة و لو خالف وجب الرجوع الي ما يحصل به الترتيب و لو كانت المخالفة عن جهل أو نسيان نعم اذا نسي فرمي جمرة بعد أن رمي سابقتها أربع حصيات أجزأ اكمالها سبعا و لا يجب عليه اعادة رمي اللاحقة (1).

______________________________

الحكم مبنيا علي الاحتياط.

الجهة الثالثة: أنه يجب في الرمي المباشرة و هذا واضح ظاهر فإن كل واجب تجب فيه المباشرة إذ الايجاب يوجب بحسب الظهور العرفي، الفعل في ذمة المكلف و بعبارة اخري الواجب الذي يوضع علي عهدة المكلف، العمل المباشري لا الاعم فلا مجال للنيابة و بتقريب آخر يمكن اثبات المدعي و هو انّ مقتضي الاطلاق المقامي وجوب الاتيان بالمتعلق أعم من أنه يأتي به غيره أم لا فلاحظ.

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه يجب الابتداء برمي الأولي و تدل علي المدعي مضافا الي السيرة جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: قلت له الرجل يرمي الجمار منكوسة قال: يعيدها علي الوسطي و جمرة العقبة «1» و منها ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل نسي رمي الجمار يوم الثاني فبدأ بجمرة العقبة ثم الوسطي ثم الأولي و يؤخر ما رمي بما رمي فيرمي الوسطي ثم جمرة العقبة «2» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 5 من أبواب العود الي مني، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 416

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السّلام في

حديث قال: قلت الرجل ينكس في رمي الجمرات فيبدأ بجمرة العقبة ثم الوسطي ثم العظمي قال: يعود فيرمي الوسطي ثم يرمي جمرة العقبة و إن كان من الغد «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال:

و قال في رجل رمي الجمار فرمي الأولي بأربع و الأخيرتين بسبع سبع قال: يعود فيرمي الأولي بثلاث و قد فرغ و إن كان رمي الأولي بثلاث و رمي الأخيرتين بسبع سبع فليعد و ليرميهنّ جميعا بسبع سبع و إن كان رمي الوسطي بثلاث ثم رمي الأخري فليرم الوسطي بسبع و إن كان رمي الوسطي بأربع رجع فرمي بثلاث «2».

و منها ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل رمي الجمرة الأولي بثلاث و الثانية بسبع و الثالثة بسبع قال: يعيد يرميهن جميعا بسبع سبع قلت فان رمي الاولي بأربع و الثانية بثلاث و الثالثة بسبع قال: يرمي الجمرة الأولي بثلاث و الثانية بسبع و يرمي جمرة العقبة بسبع قلت فانه رمي الجمرة الاولي بأربع و الثانية بأربع و الثالثة بسبع قلا: يعيد فيرمي الأولي بثلاث و الثانية بثلاث و لا يعيد علي الثالثة «3» و لو خالف الترتيب يجب التدارك بلا فرق بين الجاهل و الناسي و غيرهما فان النصوص مصرحة بالمدعي و مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين الجاهل و العالم و الناسي كما انّ مقتضي القاعدة عدم الفرق فان الاجزاء خلاف القاعدة.

إن قلت ما المانع عن الأخذ بحديث رفع النسيان و اثبات الصحة إذا كان

______________________________

(1) الوسائل: الباب 5 من أبواب العود الي مني، الحديث 4.

(2) الباب 6 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) الوسائل: الباب 6 من

أبواب العود الي مني، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 417

______________________________

منشأ ترك الترتيب النسيان.

قلت: حديث رفع النسيان لا يغير الواقع بحيث يوجب رفع الشرطية أو الجزئية أو المانعية و أمثالها بل غاية ما يستفاد من الحديث رفع الوجوب أو الحرمة و أما كون الفاقد كالواجد فلا يفي الحديث به.

إن قلت ما المانع من الأخذ بحديثي جميل بن دراج «1» و محمد بن حمران «2» لعدم وجوب الاعادة إذا كان منشأ الخلاف النسيان قلت: المفروض في السؤال الوارد في يوم النحر عن الاعمال السابقة و رمي الجمار واجب في اليوم الحادي عشر و الثاني عشر فالمقام خارج عن تحت الحديثين خروجا تخصصا أضف الي ذلك أن النسبة بين الحديثين و النصوص الواردة في المقام المقتضية لوجوب الاعادة عموم من وجه فان ما به الافتراق من قبل الحديثين ما يكون التقديم و التأخير في الطواف و السعي و ما به الافتراق من قبل نصوص المقام ما يكون الترك جهلا أو عمدا و مورد الاجتماع خلاف الترتيب في المقام إذا كان عن نسيان و بعد التعارض تصل النوبة الي الأخذ بالدليل الفوقاني و مقتضاه وجوب الاعادة و اللّه العالم.

الفرع الثاني: أنه لو رمي جمرة بعد ما رمي سابقتها بأربع حصيات و كان منشأ الخلاف النسيان يرجع و يتدارك النقصان و لا يحتاج الي اعادة ما تأخر و الدليل عليه حديثا ابن عمّار «3» و أما حديث علي بن اسباط قال: قال أبو الحسن عليه السّلام إذا رمي الرجل الجمار أقل من أربع لم يجزه أعاد عليها و أعاد علي ما بعدها و إن كان قد

______________________________

(1) لاحظ ص 291.

(2) لاحظ ص 301.

(3) لاحظ ص 416.

مصباح الناسك في

شرح المناسك، ج 2، ص: 418

______________________________

اتم ما بعدها و إذا رمي شيئا فمنها أربعا بني عليها و اعاد علي ما بعدها إن كان قد أتم رميه «1» فلا اعتبار بسنده فلا مجال لمعارضته لحديثي معاوية بن عمّار كما هو ظاهر ثم انه لا وجه لتخصيص الحكم بالناسي بل مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين الناسي و الجاهل و العامد و لا يكون مرجع عدم الفرق الي جواز التخلف عمدا بل المقصود ان الشارع الأقدس يكون الأمر بيده و قد حكم بنحو الاطلاق علي عدم وجوب الاعادة و أما ان الامام عليه السّلام لم يأذن ابتداءً بل قال بعد سؤال الراوي عن حكم من ارتكب خلاف الترتيب فلا يدل علي اختصاص الحكم بخصوص الناسي و علي الجملة مقتضي الاطلاق شمول الحكم للطوائف كلهم و صاحب الحدائق قدّس سرّه قد حكم بأن الدليل يشمل الناسي و الجاهل و العامد و انما لا نلتزم به في العامد لان الاصحاب قيدوا الحكم بحالتي الجهل و النسيان و قال في المستند و الظاهر كما هو مقتضي اطلاق تلك الاخبار تساوي العامد و الجاهل و الناسي في البناء علي الأربع و هو ظاهر المحكي عن المبسوط و الخلاف و الجامع و التحرير و التلخيص و اللمعة، و نسب الي السرائر أيضا و هو خطاء لتخصيصه الناسي بالذكر قال فان نسي فرمي الجمرة الأولي بثلاث حصيات و رمي الجمرتين الأخيريين علي التمام كان عليه ان يعيد كليهما كلها و إن كان رمي من الجمرة الأولي أربع حصيات ثم رمي الجمرتين علي التمام كان عليه ان يعيد علي الأولي بثلاث حصيات، و كذلك إن كان رمي من الوسطي أقل من أربع حصيات أعاد عليها و

علي ما بعدها و إن رماها بأربع تممها و ليس عليه الاعادة علي ما بعدها انتهي خلافا للسرائر كما تلونا عليك و الارشاد و المحكي عن القواعد و التذكرة و المنتهي و الدروس و الروضة فقيدوه بالناسي بل

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب العود الي مني، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 419

[(مسألة 432): ما ذكرناه من واجبات رمي جمرة العقبة يجري في رمي الجمرات الثلاث كلها]

(مسألة 432): ما ذكرناه من واجبات رمي جمرة العقبة في الصفحة (179) يجري في رمي الجمرات الثلاث كلها (1).

[(مسألة 433): يجب أن يكون رمي الجمرات في النهار]

(مسألة 433): يجب أن يكون رمي الجمرات في النهار و يستثني من ذلك العبد و الراعي و المديون الذي يخاف أن يقبض عليه و كل من يخاف علي نفسه أو عرضه أو ماله و يشمل ذلك الشيخ و النساء و الصبيان و الضعفاء الذين يخافون علي أنفسهم من كثرة الزحام فيجوز لهؤلاء الرمي ليلة ذلك النهار و لكن لا يجوز لغير الخائف من المكث أن ينفر ليلة الثانية عشر بعد الرمي حتي تزول الشمس من يومه (1).

______________________________

نسب في الذخيرة و المدارك و المفاتيح التقييد به أو بالجاهل الي أكثر الأصحاب و الي الشهرة و لا مستند لهم سوي ما حكي الفاضل من أن الأكثر يقوم مقام الكل مع النسيان و ان اللاحقة قبل اكمال السابقة مع العمد منهيّ عنه فيفسد و الأول اعادة للمدعي و الثاني مصادرة في المطلوب «1» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(1) لوحدة الدليل كما يظهر عند التأمل في أدلة اشتراط الشرائط بالنسبة الي رمي جمرة العقبة يوم النحر مثلا من جملة شرائط قصد القربة لكون الرمي عبادة و هذا الملاك مشترك بين رمي الجمار كلها و قس عليه باقي الشرائط.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مصباح الناسك في شرح المناسك، دو جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1425 ه ق مصباح الناسك في شرح المناسك؛ ج 2، ص: 419

(2) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه يجب رمي الجمار في النهار و هذا هو المشهور بين القوم و تدل

______________________________

(1) مستند الشيعة: ج 13 ص 51 الي 52.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص:

420

______________________________

علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه جميل بن دراج «1» و منها ما رواه صفوان بن مهران «2» و منها ما رواه أيضا «3» و منها ما رواه منصور بن حازم «4» و منها ما رواه زرارة و ابن أذينة «5» و منها ما رواه منصور بن حازم «6» و في المقام حدث رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ارم في كل يوم عند زوال الشمس و قل كما قلت حين رميت جمرة العقبة «7» يستفاد منه أنّ الرمي عند الزوال و لكن لا مجال للأخذ به فإن مفاده خلاف السيرة و لو كان العمل بمفاده واجبا لشاع و ذاع.

الفرع الثاني: أنه يجوز الرمي لجماعة ليلة ذلك اليوم و الدليل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «8» و المستفاد من الحديث أنه يجوز للخائف أن يرمي بالليل و منها ما رواه سماعة بن مهران «9» و المستفاد من الحديث الترخيص للعبد و الخائف و الراعي و المتبادر من الخائف الوارد في النصوص الذي يخاف من العدو لا مطلق من يخاف كالذي يخاف عن الزحام و لكن الانصاف ان مقتضي الاطلاق شمول الحكم لمطلق الخائف بأيّ سبب كان و منها ما رواه زرارة

______________________________

(1) لاحظ ص 279.

(2) لاحظ ص 279.

(3) لاحظ ص 279.

(4) لاحظ ص 280.

(5) لاحظ ص 280.

(6) لاحظ ص 280.

(7) الوسائل: الباب 12 من أبواب رمي جمرة العقبة، الحديث 1.

(8) لاحظ ص 265.

(9) لاحظ ص 266.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 421

______________________________

و محمد بن مسلم «1» و المستفاد من الحديث الترخيص للعبد و الراعي فالنتيجة أن الترخيص لجماعة مخصوصين هم الخائف

و العبد و الراعي و لا مجال لان يقال انّ المستفاد من النصوص جواز الرمي بالليل لمطلق المعذور أضف الي ذلك أنّ المستفاد من حديث حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يطاف به و يرمي عنه قال: فقال نعم اذا كان لا يستطيع «2» أن الذي لا يستطيع يرمي عنه فان المستفاد من الحديث انّ الذي لا يستطيع أن يعمل علي طبق الوظيفة و هي الرمي بالنهار يرمي عنه فلا مجال لان يقال كل معذور عن الامتثال يجوز له الرمي بالليل.

بقي الكلام في المراد من الليل بانه مطلق لا فرق فيه بين السابقة و اللاحقة أم يختص بالسابقة؟ الانصاف أن مجرد لفظ الليل لا يستفاد منه الاختصاص بل مقتضي الاطلاق عدم الفرق و لكن يمكن الاستدلال علي كون المراد منه ليلة ذلك اليوم بجملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «3» فانه رخص للخائف الافاضة في الليل و معلوم ان الافاضة للمختار يكون في اليوم و انما رخص للخائف ان يفيض بالليل و يقدم افاضته علي الوقت المقرر و بعبارة واضحة يستفاد من حديث ابن سنان جواز افاضة الخائف بالليل.

الفرع الثالث: أنه يجوز لغير الخائف عن المكث ان ينفر قبل الوقت المقرر له اذ الواجب أمران أحدهما الرمي في النهار و المفروض انه رخص له التقديم ثانيهما المكث هناك الي زوال اليوم الثاني عشر و لا وجه لسقوط الواجب الثاني بسقوط الواجب الأول فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 266.

(2) الوسائل: الباب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة، الحديث 10.

(3) لاحظ ص 265.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 422

[(مسألة 434) من نسي الرمي في اليوم الحادي عشر وجب عليه قضاؤه في الثاني عشر]

(مسألة 434) من نسي الرمي في اليوم الحادي عشر وجب

عليه قضاؤه في الثاني عشر و من نسيه في الثاني عشر قضاه في اليوم الثالث عشر و الأحوط أن يفرّق بين الأداء و القضاء و إن يقدم القضاء علي الأداء و أن يكون القضاء أوّل النهار و الاداء عند الزوال (1).

______________________________

(1) الدليل علي المدعي ما رواه معاوية بن عمّار «1» و مقتضي هذه الرواية وجوب القضاء غدا بلا شرط و قيد و يمكن ان يكون الاحتياط الذي في المتن ناشيا من حديث عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل افاض من جمع حتي انتهي الي مني فعرض له عارض فلم يرم حتي غابت الشمس قال: يرمي إذا أصبح مرتين مرة لما فاته و الاخري ليومه الذي يصبح فيه و ليفرق بينهما يكون احدهما بكرة و هي للأمس و الاخري عند زوال الشمس «2» و الحديث غير مرتبط بالمقام فإن مفاد الحديث رمي جمرة العقبة يوم العيد و كلامنا في المقام نسيان الرمي في اليوم الحادي عشر و الثاني عشر و الاحتياط طريق النجاة.

______________________________

(1) لاحظ ص 415- 416.

(2) الوسائل: الباب 3 من أبواب العود الي مني، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 423

[(مسألة 435): من نسي الرمي فذكره في مكة]

(مسألة 435): من نسي الرمي فذكره في مكة وجب عليه أن يرجع الي مني و يرمي فيها و اذا كان يومين أو ثلاثة فالأحوط أن يفصل بين وظيفة يوم و يوم بعده بساعة و إذا ذكره بعد خروجه من مكة لم يجب عليه الرجوع بل يقضيه في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه علي الأحوط (1).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت رجل نسي الجمار حتي أتي مكة

قال: يرجع فيرميها يفصل بين كل راميتن بساعة قلت:

فاته ذلك و خرج و قال ليس عليه شي ء الحديث «1» و لاحظ ما رواه أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل نسي رمي الجمار قال: يرجع فيرميها قلت: فانه نسيها حتي أتي مكة قال: يرجع فيرمي متفرقا يفصل بين كل رميتين بساعة قلت: فانه نسي أو جهل حتي فاته و خرج قال ليس عليه أن يعيد «2» و أما وجه الاحتياط الأخير و هو قضائه بنفسه أو بنائه في السنة القادمة فالظاهر ان وجهه حديث عمر بن يزيد «3» و الحديث ضعيف بمحمد بن عمر بن يزيد.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) لاحظ ص 414.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 424

[(مسألة 436): المريض الذي لا يرجي برؤه الي المغرب يستنيب لرميه]

(مسألة 436): المريض الذي لا يرجي برؤه الي المغرب يستنيب لرميه و لو اتفق برؤه قبل غروب الشمس رمي بنفسه أيضا علي الأحوط (1).

______________________________

(1) أما بالنسبة الي أصل لزوم النيابة مع استيعاب العذر فمضافا الي ما في الجواهر من دعوي عدم وجدان الخلاف بل الاجماع بقسميه عليه تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار و عبد الرحمن بن الحجاج جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الكسير و المبطون يرمي عنهما قال: و الصبيان يرمي عنهم «1» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار أنه سأل أبا الحسن موسي عليه السّلام عن المريض يرمي عنه الجمار قال: نعم يحمل الي الجمرة و يرمي عنه قلت: لا يطيق قال: يترك في منزله و يرمي عنه «2» و منها ما رواه معاوية بن عمّار و عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام

قال: الكسير و المبطون يرمي عنهما قال: و الصبيان يرمي عنهم «3» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السّلام عن المريض يرمي عنه الجمار قال: نعم يحمل الي الجمرة و يرمي عنه «4» و منها ما رواه داود بن علي اليعقوبي قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السّلام عن المريض لا يستطيع أن يرمي الجمار فقال: يرمي عنه «5» و منها ما رواه يحيي بن سعيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سألته عن امرأة سقطت عن المحمل فانكسرت و لم تقدر علي رمي الجمار فقال:

______________________________

(1) الوسائل: الباب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 425

______________________________

يرمي عنها و عن المبطون «1» و منها ما رواه حريز «2» فان المستفاد من هذه النصوص جواز النيابة و بعبارة اخري يفهم منها بدلية الاستنابة عن المباشرة فتجب عليه الاستنابة و هل يجب حمله الي الجمرة مقتضي حديث اسحاق بن عمار «3» التفصيل بين صورة الاطاقة و عدمها فعلي الأول يجب و علي الثاني لا يجب و اما وجوب المباشرة مع فرض القدرة و امكانها فان الفعل الاضطراري انما يكون مجزيا في صورة تحقق الاضطرار في تمام الوقت و أما مع عدم الاستيعاب لا تصل النوبة الي العمل الاضطراري نعم مع الشك في البرء يجوز البدار ببركة الاستصحاب الاستقبالي لكن قد ثبت في محله أن الحكم الظاهري لا يكون مجزيا عن الواقع فالحكم الاضطراري غير متحقق و الحكم الظاهري و إن كان متحققا لكن لا يكون مجزيا.

إن قلت يستفاد من

بعض نصوص الباب تعليق الحكم علي عدم الاستطاعة عن المباشرة فما الوجه في تجويز النيابة بالنسبة الي المبطون علي الاطلاق قلت: إذا فرض تقييد المبطون بصورة عدم استطاعته يسقط عنوان المبطون عن الموضوعية و هذا بنفسه يوجب رجحان احد طرفي المعارضة علي الطرف الآخر.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة، الحديث 7.

(2) لاحظ ص 421.

(3) لاحظ ص 424.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 426

[(مسألة 437): لا يبطل الحج بترك الرمي]

(مسألة 437): لا يبطل الحج بترك الرمي و لو كان متعمدا و يجب قضاء الرمي بنفسه أو بنائبه في العام القابل علي الأحوط (1).

أحكام المصدود

[(مسألة 438): المصدود هو الممنوع عن الحج أو العمرة بعد تلبسه بإحرامهما]

(مسألة 438): المصدود هو الممنوع عن الحج أو العمرة بعد تلبسه بإحرامهما (2).

______________________________

(1) ما أفاده من عدم بطلان الحج بترك الرمي لا يعرف الخلاف فيه علي ما في دليل الناسك و خبر عبد اللّه بن جبلة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: من ترك رمي الجمار متعمدا لم تحل له النساء و عليه الحج من قابل «1» و إن كان دالا علي حرمة النساء بتركه لكنه ضعيف سندا بيحيي بن مبارك مضافا الي انه معارض بما دل علي انه لو أتي المكلف بطواف النساء يحل له كل شي ء أضف ال ذلك ما دل علي تمامية الحج قبل طواف النساء لاحظ ما رواه أبو أيوب عثمان الخراز «2».

(2) المستفاد من اللغة اتحاد معني الحصر و الصد قال في مجمع البحرين في مادة (صد) صده صدا و صدودا من باب قتل صرفه و منعه و قال في مادة (حصر) احصروهم أي امنعوهم من الحصر الحبس و المنع و الاحصار عند الامامية يختص بالمرض و الصد بالعدو و ما ماثله و إن اشترك الجميع بالمنع من بلوغ المراد و لكن المستفاد من النص اختلاف الصد مع الحصر من حيث المراد كما انهما يختلفان من حيث الحكم لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال المحصور غير المصدود و قال المحصور هو المريض و المصدود هو الذي يرده المشركون

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب العود الي مني، الحديث 5.

(2) لاحظ ص 387.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2،

ص: 427

[(مسألة 439): المصدود عن العمرة يذبح في مكانه و يتحلل به]

(مسألة 439): المصدود عن العمرة يذبح في مكانه و يتحلل به و الأحوط ضم التقصير أو الحلق إليه بل الأحوط اختيار الحلق إذا كان ساق معه الهدي في العمرة المفردة (1).

______________________________

كما ردّوا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم ليس من مرض و المصدود تحلّ له النساء و المحصور لا تحل له النساء «1» و لاحظ ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال انّ الحسين بن علي خرج معتمرا فمرض في الطريق فبلغ عليّا عليه السّلام و هو بالمدينة فخرج في طلبه فادركه في السقيا و هو مريض فقال يا بني ما تشتكي فقال اشتكي رأسي فدعا عليّ ببدنة فنحرها و حلق رأسه و رده الي المدينة فلمّا برأ من وجعه اعتمر فقلت أ رأيت حين برأ من وجعه أحل له النساء فقال لا تحل له النساء حتي يطوف بالبيت و يسعي بين الصفا و المروة قلت: فما بال النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم حين رجع الي المدينة حل له النساء و لم يطف بالبيت فقال ليس هذا مثل هذا النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم كان مصدودا و الحسين عليه السّلام محصورا «2» فالنتيجة ان المصدود بحسب اصطلاح النص من منعه العدو و المحصور من منعه المرض.

(1) وقع الكلام بين القوم في أنّ التحلل بالنسبة الي المصدود هل يتحقق بمجرد الصد أو لا يتحقق الا بعد الذبح في مكانه، و المشهور بين الاصحاب علي ما في بعض الكلمات أنه يحصل بالذبح في مكانه و البحث في هذا المقام يقع تارة في مقتضي القاعدة الأولية و اخري فيما يستفاد من الكتاب

و ثالثة فيما يستفاد من النصوص فيقع البحث في ثلاثة مواضع أما الموضع الأول فنقول ان التحلل لا يحتاج الي شي ء

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب الاحصار و الصد، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب الاحصار و الصد، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 428

______________________________

إذ التحلل فرع الاحرام و من الظاهر انّ الشخص الذي يكون مورد الكلام لم يحرم في الواقع فان احرامه يكون باطلا و بعبارة واضحة بعد فرض كونه مصدودا يكشف ان احرامه صدر باطلا هذا هو الموضع الأول و اما الموضع الثاني فاستدل علي المدعي بقوله تعالي وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لٰا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّٰي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذٰا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ شَدِيدُ الْعِقٰابِ «1» بدعوي ان الحصر يشمل الصد و فيه أنه قد استفيد من النصوص ان المراد بالمصدود في لسان الشرع غير المراد من المحصور فعنوان المحصور لا يشمل المصدود.

إن قلت: انّ الأمر و إن كان كذلك لكن قوله في ذيل الآية فاذا آمنتم الخ قرينة علي كون المراد من الحصر هو الصد.

قلت: الأمن من المرض أمر متصور و صحيح فلا يكون هذه الجملة دليلا علي المدعي.

إن قلت: أنه نقل عن النيشابوري ان المفسرين متفقون علي نزول الآية في الحديبية حين صد رسول اللّه صلّي

اللّه عليه و آله و سلّم عن الاتيان بالنسك من قبل المشركين.

قلت: هذه الدعوي علي فرض صدقها لا تكون دليلا علي المدعي و لا يمكن رفع اليد عن القاعدة و بعبارة اخري نزول الآية هناك لا يكون دليلا علي كون المراد

______________________________

(1) البقرة: 196.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 429

______________________________

من الحصر الصد أو الاعم.

ان قلت انّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم نحر حين صده المشركون و أحل و قال خذوا عني مناسككم.

قلت: أما فعل النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فلا يكون دليلا علي الوجوب و أما قوله و امره بأخذ المناسك منه فلا دليل عليه و الرواية ضعيفة سندا و لا جابر لها.

و أما الموضع الثالث: فيدل علي وجوب الذبح علي المصدود ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: المصدود يذبح حيث صدّ و يرجع صاحبه فيأتي النساء و المحصور يبعث بهديه فيعدهم يوما فاذا بلغ الهدي أحلّ هذا في مكانه قلت:

أ رأيت ان ردوا عليه دراهمه و لم يذبحوا عنه و قد احل فأتي النساء قال: فليعد و ليس عليه شي ء و ليمسك الآن عن النساء إذا بعث «1» فان الحديث يدل بوضوح علي وجوب الذبح في مكانه و يدل علي المدعي أيضا مرسل المفيد قال: قال عليه السّلام المحصور بالمرض ان كان ساق هديا أقام علي احرامه حتي يبلغ الهدي محله ثم يحل و لا يقرب النساء حتي يقضي المناسك من قابل هذا إذا كان حجة الاسلام فأما حجة التطوع فانه ينحر هديه و قد احلّ مما كان احرم منه فان شاء حج من قابل و إن شاء لا يجب عليه الحج، و المصدود بالعدو

ينحر هديه الذي ساقه بمكانه و يقصر من شعر رأسه و يحل و ليس عليه اجتناب النساء سواء كانت حجته فريضة أو سنة «2» فانه يستفاد من الحديث التفصيل بين المصدود و المحصور كما يستفاد من حديث زرارة فالنتيجة أنه يجب علي المصدود عن العمرة الهدي و به تحل له النساء.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب الاحصار و الصد، الحديث 5.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 430

______________________________

بقي في المقام امران الأمر الأول ان المستفاد من النص ان التحلل يحصل بالصد و الذي يتوقف علي الذبح حلية النساء فلا وجه لما أفاده في المتن علي نحو الاطلاق الا أن يقال ان المقصود حصول التحلل بلا نظر الي الخصوصيات.

الامر الثاني: أنه هل يجب ضم الحلق أو التقصير إليه أم لا ربما يقال بأنه يجب و ما يمكن أن يذكر في تقريبه وجوه:

الوجه الأول: استصحاب الحرمة الي ان يتحقق أحد أمرين و فيه أنه لا دليل علي الحرمة الا النص الدال علي حصول الحلية بالذبح كما تقدم و معه لا مجال للاخذ بالأصل و بعبارة واضحة انه لا دليل علي كونه محرما كما تقدم و قلنا انّ مقتضي القاعدة كون احرامه باطلا و انما نلتزم بصحة احرامه ببركة النص الذي يدل علي احلاله بالذبح فلا مجال للاستصحاب مضافا الي انّ استصحاب الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد.

الوجه الثاني: ما أرسله المفيد «1» و المرسل لا اعتبار به.

الوجه الثالث: ما رواه حمران عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حين صدّ بالحديبية قصّر و احلّ و نحر ثم انصرف منها و لم يجب عليه

الحلق حتي يقضي النسك فأما المحصور فانما يكون عليه التقصير «2» و الحديث لا يعتد به سندا.

الوجه الرابع: ما رواه الفضل بن يونس عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن رجل عرض له سلطان فأخذه ظالما له يوم عرفة قبل أن يعرف فبعث به الي مكة

______________________________

(1) لاحظ ص 429.

(2) الوسائل: الباب 6 من أبواب الاحصار و الصد، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 431

______________________________

فحبسه فلمّا كان يوم النحر خلّي سبيله كيف يصنع فقال يلحق فيقف بجمع ثم ينصرف الي مني فيرمي و يذبح و يحلق و لا شي ء عليه قلت فإن خلي عنه يوم النفر كيف يصنع قال: هذا مصدود عن الحج إن كان دخل متمتعا بالعمرة الي الحج فليطف بالبيت اسبوعا ثم يسعي اسبوعا و يحلق رأسه و يذبح شاة فان كان مفردا للحج فليس عليه ذبح و لا شي ء عليه «1» و الحديث لا يرتبط بالمقام فان كلامنا في المقام في العمرة.

الوجه الرابع: ما رواه علي بن ابراهيم في تفسيره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

كان سبب نزول هذه السورة و هذا الفتح العظيم ان اللّه عزّ و جلّ امر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في النوم ان يدخل المسجد الحرام و يطوف و يحلق مع المحلقين فاخبر أصحابه و أمرهم بالخروج فخرجوا … الي أن قال: و قال رسول اللّه لأصحابه انحروا بدنكم و احلقوا رءوسكم فامتنعوا و قالوا كيف ننحر و نحلق و لم نطف بالبيت و لم نسع بين الصفا و المروة فاغتم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من ذلك و شكا ذلك الي أم سلمة فقالت يا

رسول اللّه انحر انت و احلق فنحر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و حلق و نحر القوم علي حيث يقين و شك و ارتياب فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم تعظيما للبدن رحم اللّه المحلقين و قال قوم لم يسوقوا البدن يا رسول اللّه و المقصرين لان من لم يسق هديا لم يجب عليه الحلق فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثانيا رحم اللّه المحلقين الذين لم يسوقوا الهدي فقالوا يا رسول اللّه و المقصرين فقال رحم اللّه المقصرين ثم رحل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم نحو المدينة الحديث «2» بتقريب ان المستفاد من الخبر وجوب الحلق علي من ساق

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب الاحصار و الصد، الحديث 2.

(2) تفسير القمي: ج 2 ص 309- 314.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 432

______________________________

الهدي و التخيير بين الحلق و التقصير علي من لم يسق الهدي و فيه ان الحديث ضعيف فان الراوي بعد ابن أبي عمير مردد بين ابن سنان و ابن يسار و سيدنا الاستاد التزم بصحة الخبر و الظاهر ان الوجه في نظره ان من يكون داخلا في اسناد تفسير القمي يوثق بالتوثيق العام فالسند علي كلا التقديرين تام و قد ناقشنا في هذه المقالة فلا اعتبار بالحديث فالنتيجة أنه لا يكون دليل علي الوجوب و الاحتياط حسن.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 433

[(مسألة 440): المصدود عن الحج إن كان مصدودا عن الموقفين أو عن الموقف بالمشعر خاصة]

(مسألة 440): المصدود عن الحج إن كان مصدودا عن الموقفين أو عن الموقف بالمشعر خاصة فوظيفته ذبح الهدي في محل الصد و التحلل به عن احرامه و الأحوط ضم الحلق أو التقصير

إليه و إن كان عن الطواف و السعي بعد الموقفين قبل أعمال مني أو بعدها فعندئذ إن لم يكن متمكنا من الاستنابة فوظيفته ذبح الهدي في محل الصد و إن كان متمكنا منها فالأحوط الجمع بين الوظيفتين ذبح الهدي في محله و الاستنابة و إن كان الاظهر جواز الاكتفاء بالذبح ان كان الصد صدا عن دخول مكة و جواز الاكتفاء بالاستنابة إن كان الصد بعده و إن كان مصدودا عن مناسك مني خاصة دون دخول مكة فوقتئذ إن كان متمكنا من الاستنابة فيستنيب للرمي و الذبح ثم يحلق أو يقصّر و يتحلل ثم يأتي ببقية المناسك و إن لم يكن متمكنا من الاستنابة فالظاهر ان وظيفته في هذه الصورة ان يودع ثمن الهدي عند من يذبح عنه ثم يحلق أو يقصّر في مكانه فيرجع الي مكة لاداء مناسكها فيتحلل بعد هذه كلها عن جميع ما يحرم عليه حتي النساء من دون حاجة الي شي ء آخر و صح حجه و عليه الرمي في السنة القادمة علي الأحوط (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أن المصدود عن الحج إن كان مصدودا عن الموقفين أو عن الموقف بالمشعر خاصة يكون وظيفته ذبح الهدي في محل الصد و التحلل به عن

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 434

______________________________

احرامه و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه زرارة «1» فان مقتضي اطلاق الحديث عدم الفرق بين انواع المصدود و عليه يتم ما ذكره في المتن و اما لزوم الاحتياط بضم الحلق أو التقصير الي الذبح فلا أري وجها وجيها له و اللّه العالم.

الفرع الثاني: أنه لو صد عن الطواف و السعي فما حكمه و الظاهر ان اطلاق حديث زرارة المتقدم آنفا

يشمله و لا فرق بين كون الصد قبل دخوله الي مكة أو بعده و لا مجال للاستنابة و الوجه فيه ان الاستنابة علي خلاف القاعدة الاولية و تحتاج ال قيام دليل علي جوازها و الظاهر انّ النصوص الدالة عليها لا يشمل المصدود لاحظ الباب 49 من أبواب الطواف «2» فان هذه النصوص لا تشمل المصدود و الاشكال من هذه الناحية لا من ناحية ان الدليل لا يشمل من كان خارجا عن مكة و في هذه العجالة لم أظفر علي دليل يمكن الاستناد إليه علي جواز النيابة فلا بد من العمل علي طبق حديث زرارة.

الفرع الثالث: أنه لو كان مصدودا عن مناسك مني خاصة و لا يكون ممنوعا عن دخول مكة فتارة يمكنه الاستنابة و اخري لا يمكنه أما علي الأول فيستنيب للذبح و الرمي و يحلق أو يقصر و يتحلل ثم يأتي ببقية المناسك في مكة أما جواز الاستنابة في الذبح فلا يحتاج الي دليل خاص إذ قد تقدم أنه تجوز الاستنابة للذبح للمختار فكيف للمعذور و أما جوازها في الرمي فللنصوص الدالة علي جوازها عند

______________________________

(1) لاحظ ص 429.

(2) لاحظ ص 152- 153.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 435

[(مسألة 441): المصدود من الحج لا يسقط عنه الحج بالهدي المزبور]

(مسألة 441): المصدود من الحج لا يسقط عنه الحج بالهدي المزبور بل يجب عليه الاتيان به في القابل إذا بقيت الاستطاعة أو كان الحج مستقرا في ذمته (1).

______________________________

عدم امكان المباشرة لاحظ ما رواه حريز «1» و لا مجال في هذه الصورة العمل بوظيفة المصدود إذ المفروض انه يمكنه الاتيان بالحج و ما دام ممكنا و لا بالاستنابة في بعض مناسكه لا يصدق عنوان المصدود كما هو ظاهر و أما إذا لم يمكنه الاستنابة فربما يقال

كما في المتن أنه يودع ثمنه عند من يذبح عنه ثم يحلق أو يقصر إذ قد وجب الايداع عند عدم وجدان الهدي لاحظ ما رواه حريز «2» و لا يمكن مساعدته فان الظاهر من الدليل ان موضوع الايداع عدم وجدان الهدي لا عدم القدرة علي الذبح مباشرة و لا استنابة فيكون مصدودا و لا يشمله حديث زرارة «3» كما هو ظاهر و لا يشمله أيضا حديث ابن يونس «4» فلا بد من العمل علي طبق القاعدة و قد تقدم ان القاعدة الاولية تقتضي بطلان الاحرام و الاحتياط طريق النجاة و اللّه العالم.

(1) و الوجه فيه أنّ الدليل انما يدل علي ما يخرجه عن الاحرام و لا يدل علي ان ما أتي به مجز عن التكليف الواقعي و بعبارة واضحة الحج لا يكون واجبا عليه في الواقع في سنة الصد فلا واقع حتي يكون الماتي به مجزيا عنه و اما اذا كان مستقرا عليه من السابق و قلنا بانه يجب الاتيان بالحج علي أي حال فلا دليل علي كفايته عنه أيضا و ان شئت فقل بالنسبة الي سنة الصد لا يكون مكلفا بالحج علي كلا التقديرين فالنتيجة ان ما أفاده تام لا خدشة فيه.

______________________________

(1) لاحظ ص 421.

(2) لاحظ ص 323.

(3) لاحظ ص 429.

(4) لاحظ ص 430.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 436

[(مسألة 442): إذا صد عن الرجوع الي مني للمبيت و رمي الجمار فقد تم حجه]

(مسألة 442): إذا صد عن الرجوع الي مني للمبيت و رمي الجمار فقد تم حجه و يستنيب للرمي ان أمكنه في سنته و الّا ففي القابل علي الأحوط و لا يجري عليه حكم المصدود (1).

[(مسألة 443): من تعذر عليه المضي في حجه لمانع من الموانع غير الصد و الحصر]

(مسألة 443): من تعذر عليه المضي في حجه لمانع من الموانع غير الصد و الحصر فالأحوط ان يتحلل في مكانه بالذبح (2).

______________________________

(1) أما كون حجه تاما فقد مرّ الكلام حوله فان المبيت هناك و كذلك الرّمي خارجان عن الحج بل هما واجبان مستقلان و كل تكليف مشروط بالقدرة و مع عدم القدرة علي المبيت يسقط وجوبه و أما الرّمي فان كان قادرا علي الاستنابة تجب للنص الذي تقدم ذكره و أما مع عدم الامكان فيسقط وجوبه أيضا و الاحتياط بما ذكره في المتن حسن و اللّه العالم.

(2) الذي يختلج بالبال أن يقال انه لا يشمله دليل الصد فان المصدود كما يظهر من اللغة الممنوع و أما النص فيدل علي ان المصدود من منعه العدو و المحصور من منعه المرض لاحظ ما رواه ابن عمّار «1» و لاحظ ما رواه زرارة «2» فان المستفاد من الحديثين ان الممنوع عن الحج الذي عين له احكام في الشرع علي قسمين أما مصدود و أما محصور و لا ثالث و من النص يظهر ان الامام عليه السّلام ناظر الي بيان المراد من الحصر الذي ذكر في الآية الشريفة مضافا الي انه قد تقدم منا ان المستفاد من النص ان المحصور مقابل المصدود فكيف يمكن الاستدلال بالآية لحكم المصدود و بعبارة واضحة لا جامع بينهما و اللّه العالم.

______________________________

(1) لاحظ ص 426.

(2) لاحظ ص 429.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 437

[(مسألة 444): لا فرق في الهدي المذكور بين أن يكون بدنة أو بقرة أو شاة]

(مسألة 444): لا فرق في الهدي المذكور بين أن يكون بدنة أو بقرة أو شاة و لو لم يتمكن منه ينتقل الأمر الي بدله و هو الصيام علي الأحوط (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه لا فرق في

الهدي المذكور بين اقسامه و الوجه فيه اطلاق الدليل لاحظ ما رواه زرارة «1».

الفرع الثاني: أنه لو لم يجد الهدي فهل ينتقل الي الصوم أو يتحلل باتيان عمرة مفردة أو يخرج عن الاحرام بلا مخرج أو يبقي في الاحرام الي أن يذبح اما الانتقال الي الصوم فربما يستدل عليه بحديثين أحدهما ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في المحصور و لم يسق الهدي قال: ينسك و يرجع قيل فان لم يجد هديا قال يصوم «2».

ثانيهما: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال في المحصور و لم يسق الهدي قال: ينسك و يرجع فان لم يجد ثمن هدي صام «3» و الحديثان واردان في المحصور و لا وجه لاسراء الحكم بالنسبة الي المصدود و اما توقفه علي الاتيان بعمرة مفردة فلا دليل عليه و اما خروجه عن الاحرام فربما يقال يدل عليه حديث زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: هو حل اذا حبسه اشترط أو لم يشترط «4» و هذه الرواية تقيد بما دل علي وجوب الذبح و لا مجال لان يقال ان وجوب الذبح مشروط بالتمكن

______________________________

(1) لاحظ ص 429.

(2) الوسائل: الباب 7 من أبواب الاحصار و الصد، الحديث 1.

(3) الوسائل: الباب 7 من أبواب الاحصار و الصد، الحديث 2.

(4) الوسائل: الباب 25 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 438

[(مسألة 445): من أفسد حجه ثم صدّ هل يجري عليه حكم الصد أم لا وجهان]

(مسألة 445): من أفسد حجه ثم صدّ هل يجري عليه حكم الصد أم لا وجهان الظاهر هو الأول و هكذا عليه كفارة الافساد زائدا علي الهدي (1).

______________________________

و مع عدمه يسقط فالتحلل يحصل بمجرد الصد بمقتضي حديث زرارة لان وجوب الذبح

لا يكون وجوبا تعبديا محضا بل شرط للخروج عن الاحرام فطبعا يكون باقيا في الاحرام الي ان يذبح الا أن ينجر الامر الي الحرج الذي يرتفع التكاليف عنده فتكون النتيجة بقائه في الاحرام و جواز الاتيان بالمحرمات للحرج.

(1) أما علي تقدير عدم فساد الحج فالأمر ظاهر لانه من مصاديق الموضوع يترتب عليه حكم المصدود و أما علي تقدير القول بكونه فاسدا فالوجه في ترتب الحكم عليه صدق عنوان المصدود عن الحج فان قوله عليه السّلام في حديث زرارة المصدود يذبح حيث صدّ يشمله فلا وجه لعدم الالتزام بترتب الحكم عليه أو الترديد فيه و انصراف الدليل عن الصورة المفروضة علي فرض تسلّمه بدوي يزول بالتأمل اللهم الا أن يقال ان الظاهر من الدليل ان المصدود يذبح هو الممنوع عن العمل بالوظيفة الشرعية و كون الاتمام وظيفة بعد الافساد أول الكلام و يرد عليه ان المستفاد من النص أنه يجب عليه الاتمام و يجب عليه الاتيان بالحج ثانيا غاية الامر الكلام في حجه انه الاوّل أو الثاني لاحظ ما رواه زرارة قال: سألته عن محرم غشي امرأته و هي محرمة قال: جاهلين أو عالمين قلت: أجبني في الوجهين جميعا قال: إن كانا جاهلين استغفرا ربهما و مضيا علي حجهما و ليس عليهما شي ء و إن كانا عالمين فرّق بينهما من المكان الذي احدثا فيه و عليهما بدنة و عليهما الحج من قابل فاذا بلغا المكان الذي احدثا فيه فرّق بينهما حتي يقضيا نسكهما و يرجعا الي المكان الذي اصابا فيه ما اصابا قلت: فأيّ الحجتين لهما قال الأولي التي

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 439

[(مسألة 446): من ساق هديا معه ثم صدّ كفي ذبح ما ساقه]

(مسألة 446): من ساق هديا معه ثم صدّ كفي ذبح

ما ساقه و لا يجب عليه هدي آخر (1).

______________________________

احدثا فيها ما احدثا و الاخري عليهما عقوبة «1».

(1) ربما يقال بأنه يجب عليه هدي آخر إذ قد ثبت في محله ان التداخل في الاسباب و كذلك في المسببات علي خلاف القاعدة فلا يكفي ذبح واحد و لكن الحق حسب الصناعة أنه يكفي هدي واحد كما في المتن و الوجه فيه ان ذبح ما ساقه لا يكون تعبدا محضا كي يقال لا وجه لسقوط الامر المتوجه الي المكلف من هذه الناحية بل انما وجب لارتباطه بالحج و به يحصل التحلل من الاحرام هذا من ناحية و من ناحية اخري ان المفروض بطلان احرامه علي حسب القاعدة و بعبارة اخري ما قصده لا يكون قابلا للحصول بواسط الصد غاية الأمر معه اعتبر الشارع المكلف محرما و جعل الذبح موضوعا لخروجه عن الاحرام فالواجب عليه ذبح واحد و هو الذبح الذي وجب عليه بالعنوان الثانوي و يمكن اثبات المدعي بتقريب آخر و هو انّ قوله عليه السّلام في حديث زرارة المصدود يذبح حيث صد يشير الي ان الذبح الواجب عليه ظرفه حيث الصد و يؤيد المدعي الاجماع المدعي في المقام علي عدم وجوب تعدد الذبح و اللّه العالم.

بقي شي ء و هو انه علي تقدير عدم القول بالتعدد هل يتعين عليه ذبح ما ساقه أو يجوز له تبديله بفرد آخر لا يبعد أنه يتعين و ذلك لان المستفاد من الحديث كما قلنا ان الامام عليه السّلام في حديث زرارة يشير الي وجوب ذبح ما كان عليه في زمان الصد و من الظاهر ان الواجب علي من ساق الهدي ذبحه و لكن مع ذلك في النفس شي ء و هو ان دليل

وجوب الذبح عند الصد يشمل المصدود عن الحج و لو كان حجه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 9.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 440

[أحكام المحصور]

اشارة

أحكام المحصور

[(مسألة 447): المحصور هو الممنوع عن الحج أو العمرة بمرض و نحوه]

(مسألة 447): المحصور هو الممنوع عن الحج أو العمرة بمرض و نحوه بعد تلبسه بالاحرام (1).

[(مسألة 448): المحصور إن كان محصورا في عمرة مفردة]

(مسألة 448): المحصور إن كان محصورا في عمرة مفردة فوظيفته ان يبعث هديا و يواعد أصحابه ان يذبحوه أو ينحروه في وقت معين فاذا جاء الوقت تحلل في مكانه و يجوز له خاصة ان يذبح أو ينحر في مكانه و يتحلل و تحلل المحصور في العمرة المفردة انما هو من غير النساء و اما منها فلا تحلل منها الّا بعد اتيانه بعمرة مفردة بعد افاقته و إن كان المحصور محصورا في عمرة التمتع فحكمه ما تقدم الا أنه يتحلل حتي من النساء و إن كان المحصور محصورا في الحج فحكمه ما تقدم و الاحوط أنه لا يتحلل من النساء حتي يطوف و يسعي و يأتي بطواف النساء بعد ذلك في حج أو عمرة (2).

______________________________

افرادا و الحال انه ليس في حج الافراد ذبح فالأمر بالذبح لا يكون اشارة الي هدي مخصوص فلاحظ.

(1) قد ذكرنا في أول البحث ان المستفاد من النص أنّ المصدود من منعه العدو و المحصور من منعه المرض و لا أدري ما المراد من قوله أو نحوه و إن المراد من هذا اللفظ إذا كان غير المرض فلا يكون موجبا لصدق عنوان المحصور و إن كان المراد قسم من أقسام المرض فلا يكون نحو المرض بل مصداق من مصاديقه.

(2) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أن المحصور في العمرة المفردة مخير بين بعث الهدي و مواعدة

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 441

______________________________

أصحابه كما في المتن و بين الذبح أو النحر في مكانه و التحلل بتقريب انّ حديث معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام

عن رجل أحصر فبعث بالهدي فقال:

يواعد أصحابه ميعادا فان كان في حجّ فمحل الهدي يوم النحر و إذا كان يوم النحر فليقصر من رأسه و لا يجب عليه الحلق حتي يقضي مناسكه و إن كان من عمرة فلينتظر مقدار دخول أصحابه مكة و الساعة التي يعدهم فيها فإذا كان تلك الساعة قصر و احلّ و إن كان مرض في الطريق بعد ما احرم فأراد الرجوع الي أهله رجع و نحر بدنة ان أقام مكانه و إن كان في عمرة فاذا برأ فعليه العمرة واجبة و إن كان عليه الحج فرجع الي أهله و أقام ففاته الحج كان عليه الحج من قابل فان ردّوا الدراهم عليه و لم يجدوا هديا ينحرونه و قد احل لم يكن عليه شي ء و لكن يبعث من قابل و يمسك أيضا و قال ان الحسين بن علي خرج معتمرا فمرض في الطريق فبلغ عليّا و هو بالمدينة فخرج في طلبه فادركه بالسقيا و هو مريض فقال: يا بني ما تشتكي فقال اشتكي رأسي فدعا علي عليه السّلام ببدنة فنحرها و حلق رأسه و ردّه الي المدينة فلمّا برأ من وجعه اعتمر الحديث «1» يقتضي البعث و المواعدة مع اصحابه كما في المتن لكن يستفاد من حديثين آخرين احدهما ما رواه معاوية بن عمّار «2».

و ثانيهما: ما رواه رفاعة بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: خرج الحسين عليه السّلام معتمرا و قد ساق بدنة حتي انتهي الي السقيا فبرسم فحلق شعر رأسه و نحرها مكانه ثم أقبل حتي جاء فضرب الباب فقال علي عليه السّلام ابني و رب الكعبة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب الاحصار و الصد، الحديث 1.

(2)

لاحظ ص 426.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 442

______________________________

افتحوا له و كانوا قد حموه الماء فاكبّ عليه فشرب ثم اعتمر بعد «1» جواز الذبح أو النحر في مكانه و التحلل به و النتيجة هو التخيير بين الامرين و تقريب التخيير ان اطلاق حديث معاوية يقتضي لزوم البعث فان اطلاق الحديث يشمل العمرة المفردة و لكن يستفاد من الحديثين الواردين في أبي الشهداء عليه السّلام جواز الذبح أو النحر في مكانه.

إن قلت لما ذا لا يقيد الاطلاق و لا يخصص العموم بالحديثين.

قلت: لا وجه للتخصيص فان المستفاد من الحديثين هو الجواز لا اللزوم فالنتيجة التخيير بالنسبة الي العمرة المفردة و أما حديث الصدوق: و قال الصادق عليه السّلام: المحصور و المضطر ينحران بدنتهما في المكان الذي يضطران فيه «2» مرسلا و إن كان دالا علي التعين لكن لا اعتبار به بلحاظ الارسال و ربما يستشكل في الحديثين بإيرادين.

أحدهما: أنه من الممكن أن الحسين عليه السّلام كان مضطرا الي الحلق فلا مجال لكون الحديث مجوزا لما ذكر و فيه انّ الامام عليه السّلام يحكي الحكاية و الظاهر أنه روحي فداه في مقام بيان الوظيفة لا في مقام حكاية أمر خارجي تاريخي مضافا الي انّ الاضطرار الي حلق الرأس بلحاظ الاضطرار لا يقتضي الذبح في المكان فهذا الاشكال غير وارد.

ثانيهما: أنه من الممكن أن الحسين عليه السّلام لم يكن محرما و يمكن أن يكون ذبحه أو نحره من باب كونه مستحبا و هذا الايراد أهون من الأول فانه صرّح في الحديث

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب الاحصار و الصد، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 443

______________________________

بكونه معتمرا مضافا الي أنه لو

لم يكن محرما لم يكن مجال لقوله سلام اللّه عليه لا تحل له النساء فالنتيجة هو الخيار بين الأمرين.

الفرع الثاني: أنه لا تحل له النساء الّا بعد الاتيان بعمرة مفردة أما عدم حلية النساء فيدل عليه بوضوح حديث معاوية بن عمّار «1» و أما توقف الجواز علي الاتيان بعمرة مفردة و عدم الحلية قبل فيدل عليه ما رواه أيضا «2» فان الحديث يدل بوضوح علي المدعي.

الفرع الثالث: أنه لو كان محصورا في عمرة التمتع يكون حكمه البعث علي طبق ما ذكر في المتن و الدليل عليه حديث معاوية بن عمّار «3» فان الحديث بوضوح يشمل المقام.

الفرع الرابع: انّ التحلل يحصل حتي بالنسبة الي النساء في عمرة التمتع بتقريب انّ المستفاد من حديث معاوية بن عمّار الثاني عدم حلية النساء علي الاطلاق و في قبال هذه الرواية ما رواه البزنطي قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن محرم انكسرت ساقه أيّ شي ء يكون حاله و أي شي ء عليه قال: هو حلال من كل شي ء فقلت: من النساء و الثياب و الطيب فقال: نعم من جميع ما يحرم علي المحرم ثم قال: أ ما بلغك قول أبي عبد اللّه عليه السّلام حلني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليّ قلت:

اصلحك اللّه ما تقول في الحج قال: لا بدّ أن يحج من قابل فقلت اخبرني عن

______________________________

(1) لاحظ ص 426.

(2) لاحظ ص 427.

(3) لاحظ ص 441.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 444

______________________________

المحصور و المصدود هما سواء فقال: لا، قلت: فاخبرني عن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم حين صده المشركون قضي عمرته قال: لا و لكنه اعتمر بعد ذلك «1» و مقتضي الحديث حصول التحلل بالحصر حتي

بالنسبة الي النساء بلا فرق بين كون الاحرام للعمرة المفردة أو لعمرة التمتع أو للحج فيقع التعارض بين الطرفين لكن يستفاد من الحديث الوارد في مورد أبي الشهداء روحي فداه عدم التحلل الّا بعد الاتيان بعمرة مفردة فيما كان الاحرام لها و بقانون تخصيص العام بالخاص نخصّص حديث البزنطي بذلك الحديث و بعد التخصيص تنقلب نسبة حديث البزنطي الي حديث معاوية من التباين الي العموم و الخصوص فيخصّص حديث معاوية بحديث البزنطي بعد تخصيص حديث البزنطي بحديث واقعة الحسين عليه السّلام.

إذا عرفت ما تقدم نقول لنا في المقام مطلبان:

المطلب الأول: بالنسبة الي تمامية قانون انقلاب النسبة.

المطلب الثاني: أنه بما ذا يجمع بين الاطراف.

أما المطلب الأول نقول قد أنكرنا في محله هذه المقالة و قلنا لا اساس لانقلاب النسبة و الوجه فيه انّ الادلة في مرتبة واحدة و زمان واحد متعارضة فلا وجه لملاحظة النوبة و الرتبة و الزمان كي يتحقق الانقلاب و لكن بعد تجديد النظر فيه يختلج بالبال ان يقال ان انقلاب النسبة علي طبق القاعدة و لا بدّ من الالتزام به و لتقريب المدعي نقدم مقدمة و هي أنه لو قال المولي لعبيده أكرم العلماء و بلا فصل قال: و لا تكرم العلماء و اقام قرينة علي كون مراده من الجملة الثانية فساق العلماء لا يكون تهافت بين كلامه الأول و الثاني بل تكون الجملة الثانية قرينة علي كون

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب الاحصار و الصد، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 445

______________________________

المراد من الجملة الاولي عدول العلماء مع ان الجملة الثانية بحسب الظهور البدوي مع قطع النظر عن القرينة مباينة و معارضة مع الجملة الاولي و أيضا نفرض تأخر

الجملة الثانية عن الجملة الاولي مع الفصل الزماني الطويل و لكن أقام دليلا ثالثا علي كون المراد من الجملة الثانية فساق العلماء فان العرف لا يري معارضة بين الجملة الأولي و الثانية مع انعقاد الظهور للثانية كانعقاده للأولي و السرّ فيه ان مجرد الظهور لا أثر له بل الأثر مترتب علي الظهور الذي يكون حجة و المفروض انه لا حجية للظهور الذي قام الدليل علي خلافه و إن شئت قلت: لا اعتبار للدليل الذي يكون دليل آخر حاكما عليه إذا عرفت ما تقدم نقول إذا فرض انه ورد دليل علي وجوب اكرام العلماء و دليل آخر علي حرمة اكرامهم و دليل ثالث علي وجوب اكرام عدو لهم نلتزم طبعا بالتفصيل و نقول لا بدّ من تخصيص دليل الحرمة بدليل وجوب اكرام العدول و بعد التخصيص لا اعتبار بدليل الحرمة بالنسبة الي العدول و يختص الدليل من حيث الاعتبار و الحجية بالنسبة الي الفساق فطبعا يخصص دليل الوجوب بخصوص العدول فلاحظ.

و أما المطلب الثاني فنقول: المستفاد من حديث البزنطي أنه بالحصر يتحلل من كل شي ء بلا قيد و لا شرط و المستفاد من حديث معاوية بن عمّار الوارد في المحصور عدم التحلل بالنسبة الي النساء و النسبة بين الطرفين هو التباين و لكن الترجيح بالأحدثية مع حديث البزنطي فالنتيجة بحسب الصناعة أنه تحل النساء بالحصر لكن لا بد من رفع اليد عنه بالنسبة الي العمرة المفردة بلحاظ حديث الحسين عليه السّلام حيث دل علي توقف الحلية علي العمرة المفردة و مقتضي القانون تخصيص العام بالخاص هذا بالنسبة الي توقف الحلية علي العمرة المفردة من حيث

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 446

[(مسألة 449): إذا أحصر و بعث بهديه و بعد ذلك خفّ المرض]

(مسألة 449): إذا أحصر

و بعث بهديه و بعد ذلك خفّ المرض فإن ظن أو أحتمل ادراك الحج وجب عليه الالتحاق و حينئذ فإن ادرك الموقفين أو الوقوف بالمشعر خاصة حسب ما تقدم فقد ادرك الحج و الّا فإن لم يذبح أو ينحر عنه انقلب حجه الي العمرة المفردة و إن ذبح عنه تحلل من غير النساء و وجب عليه الإتيان بالطواف و صلاته و السعي و طواف النساء و صلاته للتحلل من النساء أيضا علي الأحوط (1).

______________________________

حلية النساء و أما بالنسبة الي بقية محرمات الاحرام فحديث البزنطي يقتضي الحلية بلا بعث الهدي و المواعدة علي ما تقدم لكن لا بدّ من تخصيصه بحديث معاوية بن عمّار «1».

الفرع الخامس: أن يكون الحصر في الحج و حكمه كما تقدم من بعث الهدي و المواعدة مع اصحابه لاطلاق الدليل و أما التحلل من النساء فالظاهر أنه يحصل كبقية المحرمات و لا يحتاج الي الاتيان بطواف النساء و ذلك بالتقريب المتقدم و الاحتياط بما ذكر في المتن حسن بلا اشكال و لا كلام و اللّه العالم.

(1) في هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة الأولي: أنه إذا احصر و بعث بهديه و بعد ذلك خفّ مرضه فإن ظن أو احتمل ادراك الحج وجب عليه الالتحاق فان ادرك من الوقوف ما يكون موجبا لتمامية حجه فقد ادرك الحج و الدليل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا احصر الرجل بعث بهديه فاذا افاق و وجد في نفسه خفة فليمض ان ظنّ انه يدرك

______________________________

(1) لاحظ ص 441.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 447

______________________________

الناس فان قدم مكة قبل أن ينحر الهدي فليقم علي احرامه حتي يفرغ من جميع المناسك و لينحر هديه

و لا شي ء عليه و إن قدم مكة و قد نحر هديه فإن عليه الحج من قابل و العمرة قلت: فان مات و هو محرم قبل أن ينتهي الي مكة قال: يحج عنه إن كانت حجة الاسلام و يعتمر انما هو شي ء عليه «1» و لكن المذكور في الحديث حصول الظن و أما كفاية مجرد الاحتمال كما في كلام الماتن فلا وجه له الّا أن يقال ان وجوب الالتحاق مع احتمال ادراك الحج علي طبق القاعدة الأولية لكن يشكل التقريب المذكور بأنه سلمنا المدعي و قلنا انه يجب المضي بمجرد الاحتمال لكن مقتضي مفهوم الشرطية الواردة في النص عدم وجوب المضي.

و لما انجر الكلام الي هنا ينبغي أن نشير الي هذه النكتة و هي أنه لا شبهة في اشتراط حكم كل حكم بالقدرة التي هي من الشرائط العامة فلو شك فيها يشك في شمول الحكم فلا مجال للاخذ بالدليل إذ مرجعه الي الأخذ بالدليل في الشبهة المصداقية و هل تجب الاحتياط أم لا الظاهر هو الثاني للبراءة شرعا و عقلا فتأمل.

الجهة الثانية: أنه لو لم يدرك الموقف الموجب لتمامية حجه و لم يذبح أو لم ينحر عنه فأفاد الماتن أنه ينقلب حجه الي العمرة المفردة بتقريب انه لم يدرك الحج فتجب عليه العمرة المفردة للنص الدالة علي الانقلاب لاحظ ما رواه الحلبي «2» بدعوي ان دليل الحصر لا يشمله مثله فان الحصر فيما يكون المانع عن الادراك المرض و أما إذا كان المانع أمرا آخر فلا فيدخل تحت ادلة الانقلاب و يرد عليه ان المفروض ان المانع عن الادراك هو المرض غاية الأمر تخيل أنه يدرك و كان احتماله

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب الاحصار

و الصد، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 242.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 448

______________________________

أو ظنه خلاف الواقع الا أن يقال أنّ المفروض افاقته و عدم ادراكه لضيق الوقت لا للمرض لكن يلزم علي هذا لو أنه كان مرضه باقيا الي آخر زمن الدرك ثم أفاق نقول بعدم شمول دليل الاحصار إيّاه و هل يمكن الالتزام به.

الجهة الثالثة: أنه لو لم يدرك الموقف و قد ذبح أو نحر عنه تحلّل من غير النساء و قد تقدم ان مقتضي حديث البزنطي التحلل من كل شي ء حتي النساء بقي الكلام في لفظ العمرة الواقع في الحديث «1» فانه عليه السّلام قال: و إن قدم مكة و قد نحر هديه فان عليه الحج من قابل أو العمرة و في نسخة و العمرة فيدور الأمر بين الزيادة و النقيصة و مقتضي الأصل العقلائي الأخذ بالزائد و عليه يمكن أن يكون المراد أنه إذا ذبح أو نحر هديه فان كان احرامه للحج عجب عليه الحج من قابل و إن كان احرامه للعمرة المفردة يأتي بالعمرة و علي هذا يكون المراد من كلمة (أو) الترديد لا التخيير الا أن يقال ان ما ذكر خلاف ظاهر النص فانه ظاهر بالنسبة الي من يكون قاصدا للحج لا للعمرة و عليه يكون مقتضي الاحتياط ان يجمع بين العمرة المفردة فعلا و الإتيان بالحج في السنة القادمة بتقريب انّ الاكتفاء بالعمرة المفردة بالنسبة الي من يكون عليه حجة الاسلام خلاف التسالم بين القوم.

______________________________

(1) لاحظ ص 447.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 449

[(مسألة 450): إذا أحصر عن مناسك مني أو احصر من الطواف و السعي بعد الوقوفين فالحكم فيه]

(مسألة 450): إذا أحصر عن مناسك مني أو احصر من الطواف و السعي بعد الوقوفين فالحكم فيه كما تقدم في المصدود نعم إذا

كان الحصر من الطواف و السعي بعد دخول مكة فلا اشكال و لا خلاف في انّ وظيفته الاستنابة (1).

[(مسألة 451): إذا احصر الرجل فبعث بهديه ثم آذاه رأسه قبل أن يبلغ الهدي محله]

(مسألة 451): إذا احصر الرجل فبعث بهديه ثم آذاه رأسه قبل أن يبلغ الهدي محله جاز له أن يذبح شاة في محله أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين مدّان و يحلق (2).

______________________________

(1) أما بالنسبة الي الاحصار عن مناسك مني فلا اشكال في أنه لا يوجب ترتيب حكم المحصور أما الذبح فيجوز فيه الاستتابة اختيارا كما تقدم و أما الرمي فيجوز فيه الاستنابة و عند عدم الامكان و أما المبيت فهو واجب غير دخيل في أعمال الحج فلا يوجب الاخلال به نقصانا في الحج و أما الطواف و السعي فقد تقدم في الأبحاث السابقة جواز الاستنابة فيهما مع العذر و المفروض ان المحصور لمرضه يكون معذورا عن المباشرة فتصل النوبة الي الاستنابة و إن شئت فقل ما دامت الاستنابة مشروعة و ممكنة لا يصدق عدم الامكان عن الاتيان بالحج نعم ما دام الإطافة بالمكلف ممكنا لا بدّ أن يطاف به و يسعي به إذ قد علم من الشرع انهما ذو مراتب ثلاثة كما تقدم في محله.

(2) لاحظ قوله تعالي فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لٰا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّٰي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 450

[(مسألة 452): لا يسقط الحج عن المحصور بتحلله بالهدي]

(مسألة 452): لا يسقط الحج عن المحصور بتحلله بالهدي فعليه الاتيان به في القابل إذا بقيت استطاعته أو كان مستقرا في ذمته (1).

[(مسألة 453): المحصور إذا لم يجد هديا و لا ثمنه]

(مسألة 453): المحصور إذا لم يجد هديا و لا ثمنه صام عشرة أيام علي ما تقدم (2).

______________________________

مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ «1» و حديث زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا احصر الرجل فبعث بهديه ثم آذاه رأسه قبل أن ينحر فحلق رأسه فانه يذبح في المكان الذي أحصر فيه أو يصوم أو يطعم ستة مساكين «2» و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا احصر الرجل فبعث بهديه فآذاه رأسه قبل أن ينحر هديه فانه يذبح شاة في المكان الذي احصر فيه أو يصوم أو يتصدق علي ستة مساكين و الصوم ثلاثة أيّام و الصدقة نصف صاع لكل مسكين «3» و وجوب المدين مبني علي الاحتياط.

(1) فان السقوط يحتاج الي الدليل و لا يستفاد من النصوص الواردة في المحصور و المصدود سقوط الحج فلا بد من العمل علي طبق القاعدة الأولية فاذا فرض بقاء الاستطاعة الي السنة القادمة أو كان الحج مستقرا عليه من السابق علي القول به يجب التدارك.

(2) لاحظ حديثي معاوية بن عمّار «4» و المستفاد من الحديثين وجوب الصوم و مقتضي الاطلاق الاكتفاء بمطلق الصوم و الجزم بكون كلامه عليه السّلام اشارة الي الصوم

______________________________

(1) البقرة: 196.

(2) الوسائل: الباب 5 من أبواب الاحصار و الصد، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

(4) لاحظ ص 437.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 451

[(مسألة 454): يستحب للمحرم عند عقد الاحرام أن يشترط علي ربه تعالي أن يحله حيث حبسه]

(مسألة 454): يستحب للمحرم عند عقد الاحرام أن يشترط علي ربه تعالي أن يحله حيث حبسه و إن كان حله لا يتوقف علي ذلك فإنه يحل عند الحبس اشتراط أم لم يشترط (1).

______________________________

المعهود علي الترتيب المقرر في الشرع مشكل و الجزم بالنية في مقام

العمل لعله يكون تشريعا نعم الاحتياط يقتضي العمل بما في المتن.

(1) أما استحباب الاشتراط المذكور فتدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يكون الاحرام الّا في دبر صلاة مكتوبة أو نافلة فان كانت مكتوبة احرمت في دبرها بعد التسليم و إن كانت نافلة صليت ركعتين و احرمت في دبرهما فاذا انفتلت من صلاتك فاحمد اللّه و اثن عليه و صلّ علي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم و تقول: اللهم اني أسألك ان تجعلني ممن استجاب لك و آمن بوعدك و اتبع امرك فاني عبدك و في قبضتك لا اوقي الّا ما وقيت و لا آخذ الّا ما اعطيت و قد ذكرت الحج فاسألك أن تعزم لي عليه علي كتابك و سنة نبيك صلي اللّه عليه و آله و سلم و تقويني علي ما ضعفت عنه و تسلم مني مناسكي في يسر منك و عافية و اجعلني من وفدك الذين رضيت و ارتضيت و سميت و كتبت اللهم اني خرجت من شقة بعيدة و انفقت مالي ابتغاء مرضاتك اللهمّ فتمم لي حجي و عمرتي اللهمّ اني أريد التمتع بالعمرة الي الحج علي كتابك و سنة نبيك صلي اللّه عليه و آله و سلم فإن عرض لي عارض يحبسني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت عليّ اللهم إن لم تكن حجة فعمرة أحرم لك شعري و بشري و لحمي و دمي و عظامي و مخي و عصبي من النساء و الثياب و الطيب ابتغي بذلك وجهك و الدار الآخرة قال: و يجزيك أن تقول هذا مرة واحدة حين تحرم ثم قم فامش

هنيهة فاذا استوت بك الأرض ماشيا كنت

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 2، ص: 452

______________________________

أو راكبا فلبّ «1» و منها ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا اردت الاحرام و التمتع فقل اللهم اني أريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة الي الحج فيسّر ذلك لي و تقبله مني و اعني عليه و حلني حيث حبستني بقدرك الذي قدرت عليّ أحرم لك شعري و بشري من النساء و الطيب و الثياب و إن شئت فلبّ حين تنهض و إن شئت فاخّره حتي تركب بعيرك و تستقبل القبلة فافعل «2» و أما عدم توقف حله علي الاشتراط فيدل عليه حديثا زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: هو حل إذا حبسه اشترط أم لا يشترط «3» و حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الذي يقول حلني حيث حبستني قال: هو حل حيث حبسه قال: أو لم يقل «4».

و قد وقع الفراغ عن شرح المناسك في يوم الاثنين الخامس و العشرين من شهر رجب المرجب المصادف مع يوم وفات الامام موسي بن جعفر أرواحنا لهما الفداء من السنة 1421 بعد الهجرة علي مهاجرها آلاف التحية و الثناء في قم المقدسة مدفن كريمة أهل البيت فاطمة المعصومة عليها السّلام و السلام علينا و علي عباد اللّه الصالحين و رحمة اللّه و بركاته.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 16 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 16 من أبواب الاحرام، الحديث 2.

(3) الباب 25 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 2.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.